• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    وقفات تربوية مع سيد الأخلاق
    د. أحمد عبدالمجيد مكي
  •  
    سلسلة دروب النجاح (8) التوازن بين الدراسة والحياة
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    قتل الرغبات
    ياسر جابر الجمال
  •  
    ماذا بعد الستين؟!
    أشرف شعبان أبو أحمد
  •  
    أبوك ليس باردا بل هو بحر عميق
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    سلسلة دروب النجاح (7) بناء شبكة العلاقات الداعمة
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    التوفيق من الله
    أسامة طبش
  •  
    ظاهرة التظاهر بعدم السعادة خوفا من الحسد: قراءة ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير التأملي
    دعاء أنور أبو مور
  •  
    "اجلس فقد آذيت": خاطرة تربوية تأصيلية في ضوابط ...
    د. عوض بن حمد الحسني
  •  
    لماذا يدمن الشباب؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    كيف تستجلب الفكرة الإيجابية؟
    أسامة طبش
  •  
    الانهيار الناعم... كيف تفككت الأسرة من الداخل
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    مناهجنا التعليمية وبيان بعض القوى المؤثرة في ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سلسلة دروب النجاح (6) العقلية النامية: مفاتيح ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    قاعدة الأولويات في الحياة الزوجية عندما يزدحم ...
    د. محمد موسى الأمين
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير سورة التكاثر

تفسير سورة التكاثر
يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/2/2025 ميلادي - 20/8/1446 هجري

الزيارات: 1031

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سُورَةُ التَّكَاثُرِ

 

سُورَةُ (التَّكاثُرِ): مَكِّيَّةٌ بِلا خِلَافٍ[1]، وَآيُها ثَمانِ آياتٍ.

 

أَسْمَاءُ السُّورَةِ:

وَقَدْ ذُكِرَ مِنْ أَسْمَائِهَا: سُورَةُ (الْمَقْبَرَةِ)، وَسُورَةُ (التَّكَاثُرِ)، وَسُورَةُ (أَلْهَاكُمْ)[2].

 

الْمَقَاصِدُ الْعَامَّةُ لِلسُّورَةِ:

اِحْتَوَتْ هَذِهِ السُّورَةُ عَلَى مَقَاصِدَ عَظِيمَةٍ، مِنْ أَهَمِّهَا[3]:

• التَّصْريحُ أَنَّ سَبَبَ الْهَلَاكِ جَمْعُ الْمَالِ وَالإِخْلَادُ إِلى دَارِ الزَّوَالِ.

 

• التَّوْبِيخُ عَلَى اللَّهْوِ عَنِ النَّظَرِ في دَلَائِلِ الْقُرْآنِ وَدَعْوَةِ الْإِسْلَامِ بِإيثَارِ الْمَالِ وَالتَّكَاثُرِ بِهِ، إِلَى أَنْ يُصَارَ إِلَى الْقُبُورِ.

 

• الْحَثُّ عَلَى التَّدَبُّرِ فِيمَا يُنْجِيْ مِنَ الْجَحِيْمِ، وَأَنَّ الْإِنْسَانَ مَبْعُوْثٌ وَمَسْؤُوْلٌ عَنْ إِهْمَالِ شُكْرِ الْمُنْعِمِ الْعَظِيْمِ.

 

شَرْحُ الْآيَاتِ:

قَولُهُ: ﴿ أَلْهَاكُمُ ﴾، أي: شَغَلَكُمْ عَنْ طَاعَةِ اللهِ تَعَالى[4]، ﴿ التَّكَاثُر ﴾، أي: الْمُبَاهَاةُ وَالْمُفَاخَرَةُ بِكَثْرَةِ الْمَالِ وَالْأَوْلَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ[5]، وَأَنْ يَقُولَ هَؤُلَاءِ: نَحْنُ أَكْثَرُ، وَيَقُولَ هَؤُلَاءِ: نَحْنُ أَكْثَرُ[6].

 

قَولُهُ: ﴿ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِر ﴾، أَيْ: أَلْهاكُمْ حِرْصُكُمْ عَلَى تَكْثِيرِ أَمْوالِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَنْ طَاعَةِ رَبِّكُمْ إِلَى أَنْ أَتَاكُمُ الْمَوْتُ وَدُفِنْتُمْ في الْقُبُورِ[7].

 

قَولُهُ: ﴿ كَلاَّ ﴾: رَدْعٌ وَتَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْعاقِلَ يَنْبَغِي لَهُ أنْ لَا يَكُونَ جَمِيعُ هَمِّهِ وَمُعْظَمُ سَعْيِهِ لِلدُّنْيا، فَإنَّ عَاقِبَةَ ذَلِكَ وَبَالٌ وَحَسْرَةٌ[8]، ﴿ سَوْفَ تَعْلَمُون ﴾، أي: خَطَأَ رَأْيِكُمْ إِذَا عَايَنْتُمْ مَا وَرَاءَكُمْ، وَهُوَ إِنْذَارٌ لِيَخَافُوْا وَيَنْتَبِهُوْا مِنْ غَفْلَتِهِمْ[9].

 

قَولُهُ: ﴿ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُون ﴾، أي: سُوءُ عَاقِبَةِ تَفَاخُرِكُمْ وَانْشِغَالِكُمْ عَنْ طَاَعِة رَبِّكُمْ عِنْدَ النَّزْعِ ثُمَّ فِي الْقَبْرِ[10].

 

قَولُهُ: ﴿ كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِين ﴾، جَوَابُ (لَوْ): مَحْذُوفٌ لِلتَّهْوِيلِ، أَيْ: لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمًا يَقِينِيًّا أَنَّ اللهَ تَعَالَى سَيَبْعَثُكُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ وَسَيُجَازِيكُمْ عَلَى أَعْمَالِكُمْ لَمَّا شَغَلَكُمْ هَذَا التَّكَاثُرِ وَالتَّفَاخُرِ[11].

 

وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ قَولُهُ: ﴿ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيم ﴾ جَوابًا لَهُ؛ لِأنَّهُ مُحَقَّقُ الوُقُوعِ بَلْ جَوَابُ ﴿ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيم ﴾: قَسَمٌ مَحْذُوفٌ لِتَأْكِيدِ التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ، أَيْ: وَاللهِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ، وَهِيَ: النَّارُ وَالْعِيَاذُ بِاللهِ[12].

 

قَولُهُ: ﴿ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا ﴾ تَكْرِيرٌ لِلتَّأْكِيدِ، ﴿ عَيْنَ الْيَقِين ﴾، أَيْ: الرُّؤْيَةَ الَّتِي هِيَ نَفْسُ الْيَقِينِ، فَإنَّ عِلْمَ الْمُشاهَدَةِ أَعْلَى مَراتِبِ الْيَقِينِ[13].

 

قَولُهُ: ﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ ﴾، اللَّامُ: مُوَطِّئَةٌ لِلْقَسَمِ، وَالتَّقْديرُ: ثُمَّ وَاللهِ لَتُسْأَلُنَّ، ﴿ يَوْمَئِذٍ ﴾، أي: يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ﴿ عَنِ النَّعِيم ﴾، أَيْ: عَنْ شُكْرِ كُلِّ أَنْوَاعِ النَّعيمِ الَّذِي تَنَعَّمَ بِهِ الْإِنْسَانُ في الدُّنْيَا[14].

 

وَالْخِطَابُ في الْآيَةِ لِجَمِيعِ النَّاسِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ. قَالَ الشُّوْكَانِيُّ رحمه الله: "ومُجَرَّدُ السُّؤالِ لا يَسْتَلْزِمُ تَعْذِيبَ المَسْئُولِ عَلى النِّعْمَةِ الَّتِي يُسْألُ عَنْها، فَقَدْ يَسْألُ اللَّهُ المُؤْمِنَ عَنِ النِّعَمِ الَّتِي أنْعَمَ بِها عَلَيْهِ فِيمَ صَرَفَها، وبِمَ عَمِلَ فِيها؟ لِيَعْرِفَ تَقْصِيرَهُ وعَدَمَ قِيامِهِ بِما يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الشُّكْرِ"[15].

 

بَعْضُ الْفَوَائِدِ الْمُسْتَخْلَصَةِ مِنَ الْآيَاتِ:

التَّحْذيرُ مِنَ اللَّهْوِ بِمَا يَتَكَاثَرُ بِهِ النَّاسُ وَيَفْتَخِرُونَ بِهِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُر ﴾: لَمْ يَذْكُرْ فِيْ الْآيَةِ الْمُتَكَاثَرَ بِهِ؛ لِيَشْمَلَ مَا ذُكِرَ، وَيَشْمَلَ أَيْضًا كُلَّ مَا تَكَاثَرَ بِهِ النَّاسُ[16]. وَقَدْ جَاءَ في حَدِيثِ مُطْرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ: ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُر ﴾، يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِيْ مَالِيْ، وَهَلْ لَكَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ؟»[17]. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَقُولُ الْعَبْدُ: مَالِي مَالِي؟ وَإِنَّمَا لَهُ مِنْ مَالِهِ ثَلَاثٌ: مَا أَكَلَ فَأَفْنَى، أَوْ لَبِسَ فَأَبْلَى، أَوْ تَصَدَّقَ فَاقْتَنَى،وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ»[18].

 

وَفيْ ذَلِكَ: التَّحْذِيرُ مِنَ الْغَفْلَةِ وَالاِنْشِغَالِ بِالدُّنْيَا، وَذَلِكَ بِالتَّكَاثُرِ وَالْمُبَاهَاةِ بِالْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، حَتَّى تَأْتِيَ سَاعَةُ الْمَوْتِ وَيَنْدَمَ الْإِنْسَانُ، وَحِينَهَا لَا يَنْفَعُ النَّدَمُ.

 

إِثْبَاتُ عَذابِ الْقَبْرِ وَمَشْرُوعِيَّةُ زِيَارَةِ الْقُبورِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِر ﴾: الْإِشَارَةُ إِلى عِدَّةِ مَسَائِلَ مُهِمَّةٍ، مِنْهَا:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: دَلِيلٌ عَلَى إِثْبَاتِ عَذَابِ الْقَبْرِ؛ "لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ أَلْهَاهُمُ التَّكَاثُرُ أَنَّهُمْ سَيَعْلَمُونَ مَا يَلْقَوْنَ إِذَا هُمْ زَارُوْا الْقُبورَ وَعِيدًا مِنْهُ لَهُمْ وَتَهَدُّدًا"[19]. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ رحمه الله: "لَمْ يَأْتِ فِي التَّنْزِيلِ ذِكْرُ الْمَقَابِرِ إِلَّا فِي هَذِهِ السُّورَةِ، وَزِيَارَتُهَا مِنْ أَعْظَمِ الدَّوَاءِ لِلْقَلْبِ الْقَاسِي؛ لِأَنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ وَالْآخِرَةَ، وَذَلِكَ يَحْمِلُ عَلَى قِصَرِ الْأَمَلِ، وَالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَتَرْكِ الرَّغْبَةِ فِيهَا"[20].

 

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ زِيَارَةَ الْقُبُوْرِ لِلرِّجَالِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ أَمَرَ بِهَا النَّبِيُّصلى الله عليه وسلم وَفَعَلَهَا، فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِصلى الله عليه وسلم: «نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا»[21]، وَفْي لَفْظٍ: «فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ»[22]، وَفي لَفْظٍ: «فَإِنَّهَا تُزَهِدُ في الدُّنْيَا»[23]. وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِصلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ إِلَى الْبَقيعِ فَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَأَتَاكُمْ مَا تُوعَدُونَ، غَدًا مُؤَجَّلُونَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ»[24].

 

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّ بَقَاءَ أَهْلِ الْقُبورِ في قُبُورِهِمْ مَا هُوَ إِلَّا بَقَاءٌ مُؤَقَّتٌ؛ وَلِذَلِكَ تُسَمَّى دَارُ أَهْلِ الْقُبُورِ دَار الْبَرْزَخِ، فَهِيَ فَاصِلَةٌ بَيْنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَبَيْنَ الْحَيَاةِ الْآخِرَةِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزيزِ رحمه الله أَنَّهُ: «قَرَأَ ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُر ﴾ فَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: ﴿ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِر ﴾: مَا أَرَى الْمَقَابِرَ إِلَّا زِيَارَةً، وَلَا بُدَّ لِمَنْ يزُورُهَا أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْجَنَّةِ، أَوْ إِلَى النَّارِ»[25]، وَبِهَذا يَتَبَيَّنُ غَلَطُ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: "إِنَّ الْقَبْرَ هُوَ مَثْوَى الْإِنْسَانِ الْأَخيرُ".


التَّرْهِيبُ مِمَّا سَيُلَاقِي الْمَرْءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُون * ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُون * كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِين ﴾[التكاثر:3-5]: أُسْلُوبٌ مِنْ أَسَالِيبِ التَّرْهيبِ وَالتّخْوِيفِ، يَقْرَعُ الْآذَانَ، وَيُحْيِيْ الْقُلُوبَ، وَهُوَ تَذْكيرٌ بِمَا سَبَقَ في الْآيَتَيْنِ مِنْ تَنْبِيْهَاتٍ، فَأُسْلُوبُ التَّكْرَارِ، وَ"حَذْفُ جَوَابِ ﴿ لَوْ ﴾ كَثيرٌ في الْقُرْآنِ تَعْظِيمًا وَتَفْخِيمًا، ثُمَّ إِنَّ فِي الْأَخِيرِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ أَعْظَمُ مِنَ أَنْ يُوصَفَ أَوْ يُتَصَوَّرَ بِسَماَع ِلَفْظٍ، إِذِ الْمُخْبِرُ لَيْسَ كَالْمُعَايِنِ"[26]، وَمِمَّا هُوَ مَقْصُودٌ بِالتَّنْبِيهِ وَالتَّخْوِيفِ:

أولًا:أَنَّ الْأَمْوَاتَ يُحْييهِمُ اللهُ جَمِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَبْعَثُهُمْ مِنْ قُبُورِهِمْ، وَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ سُبْحانَهُ، فَيُجَازَى الْمُحْسِنُ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالْمُسِيءُ عَلَى إِسَاءَتِهِ.

 

ثانيًا:تَوْبِيخُ وَزَجْرُ مَنِ اشْتَغَلَ بِالدُّنْيَا عَنِ الْآخِرِةِ.

 

السُّؤَالُ عَنِ النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيم ﴾ [سورة التكاثر:8]: أَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ سَوْفَ يُسْأَلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ كُلِّ مَا أَنْعَمَ اللهُ بِهِ عَلَيْهِ في الدُّنْيَا، وَهَذا السُّؤَالُ عَنِ النَّعيمِ يَعُمُّ الْمُسْلِمَ وَالْكَافِرَ، إِلَّا أَنَّ سُؤَالَ الْمُؤْمِنِ تَبْشيرٌ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ شَكَرَ نِعْمَةَ اللهِ، وَحَفِظَ حَقَّ اللهِ فيهَا، أَمَّا سُؤَالُ الْكَافِرِ فَهُوَ تَقْريعٌ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَابَلَ نَعِيمَ الدُّنْيَا بِالْكُفْرِ وَالْمَعْصِيَةِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: "وَهَذَا السُّؤالُ يَعُمُّ الْمُؤْمِنَ وَالْكَافِرَ، إِلَّا أَنَّ سُؤَالَ الْمُؤْمِنِ تَبْشيرٌ لَهُ، بِأَنْ جَمَعَ لَهُ بَيْنَ نَعيمِ الدُّنْيَا وَنَعيمِ الْآخِرَةِ، وَسُؤَالُ الْكَافِرِ تَقْريعٌ؛ لِأَنَّهُ قَابَلَ نَعِيْمَ الْدُّنْيَا بِالْكُفْرِ وَالْمَعْصِيَةِ"[27].

 

وَفي الْحَديثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ -أَوْ لَيْلَةٍ- فَإِذَا هُوَ بِأَبي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما، فَقَالَ: مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُما هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قَالَا: الجُوعُ يَا رَسولَ اللَّه، قالَ: وَأَنَا، والَّذِي نَفْسِيْ بِيَدِهِ، لَأَخْرَجَنِيْ الَّذِيْ أَخْرَجَكُمَا، قُومَا، فقَامَا مَعَهُ، فَأَتَىْ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَإِذَا هُوَ لَيْسَ فِيْ بَيْتِهِ، فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ قَالَتْ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيْنَ فُلانٌ؟ قالَتْ: ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا الْمَاءَ، إِذْ جَاءَ الأَنْصَاريُّ، فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَاحِبَيْهِ، ثُمَّ قالَ: الْحَمْدُ للَّهِ، مَا أَحَدٌ اليَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيافًا مِنِّي، فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ، فَقَالَ: كُلُوا، وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ، فَقَالَ لَهُ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ، فَذَبَحَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ وَشَرِبُوا، فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم لِأَبي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما: وَالَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ، لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ القِيامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الجُوعُ، ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ»[28]، وَفي لَفْظٍ: «وَالَّذِيْ نَفْسِيْ بِيَدِهِ مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: ظِلٌّ بَارِدٌ وَرُطَبٌ طَيِّبٌ وَمَاءٌ بَارِدٌ»[29].



[1] ينظر: تفسير ابن عطية (5/ 518).

[2] ينظر: التحرير والتنوير (30/ 517).

[3] ينظر: مصاعد النظر (3/ 241)، التحرير والتنوير (30/ 518).

[4] ينظر: تفسير القرطبي (20/ 168)، تفسير الجلالين (ص820).

[5] ينظر: تفسير ابن عطية (5/ 518).

[6] ينظر: تفسير البيضاوي (3/ 509).

[7] ينظر: تفسير الرازي (32/ 271)، تفسير القرطبي (20/ 169).

[8] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 334).

[9] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 334).

[10] ينظر: تفسير الجلالين (ص820).

[11] ينظر: تفسير الطبري (24/ 601)، تفسير البغوي (8/ 518).

[12] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 334).

[13] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 334).

[14] ينظر: تفسير الطبري (24/ 610).

[15] فتح القدير (5/ 598).

[16] ينظر: تفسير السعدي (ص933).

[17] أخرجه مسلم (2958).

[18] أخرجه مسلم (2959).

[19] تفسير الطبري (24/ 600).

[20] تفسير القرطبي(20/ 170).

[21] أخرجه مسلم (977).

[22] أخرجه الترمذي (1054).

[23] أخرجه ابن ماجه (1571).

[24] أخرجه مسلم (974).

[25] أخرجه ابن أبي الدنيا في الرقة والبكاء (425).

[26] مجموع الفتاوى (16/ 518)، بتصرف يسير.

[27] تفسير الماوردي (6/ 332).

[28] أخرجه مسلم (2038).

[29] أخرجه الترمذي (2369) وقال: "حسن صحيح غريب"، والحاكم في المستدرك (7178)، وقال: "صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة النبأ
  • تفسير سورة النازعات
  • تفسير سورة عبس
  • تفسير سورة التكوير
  • تفسير سورة الانشقاق
  • تفسير سورة البروج
  • خطبة: فتنة التكاثر
  • وقفات تربوية مع سورة التكاثر

مختارات من الشبكة

  • تفسير سورة التكاثر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غرائب وعجائب التأليف في علوم القرآن (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة العصر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حياة القلوب تفسير كلام علام الغيوب (الجزء الرابع عشر) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تفسير قوله تعالى: {وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحديث السابع: تفسير الحياء من الإيمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {إن ينصركم الله فلا غالب لكم ...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون ...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 7/4/1447هـ - الساعة: 12:32
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب