• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    اكتشاف العبقرية لدى الأطفال وتنميتها والمحافظة ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    إدمان مواقع التواصل الاجتماعي
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    الإعاقات العقلية، والذهنية
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    الدعاء للأبناء سنة الأنبياء
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    إدمان متابعة المشاهير
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    الإعاقات الحسية
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    الإهمال في تربية الطفل وكيفية علاجه من المنظور ...
    مازن أيمن عبدالإله محمد شتا
  •  
    إدمان الوجبات السريعة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    التربية النبوية منهج حياة
    أحمد محمد القزعل
  •  
    استخدام الألعاب اللغوية بين الوعي وسوء الفهم
    محمد عبدالله الجالي
  •  
    الإعاقة الجسدية
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    أثر النية الحسنة في الأعمال
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    ما فوائد النجاح؟
    أسامة طبش
  •  
    كيف تختار زوجة أو زوجا لحياة سعيدة في المغرب؟ ...
    بدر شاشا
  •  
    كيف كانت تربينا أمي بدون إنترنت؟
    آية عاطف عويس
  •  
    فخ أكاذيب التنمية البشرية
    سمر سمير
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

الفوات والإحصار

الفوات والإحصار
يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/6/2024 ميلادي - 5/12/1445 هجري

الزيارات: 1670

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ

 

قَالَ الْمُصَنِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ-: [مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ فَاتَهُ الْحَجُّ، وَتَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ، وَيَقْضِي وَيُهْدِي إِنْ لَمْ يَكُنِ اشْتَرَطَ. وَمَنْ صَدَّهُ عَدُوٌّ عَنِ الْبَيْتِ أَهْدَى ثُمَّ حَلَّ؛ فَإِنْ فَقَدَهُ صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ حَلَّ، وَإِنْ صُدَّ عَنْ عَرَفَةَ تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ، وَإِنْ أَحْصَرَهُ مَرَضٌ أَوْ ذَهَابُ نَفَقَةٍ بَقِيَ مُحْرِمًا إِنْ لَمْ يَكُنِ اشْتَرَطَ].


الْفَوَاتُ: مَصْدَرُ فَاتَهُ يَفُوتُهُ فَوَاتًا وَفَوْتًا؛ أَيْ: ذَهَبَ عَنْهُ، وَخَرَجَ وَقْتُ فِعْلِهِ[1]، وَلَا يَكُونُ الْفَوَاتُ إِلَّا في الْحَجِّ؛ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَفُوتُ إِلَّا تَبَعًا لِحَجِّ الْقَارِنِ.

 

الْإِحْصَارُ لُغَةً: الْمَنْعُ وَالْحَبْسُ[2].

 

وَالْإِحْصَارُ شَرْعًا: هُوَ مَنْعُ الْمُحْرِمِ مِنْ إِتْمَامِ نُسُكِهِ[3]. أَوْ هُوَ: أَنْ يُحْصَرَ الْحَاجُّ عَنِ الْبَيْتِ بِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ[4]. أَوْ هُوَ: مَنْعُ الْخَوْفِ أَوِ الْمَرَضِ مِنْ وُصُولِ الْمُحْرِمِ إِلَى تَمَامِ حَجَّتِهِ أَوْ عُمْرَتِهِ[5].

 

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ: أَنَّ الْفَوَاتَ يَتَعَلَّقُ بِالزَّمَنِ، وَالْإِحْصَارُ يَتَعَلَّقُ بِالْمَنْعِ.

 

وَالْكَلَامُ هُنَا سَيَكُونُ فِي فَرْعَيْنِ:

الْفَرْعُ الْأَوَّلُ: أَحْكَامُ الْفَوَاتِ.

 

وَهُنَا مَسَائِلُ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: حُكْمُ مَنْ فَاتَهُ الوُقُوفُ بِعَرَفَةَ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ فَاتَهُ الْحَجُّ).


أَيْ: أَنَّ مَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ يَوْمَ النَّحْرِ وَلَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ فَاتَهُ الْحَجُّ؛ لِانْقِضَاءِ زَمَنِ الْوُقُوفِ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ: حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمُرَ الدِّيلِيِّ قَالَ: «شَهِدْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ، فَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ الْحَجُّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: الْحَجُّ حَجُّ عَرَفَةَ، فَمَنْ جَاءَ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ جَمْعٍ، تَمَّ حَجُّهُ... » الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ[6].

 

وَهَذَا بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَدْ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ غَيْرُ وَاحِدٍ[7].

 

فَـــــائِدَةٌ: قَوْلُهُ: (مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ فَاتَهُ الْحَجُّ)، فِيهِ: أَنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ إِذَا فَاتَ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ؛ بِخَلَافِ بَقِيَّةِ أَرْكَانِ الْحَجِّ فَيُمْكِنُ تَدَارُكُهَا إِذَا فَاتَتْ.

 

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْأَحْكَامُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى الْفَوَاتِ. وَهَذِهِ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَتَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ وَيَقْضِي، وَيُهْدِي، إِنْ لَمْ يَكُنِ اشْتَرَطَ).


مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ:

الْأَمْرُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَتَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ[8]، فَيَطُوفُ وَيَسْعَى وَيَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ، وَبِذَلِكَ يَتَحَلَّلُ مِنَ الْحَجِّ. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ، وَقَوْلٌ شَاذٌّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ[9]؛ لِوُرُودِهِ عَنْ جَمْعٍ مِنَ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-، "وَلِأَنَّهُ ‌يَجُوزُ ‌فَسْخُ ‌الْحَجِّ ‌إلَى ‌الْعُمْرَةِ ‌مِنْ ‌غَيْرِ ‌فَوَاتٍ؛ فَمَعَ الْفَوَاتِ أَوْلَى"[10].

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ لَزِمَهُ التَّحَلُّلُ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ، وَلَا يَنْقَلِبُ إحْرَامُهُ عُمْرَةً، وَلَا تُجْزِئُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ[11].

 

الْأَمْرُ الثَّانِي: أَنْ يَقْضِيَ هَذَا الْحَجَّ الْفَائِتَ؛ لِوُرُودِهِ عَنْ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، وَلِأَنَّ الْحَجَّ يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّه ﴾[البقرة: 196].

 

وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَ الْحَجِّ الْفَائِتِ وَلَوْ كَانَ نَفْلًا، وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ[12].

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فَرْضًا، وَهَذَا رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ[13]؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الْحَجُّ مَرَّةٌ فَمَا زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ»[14]، وَيُنَاقَشُ هَذَا الاِسْتِدْلَالُ: بِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرَادَ بِقَوْلِهِ: «الْحَجُّ مَرَّةٌ»: الْوَاجِبَ بِأَصْلِ الشَّرْعِ، وَهُوَ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَهَذِهِ إِنَّمَا وَجَبَتْ بِإِيجَابِهِ لَهَا بِالشُّرُوعِ فِيهَا ِكالْمَنْذُورَةِ[15].

 

الْأَمْرُ الثَّالِثُ: أَنْ يُهْدِيَ هَدْيًا يَذْبَحُهُ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ.

 

وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ هَدْيٌ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ[16]؛ لِوُرُودِهِ عَنْ جَمْعٍ مِنَ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-، فَإِنْ عَدِمَ الْهَدْيَ زَمَنَ وُجُوبِهِ صَامَ - كَمُتَمَتِّعٍ - ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ؛ لِمَا رَوَى الْإِمَامُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ: «أَنَّ هَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ جَاءَ يَوْمَ النَّحْرِ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَنْحَرُ هَدْيَهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ, أَخْطَأْنَا الْعِدَّةَ، كُنَّا نَظُنُّ أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ عَرَفَةَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: اذْهَبْ إِلَى مَكَّةَ، فَطُفْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ بِالْبَيْتِ وَاسْعَوْا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَانْحَرُوا هَدْيًا، إِنْ كَانَ مَعَكُمْ، ثُمَّ احْلِقُوا أَوْ قَصِّرُوا ثُمَّ ارْجِعُوا، فَإِذَا كَانَ عَامٌ قَابِلٌ فَحُجُّوا وَأَهْدُوا، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ»[17].

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ دَمٌ، وَهَذَا رِوايَةٌ عِنْدَ الْحَنابِلَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ[18].

 

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوِ اخْتَارَ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ الْبَقَاءَ عَلَى إِحْرَامِهِ لِيَحُجَّ مِنْ قَابِلٍ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

 

فِي الْمَسْأَلِةِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَلَكِنَّ التَّحَلُّلَ أَفْضَلُ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ[19].

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ لَزِمَهُ التَّحَلُّلُ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْقَى عَلَى إِحْرَامِهِ لِيَحُجَّ مِنْ قَابِلٍ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ[20]، وَاحْتَمَلَهُ فِي الْمُغْنِي، وَفِي الْإِنْصَافِ[21].

 

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: الْهَدْيُ عَلَى مَنِ اشْتَرَطَ وَفَاتَهُ الْحَجُّ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (إِنْ لَمْ يَكُنِ اشْتَرَطَ).


أَيْ: فِي ابْتِدَاءِ إِحْرَامِهِ، أَمَّا إِذَا اشْتَرَطَ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ، بِأَنْ قَالَ فِي ابْتِدَاءِ إِحْرَامِهِ: وَإِنْ حَبَسَنِي حَابِسٌ فَمَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي: فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ، وَلَا قَضَاءَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَجُّ وَاجِبًا فَيُؤَدِّيهِ[22].

 

الْفَرْعُ الثَّانِي: أَحْكَامُ الْإِحْصَارِ.

 

ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ- هُنَا صُوَرَ الْإِحْصَارِ، وَسَنَذْكُرُهَا بِصُورَةِ مَسَائِلَ[23]:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: حُكْمُ مَنْ صُدَّ عَنِ الْبَيْتِ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَمَنْ صَدَّهُ عَدُوٌّ عَنِ الْبَيْتِ أَهْدَى ثُمَّ حَلَّ؛ فَإِنْ فَقَدَهُ صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ حَلَّ).


وَهَذِهِ هِيَ الصُّورَةُ الْأُولَى مِنْ صُوَرِ الْإِحْصَارِ، وَهِيَ: أَنْ يُصَدَّ عَنِ الْبَيْتِ؛ فَالْمُحْرِمُ إِذَا حَصَرَهُ عَدُوٌّ، وَمَنَعَهُ مِنَ الْوُصُولِ إِلَى الْبَيْتِ وَلَمْ يَجِدْ طَرِيقًا آمِنًا أَهْدَى؛ أَيْ: ذَبَحَ هَدْيًا: شَاةً، أَوْ سُبُعَ بَدَنَةٍ، أَوْ سُبُعَ بَقَرَةٍ، ثُمَّ حَلَّ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:﴿ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ﴾[البقرة: 196]، وَلِأَنَّهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ أَصْحَابَهُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- حِينَ أُحْصِرُوا فِي الْحُدَيْبِيَةِ أَنْ يَنْحَرُوا، وَيَحْلِقُوا وَيَحِلُّوا؛ كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-[24].

 

فَإِذَا عَجِزَ الْمُحْصَرُ عَنِ الْهَدْيِ انْتَقَلَ إِلَى صَوْمِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ حَلَّ؛ قِيَاسًا عَلَى هَدْيِ الْمُتَمَتِّعِ، هَذَا مَا قَرَّرَهُ الْمُؤَلِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ-.

 

وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ عِلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُحْصَرَ إِذَا لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَعَلَيْهِ صِيَامُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، وَوَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ[25].

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُحْصَرَ إِذَا لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَإِنَّهُ يَحِلُّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ[26]، لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ كَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- أَنَّهُمْ فُقَرَاءُ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَهُمْ بِالصِّيَامِ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَقِيَاسُهُ عَلَى هَدْيِ التَّمَتُّعِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ هَدْيَ التَّمَتُّعِ هَدْيُ شُكْرَانٍ لِلْجَمْعِ بَيْنَ النُّسُكَيْنِ، أَمَّا هَذَا فَقَدْ حَرَّمَ النُّسُكَ [27].

 

فـَــــــــــــائِدَةٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ -رَحِمَهُ اللهُ-: أَنَّ الْمُحْصَرَ يَتَحَلَّلُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ حَلْقٌ أَوْ تَقْصِيرٌ؛ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ۚ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۖ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ۚ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۚ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ۗ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ۗ ذَٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾[البقرة: 196]، وَلَوْ كَانَ لَازِمًا لَبَيَّنَهُ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُحْصَرَ يَتَحَلَّلُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ حَلْقٌ أَوْ تَقْصِيرٌ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ[28].

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بِدُونِ الْحَلْقِ، وَهَذَا قَوْلٌ آخَرُ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ[29]؛ لَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ﴾[البقرة: 196]، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِهِ أَصْحَابَهُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ؛ فَقَالَ: «قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ، اخْرُجْ ثُمَّ لاَ تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً، حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ نَحَرَ بُدْنَهُ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا، فَنَحَرُوا»[30].

 

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: حُكْمُ مَنْ صُدَّ عَنْ عَرَفَةَ فَقَطْ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَإِن صُدَّ عَنْ عَرَفَةَ تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ).


وَهَذِهِ هِيَ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ صُوَرِ الْإِحْصَاِر: أَنْ يُصَدَّ عَنْ عَرَفَةَ فَقَطْ، فَالْمُحْرِمُ إِذَا صَدَّهُ عَدُوٌّ عَنْ عَرَفَةَ دُونَ الْبَيْتِ تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَلْبَ الْحَجِّ إِلَى عُمْرَةٍ جَائِزٌ بِلَا حَصْرٍ، فَمَعَهُ أَوْلَى، فَلَوْ أَنَّ شَخْصًا حَصَرَهُ السَّيْرُ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ دُخُولِ عَرَفَةَ لِأَجْلِ الزِّحَامِ حَتَّى طَلَعَ فَجْرُ يَوْمِ النَّحْرِ؛ فَإِنَّهُ يَطُوفُ وَيَسْعَى وَيَحْلِقُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ "فَإِنْ كَانَ قَدْ طَافَ وَسَعَى لِلْقُدُومِ ثُمَّ أُحْصِرَ، أَوْ مَرِضَ أَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ، تَحَلَّلَ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ آخَرَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ لَمْ يَقْصِدْ بِهِمَا طَوَافَ الْعُمْرَةِ وَلَا سَعْيَهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُجَدِّدَ إِحْرَامًا فِي الْأَصَحِّ"[31].

 

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: حُكْمُ مَنْ أُحْصِرَ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَقَطْ.

 

وَهَذِهِ هِيَ الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ -مِنْ صُوَرِ الْإِحْصَارِ-: أَنْ يُحْصَرَ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَقَطْ.

 

وَقِد اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ إِذَا أُحْصِرَ الْمُحْرِمُ عِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَإِنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ، وَيَبْقَى مُحْرِمًا حَتَّى يَطُوفَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ، وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ، وَالْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ[32].

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ لَهُ التَّحَلُّلَ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ[33]؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى:﴿ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ﴾[البقرة: 196].

 

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: حُكْمُ مَنْ أُحْصِرَ عَنْ وَاجِبٍ.

وهَذِهِ هِيَ الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ -مِنْ صُوَرِ الْإِحْصَارِ-: أَنْ يُحْصَرَ عَنْ وَاجِبٍ؛ فَإِذَا أُحْصِرَ الْمُحْرِمُ عَنْ وَاجِبٍ فَإِنَّهُ يَبْقَى عَلَى إِحْرَامِهِ وَلَا يَتَحَلَّلُ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ[34].

 

فَلَوْ أَنَّ شَخْصًا حَصَرَهُ السَّيْرُ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ لِأَجْلِ الزِّحَامِ حَتَّى طَلَعَ فَجْرُ يَوْمِ النَّحْرِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ، وَيَبْقَى عَلَى إِحْرَامِهِ، وَعَلَيْهِ دَمٌ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ[35]؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ﴾[البقرة: 196]، وَهَذَا يَشْمَلُ إِذَا أُحْصِرَ الْمُحْرِمُ عَنْ وَاجِبٍ، وَلِأَنَّ صِحَّةَ الْحَجِّ لَا تَقِفُ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ الْوَاجِبِ؛ فَيُمْكِنُ جَبْرُهُ بِالدَّمِ وَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّحَلُّلِ.

 

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: حُكْمُ الْمُحْصَرِ بِمَرَضٍ أَوْ ذَهَابِ نَفَقَةٍ أَوْ ضَلَالِ طَرِيقٍ. وَهَذِهِ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ أَحْصَرَهُ مَرَضٌ أَوْ ذَهَابُ نَفَقَةٍ بَقِيَ مُحْرِمًا إِنْ لَمْ يَكُنِ اشْتَرَطَ).


وَهَذِهِ الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ مِنْ صُوَرِ الْإِحْصَارِ: إِنْ أَحْصَرَهُ مَرَضٌ أَوْ ذَهَابُ نَفَقَةٍ أَوْ ضَلَّ الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ يَبْقَى مُحْرِمًا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ بِذَلِكَ، وَلَا يَأْخُذُ حُكْمَ الْمُحْصَرِ بِالْعَدُوِّ، فَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ؛ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: «دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ، وَأَنَا شَاكِيَةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: حُجِّي، وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي»[36]، وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنَ الْحَدِيثِ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَرَضُ يُبِيحُ التَّحَلُّلَ لَمَا احْتَاجَتْ إِلَى الِاشْتِرَاطِ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ[37].

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْإِحْصَارَ يَكُونُ بِالْمَرَضِ وَذَهَابِ النَّفَقَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ[38]، وَاخْتَارَهَا ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَابْنُ الْقَيِّمِ[39]، وَاسْتَدَلُّوا بِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى:﴿ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ﴾[البقرة: 196]،وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنَ الْآيَةِ: أَنَّ لَفْظَ الْإِحْصَارِ عَامٌّ يَدْخُلُ فِيهِ الْعَدُو ُّوَالْمَرَضُ وَنَحْوُهُ. وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا الاِسْتِدْلَالِ: بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِحْصَارِ فِي الْآيَةِ إِحْصَارُ الْعَدُوِّ فَقَطْ، وَلَيْسَ عَامًّا؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ الْآيَةُ[40].

 

وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا: بِمَا أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَهْلُ السُّنَنِ عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: «سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ. قَالَ عِكْرِمَةُ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَا: صَدَقَ»[41]. وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا الاِسْتِدْلَالِ: بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَتْرُوكٌ الْعَمَلُ بِظَاهِرِهِ[42]، "فَإِنَّ مُجَرَّدَ الْكَسْرِ وَالْعَرَجِ لَا يَصِيرُ بِهِ حَلَالًا، فَإِنْ حَمَلُوهُ عَلَى أَنَّهُ أُبِيحَ لَهُ التَّحَلُّلُ، حَمَلْنَاهُ عَلَى مَا إِذَا اشْتَرَطَ الْحِلَّ، عَلَى أَنَّ فِي الْحَدِيثِ كَلَامًا؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَرْوِيهِ وَمَذْهَبُهُ بِخِلَافِهِ"[43]، فَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "‌لَا ‌حَصْرَ ‌إِلَّا ‌حَصْرُ ‌الْعَدُوِّ"، وَصَحَّحَ الْحَافِظُ إِسْنَادَهُ[44]، وَاللهُ أَعْلَمُ.

 

وَقَوْلُهُ -رَحِمَهُ اللهُ-: (إِنْ لَمْ يَكُنِ اشْتَرَطَ).


أَيْ: إِنِ اشْتَرَطَ فِي ابْتِدَاءِ إِحْرَامِهِ مَتَى مَرِضَ أَوْ ضَاعَتْ نَفَقَتُهُ فَلَهُ التَّحَلُّلُ؛ لِحَدِيثِ ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ السَّابِقِ[45]، وَقَدْ زَادَ الْإِمَامُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ: «فَإِنَّ لَكِ عَلَى رَبِّكِ مَا اسْتَثْنَيْتِ»[46].

 

فَـــــائِدَةٌ: لَا يَنْحَرُ مَنْ أُحْصِرَ بِمَرَضٍ أَوْ ذَهَابِ نَفَقَةٍ هَدْيًا مَعَهُ إِلَّا بِالْحَرَمِ، بِخِلَافِ مَنْ حَصَرَهُ الْعَدُّوُ فَإِنَّهُ يَذْبَحُهُ فِي مَوْضِعِهِ[47]؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابَهُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- نَحَرُوا هَدَايَاهُمْ فِي الْحُدَيْبِيَةِ[48]، وَهِيَ مِنَ الْحِلِّ.



[1] ينظر: مقاييس اللغة (4/457)، والمطلع على ألفاظ المقنع (ص241)، ولسان العرب (2/ 69، 70).

[2] ينظر: مقاييس اللغة (2/ 72)، والمطلع على ألفاظ المقنع (ص241)، والتعريفات (ص: 12).

[3] ينظر: المطلع على ألفاظ المقنع (ص241)، وشمس العلوم (3/ 1474)، والتعريفات (ص: 12).

[4] ينظر: مقاييس اللغة (2/ 72).

[5] ينظر: أنيس الفقهاء (ص: 50).

[6] أخرجه أحمد (18954)، وأبو داود (1949)، وابن ماجه (3015).

[7] ينظر: الإجماع، لابن المنذر (ص57)، والتمهيد، لابن عبد البر (10/ 20)، والمغني، لابن قدامة (3/ 368)، والمجموع، للنووي (8/ 286).

[8] والمذهب: إن إحرامه ينقلب بمجرد الفوات إلى عمرة، قال الشارح: "ويحتمل أن من قال: يجعل إحرامه عمرة أراد أن يفعل فعل المعتمر من الطواف والسعي؛ فلا يكون بين القولين خلاف". ينظر: الإنصاف، للمرداوي (9/ 301 ).

[9] ينظر: الشرح الكبير للدردير (2/ 96)، والمجموع، للنووي (8/ 287)، والإنصاف، للمرداوي (9/ 300).

[10] المغني، لابن قدامة (3/ 455).

[11] ينظر: بدائع الصنائع (2/ 220)، والمجموع، للنووي (8/ 287، 290).

[12] ينظر: البحر الرائق (3/ 61)، ومواهب الجليل (3/ 202)، والمجموع، للنووي (8/ 287)، والمغني، لابن قدامة (3/ 455).

[13] ينظر: المغني، لابن قدامة (3/ 455).

[14] أخرجه أحمد (2304)، وأبو داود (1721)، بلفظ: «بَلْ مَرَّةً وَاحِدَةً؛ فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ»، وابن ماجه (2886)، وأخرجه بلفظه الدارمي (1829)، وصححه الحاكم (3156).

[15] ينظر: مفيد الأنام (860).

[16] ينظر: مواهب الجليل (3/ 202)، والمجموع، للنووي (8/ 290)، والمغني، لابن قدامة (3/ 456).

[17] أخرجه مالك (1430).

[18] ينظر: بدائع الصنائع (2/ 220)، والمغني، لابن قدامة (3/ 456).

[19] ينظر: الشرح الكبير، للدردير (2/ 95)، والإنصاف، للمرداوي (9/ 307).

[20] ينظر: البناية شرح الهداية (4/ 458)، والمجموع، للنووي (8/ 290).

[21] ينظر: الإنصاف، للمرداوي (9/ 307)، والمغني، لابن قدامة (3/ 456).

[22] ينظر: المغني، لابن قدامة (3/ 265).

[23] الحاوي الكبير (4/ 349).

[24] أخرجه البخاري (2731). وسيأتي قريبًا نص الحديث.

[25] ينظر: القوانين الفقهية (ص: 95، 96)، والمجموع، للنووي (8/ 299)، والإنصاف، للمرداوي (8/ 404، 405).

[26] ينظر: التجريد للقدوري (4/ 2142)، والمجموع، للنووي (8/ 299).

[27] الشرح الممتع (7/ 416).

[28] ينظر: بدائع الصنائع (2/ 180)، والكافي في فقه الإمام أحمد (1/ 535).

[29] ينظر: المدونة (1/ 397)، والمنهاج القويم (ص: 304)، والكافي في فقه الإمام أحمد (1/ 535).

[30] أخرجه البخاري (2731).

[31] ينظر: معونة أولي النهى (3/ 511).

[32] ينظر: فتح القدير، لابن الهمام (3/ 134)، والشرح الكبير، للدردير (2/ 95)، والإنصاف، للمرداوي (9/ 315).

[33] ينظر: الحاوي الكبير (4/ 349).

[34] ينظر: حاشية ابن عابدين (2/ 593)، والتهذيب في اختصار المدونة (1/ 581)، وتحرير الفتاوى، لابن العراقي (1/ 670)، وكشاف القناع (2/ 528).

[35] ينظر: مختصر خليل (ص: 76)، والشرح الكبير على متن المقنع (3/ 526).

[36] أخرجه البخاري (5089)، ومسلم (1207).

[37] ينظر: التلقين في الفقه المالكي (1/89)، وروضة الطالبين (3/173)، والإنصاف للمرداوي (9/325).

[38] ينظر: بدائع الصنائع (2/ 175)، والإنصاف، للمرداوي (9/ 325).

[39] ينظر: الفتاوى الكبرى، لابن تيمية (5/ 384)، وتهذيب السنن، لابن القيم (5/ 223).

[40] ينظر: منسك الشنقيطي (3/ 294)، وقد رجح ما ذهب إليه الجمهور.

[41] أخرجه أحمد (15731)، وأبو داود (1862)، والترمذي (940) وقال: هذا حديث حسن. وأخرجه النسائي (2861)، وابن ماجه (3077)، وصححه الحاكم (1725).

[42] ينظر: المغني، لابن قدامة (3/ 332).

[43] كشاف القناع (6/ 374).

[44] أخرجه الشافعي (983)، والبيهقي في الكبرى (10184)، وصححه ابن الملقن في البدر المنير (6/ 427)، وابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 602).

[45] تقدم تخريجه.

[46] أخرجه النسائي (2766).

[47] ينظر: المغني، لابن قدامة (3/ 332)، وبداية المبتدي (ص: 55).

[48] تقدم تخريجه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • (الفوات والإحصار) من بلوغ المرام
  • الفوات والإحصار
  • من أحكام الفوات والإحصار
  • الفوات والإحصار
  • حديث من باب الفوات والإحصار

مختارات من الشبكة

  • ملخص من شرح كتاب الحج (12)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (46)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح دليل الطالب (38)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • الحياة مع القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حفظ الأوقات من الضياع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المبادرة حياة والتسويف موت بطيء(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/6/1447هـ - الساعة: 17:3
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب