• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    اكتشاف العبقرية لدى الأطفال وتنميتها والمحافظة ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    إدمان مواقع التواصل الاجتماعي
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    الإعاقات العقلية، والذهنية
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    الدعاء للأبناء سنة الأنبياء
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    إدمان متابعة المشاهير
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    الإعاقات الحسية
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    الإهمال في تربية الطفل وكيفية علاجه من المنظور ...
    مازن أيمن عبدالإله محمد شتا
  •  
    إدمان الوجبات السريعة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    التربية النبوية منهج حياة
    أحمد محمد القزعل
  •  
    استخدام الألعاب اللغوية بين الوعي وسوء الفهم
    محمد عبدالله الجالي
  •  
    الإعاقة الجسدية
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    أثر النية الحسنة في الأعمال
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    ما فوائد النجاح؟
    أسامة طبش
  •  
    كيف تختار زوجة أو زوجا لحياة سعيدة في المغرب؟ ...
    بدر شاشا
  •  
    كيف كانت تربينا أمي بدون إنترنت؟
    آية عاطف عويس
  •  
    فخ أكاذيب التنمية البشرية
    سمر سمير
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

وفد قريش إلى النجاشي

أبو عبدالله فيصل بن عبده قائد الحاشدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/2/2024 ميلادي - 6/8/1445 هجري

الزيارات: 6748

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وَفْدُ قُرَيْش إِلَى النَّجَاشِيِّ


الخُطْبَةُ الأُوْلَى:

إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمِدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلِ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 70، 71]،

 

ثُمَّ أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

ثُمَّ أَمَّا بَعْدُ:

فَمَا زَالَ الحَدِيْثُ مَعَكُمْ - أَيُّهَا النَّاسُ - عَنِ السِّيْرَةِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى صَاحِبِهَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَحَدِيْثِي مَعَكُمْ اليَوْمَ عَنْ « وَفْدِ قُرَيْشٍ إِلَىالنَّجَاشِيِّ ».

 

• أ أَيُّهَا النَّاسُ - لَمَّا عَلِمَتْ قُرَيْشٌ بِهِجْرَةِ المُسْلِمِيْنَ إِلَى الحَبَشَةِ جُنَّ جُنُونُهَا، فَأَرْسَلَتْ وَفْدًا مُؤَلَّفًا مِنْ عَمْرُو بْنِ العَاصِ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيْعَةَ، وَهَذَا الوَفْدُ مَعَهُ هَدَايَا ثَمِيْنَةٌ إِلَى النَّجَاشِيُّ وَإِلَى بَطَارِقَتِهِ بِهَدَفِ أَنْ يُعِيْدَ لَهُمْ هَؤُلَاءِ المُهَاجِرِيْنَ لِيُنَكِّلُوا بِهِمْ وَلِيُعِيْدُهُمْ إِلَى مَكَّةَ ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ﴾ [يوسف: 21].

 

فَفِي« مُسْنَدِ » أَحْمَدَ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي «فِقْهِ السِّيْرَةِ»[1]، مِنْ حَدِيْثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -قَالَتْ: « لَمَّا نَزَلْنَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ جَاوَرْنَا بِهَا خَيْرَ جَارٍ النَّجَاشِيَّ أَمَّنَّا عَلَى دِينِنَا وَعَبَدْنَا اللهَ تَعَالَى، لَا نُؤْذَى وَلَا نَسْمَعُ شَيْئًا نَكْرَهُهُ.

 

فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا ائْتَمَرُوا أَنْ يَبْعَثُوا إِلَى النَّجَاشِيِّ فِينَا رَجُلَيْنِ جَلْدَيْنِ، وَأَنْ يُهْدُوا لِلنَّجَاشِيِّ هَدَايَا مِمَّا يُسْتَطْرَفُ مِنْ مَتَاعِ مَكَّةَ، وَكَانَ مِنْ أَعْجَبِ مَا يَأْتِيهِ مِنْهَا إِلَيْهِ الْأَدَمُ، فَجَمَعُوا لَهُ أَدَمًا كَثِيرًا وَلَمْ يَتْرُكُوا مِنْ بَطَارِقَتِهِ بِطْرِيقًا إِلَّا أَهْدَوْا لَهُ هَدِيَّةً، ثُمَّ بَعَثُوا بِذَلِكَ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيَّ وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيَّ، وَأَمَرُوهُمَا أَمْرَهُمْ وَقَالُوا لَهُمَا: ادْفَعَا إِلَى كُلِّ بِطْرِيقٍ هَدِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمُوا النَّجَاشِيَّ فِيهِمْ، ثُمَّ قَدِّمُوا لِلنَّجَاشِيِّ هَدَايَاهُ، ثُمَّ سَلُوهُ أَنْ يُسَلِّمَهُمْ إِلَيْكُمْ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَهُمْ.

 

قَالَتْ: فَخَرَجَا فَقَدِمَا عَلَى النَّجَاشِيِّ وَنَحْنُ عِنْدَهُ بِخَيْرِ دَارٍ، وَخَيْرِ جَارٍ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْ بَطَارِقَتِهِ بِطْرِيقٌ إِلَّا دَفَعَا إِلَيْهِ هَدِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَا النَّجَاشِيَّ ثُمَّ قَالَ: لِكُلِّ بِطْرِيقٍ مِنْهُمْ إِنَّهُ قَدْ صَبَا إِلَى بَلَدِ الْمَلِكِ مِنَّا غِلْمَانٌ سُفَهَاءُ فَارَقُوا دِينَ قَوْمِهِمْ، وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِكُمْ، وَجَاءُوا بِدِينٍ مُبْتَدَعٍ لَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتُمْ، وَقَدْ بَعَثَنَا إِلَى الْمَلِكِ فِيهِمْ أَشْرَافُ قَوْمِهِمْ لِنَرُدَّهُمْ إِلَيْهِمْ فَإِذَا كَلَّمْنَا الْمَلِكَ فِيهِمْ فَأَشِيرُوا عَلَيْهِ، بِأَنْ يُسَلِّمَهُمْ إِلَيْنَا وَلَا يُكَلِّمَهُمْ فَإِنَّ قَوْمَهُمْ أَعْلَى بِهِمْ عَيْنًا، وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا لَهُمَا: نَعَمْ.

 

ثُمَّ إِنَّهُمَا قَرَّبَا هَدَايَاهُمْ إِلَى النَّجَاشِيِّ فَقَبِلَهَا مِنْهُمَا، ثُمَّ كَلَّمَاهُ فَقَالَا لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، إِنَّهُ قَدْ صَبَا إِلَى بَلَدِكَ مِنَّا غِلْمَانٌ سُفَهَاءُ، فَارَقُوا دِينَ قَوْمِهِمْ وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِكَ، وَجَاءُوا بِدِينٍ مُبْتَدَعٍ، لَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ، وَقَدْ بَعَثَنَا إِلَيْكَ فِيهِمْ أَشْرَافُ قَوْمِهِمْ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَعْمَامِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ، لِتَرُدَّهُمْ إِلَيْهِمْ، فَهُمْ أَعْلَى بِهِمْ عَيْنًا وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ وَعَاتَبُوهُمْ فِيهِ.

 

قَالَتْ: وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَبْغَضُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مِنْ أَنْ يَسْمَعَ النَّجَاشِيُّ كَلَامَهُمْ، فَقَالَتْ بَطَارِقَتُهُ حَوْلَهُ: صَدَقُوا أَيُّهَا الْمَلِكُ، قَوْمُهُمْ أَعْلَى بِهِمْ عَيْنًا وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ، فَأَسْلِمْهُمْ إِلَيْهِمَا فَلْيَرُدَّانِهِمْ إِلَى بِلَادِهِمْ وَقَوْمِهِمْ، قَالَ: فَغَضِبَ النَّجَاشِيُّ ثُمَّ قَالَ: لَا هَايْمُ اللهِ إِذًا لَا أُسْلِمَهُمْ إِلَيْهِمَا وَلَا أَكَادُ قَوْمًا جَاوَرُونِي، وَنَزَلُوا بِلَادِي وَاخْتَارُونِي عَلَى مَنْ سِوَايَ حَتَّى أَدْعُوَهُمْ، فَأَسْأَلَهُمْ مَا يَقُولُ هَذَانِ فِي أَمْرِهِمْ، فَإِنْ كَانُوا كَمَا يَقُولَانِ أَسْلَمْتُهُمْ إِلَيْهِمَا وَرَدَدْتُهُمْ إِلَى قَوْمِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مَنَعْتُهُمْ مِنْهُمَا، وَأَحْسَنْتُ جِوَارَهُمْ مَا جَاوَرُونِي.

 

قَالَتْ: ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَاهُمْ فَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولُهُ اجْتَمَعُوا، ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَا تَقُولُونَ لِلرَّجُلِ إِذَا جِئْتُمُوهُ؟ قَالُوا: نَقُولُ وَاللهِ مَا عَلِمْنَا وَمَا أَمَرَنَا بِهِ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَائِنٌ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَائِنٌ، فَلَمَّا جَاءُوهُ وَقَدْ دَعَا النَّجَاشِيُّ أَسَاقِفَتَهُ فَنَشَرُوا مَصَاحِفَهُمْ حَوْلَهُ لِيَسْأَلَهُمْ، فَقَالَ: مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي فَارَقْتُمْ فِيهِ قَوْمَكُمْ، وَلَمْ تَدْخُلُوا فِي دِينِي وَلَا فِي دِينِ أَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَمِ.

 

قَالَتْ: فَكَانَ الَّذِي كَلَّمَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ، نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ، وَنُسِيئُ الْجِوَارَ، يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا، نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ، فَدَعَانَا إِلَى اللهِ تَعَالَى لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ، وَأَمَرَ بِصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ، وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ، وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ وَقَوْلِ الزُّورِ، وَأَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ، قَالَ: فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ، فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ فَعَبَدْنَا اللهَ وَحْدَهُ، فَلَمْ نُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا وَحَرَّمْنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا، وَأَحْلَلْنَا مَا أَحَلَّ لَنَا، فَعَدَا عَلَيْنَا قَوْمُنَا فَعَذَّبُونَا فَفَتَنُونَا عَنْ دِينِنَا لِيَرُدُّونَا إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ عِبَادَةِ اللهِ، وَأَنْ نَسْتَحِلَّ مَا كُنَّا نَسْتَحِلُّ مِنْ الْخَبَائِثِ، وَلَمَّا قَهَرُونَا وَظَلَمُونَا وَشَقُّوا عَلَيْنَا وَحَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ دِينِنَا، خَرَجْنَا إِلَى بَلَدِكَ وَاخْتَرْنَاكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ وَرَغِبْنَا فِي جِوَارِكَ، وَرَجَوْنَا أَنْ لَا نُظْلَمَ عِنْدَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ.

 

قَالَتْ: فَقَالَ لَهُ النَّجَاشِيُّ: هَلْ مَعَكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ عَنْ اللهِ مِنْ شَيْءٍ، قَالَتْ: فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: نَعَمْ فَقَالَ لَهُ النَّجَاشِيُّ: فَاقْرَأْهُ عَلَيَّ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ صَدْرًا مِنْ ﴿كهيعص﴾ [مريم: 1]، قَالَتْ: فَبَكَى وَاللهِ النَّجَاشِيُّ حَتَّى أَخْضَلَ لِحْيَتَهُ وَبَكَتْ أَسَاقِفَتُهُ حَتَّى أَخْضَلُوا مَصَاحِفَهُمْ حِينَ سَمِعُوا مَا تَلَا عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ النَّجَاشِيُّ إِنَّ هَذَا وَالَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى لَيَخْرُجُ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ انْطَلِقَا فَوَاللهِ لَا أُسْلِمُهُمْ إِلَيْكُمْ أَبَدًا وَلَا أَكَادُ.

 

قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -: فَلَمَّا خَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: وَاللهِ لَآتِيَنَّهُ غَدًا أَعِيبُهُمْ عِنْدَهُ ثُمَّ أَسْتَأْصِلُ بِهِ خَضْرَاءَهُمْ.

 

قَالَتْ: فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ: - وَكَانَ أَتْقَى الرَّجُلَيْنِ فِينَا - لَا تَفْعَلْ فَإِنَّ لَهُمْ أَرْحَامًا وَإِنْ كَانُوا قَدْ خَالَفُونَا قَالَ: وَاللهِ لَأُخْبِرَنَّهُ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَام عَبْدٌ، قَالَتْ: ثُمَّ غَدَا عَلَيْهِ الْغَدَ فَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ قَوْلًا عَظِيمًا، فَأَرْسِلْ إِلَيْهِمْ فَسَلْهُمْ عَمَّا يَقُولُونَ فِيهِ؟

قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ يَسْأَلُهُمْ عَنْهُ، قَالَتْ: وَلَمْ يَنْزِلْ بِنَا مِثْلُهَا فَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَاذَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى إِذَا سَأَلَكُمْ عَنْهُ؟ قَالُوا: نَقُولُ وَاللهِ فِيهِ مَا قَالَ اللهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وَمَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَائِنًا فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَائِنٌ.

 

فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالَ لَهُمْ: مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ؟ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - نَقُولُ فِيهِ الَّذِي جَاءَ بِهِ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَرُوحُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ.

 

قَالَتْ: فَضَرَبَ النَّجَاشِيُّ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ فَأَخَذَ مِنْهَا عُودًا ثُمَّ قَالَ: مَا عَدَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ مَا قُلْتَ هَذَا الْعُودَ فَنَاخَرَتْ بَطَارِقَتُهُ حَوْلَهُ حِينَ قَالَ مَا قَالَ، فَقَالَ: وَإِنْ نَخَرْتُمْ وَاللهِ اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ سُيُومٌ بِأَرْضِي - وَالسُّيُومُ الْآمِنُونَ - مَنْ سَبَّكُمْ غَرِمَ، ثُمَّ مَنْ سَبَّكُمْ غَرِمَ، ثُمَّ مَنْ سَبَّكُمْ غَرِمَ، فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي دَبْرَ ذَهَبٍ وَأَنِّي آذَيْتُ رَجُلًا مِنْكُمْ -وَالدَّبْرُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ الْجَبَلُ- رُدُّوا عَلَيْهِمَا هَدَايَاهُمَا، فَلَا حَاجَةَ لَنَا بِهَا فَوَاللهِ مَا أَخَذَ اللهُ مِنِّي الرِّشْوَةَ حِينَ رَدَّ عَلَيَّ مُلْكِي فَآخُذَ الرِّشْوَةَ فِيهِ وَمَا أَطَاعَ فِيَّ النَّاسَ فَأُطِيعَهُمْ فِيهِ، قَالَتْ: فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ مَقْبُوحَيْنِ مَرْدُودًا عَلَيْهِمَا مَا جَاءَا بِهِ، وَأَقَمْنَا عِنْدَهُ بِخَيْرِ دَارٍ مَعَ خَيْرِ جَارٍ، قَالَتْ: فَوَاللهِ إِنَّا عَلَى ذَلِكَ إِذْ نَزَلَ بِهِ يَعْنِي مَنْ يُنَازِعُهُ فِي مُلْكِهِ، قَالَتْ: فَوَاللهِ مَا عَلِمْنَا حُزْنًا قَطُّ كَانَ أَشَدَّ مِنْ حُزْنٍ حَزِنَّاهُ عِنْدَ ذَلِكَ تَخَوُّفًا أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ عَلَى النَّجَاشِيِّ، فَيَأْتِيَ رَجُلٌ لَا يَعْرِفُ مِنْ حَقِّنَا مَا كَانَ النَّجَاشِيُّ يَعْرِفُ مِنْهُ، قَالَتْ: وَسَارَ النَّجَاشِيُّ وَبَيْنَهُمَا عُرْضُ النِّيلِ قَالَ: فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ رَجُلٌ يَخْرُجُ حَتَّى يَحْضُرَ وَقْعَةَ الْقَوْمِ ثُمَّ يَأْتِيَنَا بِالْخَبَرِ، قَالَتْ: فَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنَا، قَالَتْ: وَكَانَ مِنْ أَحْدَثِ الْقَوْمِ سِنًّا، قَالَتْ: فَنَفَخُوا لَهُ قِرْبَةً فَجَعَلَهَا فِي صَدْرِهِ ثُمَّ سَبَحَ عَلَيْهَا حَتَّى خَرَجَ إِلَى نَاحِيَةِ النِّيلِ الَّتِي بِهَا مُلْتَقَى الْقَوْمِ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى حَضَرَهُمْ، قَالَتْ: وَدَعَوْنَا اللهَ تَعَالَى لِلنَّجَاشِيِّ بِالظُّهُورِ عَلَى عَدُوِّهِ، وَالتَّمْكِينِ لَهُ فِي بِلَادِهِ، وَاسْتَوْثَقَ عَلَيْهِ أَمْرُ الْحَبَشَةِ، فَكُنَّا عِنْدَهُ فِي خَيْرِ مَنْزِلٍ حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بِمَكَّةَ».

 

• أَيُّهَا النَّاسُ - لَقَدْ أَسْلَمَ النَّجَاشِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ وَصَدَقَ نُبُوَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخْفَى إِيْمَانَهُ عَنْ قَوْمِهِ، لَمَا عَلِمَهُ فِيْهِمْ مِنَ الثَّبَاتِ عَلَى البَاطِلِ، وَحَرْصِهِمْ عَلَى الضَّلَالِ وَجُمُودِهِمْ عَلَى العَقَائِدِ المُنْحَرِفَةِ، فَفِي «الصَّحِيْحَيْنِ»[2] مِنْ حَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: «نَعَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، خَرَجَ بِهِمْ إلَى الْمُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ، وَكَبَّرَ أَرْبَعًا».

 

وَفِي «الصَّحِيْحَيْنِ»[3] مِنْ حَدِيْثِ جَابِرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ مَاتَ النَّجَاشِيُّ: « مَاتَ الْيَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ، فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَى أَخِيكُمْ أَصْحَمَةَ».

 

وَأَسْتَغْفِرُ اللهُ.

 

إِسْلَامُ حَمْزَة وَعُمَر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ المُرْسَلِيْنَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ، أَمَّا بَعْدُ:

فَتَقَدَّمَ الحَدِيْثِ مَعَكُمْ - أَيُّهَا النَّاسُ - عَنْ «وَفْدِ قُرَيْش إِلَى النَّجَاشِيِّ»، وَالآنَ حَدِيْثِي مَعَكُمْ عَنْ « إِسْلَامِ حَمْزَةَ وَعُمَرَ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - ».

 

• أ أَيُّهَا النَّاسُ - لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ قُرَيْش مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ وَرَدَّهُمْ النَّجَاشِيِّ بِمَا يَكْرَهُونَ، أَسْلَمَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ عَمِّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَخُوهُ مِنَ الرِّضَاعَةِ، وَذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ السَنَةِ السَّادِسَةِ مِنَ البِعْثَةِ الشَّرِيْفَةِ، وَبَعْدَهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَسْلَمَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.

 

وَأَمَّا سَبَبُ إِسْلَامِ حَمْزَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فَكَمَا جَاءَ فِي سِيْرَةِ ابْنِ هِشَامٍ أَنَّ أَبَا جَهْلٍ مَرَّ بِرَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ الصَّفَا، فَآذَاهُ وَشَتَمَهُ وَنَالَ مِنْهُ، وَرَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَاكِتٌ لاَ يُكَلِّمِهُ، ثُمَّ ضَرَبَهُ أَبُو جَهْلٍ بِحَجَرٍ فِي رَأْسِهِ فَشَجَّهُ حَتَّى نَزَفَ مِنْهُ الدَّمُ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ إِلَى نَادِي مِنْ قُرَيْشٍ عِنْدَ الكَعْبَةِ، فَجَلَسَ مَعَهُمْ، وَكَانَتْ مَوْلَاةٌ لِعَبْدِ اللهِ ابْنِ جُدْعَانَ فِي مَسْكِنٍ لَهَا عَلَى الصَّفَا تَرَى ذَلِكَ، وَأَقْبَلَ حَمْزَةُ مِنَ القَنْصِ مُتَوَشِّحًا قَوْسَهُ، فَأَخْبَرَتْهُ المَوْلَاةُ بِمَا رَأَتْ مِنْ أَبِي جَهْلٍ، فَغَضِبَ حَمْزَةُ، وَكَانَ أَعَزَّ فَتَىً فِي قُرَيْشٍ وَأَشَدَّ شَكِيْمَةً، فَخَرَجَ يَسْعَى وَلَمْ يَقِفْ لِأَحَدٍ، مُعِدًّا لِأَبِي جَهْلٍ إذَا لَقِيَهُ أَنْ يُوقِعَ بِهِ، فَلَمّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَامَ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَالَ لَهُ: يَا مُصَغِّرَ اسْتِهِ، تَشْتِمُ ابْنُ أَخِي وَأَنَا عَلَى دِينِهِ؟ ثُمَّ ضَرَبَهُ بِالقَوْسِ فَشَجّهُ شَجّةً مُنْكَرَةً، فَثَارَ رَجَالٌ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ -حَيِّ أَبِي جَهْلٍ- وَثَارَ بَنُو هَاشِمٍ -حَيِّ حَمْزَةَ- فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: دَعُوا أَبَا عُمَارَة، فَإِنِّي سَبَبْتُ ابْنَ أَخِيْهِ سَبًّا قَبِيْحًا[4].

 

وَكَانَ إِسْلَامُ حَمْزَةَ أَوَّلَ الأَمْرِ - أَيُّهَا النَّاسُ - أَنَفَةَ رَجُلٍ أَبَى أَنْ يُهَانَ مَوْلَاهُ، ثُمَّ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ فَاسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى، وَاعْتَزَّ بِهِ المُسْلِمُونَ أَيَّمَا اعْتِزَازٍ [5].

 

وَأَمَّا سَبَبُ إِسْلَامِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَيُّهَا النَّاسُ - فَدَعْوَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ، فَفِي «سُنَنِ» ابْنِ مَاجَّهْ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-فِي «المِشْكَاةِ»[6]، مِنْ حَدِيْثِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:« اللهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ خَاصَّةً».

 

فَكَانَ إِسْلَامُ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَيُّهَا النَّاسُ- عِزَّةً أَعَزَّ اللهُ بِهِ الإِسْلامَ وَأَذَلَّ بِهِ الكُفْرَ وَأَهْلَهُ، وَفِي «صَحِيْحِ البُخَارِيِّ » [7]، مِنْ حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: « مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ بْنِ الخَطَّابِ ».

 

وَقَالَ كَمَا رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ ابْنُ إِسْحَاقَ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ [8]، قَالَ:« إِنَّ إسْلَامَ عُمَرَ كَانَ فَتْحًا، وَإِنَّ هِجْرَتَهُ كَانَتْ نَصْرًا، وَإِنَّ إمَارَتَهُ كَانَتْ رَحْمَةً وَلَقَدْ كُنّا مَا نُصَلّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ حَتّى أَسْلَمَ عُمَرُ فَلَمَّا أَسْلَمَ، قَاتَلَ قُرَيْشًا حَتّى صَلَّى عِنْدَ الْكَعْبَةِ، وَصَلّيْنَا مَعَهُ ».

 

وَأَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانٍ فِي «مَوْرِدِهِ» بِسَنَدٍ حَسَنٍ حَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي «صَحِيْحِ السِّيْرَةِ» [9]، مِنْ حَدِيْثِ عَبْدُ اللهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، لَمْ تَعْلَمْ قُرَيْشٌ بِإِِسْلامِهِ، فَقَالَ: أَيْ أَهْلُ مَكَّةَ، أَنْشَأُ لِلْحَدِيثِ؟ فَقَالُوا: جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ الْجُمَحِيُّ، فَخَرَجَ إِِلَيْهِ وَأَنَا مَعَهُ أَتْبَعُ أَثَرَهُ، أَعْقِلُ مَا أَرَى، وَأَسْمَعُ فَأَتَاهُ، فَقَالَ: يَا جَمِيلُ، إِِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ، قَالَ: فَوَاللهِ مَا رَدَّ عَلَيْهِ كَلِمَةً حَتَّى قَامَ عَامِدًا إِِلَى الْمَسْجِدِ، فَنَادَى أَنْدِيَةَ قُرَيْشٍ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِِنَّ ابْنَ الْخَطَّابِ قَدْ صَبَأَ، فَقَالَ عُمَرُ: كَذَبَ، وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ وَآمَنْتُ بِاللهِ وَصَدَّقْتُ رَسُولَهُ، فَثَاوَرُوهُ، فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى رَكَدَتِ الشَّمْسُ عَلَى رُءُوسِهِمْ، حَتَّى فَتَرَ عُمَرُ وَجَلَسَ فَقَامُوا عَلَى رَأْسِهِ.

 

فَقَالَ عُمَرُ: افْعَلُوا مَا بَدَا لَكُمْ، فَوَاللهِ لَوْ كُنَّا ثَلاثَمِائَةِ رَجُلٍ لَقَدْ تَرَكْتُمُوهَا لَنَا أَوْ تَرَكْنَاهَا لَكُمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ قِيَامٌ عَلَيْهِ، إِِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَيْهِ حُلَّةُ حَرِيرٍ وَقَمِيصٌ مُوَشَّى، فَقَالَ: مَا بَالَكُمْ؟ فَقَالُوا: إِِنَّ ابْنَ الْخَطَّابِ قَدْ صَبَأَ، قَالَ: فَمَهْ، امْرُؤٌ اخْتَارَ دِينًا لِنَفْسِهِ، أَفَتَظُنُّونَ أَنَّ بَنِي عَدِيٍّ تُسْلِمُ إِِلَيْكُمْ صَاحِبَهُمْ؟.

 

قَالَ: فَكَأَنَّمَا كَانُوا ثَوْبًا انْكَشَفَ عَنْهُ، فَقُلْتُ لَهُ بَعْدُ بِالْمَدِينَةِ: يَا أَبَتِ، مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي رَدَّ عَنْكَ الْقَوْمَ يَوْمَئِذٍ؟ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، ذَاكَ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ ».

 

• أَيُّهَا النَّاسُ - لَقَدْ كَانَ إِسْلَامُ حَمْزَةَ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - بِالنِّسْبَةِ لِلْمُشْرِكِيْنَ كَالصَّاعِقَةِ تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا حِيْنَئِذٍ أَنَّ مُحَمَّدًا وَمَنْ مَعَهُ سَيَزْدَادُونَ، قُوَّةً إِلَى وَمَنَعَةً.

 

اللهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بِهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مَصَائِبَ الدُّنْيَا، اللهُمَّ مَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا، وَأَبْصَارِنَا، وَقُوَّاتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا.

 

وَسُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.



[1](صَحِيْحٌ) أَخْرَجَهُ أَحْمَد (5/ 290)، وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي «فِقْهِ السِّيْرَةِ» (124).

[2] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ( 1245)، وَمُسْلِمٌ (951).

[3] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ( 3877)، وَمُسْلِمٌ (952).

[4] «سِيْرَةُ ابْن هِشَامٍ » (1-291-292) مُخْتَصِرًا.

[5] «الرَّحِيْقُ المَخْتُومِ» (122).

[6](صَحِيْحٌ) سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ (85)، وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ- رَحِمَهُ اللهُ - فِي «المِشْكَاةِ » (6036).

[7] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ( 3684).

[8] (حَسَنٌ) انْظُرْ : «سِيْرَةُ ابْن إِسْحَاق» (1/ 366) بِسَنَدٍ فِيْهِ انْقِطَاعَ وَوَصَلَهُ الحَاكِمُ (3/ 83)، بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ.

[9] (حَسَنٌ) أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانٍ فِي «مَوْرِدِهِ» (2/ 218)، وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي «صَحِيْحِ السِّيْـرَةِ» (194).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • النجاشي (أصحمة)!
  • قصة جعفر بن أبي طالب وعرضه الإسلام على النجاشي
  • خطبة: المحكمة الدولية... والنجاشي
  • من طامع في مال قريش إلى مؤمن ببشارة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • زلزال في اليمن(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • من مهام المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: استقبال الوفود وتلقي العلم وإبرام المعاهدات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوفود التي وفدت على رسول الله صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عام الوفود(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان (8)(مقالة - ملفات خاصة)
  • حوادث دمشق اليومية (7)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • وفد النصارى.. وصدق المحبة..(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • الوفود (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة الحج وفد الرحمن...(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • وفد الله(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/6/1447هـ - الساعة: 17:3
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب