• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العشرون: البساطة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    ضبط سلوكيات وانفعالات المتربي على قيمة العبودية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    تأملات في المساواة والعدالة الاجتماعية في القرآن ...
    د. منى داود باوزير
  •  
    التعليم الإلكتروني والشباب: نقلة نوعية أم بديل
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    قواعد قرآنية في تقوية الحياة الزوجية
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    هل فقدنا ثقافة الحوار؟
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    المحطة التاسعة عشرة: الصبر
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    حقوق الزوج على زوجته
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الثامنة عشرة: الحكمة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    المرأة بين تكريم الإسلام وامتهان الغرب (2)
    نجلاء جبروني
  •  
    حاجتنا إلى التربية
    محمد حسني عمران عبدالله
  •  
    المرأة بين تكريم الإسلام وامتهان الغرب (1)
    نجلاء جبروني
  •  
    الإجازات وقود الإنجازات
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أنثى في القلب
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    خلف الكواليس
    د. ابتهال محمد علي البار
  •  
    إن لم تحرز تقدما تراجعت!
    أسامة طبش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

خطبة قصيرة عن الموت

خطبة قصيرة عن الموت
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/11/2018 ميلادي - 2/3/1440 هجري

الزيارات: 1310861

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة قصيرة عن الموت

 

الْخُطْبَةُ الْأُولَى

عِبَادَ اللهِ! حَدِيثُنَا الْيَوْمَ عَنْ سَاعَةٍ وَلَحْظَةٍ حَاسِمَةٍ لَا تَتَكَرَّرُ، سَيَمُرُّ بِهَا كُلٌّ مِنَّا، شَاءَ أَمْ أَبَى! إِنَّهَا سَاعَةُ الْـمَوْتِ! وَالِانْتِقَالُ مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَةِ، قَالَ اللهُ - جَلَّ فِي عُلَاهُ -: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾ [آل عمران: 185]؛ فَالْمَوْتُ نِهَايَةُ كُلِّ مَخْلُوقٍ:

كُلُّ ابْنِ أُنْثَى وَإِنْ طَالَتْ سَلَامَتُهُ *** يَوْمًا عَلَى آلَةٍ حَدْبَاءَ مَحْمُولُ

 

فَسَاعَةُ الْمَوْتِ، سَاعَةٌ لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ - كَائِنًا مَنْ كَانَ - أَنْ يُؤَخِّرَهَا عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ، وَلَوْ لِسَاعَةٍ، حَتَّى يَتَدَارَكَ مَا فَاتَهُ، وَيُصَحِّحَ مِنْ أَوْضَاعِهِ، قَالَ اللهُ: ﴿ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [يس: 50]؛ فَهِيَ تَأْخُذُهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ فِي جِدَالِـهِمْ وَخِصَامِهِمْ فِي مُعْتَرَكِ الْحَيَاةِ، لَا يَتَوَقَّعُونَهَا، وَلَا يَحْسِبُونَ لَهَا حِسَابًا، فَإِذَا هُمْ مُنْتَهُونَ، كُلٌّ عَلَى حَالِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا، لَا يَمْلِكُ أَنْ يُوصِيَ لِـمَنْ بَعْدَهُ، وَلَا أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ، فَيُوصِيهِمْ بِمَا فِيهِ مَصَالِـحِهِ وَإِنْقَاذِ نَفْسِهِ.

 

وَهَذَا إِنْذَارٌ لِأَهْلِ الْغَفْلَةِ الَّذِينَ غَفَلُوا عَنِ الْمَوْتِ، وَشَغَلَتْهُمُ الدُّنْيَا عَنْ تَذَكُّرِهِ، فَفَاجَأَهُمُ الْمَوْتُ؛ فَلَا يُسْعِفُهُمُ الْوَقْتُ لِيُصْلِحَ مَا يُمْكِنُ إِصْلَاحُهُ؛ فَالْمَوْتُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَبْطِئَهُ مِنَّا أَحَدٌ؛ فَلَا أَحَدَ يَعْلَمُ مَوْعِدَ رَحِيلِهِ مِنَ الدُّنْيَا، وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ عَمَلٍ وَلَا تَوْبَةٍ وَلَا اسْتِدْرَاكِ شَيْءٍ وَلَا تَصْحِيحِ وَضْعٍ.

 

سُبْحَانَ اللهِ! إِذَا نَزَلَ الْمَوْتُ لَا يَسْتَطِيعُ الْوَاحِدُ مِنَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ، فَكَيْفَ إِلَى فِعْلٍ يَحْتَاجُ إِلَى زَمَانٍ طَوِيلٍ مِنْ أَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ وَرَدِّ الْـمَظَالِـمِ، وَاخْتِيَارِ التَّوْصِيَةِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْكَلِمَاتِ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى أَهَمِّ الْكَلِمَاتِ؛ فَإِنَّ الْحَاجَةَ فِي وَقْتِ الْـمَوْتِ إِلَى التَّوْصِيَةِ أَمَسُّ وَالتَّنْكِيرَ فِي التَّوْصِيَةِ لِلتَّعْمِيمِ؛ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى تَوْصِيَةٍ مَا، وَلَو كَانَت بِكَلِمَةٍ يَسِيرَةٍ، وَلأَنَّ التَّوْصِيَةَ قَدْ تَحْصُلُ بِالْإِشَارَةِ، فَالْعَاجِزُ عَنْهَا عَاجِزٌ عَنْ غَيْرِهَا، قَالَ - تَعَالَى -: ﴿ وَلاَ إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ ﴾، بَيَانٌ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إِلَى التَّوْصِيَةِ؛ لِأَنَّ مَنْ يَرْجُو الْوُصُولَ إِلَى أَهْلِهِ قَدْ يُمْسِكُ عَنِ الْوَصِيَّةِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا، فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ مَعَ الْحَاجَةِ دَلَّ عَلَى غَايَةِ الشِّدَّةِ.

 

وَقَالَ - تَعَالَى -: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 99، 100]، فَسُؤَالُ الرَّجْعَةِ فِي الْآيَةِ لَيْسَ خَاصًّا بِالْكَافِرِ، بَلْ يَعُمُّ كُلَّ مُفَرِّطٍّ، فَيُخْبِرُ اللهُ - تَعَالَى - عَنْ حَالِ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ، مِنَ الْمُفَرِّطِينَ الظَّالِمِينَ، أَنَّهُ يَنْدَمُ فِي تِلْكَ الْحَالِ، إِذَا رَأَى مَآلَهُ، وَشَاهِدَ قُبْحَ أَعْمَالِهِ فَيَطْلُبُ الرَّجْعَةَ إِلَى الدُّنْيَا، لَا لِلتَّمَتُّعِ بِلَذَّاتِهَا وَاقْتِطَافِ شَهَوَاتِهَا وَإِنَّمَا ذَلِكَ كَمَا قَالَ - تَعَالَى -: ﴿ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ [المؤمنون: 100] مِنَ الْعَمَلِ، وَفَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ. ﴿ كَلَّا ﴾، أَيْ: فَلَا رَجْعَةَ لَهُ وَلَا إِمْهَالَ، فَقَدْ قَضَى اللهُ أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ، ﴿ إِنَّهَا ﴾، أَيْ: مَقَالَتُهُ الَّتِي تَمَنَّى فِيهَا الرُّجُوعَ إِلَى الدُّنْيَا، ﴿ كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ﴾، أَيْ: مُجَرَّدُ قَوْلٍ بِاللِّسَانِ، لَا يُفِيدُ صَاحِبَهُ إِلَّا الْحَسْرَةَ وَالنَّدَمَ.

 

﴿ وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 100]، أَيْ: حَاجِزٌ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَفِي هَذَا البَرْزَخِ، يَتَنَعَّمُ الْمُطِيعُونَ، وَيُعَذَّبُ الْعَاصُونَ، مِنِ ابْتِدَاءِ مَوْتِهِمْ وَاسْتِقْرَارِهِمْ فِي قُبُورِهِمْ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، فَلْيَعُدُّوا لَهُ عُدَّتَهُ، وَلْيَأْخُذُوا لَهُ أُهْبَتَهُ.

 

فَفَكِّرْ يَا عَبْدَ اللهِ! فِي هَذِهِ السَّاعَةِ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ شَهْوَتِكَ وَمَحَابِّكَ، وَانْقَطَعَتْ عَنْكَ فُرْصَةُ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَهَجَمَتْ عَلَيْكَ الشَّدَائِدُ الْعِظَامُ، وَوَقَعْتَ فِي الْأَخْطَارِ الْجِسَامِ، فَنَادَيْتَ عِنْد ذَلِكَ نَادِمًا: ﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ [المؤمنون: 99، 100] فَلَمْ يُجَبْ نِدَاؤُكَ، وَلَمْ تُعْطَ سَاعَةً وَاحِدَةً تَتُوبُ فِيهَا إِلَى اللهُ - تَعَالَى - وَتَسْتَرْضِيهِ.

 

وَلْيَكُنْ يَا عَبْدَ اللهِ! هَذَا النِّدَاءُ ﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ ﴾ عَلَى بَالِكَ طَالَمَا أَنَّكَ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ؛ لَا تَغْفَلْ عَنْهُ أَبَدًا؛ فَإِنَّهُ إِذَا بَاشَرَ الْقَلْبَ أَحْدَثَ فِيهِ خَوْفًا شَدِيدًا؛ فَحَصَّلَتْ بِعَوْنِ اللهِ -تَعَالَى - التَّقْوَى، وَانْخَلَعَ الْعَبْدُ مِنَ الْمَعَاصِي، وَبَادَرَ بِالصَّالِحَاتِ سَاعَةَ الْأَجَلِ.

 

وَقَالَ - تَعَالَى -: ﴿ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا ﴾ [المنافقون: 11]، فَالْآجَالُ لَا مَجَالَ فِيهَا لِلتَّأْجِيلِ؛ فَهِيَ مَحْتُومَةٌ، مُحَدَّدَةٌ مَوْقُوتَةٌ، فَكُلُّ غَافِلٍ وَمُفَرِّطٍ يَنْدَمُ عِنْدَ الِاحْتِضَارِ، نَدَمًا لَا يُجْدِي، وَيَسْأَلُ أَنْ يُطَالَ فِي عُمُرِهِ، وَلَوْ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ؛ لِيَسْتَدْرِكَ مَا فَاتَهُ، وَلَكِنْ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ! وَكَانَ مَا كَانَ، وَأَتَى مَا أَتَى وَكُلٌّ بِحَسَبِ تَفْرِيطِهِ، وَمُحْتَضِرٌ يَفِيقُ إِفَاقَةً وَيَنْتَبِهُ انْتِبَاهًا لَا يُدْرِكُهُ مَنْ حَوْلَهُ، انْتِبَاهٌ لَا يُوصَفُ، وَيَقْلَقُ قَلَقًا لَا يُتَصَوَّرُ، وَيَتَلَهَّفُ حَسْرَةً عَلَى زَمَنِهِ الْمَاضِي، وَيَتَمَنَّى لَوْ تُرِكَ كَيْ يَتَدَارَكَ مَا فَاتَهُ بِإِعْلَانِ تَوْبَةٍ، لَعَلَّهَا تُنْقِذُهُ وَمِنْ عَذَابِ اللهِ تُخَلِّصُهُ، وَلَكِنْ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ! لَقَدْ فَرَّطَ فِي زَمَنِ الْعَمَلِ، وَتَسَاهَلَ فِي فَتْرَةِ الزَّرْعِ، مَعَ أَنَّ النَّذِيرَ قَدْ جَاءَهُ وَالتَّحْذِيرَ قَدْ وَصَلَ إِلَى مَسَامِعِهِ، وَلَكِنَّ التَّسْوِيفَ وَالتَّأْجِيلَ وَطُولَ الْأَمَلِ وَالْخُضُوعَ لَإِبْلِيسَ، حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ وَسُرْعَةِ الْأَوْبَةِ وَالرَّجْعَةِ!

 

وَلَوِ اسْتَشْعَرَ الْعَاقِلُ وَهُوَ فِي أَوَانِ عَافِيَتِهِ تِلْكَ السَّاعَةَ، لَحَصَلَ كُلُّ مَقْصُودٍ، وَنَالَ كُلَّ مَطْلُوبٍ، فَطَالَـمَا نَعْلَمُ أَنْ سَنَنْدَمَ عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِي جَنْبِ اللهِ، وَأَنَّنَا سَنَتَحَسَّرَ عَلَى ذُنُوبِنَا؛ فَلِمَاذَا لَا نُبَادِرُ قَبْلَ الْفَوَاتِ؟ وَنَسْتَعِدُّ لَهُ غَايَةَ الِاسْتِعْدَادَ.

 

أَحْسَنَ اللهُ بِنَا أَنَّ الْخَطَايَا لَا تَفُوحُ
فَإِذَا الْمَسْتُورُ مِنَّا بَيْنَ ثَوْبَيْهِ فَضُوحُ
كَمْ رَأَيْنَا مِنْ عَزِيزٍ طُوِيَتْ عَنْهُ الْكُشُوحُ
صَاحَ مِنْهُ بِرَحِيلٍ طَائِرُ الدَّهْرِ الصَّدُوحُ
سَيَصِيرُ الْمَرْءُ يَوْمًا جَسَدًا مَا فِيهِ رُوحٌ
بَيْنَ عَيْنَيْ كُلِّ حَيٍّ عَلَمُ الْمَوْتِ يَلُوحُ
كُلُّنَا فِي غَفْلَةٍ، وَالْمَوْتُ يَغْدُو وَيَرُوحُ
كُلُّ نَطَّاحٍ مِنَ الدَّهْرِ لَهُ يَوْمٌ نَطُوحُ
نُحْ عَلَى نَفْسِكَ يَا مِسْكِينُ إِنْ كُنْتَ تَنُوحُ
لَتَمُوتَنَّ وَلَوْ عَمَّرْتَ مَا عَمَّرَ نُوحُ

 

الَّلهُمَّ أَحْسَنْ خَاتِمَتَنَا وَتَوَفَّنَا وَأَنْتَ رَاضٍ عَنَّا غَيْرَ غَضْبَانَ، الَّلهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا. أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

عباد الله! عَلَيْنَا أَنْ نَسْتَعِدَّ لِلْمَوْتِ حَقَّ الِاسْتِعْدَادِ، وَأَنْ نَصْحَى مِنْ هَذِهِ الْغَفْلَةِ وَنَفِيقُ مِنْ هَذِهِ الْغَفْوَةِ، وَقَدْ نَبَّهَنَا اللهُ بِقَوْلِهِ: ﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء: 1]، فَالْآيَاتُ فِيهَا النَّذْرُ وَالْحَسْرَةُ مِنَ الظَّالِمِ عِنْدَ اقْتِرَابِ الْمَوْتِ وَرُؤْيَةِ الْعَذَابِ تَتَابَعَتْ فِي الْقُرْآنِ، كَمَا قَالَ - تَعَالَى -: ﴿ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ ﴾ [الشورى: 44]، فَيَا لَهُ مِنْ مَرْأًى وَمَنْظَرٍ فَظِيعٍ وَصَعْبٍ شَنِيعٍ، بِظُهُورِ النَّدَمِ الْعَظِيمِ، وَالْحُزْنِ الَّذِي لَا يُضَاهِيهِ حُزْنٌ عَلَى مَا سَلَفَ، يَا لِعِظَمِ تَعْبِيرِ الْقُرْآنِ: ﴿ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ ﴾، أَيْ: هَلْ لَنَا مِنْ طَرِيقِ أَوْ حِيلَةٍ حَتَّى نَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا لِنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ طَلَبٌ مُحَالٌ أَنْ يَتَحَقَّقَ أَجَارَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ ذَلِكَ.

 

فَأَدِمْ - أَيُّهَا الْمُسْلِمُ - التَّفَكُّرَ فِي الْمَوْتِ، وَاجْعَلْ تَحْتَ نَاظِرَيْكَ النَّارَ، وَسَتَرَاهَا عَيَانًا يَنْخَلِعُ مِنْهَا الْقَلْبُ؛ فَأَنْتَ - أَيُّهَا الْمُؤْمِنُ - موقنٌ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتَعَلَمُ أَنَّهُ حَقٌّ لَا مِرْيَةَ فِيهِ، فَتَيَقَّظْ قَبْلَ أَنْ يُفَاجِئَكَ هَوْلُ الْمَوْتِ وَسَكْرَتُهُ، وَيَحُلُّ بِكَ أَلَمُ الْفَوْتِ وَحَسْرَتُهُ، وَتُوضَعُ فِي حُفْرَةٍ، إِمَّا أن تكون مُنِيرَةً أَوْ مُظْلِمَةً، إِنَّ هُنَاكَ مِنَ النَّاسِ مَنْ لَا يُحِبُّ ذِكْرَ الْمَوْتِ وَلَا ذِكْرَ الْقُبُورِ، وَذَاكَ وَرَبِّي مِنْ تَلْبِيسِ إِبْلِيسَ، حَتَّى يَعِيشَ فِي غَفْلَةٍ؛ لِذَا: يَقُول الرَّسُول - صَلَّى اللهُ عَلَيْه - فِي الحَدِيث الصَّحِيح: «فَزُورُوهَا؛ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الآخِرَةَ»؛ فَلَا يَعْبَثَنَّ بِكَ الشَّيْطَانُ، فَالْقَبْرُ لَا بُدَّ أَنْ تَأْتِيَهُ شِئْتَ أَمْ أَبِيْتَ؛ فَلَا تَخْدَعْ نَفْسَكَ، وَلَا تَغُضَّ الطَّرْفَ عَنْ حَقِيقَةِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَاثِلَةً أَمَامَ عَيْنَيْكَ.

 

أَحْسَنَ اللهُ خَاتِمَتَنَا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • في الحياة.. والموت
  • الموتة الصغرى (النوم)
  • هو الموت ( خطبة )
  • لحظات قبل الموت
  • ذكر الموت
  • الموت (خطبة)
  • آيات عن الموت
  • رحلة الموت كيف نفهمها؟
  • حكم قول {ياأيتها النفس المطمئنة} عند موت شخص
  • المعتصم بن صمادح على فراش الموت
  • ما يفعله من كان عند المحتضر
  • أحداث الموت والقبر (خطبة)
  • { كل من عليها فان }
  • موعظة عن الموت (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة: أهمية العمل التطوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: تجديد الحياة مع تجدد الأعوام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الظلم مآله الهلاك.. فهل من معتبر؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المرأة بين حضارتين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رجل يداين ويسامح (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (25) «ذهب أهل الدثور بالأجور» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية العمل التطوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: من وحي عاشوراء (الطغاة قواسم مشتركة، ومنهجية متطابقة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مشكاة النبوة (5) "يا أم خالد هذا سنا" (خطبة) - باللغة النيبالية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أفشوا السلام(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
2- شكر
محمد الشيخ يوسف - سوريا 03/05/2021 01:32 PM

شكرا لكم

1- الإسلام نور
أحمد - الكويت 03/10/2019 09:47 PM

بارك الله فيكم ونفعنا وإياكم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/1/1447هـ - الساعة: 16:0
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب