• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    بين الحب والهيبة..
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    سلسلة دروب النجاح (10) الحافز الداخلي: سر ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    أثر التفكير الغربي في مراحل التعليم في العالم ...
    بشير شعيب
  •  
    التعليم المختلط ومآلات التعلق العاطفي: قراءة في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    ملامح تربية الأجداد للأحفاد
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    الاتجاه الضمني في تنمية التفكير بين الواقع ...
    د. خليل أسعد عوض
  •  
    الرياضة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    سلسلة دروب النجاح (9) الإبداع.. مهارة لا غنى عنها ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    وقفات تربوية مع سيد الأخلاق
    د. أحمد عبدالمجيد مكي
  •  
    سلسلة دروب النجاح (8) التوازن بين الدراسة والحياة
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    قتل الرغبات
    ياسر جابر الجمال
  •  
    ماذا بعد الستين؟!
    أشرف شعبان أبو أحمد
  •  
    أبوك ليس باردا بل هو بحر عميق
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    سلسلة دروب النجاح (7) بناء شبكة العلاقات الداعمة
    محمود مصطفى الحاج
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

دعوها فإنها منتنة! (خطبة)

دعوها فإنها منتنة! (خطبة)
أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/1/2017 ميلادي - 24/4/1438 هجري

الزيارات: 79522

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

دعوها فإنها منتنة!

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ.. جَعَلَ التَّقْوَى أَسَاسَ التَّكْرِيمِ، وَجَعَلَ الأُخُوَّةَ الإِيمَانِيَّةَ الرَّابِطَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَرَبَطَ بَيْنَ قُلُوبِ عِبَادِهِ بِحَبْلِ الأُلْفَةِ والْمَوَدَّةِ الْمَتِينِ.

 

وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ... أَمَّا بَعْدُ:

فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ السَّعَادَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ يَقُولُ جَلَّ وَعَلا: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ... هَا هُوَ أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَجُلٌ عَرَبِيٌّ مِنْ قَبِيلَةِ غِفَارٍ، يَتَكَلَّمُ فِي نَفَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَيُقَاطِعُهُ بِلاَلٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - بِلاَلٌ الْحَبَشِيُّ، الْعَبْدُ الْمَمْلُوكُ، الَّذِي أَصْبَحَ سَيِّدًا مِنْ سَادَاتِ الْمُسْلِمِينَ، بِلالٌ الَّذِي تَزَوَّجَ هَالَةَ النَّسِيبَةَ الشَّرِيفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أُخْتُ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، حَتَّى قَالَ عُمَرُ: "وَدِدْتُ أَنَّي زَوَّجْتُ بِلالًا إحْدَى بَنَاتِي". وَقَالَ كَلِمَتَهُ الشَّهِيرَةَ: "أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا" - قَاطَعَ بِلالٌ أَبَا ذَرٍّ فِي الْحَدِيثِ، فَنَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: تُقَاطِعُنِي يا ابْنَ السَّوْدَاءِ!، قَالَ بِلالٌ: "وَاللهِ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أَخْبَرَهُ، غَضِبَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَامْتُقِعَ وَجْهُهُ، وَتَأَثَّرَ كَثِيرًا، وَدَخَلَ أَبُو ذَرٍّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ خَائِفٌ، دَخَلَ فَسَلَّمَ، قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَوَاللهِ مَا عَلِمْتُ هَلْ رَدَّ عَلِيَّ السَّلامَ أَمْ لَا مِنَ الْغَضَبِ؟، وَالْتَفَتَ إِلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤَنِّبًا وَمُؤَدِّبًا، فَقَالَ: "أَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ". أَيْ مَا زَالَ فِيكَ خِصْلَةٌ مِنْ خِصَالِ الْجَاهِلِيَّةِ! نَدِمَ أَبُو ذَرٍّ وَبَكَى، وَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ، أَعَلَى كِبَرِ سِنِّي؟ أَيْ: أَفِيَّ جَاهِلِيَّةٌ عَلَى كِبَرِ سِنِّي؟ قَالَ: "نَعَمْ"، خَرَجَ أَبُو ذَرٍّ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ضَاقَتْ بِهِ الدُّنْيَا، فَلَقِيَهُ بِلالٌ، فَوَضَعَ أَبُو ذَرٍّ رَأْسَهُ عَلَى التُّرَابِ، وَقَالَ: لَا أَرْفَعُ رَأْسِي حَتَّى تَطَأَهُ بِقَدَمِكَ، أَنْتَ الْكَرِيمُ، فَبَكَى بِلالٌ وَاحْتَضَنَ أَبَا ذَرٍّ فَوْقَ التُّرَابِ، وَقَالَ: وَاللهِ، لَا أَطَؤُكَ بِرِجْلِي.

 

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ... مَرَضٌ اجْتِمَاعِيٌّ خَبِيثٌ، وَفَيرُوسٌ وَبَائِيٌّ فَتَّاكٌ، وَسَرَطَانٌ مُدَمِّرٌ لِلشُّعُوبِ، حَارَبَهُ الْإِسْلامُ حَرْبًا لَا هَوَادَةَ فِيهَا؛ ذَلِكُمْ لِأَنَّ عَوَاقِبَهُ وَخِيمَةٌ، وَنَتَائِجَهُ خَطِيرَةٌ، إِنَّهُ الْعَصَبِيَّةُ، وَالْقَبَلِيَّةُ، والْعُنْصُرِيَّةُ، والطَّبَقِيَّةُ، وَالْإِقْلِيمِيَّةُ، وَالْحِزْبِيَّةُ، وَالنَّعْرَةُ الْجَاهِلِيَّةُ، إِنَّهُ الْفَخْرُ بِالْأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ.

 

عِبَادَ اللَّهِ... إِنَّ التَّعَصُّبَ الْقَبَلِيَّ الْمَذْمُومَ هُوَ أَنْ يَعْتَقِدَ الْإِنْسانُ أَنَّهُ أفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ؛ بِسَبَبِ لَوْنِهِ أَوْ جِنْسِهِ، أَوْ نَسَبِ قَبِيلَتِهِ، هَذِهِ الْعَصَبِيَّةُ لَمْ تَدْخُلْ فِي مُجْتَمَعٍ أَوْ وَطَنٍ إلَّا فَرَّقَتْهُ، وَلَا فِي عَمَلٍ صَالِحٍ إلَّا أَفْسَدَتْهُ، وَلَا فِي كَثِيرٍ إلَّا قَلَّلَتْهُ، وَلَا فِي قَوِيٍّ إلَّا أَضْعَفَتْهُ، وَاللهُ تَعَالَى بَيْنَ أَنَّ النَّاسَ جَمِيعًا مُتَسَاوونَ، خُلِقُوا مِنْ تُرَابٍ، وَقَسَمَ بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ، وَجَعَلَهُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ، وَجَعَلَ شَرْطَ التَّمَيُّزِ فَقَطْ هُوَ التَّقْوَى لَهُ سُبْحَانَهُ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13]، وَلِلَّهِ دَرُّ ابْنِ تَيْمِيَّةَ حِينَمَا قَالَ: "لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ آيَةٌ وَاحِدَةٌ يَمْدَحُ فِيهَا أَحَدًا بِنَسَبِهِ، وَلَا يَذُمُّ أَحَدًا بِنَسَبِهِ، وَإِنَّمَا يَمْدَحُ بالْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى، وَيَذُمُّ بِالْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ".

 

وَتَتَعَجَّبُ - أَيُّهَا الْأَخُ الْمُبَارَكُ- كَيْفَ نَجَحَ الشَّيْطَانُ هَذَا النَّجَاحَ الْغَرِيبَ الْعَجِيبَ فِي جَعْلِ الْبَعْضِ يَقْرَأُ دَائِمًا: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13]، وَيَقْرَأُ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ ﴾ [الأنفال: 34]، وَيَقْرَأُ كَذَلِكَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى"، وَقَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ آلَ أَبِي فُلَانٍ لَيْسُوا لِي بِأَوْلِيَاءَ، إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللَّهُ، وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ"، وَقَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا: "الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، وَلَمَّا سُئِلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ النَّاسِ أَكْرَمُ؟ قَالَ: "أَتْقَاهُمْ"، وَكُلُّهَا أَحَادِيثٌ صَحِيحَةٌ، وَمَعَ ذَلِكَ نَجِدُ الْبَعْضَ مِنَ النَّاسِ لَا يَشُكُّونَ فِي هَذِهِ الْحَقِيقَةِ، وَلَا يُمَارُونَ فِيهَا كَحَقِيقَةٍ وَمُعْتَقَدٍ نَظَرِيٍّ، لَكِنْ تَجِدُهُمْ فِي وَاقِعِ حَيَاتهمِ يَغْمِزُونَ فُلاَنًا: إِمَّا لِقَبِيلَتِهِ، أَوْ لِحِرْفَتِهِ، أَوْ لِجِنْسِيَّتِهِ، أَوْ لِقِيمَتِهِ الْاِجْتِمَاعِيَّةِ، أَوْ لِغَنَاهُ، أَوْ فَقْرِهِ.

 

عِبَادَ اللهِ... إِنَّنَا لَوْ تَأَمَّلْنَا سِيَرَةَ السَّلَفِ الصَّالِحِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ كَيْفَ كَانَتْ أُخُوَّتُهُمْ، وَكَيْفَ كَانَتْ حَيَاتُهُمْ، لَوَجَدْنَا أَنَّهُمْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ هَذَا الاسْتِنْكَافُ، وَلَا هَذَا الاسْتِكْبَارُ، وَلَا هَذِهِ الْجَاهِلِيَّةُ، وَلَا هَذَا الْحُمْقُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ مَنْ بَعْدَهُمْ، وَأَكْبَرُ دَلِيلٍ عَلَى هَذَا أَنَّ أَكْثَرَ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ بَعْدَ التَّابِعِينَ مِنَ الْمُوَالِي -كَمَا يُسَمَّوْنَ- أَيْ: أَرِقَّاءً عَبِيدًا، لَكِنَّهُمْ جَدُّوا فِي الطَّلَبِ حَتَّى حَازُوا أعْلَى الرُّتَبِ فَأَصْبَحُوا عُلَمَاءَ الْأُمَّةِ، فَمِنْهُمْ: عَطَاءٌ، وَمَكْحُولٌ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَنَافِعٌ، وَعِكْرِمَةٌ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ.

 

ذَكَرَ الذَّهَبِيُّ أَنَّ الزُّهْرِيَّ دَخَلَ عَلَى بَعْضِ خُلَفَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ، فَقَالَ لَهُ: مِنْ أَيْنَ قَدِمْتَ؟ قَالَ الزُّهْرِيُّ مِنْ مَكَّةَ. قَالَ: فَمَنْ خَلَّفْتَ يَسُوْدُهَا؟ قُلْتُ: عَطَاءٌ. قَالَ: أَمِنَ العَرَبِ أَمْ مِنَ المَوَالِي؟ قُلْتُ: مِنَ المَوَالِي. قَالَ: فِيْمَ سَادَهُم؟ قُلْتُ: بِالدِّيَانَةِ وَالرِّوَايَةِ. قَالَ: إِنَّ أَهْلَ الدِّيَانَةِ وَالرِّوَايَةِ يَنْبَغِي أَنْ يُسَوَّدُوا.

 

فَمَنْ يَسُوْدُ أَهْلَ اليَمَنِ؟ قُلْتُ: طَاوُوْسٌ. قَالَ: فَمِنَ العَرَبِ، أَوِ المَوَالِي؟ قُلْتُ: مِنَ المَوَالِي.

قَالَ: فَمَنْ يَسُوْدُ أَهْلَ الشَّامِ؟ قُلْتُ: مَكْحُوْلٌ. قَالَ: فَمِنَ العَرَبِ، أَمْ مِنَ المَوَالِي؟ قُلْتُ: مِنَ المَوَالِي، عَبْدٌ نُوْبِيٌّ أَعْتَقَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ هُذَيْلٍ.

 

قَالَ: فَمَنْ يَسُوْدُ أَهْلَ الجَزِيْرَةِ؟ قُلْتُ: مَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ، وَهُوَ مِنَ المَوَالِي.

قَالَ: فَمَنْ يَسُوْدُ أَهْلَ خُرَاسَانَ؟ قُلْتُ: الضَّحَّاكُ بنُ مُزَاحِمٍ مِنَ المَوَالِي.

قَالَ: فَمَنْ يَسُوْدُ أَهْلَ البَصْرَةِ؟ قُلْتُ: الحَسَنُ مِنَ المَوَالِي.

قَالَ: فَمَنْ يَسُوْدُ أَهْلَ الكُوْفَةِ؟ قُلْتُ: إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ.

قَالَ: فَمِنَ العَرَبِ، أَمْ مِنَ المَوَالِي؟ قُلْتُ: مِنَ العَرَبِ.

قَالَ: وَيْلَكَ! فَرَّجْتَ عَنِّي. قَالَ الزُّهْرِيُّ: قُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، إِنَّمَا هُوَ دِيْنٌ، مَنْ حَفِظَهُ، سَادَ، وَمَنْ ضَيَّعَهُ، سَقَطَ.

 

ويحدث الأَصْمَعِيُّ فيقول:.. بَيْنَمَا أَنَا أَطُوفُ بِالْبَيْتِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، إِذْ رَأَيْتُ شَابًّا مُتَعَلِقًا بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، وَهُوَ يَقُولُ:

يَا مَنْ يُجِيبُ دُعَاءَ الْمُضْطَرِّ فِي الظُّلَمِ
يَا كَاشِفَ الضُّرِّ والْبَلْوَى مَعَ السَّقَمِ
قَدْ نَامَ وَفْدُكَ حَوْلَ الْبَيْتِ وَانْتَبَهُوا
وَأَنْتَ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ لَمْ تَنَمِ
إِنْ كَانَ جُودُكَ لا يَرْجُوهُ ذُو سَفَهٍ
فَمَنْ يَجُودُ عَلَى العَاصِينَ بِالْكَرَمِ

 

قَالَ: ثُمَّ بَكَى بُكَاءًا شَدِيدًا، وَسَقَطَ عَلَى الأَرْضِ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَإِذَا هُوَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، فَقُلْتُ مَا هَذَا الْبُكَاءُ وَالْجَزَعُ، وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النُّبُوَّةِ، وَمَعْدَنِ الرِّسَالَةِ؟ فَقَالَ: "هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ يَا أَصْمَعِيُّ، إِنَّ اللهَ خَلَقَ الْجَنَّةَ لِمَنْ أَطَاعَهُ وَلَوْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، وَخَلَقَ النَّارَ لِمَنْ عَصَاهُ وَلَوْ كَانَ حُرًّا قُرَشِيًّا، أَلَيْسَ اللهُ تُعَالَى يَقُولُ: ﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ ﴾ [المؤمنون: 101].

 

أَيُّهَا الإِخْوَةُ... أَرَادَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُزَلْزِلَ قَوَاعِدَ الْجَاهِلِيَّةِ فِي فَخْرِهَا بِآبَائِهَا وَعَصَبِيَّتِهَا لِعَشَائِرِهَا حِينَمَا أَمَرَ بِلالاً الْحَبَشِيَّ أَنْ يَصْدَعَ بِالْأَذَانِ مِنْ فَوْقِ الْكَعْبَةِ الْمُشَرَّفَةِ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَنَحْنُ نَعْلَمُ مَكَانَةَ الْكَعْبَةِ وَقُدْسِيَّتَهَا عِنْدَ الْعَرَبِ جَمِيعًا، لَا يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ، فَوُقُوفُ هَذَا الْعَبْدِ الْحَبَشِيِّ عَلَيْهَا أَمْرٌ عَظِيمٌ عِنْدَ الْعَرَبِ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ أَنْ يُقَرِّرَ فِي الْقُلُوبِ وَالْعُقُولِ: أَنْ لَا فَضْلَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ إلَّا بِالتَّقْوَى، وَأَنَّ أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ وَالْعَصَبِيَّةِ الْمَقِيتَةِ قَدِ انْتَهَى. وَهَذَا أَمْرٌ لَا تُطِيقُهُ النُّفُوسُ الضَّعِيفَةُ، وهُوَ مَا حَدَثَ فِعْلاً؛ فَقَدْ قَالَ أَحَدُ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي قَبَضَ أَبِي حَتَّى لَا يَرَى هَذَا الْيَوْمَ، هَذَا الْيَوْمَ الَّذِي عَلا فِيهِ عَبْدًا حَبَشِيًّا أَسْوَدَ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ... إِنَّ النَّزْوَةَ إِلَى الْقَبَلِيَّةِ أَوْ إِلَى الْجِنْسِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَنْشُرَ دِينًا أَوْ يَرْفَعَ بَلَدًا، أَوْ يُعْلِيَ ذِكْرًا، بَلْ إِنَّ مَآلَ ذَلِكَ إِلَى صِرَاعَاتٍ وَخِلاَفَاتٍ واحْتِرَابٍ.

 

وَاعْلَمُوا -رَعَاكُمُ اللهُ- أَنَّ التَّعَالِيَ وَالافْتِخَارَ بِأَيِّ عَصَبِيَّةٍ كَانَتْ، قَدْ يَدْفَعُ بِالْبَعْضِ إِلَى أَنْ يَطْعَنَ فِي أَنْسَابِ غَيْرِهِ، وَمَا عَلِمَ أَنَّ هَذَا مِنْ صِفَاتِ الْكُفْرِ، فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ"، رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

لَقَدْ قَالَ عَنْهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ"، نَعَمْ واللهِ، إِنَّهَا لَمُنْتِنَةٌ وَخَبِيثَةٌ تُفَرِّقُ بَيْنَ النَّاسِ، وَتَجْعَلُهُمْ طَبَقَاتٍ، فَتَثُورُ الْأَحْقَادُ فِي النُّفُوسِ، وَتَتَحَرَّكُ الضَّغَائِنُ فِي الصُّدُورِ، ثُمَّ يَكِيدُ النَّاسُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، فَأَيُّ أُمَّةٍ تَتَقَدَّمُ، وَأَيُّ إِنْجَازٍ يَتِمُّ، وَالنَّاسُ يَكْرَهُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَالْحِقْدُ يَحْرِقُ الْقُلُوبَ وَالْأَفْئِدَةَ؟!.

 

نَعَمْ يَا عِبَادَ اللهِ، إِنَّ دَعْوَى الْقَوْمِيَّةِ والْعَصَبِيَّةِ مُنْتِنَةٌ، فَدَعُوهَا كَمَا أَمَرَكُمْ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَيْكُمْ بِأُخُوَّةِ الإِيْمَانِ، وَرَابِطَةِ الْعَقِيدَةِ الَّتِي تَسْتَعْلِي عَلَى جَمِيعِ الرَّوَابِطِ والْقِيَمِ.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ....

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ أَعَزَّ الطَّائِعِينَ بِرِضَاهُ، وَأَذَلَّ الْعَاصِينَ بِسَخَطِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

 

عِبَادَ اللَّهِ... إِنَّ أَعْظَمَ وَأَشْرَفَ وَصْفٍ يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَزَّ الْمُسْلِمُ بِهِ وَيَفْتَخِرَ هُوَ عُبُودِيَّتُهُ للهِ عَزَّ وَجَلَّ. فحِينَمَا اصْطَفَى اللهُ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا خَاطَبَهُ بِوَصْفِ الْعُبُودِيَّةِ فَقَالَ: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ﴾ [الإسراء: 1] وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ وَصْفٌ أَعْظُمُ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ لَنَادَى بِهِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ خَلِيلَهُ، وَمَا أَحْلَى قَوْلَ الشَّاعِرِ عِنْدَمَا انْكَسَرَ للهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَائِلًا:

وَمِمَّا زَادَنِي شَرَفًا وَتِيهًا
وَكِدْتُ بَأَخْمُصِي أَطَأُ الثُّرَيَّا
دُخُولِي تَحْتَ قَوْلِكَ يَا عِبَادِي
وَأَنْ صَيَّرْتَ أَحْمَدَ لِي نَبِيًّا

 

وَلِتَضْيِيقِ دَائِرَةِ هَذَا التَّعَصُّبِ وَذِكْرِ بَعْضِ وَسَائِلِ عِلَاجِهِ، حَدِيثٌ فِي الْخُطْبَةِ الْقَادِمَةِ إِنْ شَاءَ اللهُ.

اللهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التأويل الصحيح لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (دعوها فإنها منتنة)

مختارات من الشبكة

  • دعوة للإبداع والابتكار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لنصلح أنفسنا ولندع التلاوم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الموازنة بين دعائه صلى الله عليه وسلم لأمته وبين دعاء كل نبي لأمته(مقالة - ملفات خاصة)
  • قصة الرجال الثلاثة الذين أغلق عليهم الغار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: العدل ضمان والخير أمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • في وداع سماحة شيخنا المفتي عبدالعزيز آل الشيخ(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • استجابة الله تعالى لأدعية النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحريم إنكار أسماء الله وصفاته جملة أو تفصيلا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سر عظيم لاستجابة الدعاء الخارق (زكريا، ومريم عليهما السلام)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- شكر وعرفان
بوجمعة بوشمال - الجزائر 14/11/2022 02:04 PM

جزاك الله خيراً وبارك فيك ياشيخ
جعلها الله في ميزان حسناتك

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا
  • الدورة العلمية الثانية لتأهيل الشباب لبناء أسر مسلمة في قازان
  • آلاف المسلمين يشاركون في إعادة افتتاح أقدم مسجد بمدينة جراداتشاتس
  • تكريم طلاب الدراسات الإسلامية جنوب غرب صربيا
  • ختام الندوة التربوية لمعلمي رياض الأطفال المسلمين في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/4/1447هـ - الساعة: 16:3
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب