• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    جذور طرائق التدريس الحديثة في الهدي النبوي ...
    هبة أحمد مصطفى
  •  
    رسالة تفاؤل
    أسامة طبش
  •  
    حاجة الشباب إلى اللعب والترفيه
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    أسلوب عرض درس في اللغة الأجنبية
    أسامة طبش
  •  
    حاجة الناس إلى الحب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    دور الأوامر والحوار في علاج مشكلات الأطفال؟
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    سنة أولى زواج
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    الثقة بالنفس
    أسامة طبش
  •  
    الزوج البخيل والزوجة البخيلة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    تفاعل القيم بين التصور والتصديق: درس اللغة ...
    محمد المختار البوزيدي
  •  
    الإشراف التربوي المعرفي
    د. خالد بن محمد الشهري
  •  
    ملامح تربوية من وهج التربية الإسلامية للارتقاء ...
    د. عوض بن حمد الحسني
  •  
    حاجة الشباب إلى الإيمان
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    ضغوط الحياة الزوجية
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حاجة الشباب إلى الأمن
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    مهارات الاستذكار الأمثل
    د. يحيى بن علي بن فلاح
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / أسرة / أزواج وزوجات
علامة باركود

وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة

وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة
محمد محمود مصطفى

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/5/2014 ميلادي - 5/7/1435 هجري

الزيارات: 8939

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً ﴾


قال - تعالى -: ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ﴾ [النحل: 72].

 

يا إخوة الإسلام:

لقد شاءت حكمة الله أن يخلُق الإنسان، وأن يجعلَه خليفة في الأرض، وجعل عِمارة الكون قائمةً ما بقِي النوع الإنساني؛ فقال – سبحانه -: ﴿ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ﴾ [هود: 61]، وقال: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ ﴾ [فاطر: 39].

 

وجعل - سبحانه وتعالى - نعمة التفضُّل علينا بالأبناء وسيلةً للزينة، ومدخلاً للسرور؛ فقال - سبحانه وتعالى -: ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [الكهف: 46]، وقال - سبحانه -: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴾ [آل عمران: 14].

 

وجعل الأولاد أداةً للمساعدة والمعاونة في الحياة، ورتَّب على ذلك عفوَه ورضاه؛ فقال الرسول - عليه الصلاة والسلام -: ((رضا الله من رضا الوالدينِ)).

 

وجعلهم - أيضًا - سبيلاً لاستمرار العمل الصالح بعد الوفاة؛ فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((إذا مات ابنُ آدم انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ: صدقةٍ جارية، أو علمٍ ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له)).

 

وجعل الأولاد مقبولي الشفاعة عند الله؛ فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((من كانت له ابنةٌ فأدَّبَها فأحسن تأديبَها، وغذَّاها فأحسن غِذاءها، وأسبغ عليها من النِّعمة التي أسبغ عليه، كانت له مَنَعةً وَسُتْرَةً من النار))[1]، وقال أيضًا: ((العالِم يشفع في سبعين من أهل بيته يوم القيامة)).

 

وإذا كان الله - سبحانه وتعالى - قد جعل النَّسل الإنساني وسيلةً للزِّينة والسرور، وأداةً للمساعدة والمعاونة، وسبيلاً لاستمرار العمل الصالح بعد الوفاة، وفرصة ينال الإنسان بها عفو الله ورضاه، إذا كان النسل بهذه الكيفية، فقد أمرَ الله بالمحافظة عليه وحمايته من التشرُّد والضياع، والغَواية والضلال، والكفر والانحلال؛ فقال - سبحانه وتعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾ [التحريم: 6].

 

وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّته، فالحاكم راعٍ، وهو مسؤولٌ عن رعيَّته، والأبُ راعٍ في بيته، وهو مسؤولٌ عن رعيته)).

 

فالقائمون على أمر الجماعات الإسلامية من حكَّام ورؤساء، مسؤولون عن توجيه هؤلاء الأولاد إلى الصالح العامِّ للمجتمع الإسلامي، وقد حضَّ الله القائمين أن يراعُوا متطلبات هذه الجماعات.

 

ففي مجال حاجتها إلى العلماء قال - تعالى -: ﴿ فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ ﴾ [التوبة: 122].

 

وفي مجال العلوم الكونية والطبيعية والجيولوجية والفلَكية والحيوانية والنباتية قال - سبحانه وتعالى -: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ [فاطر: 27، 28].

 

فبعد أنْ ذكر الله - سبحانه وتعالى - الثِّمار وألوانَها، والجبال وأنواعَها، والناس وأجناسها، والدوابَّ والأنعام واختلافها، أتبع ذلك ببيان حال الذين يشتغلون ويعملون في هذه الأعمال، وأوضح لنا أنَّهم أكثر الناس خشيةً لله وخوفًا منه؛ لأنهم أدركوا عظمةَ خلق الله وعجائب قدرته في هذه الكائنات.

 

وإذا كان النَّسل نعمة، وتوجيهه إلى الصالح العام واجبًا، فأنْ ينحرفَ الإنسان عن هذا الطريق فيتقدَّم لابنه قالئًا، أو لابنته وائدًا - فقد خسر الدنيا والآخرة، وخسر الدُّنيا بحرمانه من هذه النعمة، وخسر الآخرة باستحقاقِه لغضب الله؛ قال – تعالى -: ﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾ [الأنعام: 140].

 

وهذه العادة كانت موجودة عند بعض القبائل في الجاهلية، حكى الله - سبحانه وتعالى - فِعْلَها بقوله: ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [النحل: 58، 59].

 

في هاتين الآيتين يذكر الله - سبحانه وتعالى - جريمة الوأد، والدافع إليها؛ ﴿ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ ﴾ [النحل: 59]، أيُمسك الأنثى على هوانٍ وخوف؛ إمَّا من العار والفضيحة، وإمَّا من الذل والافتقار والحاجة؛ أي: إذا أمسكها ولم يَئِدْها خاف من أن تجلِب له العار والفضيحة، أو أن تصيرَ حالُه إلى الفقر والحاجة والعَوَز فيفتقر بسببها.

 

وفي مجال القضاء على الخوف من الفقر والعَوَز فقد أخبرنا الله أنه تكفَّل بالرِّزق فقال - سبحانه -: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ﴾ [هود: 6]، ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ ﴾ [العنكبوت: 60]، ويقول الرَّسول محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((والذي نفسي بيده، لن تموت نفسٌ حتى تستوفيَ رزقَها)).

 

ولقد حرَّم الله - سبحانه وتعالى - قتل الأولاد خوفًا من الفقر في الحال أو المآل؛ فقال - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ﴾ [الأنعام: 151]، الآيتان جاءتا موضحتيْنِ للأمر الدافع إلى القتل، فقد يكون الفقر الذي ينزل بالأسرة في وقت الولادة، وقد يكون خشية الفقر في المستقبل بما تُمليه متطلبات الحياة من كِسوة، ومأكلٍ، وتعليم، ومَسكن، وما إلى ذلك.

 

وقد تكفَّل بالرزق في الحالتين، فإذا كان القتل خوفًا من الفقر الذي تعيش فيه الأسرة وقت الولادة، فقد تكفَّل الله برزق الوالد الذي يسعى ويكِدُّ، وهو المسؤول المكلَّف بالسعي على الأسرة وحمايتها، وإذا كان القتل خوفًا من الفقر في المستقبل، وفي هذه الحالة يكون الوالد قد كبِرَ وعجز عن العمل، ويكون الأولاد هم المكلَّفين بالسعي؛ لذلك قال - سبحانه وتعالى -: ﴿ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ ﴾ - "الأولادَ" - ﴿ وَإِيَّاكُمْ ﴾ [الإسراء: 31] فرِزْق أولادِكم رزقٌ لكم.

 

وموضوعُنا هذا قريب الصلة بما نسمعه الآن من القول بتحديد النَّسل أو تنظيم النسل، وقد وقف العلماء من هذا الموضوع مواقفَ متنوِّعة؛ فمنهم من حرَّمه، ومنهم من أباحه، ومنهم من حرَّمه في حالات، وأباحه في حالات.

 

فالذين حرَّموه أو أباحوه مطلقًا مخطئون، فالذين يريدون أن تصدر الدولة قانونًا عامًّا يُلزم الناس جميعًا أن يقفوا بنسلهم عند عدد معيَّن، فينادون بتعقيم الرجال، أو النساء، أو بحرمان الابن الثالث من بطاقة التَّموين أو التعليم بالمجَّان أو ما شاكل ذلك - مخطئون؛ لأنَّ هذا القول باطلٌ؛ لأنه مخالف لطبيعة الحياة، ولحكمة الله في خلق الإنسان، ولشريعة الإسلام ولأبسط قواعد الأخلاق"[2].

 

أما عن مخالفته لطبيعة الحياة:

فقد خلق الله الإنسان، وجعله خليفةً في الأرض، وأمره بعمارة الكون، وعلم الإنسان ليقوم بهذا الواجب، وأصبح القيام بهذا الواجب مجالاً للتنافس بين الأمم، وأصبح العبء الأكبر، يقع على الأمم الإسلامية، عبء المنافسة في المشروعات الإنتاجية والسِّلع الغذائية والمشروعات الاقتصادية من ناحية، وعبء صيانة الدعوة والعمل على نشرها من ناحية أخرى.

 

لذا؛ كان المجتمع الإسلاميُّ من أشدِّ المجتمعات حاجةً إلى النسل حتى يستطيع أن يقوم بدوره في المنافسة من أجل الرُّقي، وإلى بذل النفس في كل وقت دفاعًا عن الحق والعدل، وعلى هذا تكون كثرةُ النسل من الوسائل التي تدفع إلى الشجاعة والاستعداد للبذل في مواجهة الأحداث والحروب، وتكون قلَّة النَّسل من الدوافع إلى الجبن والخوف، وقد خُضْنا أربعة حروب وشاهدنا ذلك، فالأسرة التي فقدت وحيدَها ما زالت تعيش في أسًى وحزن حتى الآن، بخلاف من فقدت ولدًا أو ولدين من أبنائها.

 

وتأباه - أيضًا - حكمةُ الله: الذي خلق في الإنسان والحيوان مادَّة التوالد والتناسل، وخلق مقابل ذلك الأرض وسائر ما خلَق، وجعله مسرحًا للكسب والتعايش؛ فالمائدة التي أعدَّها الله لعباده في ظاهر الأرض وباطنها لا يمكن أن تضيق عن حاجتهم وحاجة نسلهم مهما أكثروا ومهما عاشوا، اللهم إلا إذا كان قد خاب صوابُ الحكمة الإلهية في تقدير المائدة مع تقدير الآكلين؛ سبحانك اللهمَّ، تعالَتْ حكمتُك عن ذلك علُوًّا كبيرًا.

 

وتأباه الشريعة الإسلام؛ فقد أمرت بالزَّواج وحثت على اتساع العُمران بكثرة الأيدي العاملة، ومَنَّ الله على الناس بنعمة البنين والحفدة وطمأن النفوس على الرزق؛ فقال - سبحانه -: ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ﴾ [النحل: 72]، فأتبع الخلقَ بالرِّزق، وقال - سبحانه -: ﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ * أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ ﴾ [الواقعة: 58، 59]، ثم أتبع ذلك بقوله: ﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ﴾ [الواقعة: 63، 64].

 

وجاء في وصايا الرَّسول: ((من ترك الزَّواج مخافةَ العيال فليس منَّا))، وقال: ((لَسَوْداءُ ولودٌ خيرٌ من حسناءَ عقيمٍ))[3].

 

وتأباه أبسطُ قواعد الأخلاق؛ وذلك لأن كثرة الأولاد في أسرة تخلُق جوَّ المنافسة، وروح التعاون، ونمو الأخلاق، فيتحقق التنافس في رضا الوالدين، ويُلزم الأبَ بالاستقامة، فلا ينحرف ولا يصرف ماله على ملذَّاته.

 

ومعنى التنظيم أن نقف بعدد السكان عند عدد معين لا يزيد ولا ينقص، وقبل أن نفعل ذلك نريد ضمانًا من إنسان قادر على تنفيذ ضمانة يتعهَّد بحفظ ما وهبَنا الله وارتضيناه وقنعنا به، فدُلُّونا على هذا الضامن، وبالطبع لن تجدوه، ولكنه القادر العليم هو الذي يحفظ ويزيد وينقص، وكلُّ شيء عنده بمقدار[4].

 

ويخوِّفوننا من الانفجار السكاني، ويقول العلماء: إن هذه الدعوة تحتاج إلى بُعْد نظَرٍ؛ فإنَّ سكان الأرض لم يأكلوا خيرات الأرض، وسكان العالم الإسلامي والعالم العربي أمامهم في العالم الإسلامي والعالم العربي خيراتٌ وخيرات[5].

 

ومما يخوِّفنا من هذه الدعوة أنَّ النَّصارى في الشرق يهتمون بكثرة النَّسل، ويحاربون تحديده، وما ينسب إلى البابا بيولس الثاني عشر في الاتحاد الإيطالي لجمعيات العائلات النصرانيَّة الكثيرة العدد سنة 1958 ما يلي: أنَّ خصب الزواج شرط لسلامة الشعوب النصرانيَّة، ودليل على الإيمان بالله، والثقة بعنايته الإلهية ومجلبة للأفراح العائلية[6]، ويزيد اهتمامهم بالنسل في البلاد التي يكونون بها أقلية، أو مساوين في التَّعداد تقريبًا لأتباع غير النصرانيَّة في الديانات[7].

 

بوُدِّي أن نتَّجه جميعًا إلى إصلاح الفرد، فأكثر شبابنا يدخِّنون ويسرفون في الملذات والشهوات، وقد اتجهت إلينا الثقافة الغربية بكل ما فيها من انحرافات، ودولتنا - ووالله إني لأشفق عليها - في منافسة مع دول العالم لتثبت وجودها، ولترجع حضارتها، ولتأخذ طريقها في الرُّقي والتقدم والخير، والطريقُ لذلك: "الشبابُ".

 

والذين خافوا علينا من الانفجار السكاني المفضي إلى الجوع لم يعُوا سماحة الإسلام ويسره وكرمه؛ فقد علَّمنا الرسول أن: ((طعام الواحد يكفي الاثنين، ومن كان عنده طعامُ اثنين فليذهب بثالثٍ)).

 

ومن النوادر أنني استمعت إلى رجل يقول بكل فخر: إنه اشترى كلبًا للزينة بأربعين جُنيهًا، وإن الكلب يأبى إلا أكل اللَّحم الضاني، أهذه هي الرَّفاهية المطلوبة؟!

 

ولقد قرأت أكثر من عشرين بحثًا، والكل قد أجمع على أن الدعوة إلى ذلك دعوةٌ استعمارية، يريد أعداء الإسلام من أمَّتنا أن تقلِّل نسلها، وينحرف أبناؤها وتضيع معالمها، فيحاربوا الله في تقديره وخلِقه مع أنه: ﴿ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴾ [الفرقان: 2].

 

أمَّا الرأي الذي يرى تحريمه في حالات، وإباحته في حالات، فإنه يقول: يجب على المرأة أن تمتنع عن الحمل في حالتين ولو حملت لكانت آثمةً؛ لقول الحق - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة: 195].

 

الحالة الأولى: إذا أخبرها طبيبٌ مسلم أنها لو حملت لأدَّى الحمل إلى وفاتها، وتأكَّد من ذلك بما لا يدع مجالاً للشك؛ فإنها في هذه الحالة يجب أن تمتنع عن الحمل.

 

والحالة الثانية: إذا أخبرها طبيبٌ مسلم أن بها أو بزوجِها مرضًا ينتقل بالوراثة؛ فالإسلام في هذه الحالة يأمرها بالامتناع حتى ننجب نسلاً قويًّا.

 

وفي حالة أخرى يباح لها التنظيم إذا كان الحمل يسارع إليها وهي ترضع، مع العلم أن مدَّة الإرضاع قد تصل إلى عامين؛ كما قال الحق - سبحانه -: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ﴾ [البقرة: 233]، وها نحن نسمع كلَّ يوم عن فائدة لبن الأمِّ للرضيع، وللأسف التي تتمسك بالتنظيم تتمرد على ذلك وتراه عيبًا، حتى قال أحد العلماء: إنَّ المرأة تود أن تجعل الحمل والإرضاع من مسؤولية الرجل، وعليه أن يحمل وأن يُرضع.

 

لهذه السيدة أن تمتنع عن الحمل مدَّة الإرضاع؛ حتى لا تُضعف نفسَها وجنينها ورضيعها، يباح لها ذلك، وهذا علاج مؤقَّت لدفع الضرر وللحصول على نسل قويٍّ صالح لتحمُّل المسؤولية.

 

أمَّا الامتناع عن الإنجاب مطلقًا، والوقوف عند عدد معين من الأولاد، وإصدار قانون بذلك - فهذا يحرِّمه الإسلام ولا يرضى به؛ فهو يحرم التحديد والتعقيم والإجهاض.

 

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لو توكَّلتم على الله حقَّ توكُّلِه، لرزقكم كما يرزق الطَّير، تغدو خماصًا، وتَرُوح بطانًا)).



[1] أخرجه الطبراني: "10/197، رقم 10447".

[2] الفتاوى: للإمام محمود شلتوت.

[3] رواه النسائي.

[4] حقائق ثابتة في الإسلام، ابن الخطيب ص 46.

[5] أحمد شلبي، الحياة الاجتماعية ص 46.

[6] المرجع السابق.

[7] المرجع السابق.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • التحذير من التقصير في تربية الأولاد
  • مداخل عامة في مسؤولية الآباء تجاه الأولاد
  • تربية الأولاد

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وهو الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • { وجعل منها زوجها ليسكن إليها } إلى كل زوجة مؤمنة(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • التذكير بالنعم المألوفة (5) {وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة}(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • تفسير: (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أول إفطار جماعي في رمضان في هونغ كونغ منذ 2019
  • مسلمو مدينة سينسيناتي يوزعون 30 ألف وجبة إفطار خلال رمضان
  • افتتاح أكبر مسجد بجنوب داغستان
  • مؤتمر عن "أثر الصيام في حياة الإنسان" في ألبانيا
  • ورشة عمل ترفيهية للأطفال استقبالا لرمضان في أونتاريو
  • التحضير لإطعام المئات خلال شهر رمضان بمدينة فيلادلفيا
  • أعداد المسلمين تتجاوز 100 ألف بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • فيلا بارك يستضيف إفطار للصائمين للمرة الأولى

  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 7/9/1444هـ - الساعة: 14:42
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب