• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    هل فقدنا ثقافة الحوار؟
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    المحطة التاسعة عشرة: الصبر
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    حقوق الزوج على زوجته
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الثامنة عشرة: الحكمة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    المرأة بين تكريم الإسلام وامتهان الغرب (2)
    نجلاء جبروني
  •  
    حاجتنا إلى التربية
    محمد حسني عمران عبدالله
  •  
    المرأة بين تكريم الإسلام وامتهان الغرب (1)
    نجلاء جبروني
  •  
    الإجازات وقود الإنجازات
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أنثى في القلب
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    خلف الكواليس
    د. ابتهال محمد علي البار
  •  
    إن لم تحرز تقدما تراجعت!
    أسامة طبش
  •  
    المحطة السابعة عشرة: المرونة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الآباء والأمهات لهم دور كبير في توجيه الطفل حتى ...
    عثمان ظهير
  •  
    جيل الحساسية الاجتماعية المفرطة
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حقوق الطفل (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    معذور لأنه مراهق!
    محمد شلبي محمد شلبي
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تنمية المهارات
علامة باركود

الشباب والطاقات الخلاقة ( إبراهيم - عليه السلام - نموذجا )

د. جمال عبدالعزيز أحمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/3/2013 ميلادي - 17/5/1434 هجري

الزيارات: 8984

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الشباب والطاقات الخلاقة

(إبراهيم - عليه السلام - نموذجًا)


الشباب هم وَقودُ الأمم، وأعمدة الحضارات، وأساس نهضةِ المجتمعات، وتطويرِ الوجود، وهم سواعد الدول، وعليهم تنشأ، وبهم تستمرُّ، ومن خلال طاقتهم تَمضي؛ ولذلك يجب أن نعتني بهم، ونحرص على إعدادهم وتدريبهم، وتلبية مطالبهم المشروعة؛ حتى يسيروا في الحياة وَفْق مرادات أمَّتهم، ويسعوا سعيًا حثيثًا لتنمية واستثمار كل صغيرة وكبيرة تَوافَرت لهم، ويجعلوا كل هدف يَصِلون إليه مَطيَّةً لهدف آخر، فهم يتنقَّلون من هدفٍ إلى هدف، ويصعدون من ارتقاء إلى ارتقاء، ومن تقدُّم إلى تقدم؛ حتى يروا أمتَهم في مقدمة الأمم، وتَضحى مجتمعاتهم مجتمعاتٍ متحضِّرة يُعمَل لها ألف حساب، ويُشار إليها بالبَنان، ويتمنَّى زيارتَها كلُّ إنسان، ويفخر بها هذا الزمان، ويَتيه على غيره من البُلدان، وما سواه من المجتمعات والأوطان.

 

وأَعرِض هنا لنماذجَ كثيرةٍ من القرآن الكريم، كلٌّ له مشربه، وله رؤاه، كانوا شبابًا، غيَّروا حَيَوات مجتمعاتهم، وطهَّروها من كل فساد، وارتقَوا بها في كل مجالات الحياة: الفكرية والعقدية والاقتصادية والأخلاقية والاجتماعية، وأمسوا نماذجَ تُحتذى، وقدوةً تُؤتسى، وعلاماتٍ بارزةً في تاريخ هذا الكون الفسيح المترامي الأطراف، المتباين في الرؤى والتقاليد والأعراف.

 

فهذا إبراهيم - عليه السلام - آتاه الله عقلاً وفِكرًا ورؤية عقديَّة صحيحة للخالق البارئ المهيمن، وأسكَب في قلبه أبجديات التصور العقدي السليم، فلم يجلس أو يصمت أو يفرح بالتزامه؛ وإنما بدأ في تغيير المجتمع إلى الطريق الراشد، والسبيل الأقوم، ونبْذ هذا الفكر الوثني المخرّب الناخر لعظام الأمة، والمدمِّر لثرواتها، والمستغل لكل طاقات أبنائها دون تعمير أو بناء، وأخذ - عليه السلام - على عاتقه بَذل أقصى ما في الوُسْع لتبصير المجتمع، وتنويره بالفكر الصحيح، فبدأ بأبيه، وثنَّى بقومه؛ قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا ﴾ [مريم: 41 - 45].

 

ولما واجَهه أبوه بالعنف والتطرف، وعدم ردِّ الحُجَّة بالحجة، والدليل بالدليل؛ وإنما راح يرعد ويزبد، ويتهدَّد ويتوعَّد، ﴿ قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا ﴾ [مريم: 46]، ردَّ عليه ابنُه إبراهيم - عليه السلام - بكل أدبٍ ووقار، واحترام وتقدير: ﴿ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا ﴾ [مريم: 47]، ثم توجَّه هذا الشاب الكريم إبراهيمُ - عليه السلام - إلى المجتمع لرفْض صنيعه، ورد عاداته السيئة المتخلّفة قائلاً: ﴿ وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا ﴾ [مريم: 48]، ولم يَقبَع في داره؛ وإنما استغلَّ طاقته الشبابية، وفِكره الثاقب الوقَّاد، وجداله البنَّاء في تعديل الرؤى، وأخذ العقول إلى ربِّها، وتطهير المجتمع من وثنيَّات الفكر، وأدران العادات القبيحة، وضلالات التقاليد المتدنِّية المتهالِكة، قال تعالى عنه: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ * قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ * قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ * قَالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ * وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ * فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ * قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ * قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ * قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ * قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ * فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ * ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ ﴾ [الأنبياء: 51 - 65].

 

حاروا، وأُسقِط في أيديهم، وما عادت لهم حُجَّة ولا دليل أمام الشاب العاقل، صاحب الرؤية الصحيحة والعقيدة السليمة، فاستغلَّ هذا الصمتَ، وانتهز ذاك الضعفَ في الفكر والاهتراءَ في الرأي، وبدأ يناقِشهم ويُحاجّهم، ويُبصِّرهم، ويفتح أعينهم وعقولهم وأفئدتهم الغُلْف إلى ذلكم النور المبين، وهذا الصراط القويم: ﴿ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنبياء: 66، 67].

 

ودائمًا أهل الفكر الهابط؛ الذين لا اتصال لهم بالسماء، ولا اتباع لهم بالأنبياء، ولا عقيدة لهم تَهزهم، وترشد خَطْوَهم - يَخلُدون إلى الصياح، ويَتَترَّسُون وراء الضوضاء، على شاكلة: ﴿ لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ﴾ [فصلت: 26].

 

ماذا فعل هؤلاء بهذا الشاب الذي يريد الخير لهم، ويودُّ انتشالَهم من تخلُّفهم وجهْلهم؟ ﴿ قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ﴾ [الأنبياء: 68]، فجاءه الخير - كما هو الحال في كل ابتلاء -:﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ ﴾ [الأنبياء: 69، 70].

 

هل سكت إبراهيم رغم ذلك الابتلاء، وهذا التضييق، وهذا العناد، أم عَاوَدَ بذْلَ كل ما في وُسْعه لتغيير الناس، وتقويم فِكرهم المتردي المتهالك، إلى الفكر الرشيد، والخُلُق الراشد السديد؟! فعندما أطلَق فِكره في كون الله، وراح يتأمَّل الشمس مَرَّة، والقمر مرة ثانية، والكواكب ثالثة، ورأى أن لها إلهًا حكيمًا، مدبِّرًا مهيمنًا، وأنه نظام مُحكَم دوَّار بأمر مالك الكون ومدبره - آمن به، واعتقد بربوبيته، وأيقن بألوهيته، وأذعن لقدسيته: ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الأنعام: 78، 79].

 

جاءه قومه، وجادَلوه بالباطل، وحاولوا إثناءه عن فكره، ولكن الشاب صاحب الرأي الصحيح، والاعتقاد الجازم - لا يَهُمه ذلك، ولا يأبه له كثيرًا؛ وإنما يمضي في إصلاح مجتمعه عقديًّا، ولو كلَّفه ذلك جُهده وحياته: ﴿ وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ * وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنعام: 80، 81]، ثم أعلنها صريحةً مدوية في سمع الزمن، وبين ناظرَي الكون: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82]، ثم أثنى الله على صنيعه، وثمَّن فكْره، وتقبَّل جُهْده، ووسَّع رؤاه، وأعطاه حقَّه في ذلك: ﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴾ [الأنعام: 83]، ومضى إبراهيم الشاب الكريم، الناجح الأمين، المحب لوطنه وقومه، مضى يناقِشهم، ويسكُب في أفئدتهم وحِسهم ووعيهم ومشاعرهم كلَّ معاني الإيمان؛ علهم يفيقون، وإلى ربِّهم يرجعون: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ * قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ * قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ * رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ * وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ * قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ * قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ * رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ* وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ * وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ * وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ * وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 69 - 89].


ولقد أوتي إبراهيم الحكمة وفصل الخطاب، وأُشرِب الجدال بالتي هي أحسن، النقد البنَّاء، لا الصراخ الفارغ، حتى في نِقاشه مع النمرود وغيره أثبت له أنه مَهين، وأنه مدَّعي فكرٍ، وزاعم رأي، لكنه فاقد عقل، ومتنكِّب طريق، ومخرَّب مجتمع، ومدمِّر حضارات، ومضيِّع أمم، ناقَشه وجادَله بالحسنى، وبهَتَه، وأفحَمَه، وجعله عبرة للمعتبرين، قال -تعالى- حاكيًا موقف إبراهيم مع هؤلاء الشرذمة، وأولئك البلاطجة، الذين لا هَمَّ لهم إلا إبعاد الناس عن طريق الله، وهم - كما قال القرآن -: ﴿ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا ﴾ [الأعراف: 45]، قال - عز من قائل حكيمًا -: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 258].


وانظر إلى هذا النموذج الآخر: ﴿ أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 259].


إما أنه عُزير، وإما أنه رجل آخَرُ كافرٌ، فهو نموذج لقدرة الله، عَرَضَها في كتابه مع قصة إبراهيم المتعددة المتنوعة المتناغمة في القرآن الكريم.

 

إن إبراهيم - عليه السلام - يتطلَّب منا دراسة شاملة في كل القرآن؛ لأنه نموذج من الشباب الصالح، وممن لهم رؤى واضحة صادقة، غيَّرت المجتمعات، وأصلَحت البيوتات، وكذلك فهو أبو الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم - نحتاج معه إلى وقفاتٍ كثيرة، ودراسات علمية، وبلاغية متتابعة، نسأل الله تعالى أن يرزقنا الرؤية الصالحة ويَغرِس فينا الخُلُقَ القويم، والعمل الجاد، والفكر الخلاق؛ حتى نُصلِح مجتمعاتنا بكل ما نستطيع، وأن نُقدِّم الخير والنفع للناس كل الناس، ونظهر لهم أن هذا الدين نزل إلى هذه الحياة تعميرًا وبناء، وتقويمًا وارتقاء، إنه على ذلك قدير، وبالإجابة جدير، وهو نِعم المولى، ونعم النصير، والحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الشباب الذي نريده اليوم؟
  • الشباب المعاق: زواجنا حلم حياتنا
  • الشباب المصري في مواجهة البطالة
  • لماذا يهرب الشباب من الزواج؟
  • دور الشباب في حمل رسالة الإسلام
  • الشباب (أنشودة)
  • من الطاقات المعطلة عندنا (1)
  • الطاقة عمار أو دمار (1)
  • {وهو الخلاق العليم}

مختارات من الشبكة

  • الشباب أمل الأمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ماذا يصنع سن الشباب؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مرحلة الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد تحديات العصر؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • رثاء الشباب في الشعر(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الشباب وانحراف العواطف(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • خطبة المسجد النبوي 18/7/1433 هـ - الشباب والفراغ والإجازة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلامة منهج العقيدة والتوحيد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنموذج من حوارات النبي صلى الله عليه وسلم مع الشباب (1) (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • الشباب والعلم(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/1/1447هـ - الساعة: 9:57
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب