سلسلة دروب النجاح (5) دعم الأهل: رافعة النجاح الخفية

سلسلة دروب النجاح:

(5) دعم الأهل: رافعة النجاح الخفية

كثيرًا ما نتحدث عن العزيمة الشخصية والإرادة القوية كأهم أسباب النجاح، لكننا نغفل عن عامل لا يقل أهمية، بل قد يكون حاسمًا في مسيرة كل شاب جامعي: دعم الأهل.

وراء كل طالب ينجح في مواجهة العقبات وتحقيق أحلامه، تقف عائلة تمنحه الثقة والطمأنينة والاحتواء. إن مساندة الأسرة ليست مجرد كلمات تشجيع عابرة، بل منظومة متكاملة من الرعاية والتفهُّم والصبر.

في عالمنا اليوم، يواجه الشباب تحديات معقدة: ضغوط الدراسة الجامعية، صعوبة المواءمة بين الحياة الاجتماعية والعملية، وموجات من المقارنات والقلق بشأن المستقبل. وسط هذا كله، قد يشعر الشاب بأنه وحيد في معركته. وهنا يبرز دور الأسرة كملاذ آمن يعيد إليه الثقة ويذكِّره بأنه ليس مضطرًّا لخوض الطريق بمفرده.

للآباء والأمهات، إليكم بعض الممارسات البسيطة التي تصنع فرقًا هائلًا في نفسية أبنائكم:

•الاستماع الحقيقي: حين يحدِّثكم ابنكم عن قلقه أو ارتباكه، فلا تقاطعوه بنصائح جاهزة أو عبارات لوم. فقط أنصتوا إليه بقلب مفتوح. أحيانًا يكون الشاب بحاجة إلى من يسمعه أكثر من حاجته إلى من يقدِّم له الحلول.

• الثقة بقدراته: لا تربطوا احترامكم له بنجاحه الأكاديمي فقط. طمئنوه إلى أن قيمته لديكم ثابتة مهما كانت نتائجه. هذه الثقة تمنحه قوة داخلية تعينه على تخطي الصعوبات.

• تشجيعه على المسؤولية: أعطوه مساحة ليتخذ قراراته، حتى لو لم توافقوا على بعضها. حين يختبر الإنسان نتائج اختياراته، ينمو وعيه، وتتعزَّز مسؤوليته.

• تجنب المقارنات: لا تقارنوا بين ابنكم وبين زملائه أو أشقائه؛ المقارنات تقتل الدافعية وتزرع في النفس شعورًا بالدونية، بدلًا منها ركِّزوا على تقدير جهده وتطوره الشخصي.

أما أنت، أيها الشاب الجامعي، فتذكَّر أن طلب المساندة ليس ضعفًا. كثيرون يظنون أن النجاح يتطلب أن يتحملوا كل الأعباء وحدهم، فيتجاهلون أهمية مشاركة مشاعرهم وهمومهم مع من يحبونهم. لا تخشَ أن تقول: أنا بحاجة إلى دعمكم، إلى كلمة طيبة، إلى حِضْن صادق.

• من ناحية أخرى، يجب أن تدرك أن دعم الأسرة لا يعفيك من تحمل المسؤولية. العلاقة السليمة مع الأهل قائمة على التوازن: أنت تسعى وتجتهد وتبذل ما تستطيع، وهم يمدُّونك بالمساندة النفسية والعملية دون تملُّك أو تحكُّم.

في قصص النجاح العالمية والعربية، ستجد دائمًا خيطًا مشتركًا: وجود بيئة مشجعة تمنح الأمان في الفشل والفرح في النجاح. لا شيء يشبه تأثير كلمة صادقة من أُمٍّ تؤمن بقدراتك أو أب يثق بخياراتك.

• وفي زمن أصبحت المقارنات والضغوط الاجتماعية تحاصر الشباب، بات دعم الأهل رافعة خفية ترفعهم فوق الشك والتردد. عندما تعلم أن هناك بيتًا يحتضنك مهما حدث، تصبح قادرًا على المجازفة وتحقيق ما كنت تظنه مستحيلًا.

في دروب النجاح، تذكَّر أن الإنجاز ليس مجهودًا فرديًّا فقط، بل رحلة يشترك فيها الجميع. وكلما شعر الشاب بأن أسرته تؤمن به وتقف معه، مضى في طريقه بثقة وقوة.

إن أجمل ما يمكن أن تهديه لابنك أو ابنتك ليس المال ولا المظاهر، بل يقين راسخ بأنهم محبوبون ومدعومون مهما اختلفت ظروفهم.