• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من آداب الصيام: تعلم أحكام الصيام وما يتعلق به من ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    من أسماء الله الوهاب (خطبة)
    أحمد بن عبدالله الحزيمي
  •  
    من فضائل شهر رمضان (3)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    تكرار التراجم في صحيح الإمام البخاري ومقتضيات ...
    د. هناء بنت علي جمال الزمزمي
  •  
    الاعتكاف: أحكام وآداب (WORD)
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من فضائل شهر رمضان ووجوب صيامه (2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    التوبة واستقبال رمضان (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    اسم الله تعالى العليم (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أحكام متفرقة في الصيام
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    من أقوال السلف في الصيام
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تنبيه الصائمين بالعناية بالمساجد وكتاب رب ...
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    أهلا ومرحبا برمضان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر
    السيد مراد سلامة
  •  
    لا تر الناس أنك تخشى الله وقلبك فاجر
    السيد مراد سلامة
  •  
    الصيام وأقسامه
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    أعظم سورة في القرآن
    محمد بن سند الزهراني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

تمام المنة - الصلاة (38)

تمام المنة - الصلاة ( 38 )
الشيخ عادل يوسف العزازي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/3/2013 ميلادي - 28/4/1434 هجري

الزيارات: 4765

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تمام المنة - الصلاة (38)

خطبتا الجمعة


يُشرَعُ يوم الجمعةِ خطبتانِ قبل صلاةِ الجمعة، ويتعلَّقُ بذلك أمورٌ:

الأول: حكمُ خطبتي الجمعة:

ذهب جمهورُ العلماء إلى وجوب هاتين الخطبتينِ؛ لعمومِ مواظبتِهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - على ذلك، ولقوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ الله ﴾ [الجمعة: 9]؛ فأمر بالسَّعيِّ إلى ذكرِ الله من حينِ النِّداء، ومن المعلوم قطعًا أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان إذا أذَّن المؤذِّنُ خطب، فدلَّ ذلك على أنَّ المقصود بهذا الذِّكْر: الخطبةُ، وأنَّ السعيَ إليها واجبٌ.

 

الثاني: المقصود من خطبتي الجمعة:

قال ابن القيِّم: "وكان مدارُ خطبتِه - صلَّى الله عليه وسلَّم - على حمدِ الله والثَّناءِ عليه بآلائِه، وأوصافِ كمالِه ومحامدِهِ، وتعليمِ قواعدِ الإسلام، وذِكْرِ الجنَّة والنار والمعادِ، والأمر بتقوى الله، وتبيينِ موارد غضبِه، ومواقعِ رضاه، فعلى هذا مدارُ خُطَبِه... وكان يخطُب كلَّ وقتٍ بما تقتضيه حاجةُ المخاطَبين ومصلحتُهم، ولَم يكُنْ يخطُب خُطبةً إلا افتتحها بحمدِ الله، ويتشَّهدُ فيها بكلمتَي الشَّهادة، ويذكُر فيها نفسَه باسمِه العَلَمِ، وثبت عنه أنه قالَ: ((كلُّ خطبةٍ ليس فيها تشهُّدٌ فهي كاليدِ الجذماءِ))[1]"[2].

 

وقال النوويُّ: "يستحبُّ كونُ الخُطبةِ فصيحةً بليغةً مرتَّبةً، مبينةً من غيرِ تمطيطٍ ولا تقعيرٍ، ولا تكون ألفاظًا مبتذلةً ملفَّقةً؛ فإنها لا تقعُ في النفوس موقعًا كاملاً، ولا تكونُ وحشيَّةً؛ لأنه لا يحصل مقصودُها، بل يختار ألفاظًا جزلةً مفهِمةً" [3].

 

الثالث: شروط خطبتي الجمعة:

اشترط الفقهاءُ لخُطبة الجمعةِ شروطًا لا تصحُّ الخُطبةُ بدونها، ومن هذه الشُّروط:

حمْدُ اللهِ، والصَّلاةُ على النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - والشَّهادتان، وقراءةُ آيةٍ من القرآنِ، والوصيَّةُ بتقوى الله.

 

والرَّاجحُ أنَّ ما ذُكِرَ من هذه الأمورِ لا يُعَدُّ شروطًا للخُطبة؛ لأنَّ الأحاديثَ الواردةَ في ذلك لا تدلُّ على الشَّرطية؛ إنَّما هي مستحبَّاتٌ ومكمِّلاتٌ لها.

 

وأمَّا الشَّرطية فلا، ويُستثنى من ذلك "الشَّهادتان" فهما شرطٌ؛ وذلك لحديثِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الخطبةُ التي ليس فيها شَهادةٌ كاليدِ الجذماءِ))[4].

 

وأما الأدلَّةُ على استحباب بقيَّة الأمور، فهي كالآتي:

(أ) حَمْدُ اللهِ: فعن جابرِ بن عبدِالله - رضي الله عنهما - "كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا خطب حمِدَ اللهَ وأثنى عليه"[5]، فهذا يدلُّ على الاستحباب، لكنَّه لا يدلُّ على الشَّرطية.

 

(ب) الصَّلاةُ على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ولَم يأتِ في ذلك دليلٌ على شرطيةِ الصَّلاة على النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الخُطبة؛ وإنَّما الواجب أن يشهدَ بالشَّهادتين فيأتِيَ ذكرُ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ضِمنًا مع الشَّهادةِ.

 

قال شيخ الإسلام ابنُ تيميَّة: "ويجب في الخُطبة أنْ يشهدَ أنَّ محمَّدًا عبدُ اللهِ ورسولُه"[6].

 

وفي "جلاء الأفهام" لابن القيِّمِ أنَّ الصلاةَ على النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الخُطَبِ كان أمرًا مشهورًا معروفًا عند الصحابة، لكن ليس ذلك على الوجوبِ[7].

 

(جـ) قراءة القرآن: فلِمَا ثبت في حديث جابرِ بن سمُرةَ - رضي الله عنه - قال: "كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يخطُبُ قائمًا، ويجلس بين الخُطبتينِ، ويقرأ آياتٍ، ويذكِّرُ النَّاسَ"[8].

 

قال الشَّوكاني: "وذهب الجمهورُ إلى عدم الوجوبِ، وهو الحقُّ" [9].

 

وعن أمِّ هشام بنت حارثةَ - رضي الله عنها - قالت: "ما أخذتُ ﴿ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ﴾ [ق: 1] إلا عن لسانِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقرؤُها كلَّ جمعةٍ إذا خطب النَّاسَ"[10].

 

والرَّاجحُ عدمُ ملازمة قراءةِ آيةٍ مخصوصةٍ في الخُطبة، كما أنه لا تحديدَ لموضعِ قراءتها، سواءٌ في أوَّلِها أو أثنائِها أو آخرِها، واللهُ أعلمُ.

 

قال السعدي في "المختارات الجلية": "وأما اشتراطُ تلك الشُّروط بين الخطبتينِ: الحمد، والصَّلاة على رسولِ الله، وقراءة آيةٍ من كتابِ الله، فليس على اشتراطِ ذلك دليلٌ، والصَّوابُ أنه إذا خطب خُطبةً يحصل بها المقصودُ والموعظةُ: أن ذلك كافٍ، وإنْ لَم يلتزمْ بتلك المذكورات، نعَم مِنْ كمال الخُطبةِ الثناءُ فيها على اللهِ وعلى رسولِه، وأنْ تشتملَ على قراءةِ شيءٍ من كتابِ الله، وأما كونُ هذه الأمور شروطًا لا تصحُّ إلا بها سواءٌ ترَكَها عمدًا أو خطأً أو سهوًا، ففيه نظرٌ ظاهرٌ، وكذلك كونُ مجرَّدِ الإتيانِ بهذه الأركانِ الأربعة من دون موعظةٍ تحرِّكُ يجزي ويُسقط الواجبَ - وذلك لا يحصل به مقصود - فغيرُ صحيحٍ"[11].

 

تنبيهٌ: يستحبُّ أن يبدأَ الخُطبة بخُطبةِ الحاجةِ، ولها ألفاظٌ مختلفةٌ، يمكنُ جمعُها في اللَّفظ الآتي: "إنَّ الحمد لله نحمَدُه، ونستعينه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله - تعالى - من شرور أنفسِنا، وسيِّئاتِ أعمالنا، من يهْدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إلهَ إلا اللهُ وحده، لا شريك له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71] [12].

 

((أما بعدُ، فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمَّدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ)) [13] - وفي روايةٍ -: ((وكلَّ ضلالةٍ في النَّارِ))[14].

 

الرابع: ما يستحبُّ للخطيب:

أن يخطب قائمًا ويجلس بين الخُطبتين:

عن ابن عمرَ - رضي الله عنهما - قال: "كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يخطب يوم الجمعةِ قائمًا، ثم يجلس، ثم يقومُ كما يفعلون اليوم"[15].

 

وذهب الجمهورُ إلى وجوب القيامِ، وذهب أبو حنيفةَ إلى أنه سنَّةٌ، وليس بواجبٍ، وهو الرَّاجحُ.

 

يسلِّمُ على المأمومين إذا صعِد المِنبرَ؛ وذلك لِمَا ثبت عن جابر بن عبدِالله - رضي الله عنهما -: "أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان إذا صعِدَ المِنبرَ، سلَّمَ"[16]، وهذا يدلُّ على مشروعيَّةِ التَّسليم من الخطيبِ على النَّاس بعد أن يرقَى المِنبرَ، وقبل أن يؤذِّنَ المؤذِّنُ.

 

وبعد أن يسلِّمَ يجلسُ ثم يؤذِّنُ المؤذِّنُ؛ فعن السَّائب بن يزيدَ - رضي الله عنه - قال: "كان النِّداءُ يوم الجمعة إذا جلس الإمامُ على المِنبر على عهد رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأبي بكر، وعمرَ، فلمَّا كان عثمانُ وكثُرَ النَّاسُ زاد النِّداءَ الثالثَ على الزَّوْراءِ، ولَمْ يكن للنبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - مؤذِّنٌ غيرَ واحدٍ"[17].

 

"والزَّوْراء": موضعٌ بسُوق المدينةِ كما قال البخاريُّ، وإنَّما فعل ذلك عثمانُ؛ ليعلمَ النَّاس بدخولِ وقت الصَّلاة، وعلى هذا فلا يصحُّ في زمانِنا إلا أذانٌ واحدٌ؛ لأنَّ إمكانيةَ معرفة دخولِ وقت الصلاة ميسَّرةٌ، فانتفَتْ علَّةُ مشروعيَّةِ أذانِ عثمانَ، والله أعلم.

 

ويُشرَعُ للحضور استقبالُهم للخطيبِ حال الخُطبة؛ وذلك لِمَا ثبت عن عديِّ بن ثابتٍ عن أبيه، عن جدِّه قال: "كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا قام على المِنبر استقبلَه أصحابُه بوجوهِهم"[18].

 

ويستحبُّ قِصَرُ الخُطبة وطُولُ الصَّلاة؛ لِمَا ثبت في الحديثِ عن عمَّار بن ياسرٍ - رضي الله عنهما - قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((إنَّ طولَ صلاةِ الرَّجُلِ وقِصَرَ خُطبتِه - مَئِنَّةٌ من فِقهِه؛ فأطيلوا الصَّلاة، وأقصروا الخُطبة))[19]، ومعنى "مئنَّة": علامةٌ.

 

ويستحبُّ رفعُ الصَّوت مع الموعظة: ليكونَ ذلك أوقعَ في النَّفس، خاصةً إذا احتاج الأمرُ لرفع الصَّوت؛ فعن جابر بن عبدِالله - رضي الله عنهما - قال: "كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا خطبَ، احمرَّتْ عيناه، وعلا صوتُه، واشتدَّ غضَبُه، كأنَّه منذرُ جيشٍ يقول: صبَّحَكم ومسَّاكم"[20].

 

ولا يرفع الخطيبُ يدَه حالَ الدُّعاء؛ لِمَا ثبت عن حصينِ بن عبدِالرَّحمن قال: رأى عُمارةُ بنُ رويبة بِشرَ بنَ مرْوانَ على المِنبرِ رافعًا يديه، فقال: "قبَّحَ اللهُ هاتين اليدين، لقد رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ما يزيد على أن يقولَ بيده - هكذا - وأشار بإصبعِه السَّبَّابة"[21]؛ رواه مسلم، ورواه أبو داود، والتِّرمذي، وأحمد، وعندهما أنه رآه يرفع يديه في الدُّعاء[22]، وعليه فيقيَّدُ المنعُ من رفعِ اليدين حالَ الدُّعاء فقط، وفيه دليلٌ على مشروعيَّة الدُّعاء في الخُطبة، وأنَّه جائزٌ.

 

وقد ذهب الشَّوكانيُّ إلى كراهة رفعِ الأيدي على المِنبر حالَ الدعاء، وقال: إنَّه بدعةٌ[23].

 

وقال ابنُ تيميَّة: "ويُكره للإمام رفعُ يديه حالَ الدُّعاء في الخُطبة، وهو أصحُّ الوجهين لأصحابِنا" [24].

 

لكن هل يجوزُ تحريكُ اليدينِ في غير الدُّعاء؟

الظَّاهر من كلامِ الشَّوكاني وابنِ تيميَّة السابق تخصيصُ ذلك بالدعاء، ومما يؤيِّدُ جوازَه في غير الدُّعاء - خاصَّةً عند الانفعال - ما ثبت عن ابن عمرَ - رضي الله عنهما - أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قرأ هذه الآيةَ: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ﴾ [الزمر: 67]، ورسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقولُ هكذا بيدِه يحرِّكها، يقبِلُ ويُدبِر: ((يمجِّدُ الرَّبُّ نفسَه: أنا الجبَّار، أنا المتكبِّرُ...)) الحديث[25]، ففي هذا الحديث تحريكُ يديه، والله أعلم.

 

ملاحظات وتنبيهات:

(1) السنَّة أن يكونَ المِنبر ثلاثَ درجات، وأمَّا الزِّيادة على ذلك، فليس فيها التأسِّي بمِنبَر النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثمَّ إنه أيضًا يقطع صفوفَ الصَّلاة.

 

(2) لا تُشتَرط الطَّهارةُ للخُطبة؛ لأنَّها ليست صلاةً، ولأنَّه لَمْ يرِدْ دليلٌ يوجِبُ الطَّهارةَ، وهذا مذهبُ أحمدَ ومالكٍ وأبي حنيفةَ خلافًا للشَّافعية[26]، ولا شكَّ أن الأفضلَ والأكملَ أنْ يكونَ الخطيبُ على طهارةٍ كاملةٍ.

 

(3) لا يُشترَط أن يتولَّى الصَّلاةَ من يتولَّى الخُطبة، فلو خطبَ رجُلٌ، وصلَّى آخَرُ، فهما صحيحتانِ، وإن كان الأَوْلى أنْ يتولاَّهما واحدٌ؛ لأنَّ ذلك الثابتُ من فعلِهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - والخلفاء من بعدِه.

 

(4) هل يجوز أن يخطُب الأُولى واحدٌ، والثانية: آخر؟

السنَّةُ أن يتولاهما واحدٌ، لكن من حيث الشَّرطية، فلا يُشترَط، فلو خطب رجُلٌ، وخطب الثانيةَ رجُلٌ آخَرُ، صحَّ[27].

 

(5) هل يُشترَط أن تكونَ باللغة العربيةِ حتى لو كان يخطُبُ لغير العربِ؟

ذهب بعضُ العلماء إلى أنَّه لا بد أنْ تكونَ أوَّلاً باللغة العربية، ثم يخطُبُ بلغة القومِ، وقال آخرون: لا يُشترَط أن تكونَ باللغة العربية، بل يجب أن يخطُبَ بلغة القومِ الذين يخطُب فيهم.

 

قال ابنُ عثيمين: "وهذا هو الصَّحيحُ؛ لقوله - تعالى -:﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ ﴾ [إبراهيم: 4]، ولا يُمكنُ أنْ ينصرفَ النَّاسُ عن موعظةٍ وهم لا يعرفون ماذا قال الخطيبُ، والخُطبتانِ ليستا ممَّا يتعبَّدُ بألفاظِهما حتى نقولَ: لا بدَّ أنْ تكونا باللغةِ العربية، لكن إذا مرَّ بالآيةِ فلا بدَّ أن تكونَ باللغة العربيَّة؛ لأنَّ القرآنَ لا يجوزُ أن يغيَّرَ عن اللغة العربيةِ" [28].

 

(6) ثبت عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - الاعتمادُ حالَ الخطبةِ على قوسٍ أو عصًا؛ فعن الحكمِ بنِ حزنٍ - رضي الله عنه - قال: "قدِمْتُ إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - سابعَ سبعةٍ، أو تاسعَ تسعة، فلبثنا عنده أيَّامًا شهِدنا فيها الجمعةَ، فقام رسولُ الله متوكِّئًا على قوسٍ - أو قال: على عصًا - فحمِد اللهَ، وأثنى عليه كلماتٍ خفيفاتٍ طيِّباتٍ مُبارَكاتٍ..." [29].

 

والظَّاهر أنَّ هذا قبل أن يتخذ المِنبر، فقد قال ابن القيِّم: "ولم يكنْ يأخذُ بيدِه سيفًا، ولا غيره، وإنَّما كان يعتمدُ على قوسٍ أو عصًا قبل أن يتَّخذ المِنبرَ" [30].

 

(7) من البِدَع المحدَثة قراءةُ المقرئ قبل الأذان سورةً من القرآنِ بصوتٍ مرتفع والنَّاس يسمعون، ويسمُّون هذا المقرئَ: "مقيم شعائر"، ولا يُعرف في عهد النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - والسَّلفِ إلا المؤذِّنُ والخطيبُ.

 

(8) ومن البِدَعِ كذلك أنْ يقومَ بعض النَّاس بين يدَيِ الخطيبِ فيَصيحون، أو يقرؤُونَ آيةً أو يصلُّون على النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - حالَ صعود الخطيبِ المنبرَ.

 

(9) يُلاحَظ أنَّ الأصل في الجمعة أن تكونَ في مسجدٍ جامع، وإن كان يجوزُ تعددُّها للحاجةِ والعذر، لكن لا شكَّ أنَّ الاجتماع في المساجد الجامعة فيه معنى تجميعِ الكلمة، وهذا الذي كان عليه السَّلف في القرون الأُولى، حتى سُئِلَ الإمامُ أحمدُ عن تعدُّدِ الجمعةِ، فقال: ما علمتُ أنَّه صلِّي في المسلمين أكثرُ من جمعةٍ واحدة.

 

(10) بقِي أن نسألَ: لو تعدَّدت الجمعةُ في مساجدَ عدَّةٍ، فهل تصحُّ أم لا؟

وقع في ذلك خلافٌ شديد، وتفريعات مختلفةٌ؛ باعتبار إذْنِ الإمامِ أو عدم إذنِه، وأيُّها المتقدم والمتأخر ونحو ذلك، ولكن لا نجدُ دليلاً يُعتمدُ عليه في التَّرجيح؛ ولذلك أفضلُ هذه الأقوالِ ما قال السعدي - رحمه الله - في "المختارات الجلية": "وأما مسألة تعدُّدُ الجمعة في البلدِ لغير حاجة، فهذا أمرٌ متعلِّقٌ بوُلاة الأمرِ، فعلى ولاةِ الأمرِ أن يقتصروا على ما تحصُل به الكفايةُ، وإن أخلُّوا بهذا، فالتَّبِعة عليهم، وأما المصلُّون، فإنَّ صلاتَهم صحيحةٌ في أيِّ جمعةٍ كانت، سواءٌ كان التعدُّدُ لعذرٍ أو لغير عذرٍ، وسواءٌ وقعتا معًا أو جُهِل ذلك، أو صلَّى مع الجمعة المتأخرة، فلا إثمَ عليه ولا حرج ولا إعادة، ومن قال: إنَّه يُعيد في مثل ذلك، فقد قال قولاً لا دليلَ عليه، وأوجب ما لَم يوجِبْه اللهُ ولا رسولُه، وأيُّ ذنب للمصلِّي وقد فعل ما يلزمُه ويقدِرُ عليه؟ وهذا القولُ الذي يؤمَرُ فيه بالإعادة قولٌ مخالِفٌ للأصول الشرعية من كلِّ وجهٍ، وذلك بيِّنٌ، وللَّه الحمد" [31].

 

(11) ما يدَّعيه بعضُ العوامِّ بتسمية آخرِ جمعةٍ من رمضان بالجمعةِ اليتيمة، وأنَّ لها فضيلةً خاصة، وتكفيرًا للذُّنوب وغير ذلك - لا دليلَ عليه، وهو من البِدَع المردودةِ.

 

(12) ما يفعلُه بعض الأئمَّة في فجر يوم الجمعة من تحرِّي سورةٍ بها سجدةٌ إذا لَم يقرأ سورةَ: ﴿ الم * تَنْزِيلُ ﴾ [السجدة: 1، 2] السَّجدة - مخالِفٌ للسنَّةِ، فلا يجوزُ تحرِّي ذلك.



[1] صححه الألباني: رواه أبو داود (4841)، والترمذي (1106)، وأحمد (2/302)، وقال الترمذي: حسن صحيح.

[2] زاد المعاد (1/188).

[3] المجموع (4/528).

[4] صححه الألباني: أبو داود (4841)، والترمذي (1106)، وأحمد (2/302، 343).

[5] مسلم (867)، والنسائي (1/232).

[6] انظر الاختيارات الفقهية (ص116).

[7] انظر جلاء الأفهام (ص206 - 208).

[8] مسلم (862)، وأبو داود (1094)، (1101)، والنسائي (3/110)، وابن ماجه (1106).

[9] نيل الأوطار (2/327).

[10] مسلم (873)، وأبو داود (1100)، وأحمد (6/463).

[11] المختارات الجلية (ص70).

[12] صحيح: أبو داود (2118)، والترمذي (1105)، والنسائي (6/89)، وابن ماجه (1892)، إلى قوله: "عبده ورسوله" مع اختلافٍ في الروايات، وأما ذكرُ الآيات فهي ثابتةٌ من حديث أبي موسى؛ رواه أبو يعلى.

[13] هذه الفقرة من حديث جابر؛ رواه أحمد (3/371)، وصحَّحه الألباني في "خطبة الحاجة" (ص25)، وأشار مسلم في صحيحه إلى إسناده ولم يسُقْ لفظَه.

[14] رواه النسائي (3/188)، وابن خزيمة (1785)، وصححه الألباني.

[15] البخاري (920، 928)، ومسلم (861)، وأصحاب السنن.

[16] ابن ماجه (1109)، وله شواهد، وحسنه الألباني لشواهده.

[17] البخاري (912 - 915)، وأبو داود (1088)، واللفظ له، والنسائي (3/100).

[18] حسن: رواه ابن ماجه (1136)، وابن أبي شيبة (1/452)، وله شواهد.

[19] مسلم (869)، وأبو داود (1106).

[20] مسلم (867)، وابن ماجه (45).

[21] مسلم (874)، وأبو داود (1104)، والترمذي (515)، والنسائي (3/108).

[22] وفي رواية أحمد (4/136، 261): رأيت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو يخطب إذا دعا يقول هكذا.

[23] نيل الأوطار (3/333).

[24] الاختيارات الفقهية ص148.

[25] مسلم (2788)، وابن ماجه (198)، (4275)، والنسائي في الكبرى (7709)، وأحمد (2/72)، واللفظ له.

[26] المجموع (4/515).

[27] انظر الشرح الممتع (5/76).

[28] الشرح الممتع (5/78 - 79).

[29] حسنه الألباني، ورواه أبو داود (1096)، وأحمد (4/212).

[30] زاد المعاد (1/429).

[31] المختارات الجلية ص71.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • تمام المنة - الصلاة (35)
  • تمام المنة - الصلاة (36)
  • تمام المنة - الصلاة (37)
  • تمام المنة - الصلاة (39)
  • تمام المنة - الصلاة (40)
  • تمام المنة - الصلاة (41)
  • تمام المنة - الصلاة (43)

مختارات من الشبكة

  • تمام المنة - الصلاة (42)(مقالة - ملفات خاصة)
  • تمام المنة - الصلاة (34)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تمام المنة - الصلاة (33)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تمام المنة - الصلاة (32)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تمام المنة - الصلاة (31)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تمام المنة - الصلاة (30)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تمام المنة - الصلاة (29)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تمام المنة - الصلاة (28)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تمام المنة - الصلاة (27)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تمام المنة - الصلاة (26)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ورشة عمل ترفيهية للأطفال استقبالا لرمضان في أونتاريو
  • التحضير لإطعام المئات خلال شهر رمضان بمدينة فيلادلفيا
  • أعداد المسلمين تتجاوز 100 ألف بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • فيلا بارك يستضيف إفطار للصائمين للمرة الأولى
  • مدينة بيفيرتون تحتفل بأول شهر للتراث الإسلامي
  • إفطار جماعي على أرضية ملعب ستامفورد بريدج
  • 3 دورات للغة العربية والتربية الإسلامية بمدينة أليكانتي الإسبانية
  • بنك الطعام الإسلامي يلبي احتياجات الآلاف بمدينة سوري الكندية

  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/9/1444هـ - الساعة: 7:15
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب