• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أفشوا السلام
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    السهر وإضعاف العبودية لله (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطورة إنكار البعث (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    مسألة تلبس الجان بالإنسان
    إبراهيم الدميجي
  •  
    خطبة: المثلية والشذوذ عند الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    المعتزلة الجدد وتأويل النص القرآني
    د. محمد عبدالفتاح عمار
  •  
    من مائدة الحديث: التحذير من الإضرار بالمسلمين
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    صلوا عليه وسلموا تسليما
    بكر البعداني
  •  
    بشارة القرآن لأهل التوحيد (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    حقوق اليتيم (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تخلف كعب بن مالك عن غزوة تبوك
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    الحافظ الدارقطني (ت 385 هـ) وكتاباه «الإلزامات» ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    حديث: أن رجلا ظاهر من امرأته، ثم وقع عليها
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    السنة النبوية وبناء الأمن النفسي: رؤية سيكولوجية ...
    د. حسام الدين السامرائي
  •  
    خطبة: الشهود يوم القيامة
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    كيف تترك التدخين؟
    حمد بن بكر العليان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / النصائح والمواعظ
علامة باركود

صلوا عليه وسلموا تسليما

صلوا عليه وسلموا تسليما
بكر البعداني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/7/2025 ميلادي - 24/1/1447 هجري

الزيارات: 168

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾

 

الحمد لله حمدًا يليقُ بجلاله وكماله، ويُكافئُ نِعمَهُ ويُوافِي فضلَ مزِيده، والصلاةُ والسلامُ على محمدٍ عبده ورسوله، الدَّاعي إلى طاعته وتوحيده، وعلى مَنِ اتَّبَع هُداهُ، ونصر دينه، ورجا وعدَه، وخاف من وعيده، أما بعد:

فيقول الله -عز وجل-: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

ولقد دلَّت هذه الآية الكريمة: أن الله -عز وجل- أمر المؤمنين بالصلاة والتسليم على رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الكريم؛ لما فيها من الأجر الجزيل والثواب العظيم، فأخبر وأمر، وأمره -عز وجل- مطلق -وأقل درجاته هنا أن يكون للاستحباب ما لم يقم دليل على خلافه ودون ذلك خرط القتاد، وهو الأقرب للصواب- فلا يفصل -والأمر كذلك- بينهما؛ لأن التسليم قسيم الصلاة؛ فالجمع بينهما أقوى، والاقتصار على أحدهما وإن كان صحيحًا إلا أنه خلاف الأولى، ولا سيَّما متى علمت أن تحصيل هذا الثواب العظيم والأجر الجزيل لا يكون إلا بالإتيان به على وجه المأمور به شرعًا، والالتزام بما ورد في النصوص قطعًا؛ ولذلك أكَّده بالمصدر تبعًا، وهذا يستوي فيه ما كان لفظًا أو خطًّا، والله أعلم وأعلى.

 

وقد دلَّت على أنه يستحب بل الأولى قرن الصلاة والسلام جميعًا، جملةٌ من الأمور أذكر منها:

1- ﺃن الله -عز وجل- ذكر هذا في سياق تعظيمه لنبينا ﻣﺤﻤﺪ -صلى الله عليه وآله وسلم- فمن تعظيمه ‌الصلاة ‌والسلام عليه، وهذا لا يمكن أن نأتي به على الوجه الذي هو مطلوب منا شرعًا إلا بما نص عليه في سياق هذه الآية. ذلك أن الله -عز وجل- أمر عباده بها بعد إخبارهم أن ملائكته يصلون على نبيِّهم بأن الملائكة مع انفكاكهم عن التقيُّد بشريعته يتقربون إلى الله -عز وجل- بالصلاة والتسليم عليه، فنحن -والأمر كذلك- أولى وأحقُّ وأحرى وأخلق.


2- أن الصلاة والسلام -المرادين هنا معًا- يعود النفع بهما علينا، ذلك أنه -صلى الله عليه وآله وسلم- ﻟﻴﺲ بحاجة إليهما؛ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻹﻇﻬﺎﺭ ﺗﻌﻈﻴﻤﻪ -صلى الله عليه وآله وسلم- من جهة، ثم ﺷﻔﻘﺔ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻟﻴﺜﻴﺒﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ الله -عز وجل- من جهة أخرى. ﻭﺇﻻ فإن الله -عز وجل- قد صلى عليه، وكذا ﻣﻼﺋﻜﺘﻪ، فلا يمكن -والأمر كذلك- أن يتأتَّى لك هذا إلا بأن تأتي به كما أمرت به في سياق الآية.


3- أن قوله -عز وجل-: ﴿ صَلُّوا ﴾ وكذا قوله -عز وجل-: ﴿ وَسَلِّمُوا ﴾ ﺃﻣﺮ، وسبق أن أشرنا إلى أن أقل درجاته الاستحباب، ﻓﻴﺠﺐ أن يؤتى به على صورته المنصوص عليها امتثالًا، ومن أخلَّ بها؛ فإنه لا يكون بذلك ممتثلًا.


4- أن ﻫﺬﻩ اﻵﻳﺔ ﺷﺮَّﻑ اﻟﻠﻪ -عز وجل- ﺑﻬﺎ ﺭﺳﻮﻟﻪ -صلى الله عليه وآله وسلم- في ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻭبعد ﻣﻮﺗﻪ، فكيف يرجو من يأتي بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- اليوم أن يبلغ بها وجهها المراد، وهو لا يأتي بها على وجهها المنصوص عليه.


5- أن اﻟﺼﻼﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ -صلى الله عليه وآله وسلم- من اﻟﻌﺒﺎﺩاﺕ، بل من أفضلها؛ ذلك أن اﻟﻠﻪ -عز وجل- قد ﺗﻮﻻَّﻫﺎ ﻫﻮ ﻭﻣﻼﺋﻜﺘﻪ، ﺛﻢ ﺃﻣﺮ ﺑﻬﺎ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ، ﻭﺳﺎﺋﺮ اﻟﻌﺒﺎﺩاﺕ ﻛﺬﻟﻚ، والأصل في العبادات التوقيف، فنقف حيث وقف النص.


6- أن من يذكر إحداهما دون الأخرى يفوِّت على نفسه خيرًا كثيرًا: فقد روى عبدالله بن أبي طلحة عن أبيه: أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- جاء ذات يوم والسرور يُرى في وجهه، فقالوا: يا رسول الله، إنا لنرى السرور في وجهك! فقال -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إنه أتاني مَلَك، فقال: يا محمد، أما يرضيك أن ربَّك عز وجل يقول: إنه لا يصلي عليك أحد من أُمَّتِك إلا صليت عليه عشرًا، ولا يسلم عليك أحد من أُمَّتِك إلا سلمت عليه عشرًا؟ قال: بلى))؛ [أخرجه النسائي (1/191)، والدارمي (2/317)، وابن حبان رقم: (2391)، والحاكم (2/420) وأحمد (4/30)، وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي، وحسَّنه الألباني لشواهده في صحيح الترغيب رقم: (1661)، وصحَّحه في صحيح الجامع، وتحقيق المشكاة رقم: (928)، وهو في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم: (829)، وقوَّاه حمدي السلفي في تحقيقه لكتاب الصلاة على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- (ص: 33) لابن أبي عاصم، والحديث وإن كان فيه مقال؛ لكن له شواهد يتقوَّى بها، والله أعلم، وقد ذكرته في رسالتي: 40 حديثًا في الصلاة على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-].


7- أن من اﻟﻤﻘﺼﻮﺩ -أيضًا- ﻣﻦ ﻫﺬﻩ اﻵﻳﺔ: ﺃﻥ اﻟﻠﻪ -عز وجل- ﺃﺧﺒﺮ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻋﺒﺪﻩ ﻭﻧﺒﻴِّﻪ ﻋﻨﺪﻩ ﻓﻲ اﻟﻤﻸ اﻷﻋﻠﻰ، والثناء عليه، وأن هذا حاصل في العالم العلوي منه -عز وجل- وكذا من ملائكته، وأن من أراد أن يأتي بهذا الثناء على وجه، فليس له ذلك إلا بأن يأتي به كما نُصَّ عليه؛ ولذلك ﺃﻣﺮ -عز وجل- ﺃﻫﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺴﻔﻠﻲ ﺑﺎﻟﺼﻼﺓ ﻭاﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻋﻠﻴﻪ معًا، ﻟﻴﺠﺘﻤﻊ -عند ذلك- اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦِ اﻟﻌﻠﻮﻱ ﻭاﻟﺴﻔﻠﻲ ﺟﻤﻴﻌًﺎ.


8- أن من يأتي بالصلاة دون السلام عليه -صلى الله عليه وآله وسلم- هو -شعر أو لم يشعر- بخيل.


9- أنه اﻣﺘﺜﺎﻝ ﺃﻣﺮ اﻟﻠﻪ -عز وجل- لكن هذا لا يتأتَّى إلا إذا قرن العبد في صلاته على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بين الصلاة والسلام كما قال الملك العلَّام. قال صديق خان -رحمه الله- في فتح البيان (11/137): "ﻭﻛﺎﻥ ﻇﺎﻫﺮ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺼﻼﺓ ﻭاﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻓﻲ اﻵﻳﺔ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ اﻟﻘﺎﺋﻞ: ﺻﻠﻴﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻤﺖ ﻋﻠﻴﻪ، ﺃﻭ اﻟﺼﻼﺓ ﻋﻠﻴﻪ ﻭاﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻪ، ﺃﻭ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼﺓ ﻭاﻟﺘﺴﻠﻴﻢ؛ ﻷﻥ اﻟﻠﻪ -ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ- ﺃﻣﺮﻧﺎ ﺑﺈﻳﻘﺎﻉ اﻟﺼﻼﺓ ﻋﻠﻴﻪ ﻭاﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻣﻨﺎ، ﻓﺎﻻﻣﺘﺜﺎﻝ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ، ﻓﻜﻴﻒ ﻛﺎﻥ اﻻﻣﺘﺜﺎﻝ ﻷﻣﺮ اﻟﻠﻪ ﻟﻨﺎ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻥ ﻧﻘﻮﻝ: اﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞِّ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﺃﻣﺮ اﻟﻠﻪ ﻟﻨﺎ ﺑﺄﻣﺮﻧﺎ ﻟﻪ ﺑﺄﻥ ﻧﺼﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻧﺴﻠﻢ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻗﺪ ﺃﺟﻴﺐ ﻋﻦ ﻫﺬا ﺑﺄﻥ ﻫﺬﻩ اﻟﺼﻼﺓ ﻭاﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺘﺎ ﺷﻌﺎرًا ﻋﻈﻴﻤًﺎ ﻟﻠﻨﺒﻲ -صلى الله عليه وآله وسلم- ﻭﺗﺸﺮﻳﻔًﺎ ﻛﺮﻳﻤًﺎ، وﻛَّﻠﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ -ﻋﺰ ﻭﺟﻞ- ﻭﺃﺭﺟﻌﻨﺎﻩ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﻫﺬا اﻟﺠﻮاﺏ ﺿﻌﻴﻒ ﺟﺪًّا. ﻭﺃﺣﺴﻦ ﻣﺎ ﻳُﺠﺎﺏ ﺑﻪ ﺃﻥ ﻳُﻘﺎﻝ: ﺇﻥ اﻟﺼﻼﺓ ﻭاﻟﺘﺴﻠﻴﻢ اﻟﻤﺄﻣﻮﺭ ﺑﻬﻤﺎ ﻓﻲ اﻵﻳﺔ ﻫﻤﺎ ﺃﻥ ﻧﻘﻮﻝ: "اﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞِّ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ" ﺃﻭ ﻧﺤﻮ ﺫﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﻳﺆﺩﻱ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻛﻤﺎ ﺑﻴَّﻨﻪ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ -صلى الله عليه وآله وسلم- ﻓﺎﻗﺘﻀﻰ ﺫﻟﻚ اﻟﺒﻴﺎﻥ ﻓﻲ اﻷﺣﺎﺩﻳﺚ اﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﻫﻲ اﻟﺼﻼﺓ اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ". ولعلي بن سلطان محمد القاري المتوفى سنة: (1014 ه) -رحمه الله- رسالة في بيان إفراد الصلاة عن السلام هل يكره أم لا؟!


10- أن الله -عز وجل- ﻟﻤﺎ ذكر وﺃﻣﺮ في هذه الآية ﺑﺘﻌﻈﻴﻢ ﺭﺳﻮﻟﻪ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وآله ﻭﺳﻠﻢ-، أعقب ذلك بالنهي ﻋﻦ ﺃﺫﻳﺘﻪ فقال-جل وعلا-: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ ثم ﺗﻮﻋَّﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻘﺎﻝ -عز وجل-: ﴿ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ [الأحزاب: 57]، ﻭﻫﺬا ﻳﺸﻤﻞ ﻛﻞ ﺃﺫى قلَّ أو كثُر، قصد أو لم يقصد -فهي عامة- أفلا يكون التصرف بهذا المنصوص عليه وعدم الإتيان به على وجهه، والوقوف على المنصوص عليه في الآية وفي ما سواه من الأدلة الشرعية، ولا سيَّما وهو منصوص عليها قبلها مباشرة، من صور الأذى المنهي عنه؟!


11- أﻥ العبد ملزم بالاتباع وﺣﻘﻴﻘﺔ اﻻﺗﺒﺎﻉ اﻟﻤﺄﻣﻮﺭ ﺑﻪ الالتزام بما جاءت به النصوص والإتيان بها على وجهها، فيلتزم بإﻃﻼﻕ ﻣﺎ ﺃﻃﻠﻘﺘﻪ ﻧﺼﻮﺹ اﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭاﻟﺴُّﻨَّﺔ، ﻭﺗﻘﻴﻴﺪ ﻣﺎ ﻗﻴَّﺪﺗﻪ، فهو عند الإتيان بالصلاة عليه -صلى الله عليه وآله وسلم- بغير صورها الثابتة في النصوص، أو باقتصاره على الصلاة دون السلام أو العكس، كما نصَّت عليه الآية هنا لا يكون متبعًا حقيقةً.


12- أنه قد درج أكثر السلف على الجمع بينهما فلا يستحسن العدول عنه؛كما قال الألوسي -رحمه الله- في تفسيره (11/259).

13- أن جماعة من العلماء قد نبَّهوا على هذا وهم كُثُر، وإن كانوا اختلفوا في الحكم، لكن يجمعهم أن الفصل بينهما خلاف الأولى والله أعلم وأعلى، ومنهم ممن يحضرني نص كلامه:

• الإمام الخطابي -رحمه الله- (388 ه): قال -رحمه الله- في سلاح المؤمن (ص: 43): "ﻓﺼﻞ ﻓﻲ ﻓﻀﻞ اﻟﺼﻼﺓ ﻭاﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ -صلى الله عليه وآله وسلم- ﻭاﻷﻣﺮ ﺑﻬﻤﺎ".

 

• الإمام اﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﺴﻼﻡ -رحمه الله- (660 ه): ﻧﻘﻞ اﺑﻦ ﻋﺮﻓﺔ -رحمه الله- ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼﻡ كما في تفسير الألوسي -رحمه الله- (11/ 258-259): "ﺃﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﻓﻲ [الصلاة] ﻋﻠﻴﻪ -صلى الله عليه وآله وسلم- ﺃﻥ ﻳﺰﻳﺪ ﺗﺴﻠﻴﻤًﺎ؛ ﻛﺄﻥ ﻳﻘﻮﻝ: اﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞِّ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﺳﻠﻢ ﺗﺴﻠﻴﻤًﺎ، ﺃﻭ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺗﺴﻠﻴﻤًﺎ. وتعقبه بما لا دليل عليه".

 

• الإمام النووي -رحمه الله- (676 ه): قال -رحمه الله- في الأذكار (ص: 117): "فصل: ﺇﺫا ﺻﻠﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ -صلى الله عليه وآله وسلم- ﻓﻠﻴﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻟﺼﻼﺓ ﻭاﻟﺘﺴﻠﻴﻢ، ﻭﻻ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ. ﻓﻼ ﻳﻘﻞ: "ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ" ﻓﻘﻂ، ﻭﻻ "ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ" ﻓﻘﻂ". وقال -رحمه الله- في شرحه لمسلم (1/44): أنه ﻗﺪ ﻧﺺ اﻟﻌﻠﻤﺎء -رضي الله عنهم- ﻋﻠﻰ ﻛﺮاﻫﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎﺭ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼﺓ ﻋﻠﻴﻪ- صلى الله عليه وآله وسلم- ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺗﺴﻠﻴﻢ. ﻭاﻟﻠﻪ اﻋﻠﻢ. وقد نسب هذا إلى أكثر المحدثين النفراوي الأزهري المالكي في الفواكه الدواني (1/36)، ونحن وإن كنا لا نقول بالكراهة إلا أننا نقول أنه خلاف الأولى. والله أعلم.

 

• الإمام ابن كثير -رحمه الله- (774 ه): قال -رحمه الله- في تفسيره (3/623-دار الفكر) -بعد نقله لكلام الإمام النووي -رحمه الله- في الأذكار-: "وهذا الذي قاله منتزع من هذه الآية الكريمة؛ وهي قوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ فالأولى أن يقال: صلى الله عليه وآله وسلم تسليمًا".

 

• الحافظ ابن حجر -رحمه الله-(852 ه): وإن كان المشهور عنه التوقف ومخالفة النووي في إطلاق الكراهة، وفي قول خصَّه بالكراهة لمن جعله ديدنه كما نقل السخاوي -رحمه الله- في فتح المغيث (1/20) وغيره، إلا أن تلميذه البار السخاوي -رحمه الله- كما في المنهل العذب الروي (ص:17) قال: "كتب شيخنا على فُتْيا تتعلق بمسألة إفراد الصلاة عن السلام، بعد مخالفته له في إطلاق الكراهة؛ ولعله -يعني الشيخ- أطلع لذلك على دليل خاص، وأنشد:

إذا قالت حذامِ فصدِّقوها
فإن القول ما قالت حذامِ".

فائدة:

وذكر -رحمه الله- في فتح الباري (8/533) فائدة فقال: "وقد سئلت عن إضافة الصلاة إلى الله دون السلام، وأمر المؤمنين بها وبالسلام، فقلت: يحتمل أن يكون السلام له معنيان: التحية والانقياد، فأُمِر به المؤمنون لصحتهما منهم، والله وملائكته لا يجوز منهم الانقياد لم يضف إليهم دفعًا للإيهام. والعلم عند الله".

 

• حسن بن علي الفيومي -رحمه الله- (870 ه) فقد قال -رحمه الله- في فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب (7/681): "فيكره إفراد الصلاة عن السلام، وإفراد السلام عن الصلاة؛ لأن فيه ترك ما أمر الله به".

 

• ابن حجر الهيتمي -رحمه الله- (974 ه): فقد ناقش جملة من أقوال العلماء في ذلك، ورجَّح أنه خلاف الأولى، وقال عقبها -كما في الفتاوى الحديثية (ص: 114-115): "والحق أن المراد بالكراهة خلاف الأولى". -إلى أن قال-: "والحاصل أن قول العلماء بالكراهة إجماع منهم عليها، والإجماع لا يُدْفع ولا يخصَّص بالأمور المحتملة فليتأمل ذلك فإنه مهمٌّ". وهو ما قرره أيضًا في كتابه الدر المنضود في الصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود (ص: 112).

 

• العلامة الشوكاني -رحمه الله- (1250): فقد قال -رحمه الله- في تحفة الذاكرين (ص: (173-174) عقب سرد جملة من الأحاديث التي ذكرت فيها صيغ الصلاة الإبراهيمية في الصلاة: "ﻓﻴﻔﻴﺪ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ اﻷﻟﻔﺎﻅ اﻟﻤﺮﻭﻳَّﺔ ﻣﺨﺘﺼﺔ ﺑﺎﻟﺼﻼﺓ، ﻭﺃﻣﺎ ﺧﺎﺭﺝ اﻟﺼﻼﺓ ﻓﻴﺤﺼﻞ اﻻﻣﺘﺜﺎﻝ ﺑﻤﺎ ﻳﻔﻴﺪﻩ، ﻓﻴﻔﻴﺪﻩ ﻗﻮﻟﻪ -ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ-: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]. ﻓﺈﺫا ﻗﺎﻝ اﻟﻘﺎﺋﻞ: اﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞِّ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﻘﺪ اﻣﺘﺜﻞ اﻷﻣﺮ اﻟﻘﺮﺁﻧﻲ". وقال -رحمه الله- في بحث حديث: ((إذًا تُكفى همك، ويغفر ذنبك)) كما في الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (4/2024): "أقول: ينبغي للمصلي على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يجعل السلام مقترنًا بالصلاة كما علمنا الله تعالى بقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]. فلا يحسن إفراد الصلاة عن السلام، كما لا يحسن العكس". وأكَّده في (4/2026) متعقبًا ما ورد بالإفراد، فانظره غير مأمور.

 

• شهاب الدين محمود بن عبدالله الألوسي -رحمه الله- (1270هـ): قال -رحمه الله- في تفسيره روح المعاني (11/259): "وعندي أن الاستدلال بالآية على كراهة الإفراد حسبما سمعت في غاية الضعف، إذ قصارى ما تدل عليه أن كلًّا من الصلاة والتسليم مأمور به مطلقًا، ولا تدل على الأمر بالإتيان بهما في زمان واحد كأن يؤتى بهما مجموعين معطوفًا أحدهما على الآخر، فمَنْ صلَّى بكرة وسلم عشيًّا مثلًا فقد امتثل الأمر، فإنها نظير قوله تعالى: ﴿ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ واذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ ﴾ [الأحزاب: 42] إلى غير ذلك من الأوامر المتعاطفة، نعم درج أكثر السلف على الجمع بينهما، فلا أستحسن العدول عنه مع ما في ذكر السلام بعد الصلاة من السلامة من توهُّم لا يكاد يعرض إلا للأذهان السقيمة كما لا يخفى".

 

• محمود محمد خطاب السُّبْكي -رحمه الله- (1314 هـ): قال -رحمه الله- في الدين الخالص (2/173): "اختلف فى حكم ‌إفراد ‌الصلاة ‌عن ‌السلام عليه -صلى الله عليه وآله وسلم- وعكسه فقيل بكراهته. والأولى الجمع بينهما خروجًا من هذا الخلاف".

 

• عبدالله بن محمد بن زاحم إمام وخطيب المسجد النبوي (1423 ه): قال في رسالته فضل الصلاة على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- (ص: 66): "وقد تضمنت الآية الكريمة الأمر بالصلاة والتسليم على النبي الكريم -صلى الله عليه وآله وسلم- فينبغي الجمع بينهما، فلا تُفْرَد الصلاة وحدها، فلا يقال: صلى الله عليه، ولا يُفْرد السلام وحده، فلا يُقال: عليه السلام؛ فإن ذلك خلاف نص الآية، وخلاف الأولى والكمال".

 

14- أنه مع أن الصلاة آكد من السلام إلا أن الله -عز وجل- قال: ﴿ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، فجاء باﻟﻤﺼﺪﺭ ﻟﻠﺘﺄﻛﻴﺪ على السلام، ولتنويه أنه لن تكتمل هذه الصلاة بالصورة التي تنبغي حتى يُؤتى فيها باﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻪ، ففيه ﻣﺰﻳﺔ ﻓﻲ اﻻﻫﺘﻤﺎﻡ، وكذا ﺣﺴﻦ ﺗﺄﻛﻴﺪ اﻟﺴﻼﻡ؛ ﻟﺌﻼ ﻳﺘﻮﻫﻢ ﻗﻠﺔ اﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﻪ ﻟﺘﺄﺧُّﺮﻩ. ولا يشكل عليه أنه ﺃﻛﺪ السلام ﺑﺎﻟﻤﺼﺪﺭ ﺩﻭن الصلاة مع أهميتها؟ لأمور:

1- أنه لم ﻳﺆﻛﺪ اﻟﺼﻼﺓ -ﺑﻬﺬا اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ-؛ ﻷﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺆﻛﺪﺓ قبل ﺑﻘﻮﻟﻪ -عز وجل-: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ﴾ [الأحزاب:56].. فأعلمنا ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺼﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻣﻼﺋﻜﺘﻪ.

 

2- وقيل: ﻳﺤﺘﻤﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ اﻟﺴﻼﻡ ﻟﻪ ﻣﻌﻨﻴﺎﻥ: اﻟﺘﺤﻴﺔ ﻭاﻻﻧﻘﻴﺎﺩ، ﻓﺄُﻣِﺮ ﺑﻪ اﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ ﻟﺼﺤﺘﻬﻤﺎ ﻣﻨﻬﻢ، ﻭاﻟﻠﻪ ﻭﻣﻼﺋﻜﺘﻪ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻣﻨﻬﻢ اﻻﻧﻘﻴﺎﺩ، ﻓﻠﻢ ﻳﻀﻒ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺩﻓﻌًﺎ للإيهام، ﻭاﻟﻌﻠﻢ ﻋﻨﺪ اﻟﻠﻪ. قاله الحافظ -رحمه الله- جوابًا على من سأله كما في فتح الباري (8/533).

 

3- ومنها: ما قاله العلامة ابن القيم -رحمة الله- في بدائع الفوائد (2/188): "ﺃﻥ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻭاﻗﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼﺓ ﻭاﻟﺴﻼﻡ ﻭﺇﻥ اﺧﺘﻠﻔﺖ ﺟﻬﺔ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺃﺧﺒﺮ ﻓﻲ ﺃﻭﻝ اﻵﻳﺔ ﺑﺼﻼﺗﻪ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺻﻼﺓ ﻣﻼﺋﻜﺘﻪ ﻋﻠﻴﻪ، ﻣﺆﻛﺪًا ﻟﻬﺬا اﻹﺧﺒﺎﺭ ﺑﺤﺮﻑ "ﺇﻥ" ﻣﺨﺒﺮًا ﻋﻦ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺑﺼﻴﻐﺔ اﻟﺠﻤﻊ اﻟﻤﻀﺎﻑ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﻫﺬا ﻳﻔﻴﺪ اﻟﻌﻤﻮﻡ ﻭاﻻﺳﺘﻐﺮاﻕ، ﻓﺈﺫا اﺳﺘﺸﻌﺮﺕ اﻟﻨﻔﻮﺱ ﺃﻥ ﺷﺄﻧﻪ -ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وآله ﻭﺳﻠﻢ- ﻋﻨﺪ اﻟﻠﻪ ﻭﻋﻨﺪ ﻣﻼﺋﻜﺘﻪ ﻫﺬا اﻟﺸﺄﻥ ﺑﺎﺩﺭﺕ ﺇﻟﻰ اﻟﺼﻼﺓ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﺗﺆﻣﺮ ﺑﻬﺎ، ﺑﻞ ﻳﻜﻔﻲ ﺗﻨﺒﻴﻬﻬﺎ ﻭاﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺑﺄﺩﻧﻰ ﺇﺷﺎﺭﺓ، ﻓﺈﺫا ﺃﻣﺮﺕ ﺑﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺤﺘﺞ ﺇﻟﻰ ﺗﺄﻛﻴﺪ اﻷﻣﺮ ﺑﻞ ﺇﺫا ﺟﺎء ﻣﻄﻠﻖ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﺩﺭﺕ ﻭﺳﺎﺭﻋﺖ ﺇﻟﻰ ﻣﻮاﻓﻘﺔ اﻟﻠﻪ ﻭﻣﻼﺋﻜﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﺼﻼﺓ عليه- صلوات اﻟﻠﻪ ﻭﺳﻼﻣﻪ ﻋﻠﻴﻪ- ﻓﻠﻢ ﻳﺤﺘﺞ ﺇﻟﻰ ﺗﺄﻛﻴﺪ اﻟﻔﻌﻞ ﺑﺎﻟﻤﺼﺪﺭ، ﻭﻟﻤﺎ ﺧﻼ اﻟﺴﻼﻡ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻭﺟﺎء ﻓﻲ ﺣﻴﺰ اﻷﻣﺮ اﻟﻤﺠﺮﺩ ﺩﻭﻥ اﻟﺨﺒﺮ ﺣﺴﻦ ﺗﺄﻛﻴﺪﻩ ﺑﺎﻟﻤﺼﺪﺭ؛ ﻟﻴﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻭﺗﺜﺒﻴﺘﻪ ﻭﻳﻘﻮﻡ ﺗﺄﻛﻴﺪ اﻟﻔﻌﻞ ﻣﻘﺎﻡ ﺗﻜﺮﻳﺮﻩ، ﻛﻤﺎ ﺣﺼﻞ اﻟﺘﻜﺮﻳﺮ ﻓﻲ اﻟﺼﻼﺓ ﺧﺒﺮًا ﻭﻃﻠﺒًﺎ، ﻓﻜﺬﻟﻚ ﺣﺼﻞ اﻟﺘﻜﺮﻳﻢ ﻓﻲ اﻟﺴﻼﻡ ﻓﻌﻼً ﻭﻣﺼﺪرًا. ﻓﺘﺄﻣﻠﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﺑﺪﻳﻊ ﺟﺪًّا، ﻭاﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ.

تنبيه:

فإﻥ ﻗﻴﻞ: ﻓﻘﺪ ﺟﺎءﺕ اﻟﺼﻼﺓ ﻋﻠﻴﻪ -صلى الله عليه وآله وسلم- ﻏﻴﺮ ﻣﻘﺮﻭﻧﺔ ﺑﺎﻟﺘﺴﻠﻴﻢ، ﻭﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺁﺧﺮ اﻟﺘﺸﻬُّﺪ ﻓﻲ الصلوات؟!

 

ﻓﺎﻟﺠﻮاﺏ: ﺃﻥ اﻟﺴﻼﻡ ﺗﻘﺪﻡ ﻗﺒﻞ اﻟﺼﻼﺓ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺎﺕ اﻟﺘﺸﻬُّﺪ ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻟﻪ: ((ﺳﻼﻡ ﻋﻠﻴﻚ ﺃﻳﻬﺎ النبي ﻭﺭﺣﻤﺔ اﻟﻠﻪ ﻭﺑﺮﻛﺎﺗﻪ))؛ ﻭﻟﻬﺬا ﻗﺎﻟﺖ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ- رضي اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ-: ((ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﻗﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ اﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻚ ﻓﻜﻴﻒ نُصلِّي ﻋﻠﻴﻚ))؛ اﻟﺤﺪﻳﺚ". قاله النووي في شرح مسلم (1/ 44). وقد زاده بيانًا في موضع آخر (1/ 125) فقال -رحمه الله-: "وﻣﻌﻨﺎﻩ: ﻗﺪ ﺃﻣﺮﻛﻢ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺎﻟﺼﻼﺓ ﻭاﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻲَّ، ﻓﺄﻣَّﺎ اﻟﺼﻼﺓ ﻓﻬﺬﻩ ﺻﻔﺘﻬﺎ، ﻭﺃﻣﺎ اﻟﺴﻼﻡ ﻓﻜﻤﺎ ﻋﻠﻤﺘﻢ ﻓﻲ اﻟﺘﺸﻬُّﺪ؛ ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻟﻬﻢ: "اﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻚ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﻨﺒﻲ ﻭﺭﺣﻤﺔ اﻟﻠﻪ ﻭﺑﺮﻛﺎﺗﻪ".

 

وقال العلامة ابن القيم -رحمة الله- في جلاء الأفهام (ص: 346-384)- عقب ذكره للآية-: "..ﻭﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﺃﻥ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ- ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ- ﺳﺄﻟﻮﻩ ﻋﻦ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﻫﺬﻩ اﻟﺼﻼﺓ اﻟﻤﺄﻣﻮﺭ ﺑﻬﺎ؟ ﻓﻘﺎﻝ: ((ﻗﻮﻟﻮا اﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞِّ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ..))؛ اﻟﺤﺪﻳﺚ. ﻭﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﺃﻥ اﻟﺴﻼﻡ اﻟﺬﻱ ﻋﻠﻤﻮﻩ ﻫﻮ اﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ اﻟﺼﻼﺓ؛ ﻭﻫﻮ ﺳﻼﻡ اﻟﺘﺸﻬُّﺪ، ﻓﻤﺨﺮﺝ اﻷﻣﺮﻳﻦ ﻭاﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﻦ ﻭاﻟﻤﺤﻠﻴﻦ ﻭاﺣﺪ.."، ثم ذكر عقب هذا جملة من الأمور توضِّحه فانظره غير مأمور.

 

وقيل: ﺇﻥ ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻝ اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ -رضي الله عنه-: "ﻋﻠﻤﻨﺎ ﻛﻴﻒ اﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻚ"؛ ﺃﻱ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ -عز وجل-: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]. ﻓﻜﻴﻒ ﻧﺼﻠﻲ ﻋﻠﻴﻚ؟ ﺃﻱ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺑﻴﺘﻚ؛ ﻷﻥ اﻟﺼﻼﺓ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺪ ﻋﺮﻓﺖ ﻣﻊ اﻟﺴﻼﻡ ﻣﻦ اﻵﻳﺔ. ﻓﻜﺎﻥ اﻟﺴﺆاﻝ ﻋﻦ اﻟﺼﻼﺓ ﻋﻠﻰ اﻵﻝ ﺗﺸﺮﻳﻔًﺎ ﻟﻬﻢ".

 

ثم وقفت على كلام للعلَّامة عبدالرحمن المعلمي اليماني -رحمه الله- في الفوائد الفقهية المطبوعة ضمن آثار المعلمي (24/248) وهو يناقش بعض علماء الشافعية -رحمهم الله- قال: "قلنا: أفلا يحتمل أن يكون المراد الصلاةَ أو ما يرادفها، وهو الرحمة؛ فإنَّ في الصلاة الإبراهيمية: ((كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد…، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد)). وهو مأخوذ من قوله -تعالى- حاكيًا عن الملائكة في خطابهم لآل إبراهيم: ﴿ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ﴾ [هود: 73]. فأنت ترى كيف أبْدَلَ الرحمةَ بلفظ الصلاة، وهو يدلُّ على ترادفهما. ثم إن العبارة التي في التشهُّد: ((السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته)) مطابقة للآيتين.

 

أما آية: ﴿ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، فلأنَّ قولنا: ((السلام عليك)) يقابل قوله: ﴿ وَسَلِّمُوا ﴾، وقولنا: ((ورحمة الله)) يقابل قوله: ﴿ صَلُّوا ﴾ كما مرَّ. وأما آية: ﴿ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ﴾ فظاهر، والله أعلم".

 

فلنجتهد ﻳﺎ ﻣﻌﺎﺷﺮ اﻹﺳﻼﻡ ﻓﻲ اﻟﺼﻼﺓ ﻭاﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﺧﻴﺮ اﻷﻧﺎﻡ، ﻓﻌﺴﻰ ﺃﻥ ﻳﺸﻔﻌﻪ ﻓﻴﻨﺎ ﻳﻮﻡ ﺗﺸﻘﻖ اﻟﺴﻤﺎء ﺑﺎﻟﻐﻤﺎﻡ، فصلى الله عليه وعلى آله وسلم ‌تسليمًا كثيرًا، وجزاه عَنَّا أفضل ما جزى نبيًّا عن أُمَّته، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وإذا سمعتم ذكره في مجلس ... صلوا عليه وسلموا تسليما
  • صلوا عليه وسلموا تسليما (خطبة)
  • تفسير: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)

مختارات من الشبكة

  • الملائكة تصلي على من يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • أنين مسجد (4) وجوب صلاة الجماعة وأهميتها (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • صلوا عليه وسلموا تسليما (مرئيات إسلامية)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • صلوا عليه وسلموا(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • اتقوا الأرحام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج البحث في علم أصول الفقه لمحمد حاج عيسى الجزائري(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صلوا أرحامكم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث: صلوا كما رأيتموني أصلي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الكلام على قوله: (نهى عن قتل أمراء الجور ما صلوا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صلوا بالليل والناس نيام(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/1/1447هـ - الساعة: 1:0
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب