• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الوصية بذكر الله
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: رمضان... ودأب الصالحين (القيام)
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    الفاتحة وشرط المتابعة
    محمد بن سند الزهراني
  •  
    خطبة: الستر على المسلمين
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    الخلف وسوء الأخلاق في رمضان
    هيام محمود
  •  
    أحكام اللقطة في الطريق
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    نوازل معاصرة في الصيام (خطبة)
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    من آداب الصيام: تأخير السحور
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    من سلسلة أحاديث رمضان حديث: طوبى لمن رآني وآمن بي
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    ما حكم الصوم للمسافر والمريض؟ (PDF)
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    التكافل وقت الأزمات: مواقف وعظات
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    هل لك سر عند الله؟ (خطبة)
    خالد بن حسن المالكي
  •  
    مستحبات الصيام وآدابه
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    سلسلة جود قراءتك للمبتدئين (الحلقة الثانية)
    أبو مارية محمد أحمد عبده
  •  
    عندما تتكافأ أقوال الفقهاء في مسألة
    محمد عبدالعزيز محمد عبدالعزيز
  •  
    الدنيا بحر عميق غرق فيه ناس كثير
    السيد مراد سلامة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / سيرة
علامة باركود

خاتم النبيين (31): كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والزعماء

خاتم النبيين (31): كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والزعماء
الشيخ خالد بن علي الجريش

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/1/2023 ميلادي - 7/7/1444 هجري

الزيارات: 497

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خاتم النبيين (31)

كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والزعماء

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأصلِّي وأسلِّم على المبعوث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبه والتابعين، وبعد:

فمرحبًا بكم أيها الكِرام في برنامجكم خاتم النبيين، أيها الأكارم، ذكرنا في حلقة الأسبوع الماضي كيف تحلَّل النبي صلى الله عليه وسلم من إحرامه عندما منع من أداء النسك في صُلْح الحديبية، وعرَّجنا كذلك على نزول سورة الفتح بعد ذلك، وتمَّ أيضًا التوضيح للمصالح في هذا الصلح، وذكرنا قصة أبي بصير رضي الله عنه ومَن معه من المهاجرين، وكيف جاءهم فرجُ الله تبارك وتعالى وتوفيقه؟ وكيف بايَعَ النبي صلى الله عليه وسلم النساء المهاجرات? إلى غير ذلك مع ذكرنا للدروس والعِبَر المستفادة، وفي حلقتنا هذه نتعرَّض لشيء من كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والزعماء.


فلمَّا استقر الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم بعد صلح الحديبية كانت الفرصة سانحةً بشكل أكبر للدعوة إلى الله تعالى خارج نطاق الجزيرة؛ فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم الرُّسُل ومعهم الكُتُب إلى رؤساء العرب والعَجَم، يدعوهم إلى الإسلام، فقد روى مسلم في صحيحه عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى كِسْرى وقيصر وغيرهما يدعوهم إلى الله تعالى، واتَّخذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتمًا كتب عليه محمد رسول الله، يختم به الكُتُب والرسائل التي يرسلها، وفيما يلي ذكر بعض الملوك والرؤساء الذين أرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم تلك الرسائل، فمنهم:

الكتاب الأول:كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ملك الحبشة، واسم النجاشي أصحمة، وأمَّا لقب النجاشي فهو لقب لكُلِّ مَن ملك الحبشة، وأرسل كتابه إليه مع عمرو بن أُميَّة الضمري رضي الله عنه، وأرسل معه كتابينِ: أحدهما يدعوه إلى الإسلام، والآخر يطلب منه فيه أن يبعث إليه مَن عنده من المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة.


وفيما يلي نصُّ رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي، وهي: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب محمد رسول الله إلى النجاشي الأصحم عظيم الحبشة، سلام على مَنِ اتَّبَع الهدى وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لم يتخذ صاحبةً ولا ولدًا، وأن محمدًا عبدُه ورسولُه، وأدعوك بدعاية الله، فإنِّي أنا رسول الله، فأسْلِمْ تسلم ﴿ قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 64] فإن أبيت فعليك إثم النصارى من قومك؛ انتهى الخطاب.


فلمَّا وصل الكتاب إلى النجاشي وقُرئ عليه، أخذ الكتاب فوضعه على رأسه، ونزل عن سريره على الأرض تواضُعًا، ثم أسلَمَ وشهِدَ شهادةَ الحَقِّ، وقال: لولا ما أنا فيه من الملك لأتيتُه حتى أحمِلَ نعليه، ثم رَدَّ النجاشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بإجابته وتصديقه وإسلامه وإيمانه، وأهدى له مع الكِتاب بعض الهدايا، وقد توفي النجاشي رحمه الله في السنة التاسعة في شهر رجب، ونعاه النبيُّ صلى الله عليه وسلم يوم وفاته، وقال عليه الصلاة والسلام: ((مات اليوم رَجُلٌ صالِحٌ، فقُومُوا فصلُّوا على أخيكم أصحمة واستغفروا له))؛ رواه البخاري.


وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الغائب، وقد نزل في النجاشي قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ} [آل عمران: 199] الآية، وبعد وفاته تولَّى الحبشة نجاشيٌّ آخر، فكتب إليه النبي صلى الله عليه وسلم كتابًا آخر يدعوه فيه إلى الإسلام.

 

الكتاب الثاني: كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل ملك الرُّوم، وأرسله مع دحية بن خليفة الكلبي رضي الله عنه يدعوه فيه إلى الإسلام، وأمره أن يدفعه إلى أحد أمرائه ليدفعه إلى هرقل، فلمَّا وصل الكتاب إلى هرقل سأل: هل أحد من قوم هذا النبي عندنا نسأله عنه؟ وكان عنده أبو سفيان مع رجال من قريش في تجارة لهم، فأرسل إليه، فأتوا بهم، فقال هرقل لترجمانه: إني سائله وقل لأصحابه: إن كذب عليَّ فكذَّبوه، فقال أبو سفيان: والله، لولا الحياء أن يأثر أصحابي عني الكذب لكذبْتُ عليه؛ ولكني استحييت منهم فصدقته، وهذا قبل إسلام أبي سفيان رضي الله عنه، فقال هرقل: ما نسبه فيكم؟ قال أبو سفيان: هو فينا ذو نسب، فقال هرقل: هل قال هذا منكم أحدٌ قبله؟ قال أبو سفيان: لا، فقال هرقل: هل كان من آبائه مَلِك؟ قال أبو سفيان: لا، فقال هرقل: وهل يتبعه الأشراف أم الضعفاء؟ قال أبو سفيان: بل يتبعه الضعفاء، فقال هرقل: أيزيدون أم ينقصون؟ قال أبو سفيان: بل يزيدون، فقال هرقل: هل يرتدُّون عنه؟ قال أبو سفيان: لا يرتدُّون، فقال هرقل: هل تتهمونه بالكذب؟ قال أبو سفيان: لا والله، لا نتِّهمه، فقال هرقل: فهل هو يغدر؟ قال أبو سفيان: لا والله، لا يغدر، فقال هرقل: بمَ يأمرُكم؟ قال أبو سفيان: كان يأمرنا بالتوحيد وعدم الشرك، ويأمرنا بالصلاة والصدق والصلة، فقال هرقل: فإن كان ما تقول حقًّا فسيملك موقِعَ قدميَّ هاتينِ.

 

ولمَّا قُرئ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم على هرقل اهتزَّ وتأثَّر وتحدَّث هرقل أنه سيسلم؛ ولكن لم توافقه حاشيتُه ومجالسوه على ذلك، وأكرم هرقل هذا الرسول الذي حمل الكِتاب وردَّ معه كتابًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال فيه: إني مسلم، وبعث بدنانير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قُرئ عليه كتاب هرقل: ((كذب عدوُّ الله، ليس بمسلمٍ، وهو على النصرانية))، ثم قسم النبي صلى الله عليه وسلم الدنانير على أصحابه، وكان هرقل آثر مُلْكَه وحاشيتَه على الإسلام والإيمان، وقد حارب هرقل المسلمين في غزوة مُؤْتة وهي بعد ذلك الكتاب بسَنَةٍ.

 

الكتاب الثالث: كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى كِسْرى ملك الفرس، وقد بعثه مع عبدالله بن حذافة السهمي رضي الله عنه، فلمَّا وصل الكِتاب إلى كِسْرى وقرئ عليه الكتاب أخذه ومزَّقَه، وقال: أيكتب إليَّ هذا وهو عبدي؟ يعني النبي صلى الله عليه وسلم وحاشاه من ذلك، فلمَّا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم دعا عليه أن يُمزِّقَه الله؛ أخرجه البخاري، وبعث كِسْرى إلى عامله، وقال له: ابعث رجلينِ جلدينِ قويينِ ليأتياني بهذا الرجل الذي خرج في الحجاز، ويزعم أنه نبيٌّ، ففعل الأمير ذلك، وذهب الرجلانِ إلى المدينة وقابلا النبي صلى الله عليه وسلم وقالا له ذلك الطلب، فتبسَّمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ودعاهما إلى الإسلام ثم أمرهما أن يأتياه من الغد، فجاءاه من الغد، فأخبرهما أن الله عز وجل قتل كِسْرى؛ حيث سلَّط عليه ابنَه، فرجعا إلى بلدهما، فوجدا أنَّ كِسْرى قد قُتِل، فأسلم الرجلانِ، وأسلم ذلك الأمير الذي أرسلهما، وأسلم من تحت يده، فسبحان من كانت الهداية بيده! وبعد هلاك قيصر سقطت دولتهم في خلافة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ فقد أخرج البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا هلك كِسْرى فلا كِسْرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتفتحنَّ كنوزَهما في سبيل الله))؛ رواه البخاري ومسلم.


الكتاب الرابع: كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس في مصر، وأرسله مع حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه، فلمَّا استلم المقوقس هذا الكتاب وقرأه، أكرم حاطبًا، وأخذ بتقبيل هذا الكتاب، وجمع بطارقته، وأخذ يحاور حاطبًا، ثم قال له بعد المحاورة: أنت حكيم جاء من عند حكيم، وأرسل ردًّا على كتاب النبي صلى الله عليه وسلم وكان ردًّا حسنًا؛ لكنه لم يسلم، وبعث مع الكِتاب بجاريتينِ، وكسوة وبغلة، ورجع حاطب رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بذلك، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ((ضَنَّ الخبيث بمُلْكه ولا بقاء لملكه))، وأخذ هديته، والجاريتانِ هما مارية القبطية وأختُها سيرين، فهذه مارية هي أمُّ إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم، وأمَّا الأخرى فأهداها النبي صلى الله عليه وسلم لجهم بن قيس رضي الله عنه، وقد ولدت زكريا الذي كان واليًا على مصر بعد عمرو بن العاص رضي الله عنه.

 

الكتاب الخامس: كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الحارث والي دمشق، فلمَّا وصل إليه الكتاب وقرأه رمى به، وقال: هذا محمد يريد أن ينتزع مني مُلْكي، وحشد الجيش ليُقاتل النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة؛ ولكن هرقل نقض عزمه عن ذلك، فلمَّا رجع الذي نقل الكتاب إلى المدينة، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك قال عليه الصلاة والسلام: ((بادَ مُلْكُه)) وهذا بمثابة الدعاء عليه، فمات وباد مُلْكُه بحمد الله تعالى.

 

الكتاب السادس: كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ملك اليمامة يدعوه إلى الإسلام، وقال فيه: ((اعلم أن ديني سيظهر على منتهى الخف والحافر، فأسْلِم تَسْلَم))، فلم يسلم، ودعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم فمات، هذه بعض الكتب التي أرسلها النبي صلى الله عليه وسلم إلى بعض الأقوام يدعوهم إلى الإسلام، وكلها كانت في شهر المُحرَّم من السنة السابعة، ويُلاحظ في تلك الرسائل أنه لم يُقتَل أحدٌ من حامليها إلى هؤلاء الأقوام والرؤساء؛ لأنها جَرَتْ عادتُهم أن الرُّسُل لا تُقتَل ولا تُسلَب.


أيُّها الكِرام، لعلَّنا نختم حلقتنا هذه ببعض الدروس والعِبَر، ونُكمِل فيما بعد من الحلقات تلك السيرة العطرة، فمن الدروس ما يلي:

 

الدرس الأول: أن كتابة الرسائل الدعويَّة من النبي صلى الله عليه وسلم للملوك والزُّعماء تعطي المسلم منهجًا في تواصي المسلم مع إخوانه وأحبابه عن طريق المراسلة والمكاتبة؛ سواء كانت المقروءة منها أو المسموعة، فما أجمل أن يصدر منك رسالةٌ مقروءة أو مسموعة أو تأتيك رسالة كذلك من أحد إخوانك وأحبابك فيها التوصية بالحقِّ والدلالة على الخير والترغيب فيه، فيا أخي، هل جرَّبْت هذا؟ إن لهذا وقعًا كبيرًا على أخيك عندما يقرأ أو يسمع رسالتك، ويكون ذلك سببًا للودِّ بينكما، وقد كان ذلك بين الصالحين من السابقين واللاحقين، وكم هو جميل أيضًا أن يطبقه المسلم مع غير المسلمين، يدعوهم فيه إلى الله تبارك وتعالى مُبيِّنًا محاسن الإسلام، ولا تيأس؛ لأنك أنت تفعل السبب والتوفيق بيد الله تبارك وتعالى، فقد يكون السبب سهلًا ويسيرًا؛ ولكن النتيجة عظيمة أمثال الجبال، وما أكثرَ تلك الوقائعَ عند الدُّعاة أو جمعيات الدعوة في بلدنا المبارك وفي غيره أيضًا! فلا نغفل عن هذا.


الدرس الثاني: لا تستبعد هداية أحد، فهذا النجاشي عندما أرسل إليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم الكتاب آمن وصلحت حالُه ومات على الإسلام، فعندما ترى خللًا في إخوانك، أو ترى كافرًا صادًّا عن سبيل الله تعالى ونحو ذلك، فلا تيأس؛ فقد يكون القدر بهدايته على يديك، ولو بذلت شيئًا يسيرًا من الجُهْد فلا تنظر إلى حجم جهدك؛ وإنما انظر إلى أن جهدك مهما كان يسيرًا فهو سبب، وأن الهداية من عند الله تبارك وتعالى، وقد يهتدي أحد على يديك وأنت لا تشعُر حيث اقتدى بك.


الدرس الثالث: مشروعية الصلاة على الغائب على خلاف بين أهل العِلْم متى تكون? فقال بعضهم: هي فيمن مات ولم يُصَلَّ عليه لظرف أو لآخر، وهو رواية عن أحمد، وقال به ابن تيمية وابن القيم وابن عثيمين وغيرهم، وقال آخرون: هي مشروعة على مَنْ كان له نفع للمسلمين وجاه، وهو رواية أيضًا عن أحمد، وقال به السعدي واللجنة الدائمة، وقيل في المسألة أقوال أخرى.


الدرس الرابع: في مقابلة هرقل لأبي سفيان قبل إسلامه، وسؤاله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو سفيان: لولا الحياء من أصحابي أن يأثروا عليَّ الكذب لكذبتُ عليه، قال هذا وهو على الكفر، فكيف بالمسلم الذي أمره الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بالصِّدْق في القول والعمل، فإن المسلم أوْلَى أن يكون صادقًا في قوله وفعله فيما يتعلَّق بعبادته أو معاملته مع المخلوقين؛ لأن الله عز وجل يراه ويسمعه قبل أن يراه ويسمعه الآخرون، وممَّا لا شكَّ فيه أن الكذب ضَعْفٌ في الشخصية، فلو تكاملت الشخصية ما احتاج إلى الكذب، ثم إنَّ الكذب من كبائر الذنوب، وأيضًا لو عرَف الناس كذبَه ما صدَّقُوه حتى فيما صدق فيه، وكل شيء بُنِي على الكذب فهو ممحوق البركة، والكذب حكمه التحريم؛ سواء في المزاح أو الجد؛ بل قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ويلٌ لمن يُحدِّث فيكذب ليضحك به القوم، ويل له، ويل له))؛ حديث حسن.


وإذا تتابع الكذب صار صاحبُه عند الله كذَّابًا، وما أجمل الصدق ولو كان عليك! فنجاة الآخرة أوْلَى من نجاة الدنيا، يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119]، وإذا كان الصادقون سيسألون عن صدقهم كما في قوله تعالى: ﴿ لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ ﴾ [الأحزاب: 8]، فكيف بالكاذبين؟ والكذب مُحرَّم سواء كان على صغير أو على بهيمة أو غيرهما؛ ولهذا يقول الشاعر:

عوِّد لسانَك قولَ الخيرِ تَحْظَ به
إنَّ اللِّسانَ لما عوَّدْتَ معتاد


فإيَّاك أخي المسلم أن يعثر الناس عليك بشيء من الكذب؛ خوفًا من الله تعالى، ثم حياء من الناس، والحياء لا يأتي إلَّا بخيرٍ، واحذر من الوعيد الشديد لمن يكذب الكذبة فتبلغ الآفاق؛ حيث ورد في حديث الرؤيا كما عند البخاري ((أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يُعاقَب، وعقوبته أنه يشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم المَلك في الرؤيا عن هذا المعاقب، فقال الملك: هو الرجل يكذب الكذبة فتبلغ الآفاق)).

 


وها هي وسائل التواصُل ترسلها فتبلغ الآفاق في وقت قصير، فاحذر الكذب كله صغيره وكبيره تفلح وتربح وُفِّقْت وبُورِكْتَ.


الدرس الخامس: أن هرقل عندما قرأ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم أعجبه الإسلام؛ بل وكاد أن يسلم؛ لكن الجلساء والحاشية كانوا عائقًا له بقدر الله تعالى الكوني، وذلك مماثل لما حصل لأبي طالب عندما كاد أن يُسلِم، فكان تأثير الجلساء عائقًا له عن ذلك، ومن هذا نأخذ درسينِ عظيمينِ: الأول أن هداية التوفيق هي بيد الله تبارك وتعالى، فلنسأله إيَّاها لنا ولغيرنا مع بذلنا لهداية الدلالة والإرشاد، والثاني أن الجليس له أثره الإيجابي أو السلبي على صاحبه، فاختر جلساءك، فمن خلالهم ستملأ ميزانك بالحسنات، إن كانوا صالحين وإيجابيين، وقد يمتلئ ميزانك بالسيئات إن كانوا فاسدين سلبيين، والأمر جد خطير؛ فهو له تعلُّق كبير في الحياة الدنيا وفي الآخرة، فكم ستجني من الخير إذا كان جليسُك صالحًا، وكم ستجني من الشَّرِّ إذا كان جليسُك سيئًا? وها هي الحياة ستسير على هذا المنوال وأنت فرس الميدان، والتوفيق بيد الله تبارك وتعالى، فاعرف ما ينفعك دنيا وأُخْرى وتمسَّك به.


الدرس السادس: من دلائل النبوة ومن معجزات النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخبر الصحابة بقتل كِسْرى مباشرة من دون إعلام وإخبار من أحد من البشر؛ حيث بُعْد المسافة؛ ولكنه الوحي الإلهي للرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، وهذا ممَّا يقوِّي عقيدة المؤمن برسالة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنها حَقٌّ من ربِّ العالمين، وهذه المعجزات هي من المثبتات على الحق بإذن الله تبارك وتعالى؛ لأنها خوارق للعادة على يد النبي صلى الله عليه وسلم، والقراءة فيها هي من مقويات الإيمان ومغذياته.

 

أيُّها الكرام، إن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم هي مجموعة الأحكام والأخلاق والشمائل، والقراءة فيها ممتعة ومفيدة، فأقترح عليك أيها الأب المبارك، ويا أيتها الأم المباركة، أن تجعلا لأسرتكما درسًا أسبوعيًّا ولو مختصرًا بوقت يسير تقرؤون في تلك السيرة بالتسلسل المعروف؛ لتعرفوا هَدْيَ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وتُصحِّحُوا مفاهيمَ أولادِكم، وتُصحِّحُوا أيضًا أخلاقهم وألفاظهم، وأيضًا لتكون زادًا علميًّا لكم ولهم، وكافيكم حضور الملائكة في منازلكم، وغشيان الرحمة لكم، ونزول السكينة عليكم، وأيضًا كذلك ذكر الله تعالى لكم في الملأ الأعلى، فيالها من أرباح عظيمة لو تفهمناها، فلنعمل ذلك لينشأ أولادُنا عليه ويُنشِّئوا أيضًا أولادَهم كذلك، فيكون صدقةً جاريةً لكم، أملي كبير أن تقبلوا ذلك المقترح، وأن يكون واقعًا عمليًّا، ومن الكُتُب المقترحة في ذلك ما يلي: الكتاب الأول اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون للشيخ موسى العازمي، والكتاب الثاني كتاب الرحيق المختوم للمباركفوري؛ فهما كتابانِ شيقان وسلسان ومتممان للفائدة، فيهما من الخير والعلم والدروس والعِبَر ما الله به عليم، فإن هذا إذا كان دأبًا لنا ولأولادنا؛ فإن هذا من باب طلب العلم، ومن باب تصحيح المفاهيم، ومن باب أيضًا الاقتداء ومعرفة حالة النبي عليه الصلاة والسلام في مأكله ومشربه وملبسه ومركبه، وفي لفظه وعبادته ومع أهله وأصحابه حتى مع غير المسلمين، فما أحوجنا أيها الكِرام إلى معرفة ذلك عن نبيِّنا عليه الصلاة والسلام عن كثب! حتى نقتدي به الاقتداء اللازم، وحتى تهدأ أفكارُ أولادِنا فيما هو صواب لها ونافع لها في دُنْياها وأُخْراها، أمَّا أن يتشرَّدُوا في قراءات أخرى من هنا أو هناك، فإن هذا قد يكون ضررًا عليهم، أمَّا قراءتهم وإشرافنا عليهم من السيرة، فإن هذا لا شَكَّ أنه خيرٌ عظيمٌ سيق إلينا. أسأل الله تبارك وتعالى لنا جميعًا أن يصلح نيَّاتنا وذريَّاتنا، وأن يغفر لنا ولوالدينا والمسلمين، وأن يوصلنا دار السلام بسلام، وأن يجعلنا ممَّن يؤتنا الحكمة، وصلَّى الله وسلِّم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • خاتم النبيين (6)
  • خاتم النبيين (7)
  • خاتم النبيين (8)
  • خاتم النبيين (9)
  • خاتم النبيين (10)
  • خاتم النبيين (11)
  • خاتم النبيين (12)
  • خاتم النبيين (13)
  • خاتم النبيين (23) حادثة الإفك
  • خاتم النبيين (24) غزوة الخندق
  • خاتم النبيين (25) مواقف ودروس من غزوة الخندق
  • خاتم النبيين (26) غزوة بني قريظة
  • خاتم النبيين (27)
  • خاتم النبيين (28)
  • خاتم النبيين (29)
  • خاتم النبيين (30)
  • خاتم النبيين (32) أحداث السنة السابعة من الهجرة
  • خاتم النبيين (33)
  • خاتم النبيين (34) أحداث وقعت بعد غزوة خيبر
  • خاتم النبيين (35) أحداث السنة الثامنة من الهجرة
  • خاتم النبيين (36) أحداث غزوة مؤتة

مختارات من الشبكة

  • مقتطفات من سيرة نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام المرسلين (2)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • مقتطفات من سيرة نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام المرسلين (1)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بكونه خاتم النبيين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عبودية خاتم النبيين والمرسلين صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المبين لأخلاق خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين (باللغة الهندية)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين (باللغة البشتو)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم(مقالة - ملفات خاصة)
  • خاتم النبيين (لا نبي بين محمد وعيسى عليهما الصلاة والسلام)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتم النبي محمد صلى الله عليه وسلم(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أول إفطار جماعي في رمضان في هونغ كونغ منذ 2019
  • مسلمو مدينة سينسيناتي يوزعون 30 ألف وجبة إفطار خلال رمضان
  • افتتاح أكبر مسجد بجنوب داغستان
  • مؤتمر عن "أثر الصيام في حياة الإنسان" في ألبانيا
  • ورشة عمل ترفيهية للأطفال استقبالا لرمضان في أونتاريو
  • التحضير لإطعام المئات خلال شهر رمضان بمدينة فيلادلفيا
  • أعداد المسلمين تتجاوز 100 ألف بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • فيلا بارك يستضيف إفطار للصائمين للمرة الأولى

  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/9/1444هـ - الساعة: 0:49
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب