• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ذنوب الخلوات تأكل الحسنات (خطبة)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    حديث: اطلبوه واقتلوه
    الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك
  •  
    شرار الناس
    بكر البعداني
  •  
    توجيه إلى أئمة المساجد والخطباء عن اجتماع الكسوف ...
    الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم
  •  
    تراكم الذنوب
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    من فضل ترديد الأذان: ترديد الأذان بصدق وإخلاص سبب ...
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الغاية من خلق المكلفين تحقيق العبودية
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    تفسير قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    حديث: اشتركت أنا وعمار وسعد
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    السلام عنوان وشعار الإسلام (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    الاستطالة على الأعراض (خطبة)
    د. عبدالعزيز حمود التويجري
  •  
    القرآن في قلوبنا
    محمود إبراهيم بدوي
  •  
    النصيحة من الغيبة والنميمة (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    نجاة أهل العصر في سورة العصر (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    اعلم أيها المغرور أن النذور لا تغير المقدور
    الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد
  •  
    تفسير: (فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون ...
    تفسير القرآن الكريم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

سورة البقرة (5) تقرير الربوبية

سورة البقرة (5) تقرير الربوبية
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/6/2022 ميلادي - 1/11/1443 هجري

الزيارات: 4978

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سورة البقرة (5)

تقرير الربوبية


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْخَلَّاقِ الْعَلِيمِ، خَلَقَ الْخَلْقَ بِلَا حَاجَةٍ إِلَى خَلْقِهِمْ؛ فَلَا يَسْتَقْوِي بِهِمْ مِنْ ضَعْفٍ، وَلَا يَغْتَنِي بِهِمْ مِنْ فَقْرٍ، وَلَا يَسْتَكْثِرُ بِهِمْ مِنْ قِلَّةٍ؛ فَهُوَ الْغَنِيُّ عَنِ الْعَالَمِينَ، نَحْمَدُهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَسْتَغْفِرُهُ اسْتِغْفَارَ التَّائِبِينَ، وَنَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِهِ الْعَظِيمِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ يُحَبُّ لِذَاتِهِ وَلِأَسْمَائِهِ وَلِصِفَاتِهِ وَلِأَفْعَالِهِ، فَقَدْ دَلَّتْ أَفْعَالُهُ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَعِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَخْبَرَ أَنَّ سُورَةَ الْبَقَرَةِ تُحَاجُّ عَنْ صَاحِبِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَمَرَ بِقِرَاءَتِهَا فَقَالَ: «اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ» صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَالْزَمُوا الْقُرْآنَ؛ فَإِنَّهُ كِتَابُ هِدَايَةٍ لِأَهْلِ التَّقْوَى ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 2].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: سُورَةُ الْبَقَرَةِ سُورَةٌ طَوِيلَةٌ عَجِيبَةٌ، عَظِيمَةُ النَّفْعِ، كَثِيرَةُ الْعِلْمِ، غَزِيرَةُ الْمَعَانِي، مَلِيئَةٌ بِالْفَوَائِدِ. وَمِنْ أَبْرَزِ مَا جَاءَ فِيهَا تَقْرِيرُ رُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ؛ لِيَعْلَمَ قَارِئُهَا مَنْ هُوَ رَبُّهُ، وَمَا هِيَ أَفْعَالُهُ، وَلِمَاذَا خَلَقَهُ، وَمَاذَا يُرِيدُ مِنْ عِبَادِهِ.

 

وَفِي بِدَايَاتِ السُّورَةِ بَيَانٌ لِآيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْخَلْقِ وَتَذْلِيلِ الْأَرْضِ، وَبِنَاءِ السَّمَاءِ، وَإِنْزَالِ الْمَاءِ، وَإِخْرَاجِ الثَّمَرَاتِ، وَتَسْخِيرِ ذَلِكَ لِبَنِي آدَمَ؛ لِيَعْلَمَ الْعَبْدُ نِعْمَةَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ بِالْخَلْقِ وَالتَّسْخِيرِ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 21- 22]. وَبَعْدَهَا بِآيَاتٍ تَذْكِيرٌ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ بِالْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ، فَلَا يَتَوَجَّهُونَ لِغَيْرِهِ، وَلَا يَتَعَلَّقُونَ بِسِوَاهُ سُبْحَانَهُ ﴿ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 28- 29].

 

وَلِلَّهِ تَعَالَى فِي أَفْعَالِهِ حِكَمٌ بَاهِرَةٌ، وَحُجَجٌ بَالِغَةٌ، لَا يَعْرِفُ كَثِيرًا مِنْهَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَتَجَلَّى بَيَانُ ذَلِكَ فِي قِصَّةِ خَلْقِ الْبَشَرِ: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 30]. نَعَمْ.. فَهُوَ سُبْحَانَهُ يَعْلَمُ مِنَ الْحِكَمِ فِي خَلْقِ الْبَشَرِ مَا لَمْ يَعْلَمْهُ الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ، الْمُسَبِّحُونَ بِحَمْدِهِ وَقُدْسِهِ. فَهُوَ سُبْحَانَهُ لَا يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُ إِلَّا عَنْ عِلْمٍ وَحِكْمَةٍ، فَبَرْهَنَ لِلْمَلَائِكَةِ عَلَى ذَلِكَ، فَأَذْعَنُوا لَهُ سُبْحَانَهُ وَسَبَّحُوا ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 31- 33].

 

وَكَمَا كَانَتْ لَهُ الْحِكْمَةُ الْبَاهِرَةُ فِي خَلْقِهِ كَانَتْ لَهُ الْحِكْمَةُ كَذَلِكَ فِي شَرْعِهِ؛ فَلَا يُنَزِّلُ آيَةً إِلَّا لِحِكْمَةٍ، وَلَا يُشَرِّعُ شَرِيعَةً إِلَّا لِحِكْمَةٍ، وَمَنْ خَلَقَ فَمَلَكَ فَهُوَ الرَّبُّ الْمُشَرِّعُ وَحْدَهُ، وَمَنْ لَا يَخْلُقُ فَهُوَ عَبْدٌ مَرْبُوبٌ، فَلَا يَحِقُّ لَهُ أَنْ يُشَرِّعَ شَيْئًا، وَهُوَ مَا جَاءَ فِي بَيَانِ نَسْخِ شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ: ﴿ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 106- 107].

 

وَمَنْ جَهِلُوا مَقَامَ الرُّبُوبِيَّةِ، وَجَهِلُوا اسْتِغْنَاءَ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ عَنِ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ؛ ظَنُّوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَتَّخِذُ وَلَدًا، فَزَعَمُوا لَهُ الْوَلَدَ، فِي جَهْلٍ عَنْ جَلَالِهِ وَكَمَالِهِ، وَعَمًى عَنِ النَّظَرِ إِلَى بَدِيعِ خَلْقِهِ وَإِتْقَانِهِ، وَشَكٍّ فِي عَظِيمِ قُدْرَتِهِ وَسُلْطَانِهِ: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ * بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 116- 117].

 

وَمِنْ دَلَائِلِ رُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى: تَدْبِيرُهُ سُبْحَانَهُ لِهَذَا الْكَوْنِ الْعَامِرِ بِلَيْلِهِ وَنَهَارِهِ، وَحَرَكَتِهِ وَسُكُونِهِ، وَرِيَاحِهِ وَسُحُبِهِ، وَكُلِّ مَخْلُوقَاتِهِ وَتَفْصِيلَاتِهِ، وَأَجْزَائِهِ وَتَعْقِيدَاتِهِ ﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 163- 164].

 

وَسُنَّةُ التَّدَافُعِ سُنَّةٌ رَبَّانِيَّةٌ قَضَاهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْبَشَرِ؛ لِيَكُونَ التَّنَافُسُ بَيْنَهُمْ، فَتَعْمُرَ الْأَرْضُ وَتُزْهِرَ بِتَنَافُسِهِمْ وَصِرَاعِهِمْ. وَتَفْضِيلُ الْبَشَرِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَاصْطِفَاءُ بَعْضِهِمْ؛ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى يَدُلُّ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ عَزَّ وَجَلَّ، كَمَا أَنَّ تَأْيِيدَهُ لِرُسُلِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ بِالْمُعْجِزَاتِ مِنْ دَلَائِلِ رُبُوبِيَّتِهِ الَّتِي لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا غَيْرُهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَكُلُّ ذَلِكَ جَاءَ فِي آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ * تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 251- 253].

 

وَآيَةُ الْكُرْسِيِّ الَّتِي تُقْرَأُ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَتُقْرَأُ قَبْلَ النَّوْمِ، فِيهَا مِنْ دَلَائِلِ الرُّبُوبِيَّةِ مَا بَوَّأَهَا أَنْ تَكُونَ أَفْضَلَ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ؛ إِذْ فِيهَا إِثْبَاتُ الْحَيَاةِ الْكَامِلَةِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِثْبَاتُ دَوَامِ الْقَيُّومِيَّةِ لَهُ سُبْحَانَهُ، وَهِيَ اسْتِغْنَاؤُهُ سُبْحَانَهُ عَنْ كُلِّ مَوْجُودٍ، وَافْتِقَارُ كُلِّ مَوْجُودٍ إِلَيْهِ، فَلَا قِيَامَ لَهُ إِلَّا بِخَالِقِهِ وَرَازِقِهِ وَمُدَبِّرِهِ وَهَادِيهِ لِمَا يُصْلِحُهُ، وَفِيهَا تَنْوِيهٌ بِعِلْمِهِ الْمُحِيطِ بِكُلِّ شَيْءٍ، وَبِسِعَةِ مُلْكِهِ بِسِعَةِ كُرْسِيِّهِ الَّذِي هُوَ مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ، وَبِكَمَالِ قُدْرَتِهِ وَقُوَّتِهِ فَلَا يُثْقِلُهُ خَلْقُهُ وَلَا تَدْبِيرُهُ وَلَا حِفْظُهُ، مَعَ إِثْبَاتِ الْعُلُوِّ الْمُطْلَقِ لَهُ، وَإِثْبَاتِ الْعَظَمَةِ الَّتِي تَتَضَاءَلُ عِنْدَهَا عَظَمَةُ الْجَبَابِرَةِ، وَتَصْغُرُ فِي جَانِبِهَا أُنُوفُ الْمُلُوكِ الْقَاهِرَةِ، فَسُبْحَانَ مَنْ لَهُ الْعَظَمَةُ الْعَظِيمَةُ، وَالْكِبْرِيَاءُ الْجَسِيمَةُ، وَالْقَهْرُ وَالْغَلَبَةُ لِكُلِّ شَيْءٍ ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 255].

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 123].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: فِي آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ دَلَائِلِ الرُّبُوبِيَّةِ مَا يُبْهِرُ الْعُقُولَ، وَيَسْتَوْلِي عَلَى الْقُلُوبِ، فَيَمْلَؤُهَا تَعْظِيمًا لِلَّهِ تَعَالَى وَذُلًّا لَهُ وَمَحَبَّةً وَإِجْلَالًا، وَيَدْفَعُهَا إِلَى عُبُودِيَّتِهِ وَخَشْيَتِهِ وَرَجَائِهِ، وَهِيَ الْآيَاتُ الَّتِي نَاظَرَ فِيهَا الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمَلِكَ الْكَافِرَ الَّذِي ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ، فَأَفْحَمَهُ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِذِكْرِ دَلَائِلِ رُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَلْيُغَيِّرْهَا إِنِ اسْتَطَاعَ. وَقِصَّةُ الرَّجُلِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى آيَةً بِإِمَاتَتِهِ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ إِعَادَتِهِ لِلْحَيَاةِ، وَعَدَمِ فَسَادِ طَعَامِهِ وَشُرْبِهِ رَغْمَ مُرُورِ قَرْنٍ مِنَ الزَّمَانِ عَلَيْهِ، وَبَعْثِ الْحِمَارِ أَمَامَهُ وَقَدْ صَارَ رَمِيمًا، فَمَا أَعْظَمَهَا مِنْ آيَةٍ عَلَى الرُّبُوبِيَّةِ، وَمَا أَدَلَّهُ مِنْ بُرْهَانٍ عَلَى الْقُدْرَةِ الرَّبَّانِيَّةِ. وَيُكَرَّرُ ذَلِكَ مَعَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ خَلَطَ أَجْزَاءَ الطُّيُورِ الْمَيْتَةِ، وَفَرَّقَهَا عَلَى الْجِبَالِ، ثُمَّ أَمَرَهُنَّ أَنْ يَأْتِينَهُ فِي الْحَالِ فَأَحْيَاهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَعَادَ كُلُّ جُزْءٍ مِنْهَا إِلَى جُزْئِهِ؛ دَلِيلًا عَلَى الْقُدْرَةِ وَالرُّبُوبِيَّةِ ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 258-260].

 

فَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ وَهُوَ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي تَدُلُّهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَتُبْرِزُ لَهُ شَيْئًا مِنْ قُدْرَتِهِ وَعَظَمَتِهِ أَنْ يَتَدَبَّرَهَا، وَيَفْهَمَ مَعَانِيَهَا، وَيَتَأَمَّلَ مَا فِيهَا مِنْ دَلَائِلِ رُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَا قُوَّةَ لِلْعَبْدِ إِلَّا بِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • مقدمة بين يدي تفسير سورة البقرة
  • موضوعات سورة البقرة (4)
  • موضوعات سورة البقرة (5)
  • موضوعات سورة البقرة (6)
  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: تفسير الآيتين (6-7) من سورة البقرة
  • هدايات سورة البقرة (خطبة)
  • سورة البقرة (6) تقرير الألوهية
  • سورة البقرة (7) آيات الصلاة

مختارات من الشبكة

  • مظاهر الانحراف في توحيد الربوبية ( الشرك في الربوبية )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توحيد الربوبية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سورة آل عمران (2) تقرير الربوبية(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • لطائف وإشارات حول السور والآي والمتشابهات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معنى توحيد الربوبية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العلم بالله تعالى (7) مواقف للأنبياء في تقرير الربوبية(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • معنى السورة لغة واصطلاحا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هل كان اعتقاد مشركي الجاهلية في الربوبية صحيحا؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سور المفصل 212 - سورة الأعلى ج 1 - مقدمة لتفسير السورة(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • العلم بالله تعالى (5) الأساليب القرآنية في إثبات الربوبية (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسلمو تورنتو يوفرون حافلة للنوم خلال فصل الشتاء من أجل المشردين
  • افتتاح أكبر مسجد بإقليم آكيتن الفرنسي
  • مسجد ينظم يوما للتبرع بالدم لمساعدة المرضى بمدينة ليون الإسبانية
  • عدد المسلمين ينمو 4 أضعاف بمنطقة Castilla y Leon الإسبانية
  • مجموعة إسلامية تقدم الدعم للمحتاجين في المملكة المتحدة
  • مؤسسة إسلامية ونادي كرة قدم يتعاونان لمساندة فقراء بيرنلي
  • المسلمون يفتتحون أكبر مقبرة إسلامية في هولندا
  • توسيع مسجد بمدينة ميدلزبره الإنجليزية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 6/7/1444هـ - الساعة: 12:4
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب