التنبيه والتحذير من بدع وأحاديث ضعيفة متعلقة بشهر رمضان

التَّنبيه والتَّحذيرُ من بدعٍ وأحاديث ضعيفة وموضُوعة

مُتعلِّقة بشهرِ رمضان

لقد رأيتُ -أخي المسلم- أنَّه من تمام الفائِدة، أن نُنبِّه على بعض البدع المتعلِّقة بشهر رمضان المبارك؛ إظهارًا للحقِّ، وتحذيرًا للنَّاس، وتذكيرًا للأخوة الصَّائمين بأمورٍ ليست من هَدي سيِّد المرسلين، بل هي من محدثاتِ الأمور التي هي أخطر على هذا الدِّين، من المعاصي والمنكرات والآثام، ولذلك كثُرت الأحاديث النَّبويَّة الصَّحيحةُ التي تذمُّ البدع وتحذِّر منها؛ فعلينا جميعًا بالإتِّباع، والحذر والنُّفور من الابتداع.

وقبل الشروع في سَردها لا بُدَّ من ذكر القواعد، والأُسس التي بُنيَ عليها هذا المقال فأقول:

[إنَّ البدعة المنصوص على ضلالتِها من الشَّارع، هي كالآتي:

أولًا: كلّ ما عارضَ السُّنة من الأقوال، والأفعال، والعقائِد، ولو كانت عن اجتهاد.

ثانيًا: كلّ أمرٍ يُتقرَّب إلى الله به، وقد نهى عنه رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

ثالثًا: كل أمرٍ لا يُمكن أن يشرع إلاَّ بنصٍّ أو توقيف، ولا نصَّ عليه، فهو بدعة إلاَّ ما كان عن صحابي، تكرَّرَ ذلك العمل منه دون نَكير.

رابعًا: ما أُلصق بالعبادة من عادات الكفَّار.

خامسًا: ما نصَّ على استحبابه بعض العلماء، سيَّما المتأخِّرين منهم، ولا دليل عليه.

سادسًا: كلّ عبادة لم تأت كيفيَّتها إلاَّ في حديث ضعيفٍ، أو موضوع.

سابعًا: الغلوّ في العبادة.

ثامنًا: كلّ عبادةٍ أطلقها الشَّارع، وقيَّدها النّاسُ ببعض القيود، مثل: المكان، أو الزمان، أو صِّفة، أو عدد][1].

وإليك الآن ذكر البدعِ على ترتيب يوم الصَّائم، وبالله وحده أستعين:

أولًا: بدع الصَّوم:

أ - من بدع السَّحور والأذان:

1- تعجيلُ السّحور، وإيقاع الأذان الثَّاني قبل الفجر (الصَّادق) في رمضان، بدعوى الاحتياط. ["إصلاح المساجد" (ص/135) للقاسمي، و"فتح الغفور" (ص/41)]

2- بدعة الإمسَاك قبل الفجر. ["تمام المنّة" (ص/415)، و"فتح الباري" (4/199)]

3- إخراج الطَّعام والشَّراب من الفم إذا سمع الأذان. ["إتحاف النّبلاء" (ص/27)]

4- تَمطيطُ أذان السّحور. ["إصلاح المساجد" (ص/135)]

5- التَّعبد بترك السّحور. ["معجم البدع" (ص/361)]

6- التَّلفظُ بالبنّية عند السّحور. [انظر: "إتحاف النبلاء" (ص/19)]

7- إيقاظ النَّاس للسّحور بالضَّرب على الطَّبلِ، أو على الأبواب، أو بضرب المدافع. ["إصلاح المساجد" (ص/135)، و"الاعتصام" للشاطبي (2/ 103)].

ب - من بدع الصَّوم والإفطار، وغير ذلك:

1- صيام يوم الشَّك بنيَّة صوم رمضان، من غير أن يُوافق عادته في الصِّيام. ["معجم البدع" (ص/360)، و"فتح الغفور" (ص/39)]

2- صيام النِّساء وهُنَّ حُيَّض، مع تركهِنَّ للصَّلاة، وقُبيل الفجر يأخُذن جرعة ماء. ["معجم البدع" (ص/362)]

3- تأخير أذان المغرب بزعم الاحتياط، وتأخير الإفطار بدعوى تمكينِ الوقت. ["فتح الباري" (4/199)]

4- الإمساك في رمضان عن الكلامِ، واستعمال ألفاظ القرآن في الكلام. [انظر: "تلبيس إبليس" (ص/183) بتحقيقي، ط/دار الإمام مالك]. ( قلت: وهذا من أفاعيل المتصوِّفة وأفراخهم).

5- الإمساك عن السِّواك بعد الزوال.

6- السَّفر في رمضان من أجل الإفطار.

7- تحويش الخطباء على المنابر في آخر جمعة من رمضان، حيث يقولون: "لا أوحش الله منك، يا رمضان، لا أوحش الله منك يا شهر القرآن..". ["فتح الغفور" (ص/46)]

8- تركُ غالب النَّاس للصَّلاة طُول السُّنة، فإذا جاء رمضان صلّوا، وصاموا، وطَقْطَقُوا بالسّبح. ["معجم البدع" (ص/207)، و"السُّنن والمبتدعات" (ص/157)]

9- قولهم عند رؤية الهلال: "هلَّ هلالك شهر مبارك، يا شهر القرار؛ يا شهر التراويح، يا شهر المصابيح". ["فتح الغفور" (ص/39)، و"فضائل رمضان" (ص/47)]

10- ما يفعله بعض العامَّة من رفع الأيدي إلى الهلال عند رؤيته، يستقبلونه بالدُّعاء قائلين: "هل هلالك، جلَّ جلالك، شهر مبارك". ["الإبداع في مضار الابتداع" (ص/303)، و"معجم البدع" (ص/666)].

ثانيًا: بدع القيام (صلاة التراويح).

1- نقرُ صلاة التَّراويح، كنَقْرِ الغُراب، والإسراع فيها مع الهذِّ، والهذرمة في التلاوة. ["فتح الغفور" (ص/39)، و"السُّنن والمبتدعات" (ص/154)]

2- الذكر بطريقة الجوقة في المسجد، بعد الاستراحة في التراويح. ["بدع القُرَّاء" (ص/24)]

3- ما أُحدِث في صلاة التَّراويح من قولهم عقب الركعتين الأوليين منها: "الصَّلاة والسَّلام عليك، يا أوَّل خلق الله". ["معجم البدع" (ص/99)، و"الإبداع" (ص/285)]

4- قول الإمام عند القيام للتراويح: "صلاة التراويح من شهر رمضان رحمكم الله". [المصدر السابق (ص/99)]

5- قولهم عند صلاة التراويح: "صلوا يا حُضَّار على النَّبي المختار". ["السُّنن والمبتدعات"(ص/53)، و"معجم البدع" (ص/330)]

6- قولهم عند صلاة التراويح: "صلاة القيام أثابكم الله". ["السُّنن والمبتدعات" الشقيري (ص/53)]

7- اجتماع واختلاط الرِّجال والنِّساء في التراويح، وغيرها. ["بدع القرَّاء" (ص/30)، و"معجم البِدع" (ص/99)]

8- الاقتصار على سورة معيَّنة في القيام، والتزام ذلك.

9- تخصيص القنوت في النِّصف الثَّاني من قيام رمضان. ["معجم البدع" (ص/98)]

10- قيام النَّاس على صلاة خاصَّةٍ بليلة القدر، وهي صلاةٌ موضوعة. ["فضائل رمضان" (ص/47)]

11- ترك القيام باقي ليالِ رمضان بعد الختم. ["بدع القراء" (ص/25)]

12- إحياء ليلة العيد. ["فتح الغفور" (ص/41)].

13- استئجار القُّراء للقراءة في ليالي رمضان بالأُجرة، بدعةٌ مذمُومة. ["فضائل رمضان" (ص/38)]

14- القيام عند الختم بسَجداتِ القرآن. ["معجم البدع" (ص/99)]

ثالثًا: بدع الاعتكاف.

1- الاعتكاف بلا صيام، وقول بعضهم: نويتُ الاعتكاف في هذا المسجد ما دمتُ فيه. ["قيام رمضان" (ص/37) للألباني]

2- تشبيه الخُلوة التي يفعلها أرباب الصُّوفية بالاعتكاف بدعة. ["معجم البدع" (ص/409)، و"فتح الغفور" (ص/40)]

3- ما يفعله البعضُ من الغِناء، والنَّشيد أثناء الاعتكاف، والاعتكاف في المغاراتِ والكهوف. ["معجم البدع" (ص/409)].

وسائِر هذه البدع وغيرها، موجودةٌ في مُعظَم بلاد المسلمين، ولو استقصَينا ذكرَ البدع، لعسُرَ الأمر وطَال، وإنَّما المراد هنا: التَّنبيه والتَّذكير؛ والله المستعان.

التَّنبيهُ على بعض الأحاديث الضَّعيفة والموضوعة في الباب:

وهذه أيضًا بعض الأحاديث التي لا تصحُّ في شهر رمضان، أحببتُ أن أنبِّه عليها وأُحذِّر منها، وذلك رغبةً منِّي في نُصح المسلمين، والذَّبِ عن سُّنة سيّد المرسلين، وسوف أذكرها هنا دون استيعابٍ، أو استقصاءٍ، أو تَتَبُع، وإنمَّا اقتصرُ فيها على بيان درجتها من الضَّعف، أو الوضْعٍ، ومكان تخريجها، والكلام عليها في كُتُب أهل العلم بالحديثِ.

فأقول وبالله التوفيق:

1- "صُومُوا تَصِحُّوا" [ضعيف؛ كما في "ضعيف الجامع" (رقم: 3504)، و"صفة صوم النَّبي" (ص/111)]

2- "لاَ تَقُولُوا: رَمَضَانُ؛ فإنَّ رَمَضَانَ اسمٌ مِنْ أسْمَاءِ اللهِ، وَلكِنْ قُولُوا: شَهْرُ رَمَضَانَ. [باطل وموضوع؛ "الفوائد المجموعة" (ص/87)، و"الضَّعيفة" (رقم/6768)]

3- "لَوْ يَعْلَمُ العِبَادُ مَا فِي رَمَضَانَ لَتَمَنَّتْ أُمَّتِي أَنْ يَكُونَ السَّنَةَ كُلَّهَا..."، [موضوع؛ "الفوائد المجموعة" (ص/88) ، و"الموضوعات" (2/189) لابن الجوزي]

4- "رَجَبُ شَهْرُ اللَّهِ، وَشَعْبَانُ شَهْرِي، وَرَمَضَانُ شَهْرُ أُمَّتِي". [ضعيف؛ "الفوائد المجموعة" (ص/100)، و"ضعيف الجامع" (رقم/3094)]

5- "مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ رُخْصَةٍ وَلَا مَرَضٍ لَمْ يَقْضِ عَنْهُ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ وَإِنْ صَامَهُ". [ضعيف؛ "تمام المنة" (ص/396)، و"ضعيف الجامع" (رقم/5462)]

6- "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَعَرَفَ حُدُودَهُ وتحفَّظ مَا ينبغي أن يتحفَّظ كَفَّرَ ما قبله" [ضعيف؛ "تمام المنة" (ص/395)، و"الضَّعيفة" (رقم/5083)]

7- "مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ من غير رخصَةٍ ولا عُذْرٍ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ ثَلاثِينَ يَوْمًا وَمَنْ أَفْطَرَ يَوْمَيْنِ كَانَ عَلَيْهِ سِتُّونَ.." [ضعيف جدًا؛ "الفوائد المجموعة" (ص/94)]

8- "ذَاكِرُ اللَّهِ فِي رَمَضَانَ مَغْفُورٌ لَهُ، وَسَائِلُ اللَّهِ لَا يَخِيبُ". [موضوع؛ "ضعيف الجامع" (رقم/3038)، و"الضّعيفة" (رقم/3621)]

9- "إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ دَعْوَةً لا تُرَدُّ". [ضعيف؛ "الإرواء" (رقم/921)]

10- "ثَلاثَةٌ لا تُرَدُّ دَعْوَتُهم: الصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ، والإِمَامُ العادلُ، ودعوةُ المَظْلُومِ". [ضعيف؛ "تمام المنة" (رقم/312)، و"الضّعيفة" (رقم/1358)]

11- "كانَ النبَّيّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إذا أَفْطرَ قالَ: اللَّهُمَّ لَكَ صُمْنَا وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْنَا، اللَّهمَّ تَقَبَّل منَّا إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العًلِيم".[ضعيف؛ "الإرواء" (رقم/919)، و"العُجالة" للهلالي (رقم/481)]

12- "إِنْ شَاءَ فرّقَ وإِنْ شَاءَ تَابعَ" (أي: في قضاء رمضان). [ضعيف؛ "الإرواء" (رقم/943)، و"التَّلخيص" (6 / 434) لابن حجر]

13- "الوِتْرُ أَوَّلَ اللَّيْلِ سَخَطٌ لِلشَّيْطَانِ، وَأَكْلُ السَّحُورِ مَرْضَاةٌ لِلرَّحْمَنِ". [موضوع؛ "الفوائد المجموعة" (رقم/85) للشَّوكاني]

14- "الصَّائِمُ فِي عِبَادَةٍ مَالَمْ يَغْتَبْ". [ضعيف جدًا؛ "الضَّعيفة" (رقم/1829)، و"تبييض الصَّحيفة بأصول الأحاديث الضَّعيفة" (2/74)]

15- "نَوْمُ الصَّائِم عبَادةٌ، ..." [ضعيف؛ "تبييض الصحيفة" (2/79)، و"ضعيف الجامع" (رقم/5972)]

وغيرها كثيرٌ، والإحاطة به أمرٌ عَسير، فلا حول ولا قوة إلاَّ بالله العليِّ الكبير.

والحمد لله ربِّ العالمين