• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الوصية بالإكثار من الاستغفار
    السيد مراد سلامة
  •  
    الوقت في حياة الدعاة إلى الله تعالى
    عبدالله بن عبده نعمان العواضي
  •  
    مبطلات الصيام
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    من سلسلة أحاديث رمضان حديث: لا تزالون بخير ما دام ...
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    من سلسلة أحاديث رمضان حديث: يأتي على الناس زمان، ...
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مكروهات الصيام
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    هم الرزق (خطبة)
    الشيخ مشاري بن عيسى المبلع
  •  
    الوصية بذكر الله
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: رمضان... ودأب الصالحين (القيام)
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    الفاتحة وشرط المتابعة
    محمد بن سند الزهراني
  •  
    خطبة: الستر على المسلمين
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    مظاهر اليسر في الصوم (2): الفطر لأهل الأعذار
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    الخلف وسوء الأخلاق في رمضان
    هيام محمود
  •  
    أحكام اللقطة في الطريق
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    نوازل معاصرة في الصيام (خطبة)
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    من آداب الصيام: تأخير السحور
    الشيخ ندا أبو أحمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ
علامة باركود

المنح الربانية في ذكر بعض الخصائص المحمدية (خطبة)

المنح الربانية في ذكر بعض الخصائص المحمدية (خطبة)
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/11/2018 ميلادي - 17/3/1440 هجري

الزيارات: 10724

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المنحُ الربَّانيَّةُ

في ذكر بعضِ الخصائصِ المحمَّدية


إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

 

أعاذني الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.

 

أخي في دين الله! إذا سمعت المرجفين يتكلمون عن هذا الدين بسوء فاجتنبهم، وإذا تحدثوا بسفاهةٍ عن نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم فاعتزلهم، فإذا خاضوا في آيات الله استهزاء وكفرا فلا تجالسوهم، يعني ﴿ ... إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 140].

 

وفي هذا الآونة انفتح الباب على مصراعيه، للناعقين بإفسادِ هذا الدين ليل نهار، للنيل من رسول الله صلى الله عليه وسلم وطريقته وسنته، مع أنه صلى الله عليه وسلم أكرم خلق الله على الله سبحانه وتعالى، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله -تعالى- عنهما قَالَ: (مَا خَلَقَ اللهُ عز وجل وَلَا ذَرَأَ مِنْ نَفْسٍ أَكْرَمُ عَلَيْهِ مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَمَا سَمِعْتُ اللهَ أَقْسَمَ بِحَيَاةِ أَحَدٍ إِلَّا بِحَيَاتِهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الحجر: 72]، (بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث بن أبي أسامة) (938)، وصححه الألباني في شرح الطَّحَاوِيَّة (ص338)، وورد موقوفا على عبد الله بن سلام رضي الله عنه أنه قال: (ما خلقَ اللهُ خلْقًا أكرمَ عليهِ من محمد صلى الله عليه وسلم).

 

وبُشِّر بنبوته الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، قال سبحانه: ﴿ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ﴾ [الصف: 6].

 

عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ الْفَزَارِيِّ -رضي الله عنه-، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ("إِنِّي عِنْدَ اللَّهِ مَكْتُوبٌ بِخَاتَمِ النَّبِيِّينَ؛ وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ، وَسَأُخْبِرُكُمْ بِأَوَّلِ ذَلِكَ: دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبِشَارَةُ عِيسَى، وَرُؤْيَا أُمِّيَ الَّتِي رَأَتْ حِينَ وَضَعَتْنِي؛ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهَا مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ"). (حب) (6404) صحيح لغيره؛ انظر (الصحيحة): (1546) و (1925).

 

وفي رواية: ("وَبَشَّرَ بِيَ الْمَسِيحُ بْنُ مَرْيَمَ، وَرَأَتْ أُمِّي فِي مَنَامِهَا أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهَا سِرَاجٌ أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ"). (طب) (ج22ص333 ح835).

 

ولقد فضل الله سبحانه وتعالى نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم على سائر أنبيائه والمرسلين، وعلى سائر خلقه كما أخبر هو عليه الصلاة والسلام فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("فُضِّلْتُ عَلَى الَأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ"): (م) (523)، (ت) (1553) -أَيْ: بِسِتِّ خِصَالٍ. وفي رواية: ("أُعْطِيتُ مَا لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ"). (حم) (763).

 

وقد ذُكِرت عدةُ أحاديث في هذه العطايا والمنح، ومجموعها كما قال العراقي رحمه الله: [حَصَلَ مَنْ مَجْمُوعِ الْأَحَادِيثِ إحْدَى عَشْرَةَ خَصْلَةً وهي إعْطَاؤُهُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنَصْرُهُ بِالرُّعْبِ يقذفه الله في قلوب أعدائه مسيرة شهر، وَإِحْلَالُ الْغَنَائِمِ له ولأمته من بعده ولم تحل لأحد قبله، وَجَعْلُ الْأَرْضِ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَإِرْسَالُهُ إلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخَتْمُ الْأَنْبِيَاءِ بِهِ، وَجَعْلُ صُفُوفِ أُمَّتِهِ كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ، وَإِعْطَاؤُهُ الشَّفَاعَةَ؛ ("وَهِيَ نَائِلَةٌ مِنْكُمْ إِنْ شَاءَ اللهُ مَنْ لَقِيَ اللهَ عز وجل لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا")، وَتَسْمِيَتُهُ بِأَحْمَدَ، وَجَعْلُ أُمَّتِهِ خَيْرَ الْأُمَمِ، وإيتَاؤُهُ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ]. بتصرف (طرح التثريب في شرح التقريب) للعراقي (2/ 111). خصائص لم توجد لنبيٍّ قبله.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ("أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ، فَوُضِعَتْ فِي يَدَيَّ")، -يخبر عن أمته أنها ستنتشر في الأرض،- قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: (فَذَهَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنْتُمْ تَنْتَثِلُونَهَا). (خ) (2977)، (م) (523).

 

وَإذا سألت عن الفصاحة والبلاغة، ومحاسنِ الكلام بدايةً ونهاية؛ لا تجده إلا عند نبي الله صلى الله عليه وسلم، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("أُعْطِيتُ فَوَاتِحَ الْكَلَامِ، وَجَوَامِعَهُ، وَخَوَاتِمَهُ"). (ش) (2998)، (يع) (7238)، صَحِيح الْجَامِع: (1058)، الصَّحِيحَة: (1483).

 

أعطيت -(فواتح الكلام)، أَيْ: البلاغة والفصاحة، والتوصُّل إلى غوامِض المعاني، وبدائع الحِكم، ومَحاسن العبارات التي أُغلقت على غيره.

(وَجَوَامِعَهُ)، -جوامع الكلام- أَيْ: التي جمعها الله فيه، فكان كلامه جامعاً، كالقرآن في كونه جامعاً.

 

(وَخَوَاتِمَهُ) أَيْ: خواتم الكلام، يعني حُسْن الوقف، ورعاية الفواصل، فكان يبدأ كلامَه بأعذب لفظ وأجزلِه، وأفصحِه وأوضحِه -بأبي هو وأمي-، ويختمه بما يشوِّق السامع إلى الإقبال على الاستماع إلى مثله، والحرص عليه. فيض القدير (1/ 721)-.

 

إذا كان قد انفجرت اثنتا عَشَرَةَ عينًا لموسى عليه السلام من حَجَرٍ كان بنو إسرائيل يحملونه معهم، حيثما حلّوا، وأينما ارتحلوا، فقد كانت تخرج يَنَابِيعُ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ صلى الله عليه وسلم، فَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: (عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ)، أي: إناء من جلد -فيه بعض الماء- (فَتَوَضَّأَ مِنْهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ النَّاسُ نَحْوَهُ)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: («مَا لَكُمْ؟») قَالُوا: (يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ بِهِ وَلاَ نَشْرَبُ، إِلَّا مَا فِي رَكْوَتِكَ)، قَالَ: (فَوَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ فِي الرَّكْوَةِ، فَجَعَلَ الـمَاءُ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ العُيُونِ). قَالَ: (فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا)، فَقُلْتُ-التابعي يقول للصحابي- لِجَابِرٍ -رضي الله عنه-: (كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟!) قَالَ: (لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً!). (خ) (3576).

 

بل (أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ ثُمَّ مَجَّ فِي الْبِئْرِ، فَفَاحَ مِنْهَا مِثْلُ رِيحِ الْمِسْكِ). (حم) (18838)، وقال الأرناؤوط: إسناده حسن. (مَج): لَفَظَ الماء ونحوه من فمه، وطرحه وألقاه.

 

وحَيَّتْهُ الجمادات بتحية الإسلام؛ فقد سلّم حجرٌ بمكة قبل الهجرة، فَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("إِنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ، إِنِّي لَأَعْرِفُهُ الْآنَ"). (م) (2277)، (ت) (3624). أَيْ: يَقُولُ -الحجر للنبي صلى الله عليه وسلم-: (السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللهِ) كَمَا فِي رِوَايَةٍ. تحفة الأحوذي (9/ 32).

 

وسلمت عليه الجبال، وسلمت عليه الأشجار، كما رواه عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: (كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ، فَخَرَجْنَا فِي بَعْضِ نَوَاحِيهَا، فَمَا اسْتَقْبَلَهُ جَبَلٌ وَلَا شَجَرٌ؛ إِلَّا وَهُوَ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ). (ت) (3626)، انظر الصَّحِيحَة: (2670).

 

وسبَّح الْحَصَى بَيْنَ يَدَيْهِ صلى الله عليه وسلم على مسمع من الصحابة رضي الله عنهم، فعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: (انْطَلَقْتُ أَلْتَمِسُ) -أَيْ: أطلب-، (رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ حَوَائِطِ) -الحائط: البستان أو الحديقة وحوله جدار-، (الْمَدِينَةِ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِدٌ، فَأَقْبَلْتُ إِلَيْهِ فَسَلَّمْتْ -قَالَ أَبُو ذَرٍّ: وَحَصَيَاتٌ مَوْضُوعَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخَذَهُنَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فِي الْأَرْضِ فَسَكَتْنَ، ثُمَّ أَخَذَهُنَّ فَوَضَعَهُنَّ فِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ أَخَذَهُنَّ فَوَضَعَهُنَّ فِي الْأَرْضِ فَسَكَتْنَ، ثُمَّ أَخَذَهُنَّ فَوَضَعَهُنَّ فِي يَدِ عُمَرَ رضي الله عنه فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ أَخَذَهُنَّ فَوَضَعَهُنَّ فِي الْأَرْضِ فَسَكَتْنَ، ثُمَّ أَخَذَهُنَّ فَوَضَعَهُنَّ فِي يَدِ عُثْمَانَ رضي الله عنه فَسَبَّحْنَ، ثُمَّ أَخَذَهُنَّ فَوَضَعَهُنَّ فِي الْأَرْضِ فَسَكَتْنَ). صححه الألباني في ظلال الجنة: (1146).

 

بل تطيعه الجمادات إذا ناداها؛ فقد دعا الشَّجَرِ فقدم إلَيْه صلى الله عليه وسلم يسعى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: (جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ) -يتطبب يعني يجعل نفسه طبيباً- (إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ يُدَاوِي وَيُعَالِجُ)، -فظن أن بالنبي مسًّا أو جنًّا، يعني مجنون،- فَقَالَ: (يَا مُحَمَّدُ! إِنَّكَ تَقُولُ أَشْيَاءً، فَهَلْ لَكَ أَنْ أُدَاوِيَكَ؟) -فيظن أن به جنوناً!- فَدَعَاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى اللهِ، ثُمَّ قَالَ: ("هَلْ لَكَ أَنْ أُرِيَكَ آيَةً؟!") -وَعِنْدَهُ نَخْلٌ وَشَجَرٌ- فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَذْقًا مِنْهَا)، -العَذْق بالفتح: النَّخْلة، وبالكسر: العُرجُون بما فيه من الشَّمارِيخ والقنوان-، (فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ وَهُوَ يَسْجُدُ وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ)، -هذا عذق النخلة جاءه بهذا الحال- (وَيَسْجُدُ وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ)، ثُمَّ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("ارْجِعْ إِلَى مَكَانِكَ")، (فَرَجَعَ إِلَى مَكَانِهِ)، فَقَالَ الْعَامِرِيُّ -الذي يدَّعي التطبب والتطبيب-: (وَاللهِ لَا أُكَذِّبُكَ بِشَيْءٍ تَقُولُهُ أَبَدًا!) ثُمَّ قَالَ: (يَا آلَ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ! وَاللهِ لَا أُكَذِّبُهُ بِشَيْءٍ!). (طب) (12595)، (ت) (3628)، الصَّحِيحَة: (3315)، المشكاة: (5926)/ التحقيق الثاني، (حب) (6523)، انظر صحيح موارد الظمآن: (1769).

 

وشهدَ له الشجرُ بالرسالة، فَعَن عبد الله هو ابْن عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: (كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَأَقْبَلَ أَعْرَابِيٌّ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ صلى الله عليه وسلم) قَالَ لَهُ: ("أَيْنَ تُرِيدُ؟!") قَالَ: (إِلَى أَهْلِي)، قَالَ: ("هَلْ لَكَ إِلَى خَيْرٍ؟!")، قَالَ: (مَا هُوَ؟!) قَالَ: ("تَشَهَّدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ")، قَالَ: (هَلْ مِنْ شَاهِدٍ عَلَى مَا تَقُولُ؟!) -يريد آية ودليلا- فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("هَذِهِ السَّمُرَةُ!") -(السَّمُر): هو ضربٌ من شجَرَ الطَّلح، الواحدة سَمُرة-، -وهو شجر ينبت في الصحراء-- (فَدَعَاهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ بِشَاطِئِ الْوَادِي) -شَاطِئ الْوَادِي جَانِبه-، -الآخر- (فَأَقْبَلَتْ تَخُدُّ الْأَرْضَ خَدًّا) -تخد الأرض: تشقها، كناية عن سرعة المجيء-. (حَتَّى كَانَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ) -صلى الله عليه وسلم- (فَاسْتَشْهَدَهَا ثَلَاثًا)، -أتشهدي أني رسول الله؟ أتشهدي؟ وهي تقول: نعم!- (فَشَهِدَتْ أَنَّهُ كَمَا قَالَ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى مَنْبَتِهَا، فَرَجَعَ الأَعْرَابِيُّ إِلَى قَوْمِهِ)، وَقَالَ: (إِنْ يَتَّبِعُونِي أَتَيْتُكَ بِهِمْ، وَإِلَّا رَجَعْتُ إِلَيْكَ فَكُنْتُ مَعَكَ). (حب) (6505)، (يع) (5662)، صحيح موارد الظمآن: (1768)، وهداية الرواة: (5867).

 

وشُفي مَرْضَى بِبَرَكَتِهِ صلى الله عليه وسلم، فعَنْ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ: (أُصِيبَتْ عَيْنُ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ رضي الله عنه يَوْمَ بَدْرٍ، فَسَالَتْ حَدَقَتُهُ عَلَى وَجْنَتِهِ) -على خده، العين خرجت وتدلت على وجهه من سيف أو من سهم- –(الحدقة): سواد مستدير وسط العين، و(الوجنة): أعلى الخد-. (فَأَرَادُوا أَنْ يَقْطَعُوهَا)، فَسَأَلُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: ("لَا!") فَدَعَا بِهِ فَغَمَزَ حَدَقَتَهُ بِرَاحَتِهِ، -يعني ضغط عليها وأرجعها كما كانت- فَكَانَ لَا يَدْرِي أَيَّ عَيْنَيْهِ أُصِيبَتْ. (يع) (1549)، وصححه الألباني في كتاب: (بداية السول في تفضيل الرسول ص: 41).

 

ألا واعلموا أن الْمَخْلُوقَاتِ تعترفُ بِنُبُوَّتِهِ صلى الله عليه وسلم، إلا من كفر من الجن والإنس، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: (أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ سَفَرٍ، حَتَّى إِذَا دَفَعْنَا إِلَى حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ بَنِي النَّجَّارِ)، -أحد البساتين- (إِذَا فِيهِ جَمَلٌ، لَا يَدْخُلُ الْحَائِطَ أَحَدٌ إِلَّا شَدَّ عَلَيْهِ)، -جمل هائج فما أحد يستطيع أن يدخل البستان،- (فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ حَتَّى أَتَى الْحَائِطَ، فَدَعَا الْبَعِيرَ)، -أي ناداه-، (فَجَاءَ وَاضِعًا مِشْفَرَهُ) –أي: شَّفَته الغليظة- (إِلَى الْأَرْضِ، حَتَّى بَرَكَ بَيْنَ يَدَيْهِ)، -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("هَاتُوا خِطَامًا")، -أي: حبلا- (فَخَطَمَهُ وَدَفَعَهُ إِلَى صَاحِبِهِ)، ثُمَّ الْتَفَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى النَّاسِ فَقَالَ: ("إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ؛ إِلَّا يَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ، إِلَّا عَاصِيَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ"). (حم) (14333)، (مي) (18)، صَحِيحَ الْجَامِع: (2409)، والصَّحِيحَة: (3311).

وفي رواية: ("إِلَّا كَفَرَةُ الْجِنِّ وَالْأَنْسِ"). (طب) (18524)

 

وتعلمون قصة الجذع الذي كان يخطب عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وعندما صُنِع المنبر تركه النبي صلى الله عليه وسلم وصعد المنبر، فحنَّ الجذع إلَيْهِ صلى الله عليه وسلم، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ، فَلَمَّا اتَّخَذَ الـمِنْبَرَ تَحَوَّلَ إِلَيْهِ فَحَنَّ الجِذْعُ، -وفي رواية: (فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ صِيَاحَ الصَّبِيِّ، ثُمَّ نَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِيِّ الَّذِي يُسَكَّنُ. قَالَ: «كَانَتْ تَبْكِي عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ عِنْدَهَا». (خ) (3584)، فكان جذع النخلة يصيح كالصبي الذي يبكي يريد أن يطلب من أبيه شيئا يتحننه،- (فَأَتَاهُ) -النبي صلى الله عليه وسلم- (فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَيْهِ). (خ) (3583)، وفي رواية: (حَنَّ الجِذْعُ حَتَّى أَتَاهُ فَالتَزَمَهُ فَسَكَنَ). (ت) (505).

 

هذه كراماتٌ وآياتٌ ومِنحٌ ربَّانية لمحمد صلى الله عليه وسلم، ومن كرامته على الله أنْ خَتَمَ به النبيين، وجَعَلَ أمّتَه خيرَ الأمم.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الآخرة

الحمد لله حمد الشاكرين الصابرين، ولا عدوان إلا على الظالمين، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وعلى من اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

وفي الآخرة هو الإمام؛ إمامُ الأنبياء والمرسلين، وسيدهم وخطيبهم، فَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، كُنْتُ إِمَامَ النَّبِيِّينَ، وَخَطِيبَهُمْ، وَصَاحِبَ شَفَاعَتِهِمْ غَيْرَ فَخْرٍ"). (ت) (3613)، (جة) (4314)، صَحِيح الْجَامِع: (781)، المشكاة: (5768).

-أَيْ: قَوْلِي هَذَا لَيْسَ بِفَخْرٍ. تحفة الأحوذي (9/ 20)-.

 

وأمته أكثر الأمم عدَدًا يوم القيامة، فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("إِنِّي لَأَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، (لَمْ يُصَدَّقْ نَبِيٌّ مِنْ الَأَنْبِيَاءِ مَا صُدِّقْتُ، وَإِنَّ مِنَ الَأَنْبِيَاءِ نَبِيًّا لَمْ يُصَدِّقْهُ مِنْ أُمَّتِهِ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَأَنَا أَوَّلُ النَّاسِ يَشْفَعُ فِي الْجَنَّةِ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ)، (آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتَفْتِحُ")، -يعني يستأذن في الدخول- ("فَيَقُولُ الْخَازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟! فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ، فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ، لَا أَفْتَحُ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ"). (جة) (4301)، (م) (196)، (197)، (حم) (12397).

 

والأنساب يوم القيامة كلها تنقطع إلا نسب محمد صلى الله عليه وسلم، فَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: (لَمَّا تَزَوَّجَ عُمَرُ) -بن الخطاب- (رضي الله عنه أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ) -عمر-: (أَلَا تُهَنُّونِي؟!) فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ("كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، غَيْرَ سَبَبِي وَنَسَبِي"). (طس) (5606)، (ك) (4684)، صَحِيح الْجَامِع: (4527)، الصَّحِيحَة: (2036)، قال الديلمي: السبب هنا هو الصلة والمودَّة، وكل ما يُتوصل به إلى الشيء فهو سبب. وقيل: السبب يكون بالتزويج، والنسب -يكون- بالولادة.

 

وهو صلى الله عليه وسلم أوَّل من يقرع باب الجنة، قبل الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، كما ورد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ("أَنَا أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ"). (م) 331- (196).

 

وهو صلى الله عليه وسلم أوّلُ من يفيق من الصعقة، كما ثبت عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: («النَّاسُ يَصْعَقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ العَرْشِ، فَلاَ أَدْرِي أَفَاقَ قَبْلِي أَمْ جُوزِيَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ»). (خ) (3398).

 

الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام كلُّهم تحت لوائه وسيادته يوم القيامة، فعَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ("أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَبِيَدِي لِوَاءُ الحَمْدِ وَلَا فَخْرَ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ يَوْمَئِذٍ آدَمَ فَمَنْ سِوَاهُ إِلَّا تَحْتَ لِوَائِي، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ وَلَا فَخْرَ"). (ت) (3148)

 

فإذا كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عند اللهِ سبحانه وتعالى بهذه المكانة؛ ألا يجبُ علينا أن نتَّبِع هديَه، ونعملَ بسنته، ونسيرَ على طريقته، وإنْ نَعَقَ الناعقون، أو نَهَقَ الناهقون!

 

وعلينا أن نصليَ عليه كلَّ وقتٍ وحين، ففي الصلاة عليه أجرٌ عظيم، وفيها رضاً لربِّ العالمين، وقُرْبٌ من سيد المرسلين، صلى الله وسلم عليه وعليهم أجمعين، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ("مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى الله عَلَيْهِ عَشْرًا"). (م) 70- (408).

 

بل إن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم تعطيك ثلاث خصال تجدها يوم القيامة، هذا ما رواه النسائي عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ("مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ، وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ، وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ"). (س) (1297)، الصَّحِيحَة: (3360).

 

أيضا؛ إن كنتم تصلون على النبي صلى الله عليه وسلم دائمًا؛ ففي هذا اليوم من الأسبوع يوم الجمعة خصُّوه بمزيد من الصلاة عليه، فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("أَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَلَاةِ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ، فَإِنَّ صَلَاةَ أُمَّتِي تُعْرَضُ عَلَيَّ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ، فَمَنْ كَانَ أَكْثَرَهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً، كَانَ أَقْرَبَهُمْ مِنِّي مَنْزِلَةً"). (هق) (5791), (ك) (3577), (جة) (1673), انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ (1673), وقد كان الألباني ضعف هذا الحديث ثم تراجع عن تضعيفه.

 

ألا نُصلِّي عليه؛ وقد صلى عليه الله، وصلت عليه الملائكة، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم كما روى ذلك عنه عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصَلِّي عَلَيَّ؛ إِلَّا صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ"). (جة) (907), (حم) (15680)، -وفي رواية:- ("مَا دَامَ يُصَلِّي عَلَيَّ")؛ -فالملائكة تصلي عليك ما دمت تصلي عليه، صلى الله عليه وسلم، قال:- ("فَلْيُقِلَّ عَبْدٌ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ لِيُكْثِرْ"). (حم) (15689) ، (جة) (907)، صَحِيح التَّرْغِيبِ (1669)، وقال الأرناؤوط: حديث حسن.

 

كم تريد أن يصلي عليك الله؟ كم تريد أن تصلي عليك ملائكة الله؟ أنت وهمتك في الصلاة عليه، ("فَلْيُقِلَّ عَبْدٌ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ لِيُكْثِرْ").


كيف وقد قَالَ الله تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

 

اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

 

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.

 

اللهم اغفر لنا وارحمنا، وعافنا واعف عنا، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.

 

اللهم وحد صفوفنا، اللهم ألف بين قلوبنا، اللهم أزل الغل والحقد والحسد والبغضاء من صدورنا، وانصرنا على عدوك وعدونا، برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم احشرنا في زمرة النبي صلى الله عليه وسلم، وارزقنا شفاعته، واسقنا من حوضه الشريف شربة لا نظمأ بعدها أبدا يا رب العالمين.

 

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • المنح الربانية الشرعية والكونية للمغفرة ودخول الجنة في رمضان
  • الأوامر الربانية الأولية

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة المواهب اللدنية في المنح المحمدية (النسخة 4)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة المواهب اللدنية في المنح المحمدية (النسخة 2)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة المواهب اللدنية في المنح المحمدية (النسخة 3)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • المنح الربانية الشرعية والكونية للمغفرة ودخول الجنة في رمضان(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • المنح الربانية الشرعية والكونية للمغفرة ودخول الجنة في رمضان(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • المصائب فيها المنح والمواعظ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المنح السماوية في الأربعين حديثا النواوية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التدريب وأهميته لدى طلاب المنح: طلاب الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة نموذجا (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • يوم عرفة.. يوم المنح(مقالة - ملفات خاصة)
  • كينيا: الحكومة تقدم المنح الغذائية للمسلمين في رمضان(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أول إفطار جماعي في رمضان في هونغ كونغ منذ 2019
  • مسلمو مدينة سينسيناتي يوزعون 30 ألف وجبة إفطار خلال رمضان
  • افتتاح أكبر مسجد بجنوب داغستان
  • مؤتمر عن "أثر الصيام في حياة الإنسان" في ألبانيا
  • ورشة عمل ترفيهية للأطفال استقبالا لرمضان في أونتاريو
  • التحضير لإطعام المئات خلال شهر رمضان بمدينة فيلادلفيا
  • أعداد المسلمين تتجاوز 100 ألف بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • فيلا بارك يستضيف إفطار للصائمين للمرة الأولى

  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 10/9/1444هـ - الساعة: 10:31
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب