• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

خطبة حسن الظن بالله

سامي بن عيضه المالكي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/3/2018 ميلادي - 26/6/1439 هجري

الزيارات: 252800

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة حسن الظن بالله

 

الحمد لله الهادي لمن استهداه، الكافي من تولاَّه، أحمده سبحانه حمدًا نبتغي به وجهَه ورِضاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا ربَّ غيرُه ولا إله سِواه، وأشهد أن سيدنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسوله، أفضلُ نبيٍّ هداه ربُّه واصطفاهُ واجتباه، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه صلاةً وسلامًا تزكُو بهما النفوس، وتسمُو وتطيبُ بهما الحياة.. أما بعد.. فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله جل في علاه.

التقوى عمل بطاعة الله على نورٍ من الله رجاء ثواب الله.. وترك لمعصية الله على نور من الله مخافة عذاب الله..

 

أيها المسلمون:

عَنْ حَيَّانِ أَبي النَّضْرِ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ - رضي الله عنه - عَلَى أَبِي الْأَسْوَدِ الْجُرَشِيِّ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَجَلَسَ، قَالَ: فَأَخَذَ أَبُو الْأَسْوَدِ يَمِينَ وَاثِلَةَ فَمَسَحَ بِهَا عَلَى عَيْنَيْهِ وَوَجْهِهِ لِبَيْعَتِهِ بِهَا رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ لَهُ وَاثِلَةُ: وَاحِدَةٌ، أَسْأَلُكَ عَنْهَا؟ قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: كَيْفَ ظَنُّكَ بِرَبِّكَ؟ قَالَ: فَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ: وَأَشَارَ بِرَأْسِهِ، أَيْ حَسَنٌ، قَالَ وَاثِلَةُ: أَبْشِرْ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ: "قَالَ اللهُ - عز وجل -: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، فَلْيَظُنَّ بي مَا شَاءَ".

 

لا إلهَ إلا اللهُ، وصيةٌ نبويةٌ أكيدةٌ، لحياةٍ شقيةٍ أو سعيدةٍ، فما ظننتَه باللهِ -تعالى- فهو عندَ ظنِك به، قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم:" أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ - قَالَ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، إِنْ ظَنَّ بِي خَيْرًا فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ".

 

ها هو إبراهيمُ الخليلُ - عليه السلام - أمامَ نارٍ لم يُوقدْ مثلُها قَطُّ، لها شررٌ عظيمٌ، ولهبٌ مرتفعٌ، قد جُمعَ لها الحطبُ شهراً، حتى أن الطيرَ ليمرُ بجَنَباتِها فيحترقُ من شدةِ وَهجِها، يُلقى فيها مربوطاً من بعيدٍ، فيقولُ وهو في الهواءِ، منادياً لِمَنْ في السماءِ: "حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ" فماذا كان نتيجةُ حُسنِ ظنِه بربِه تعالى؟، يأتي الأمرُ السريعُ، من ربٍ سميعٍ: ﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِين﴾.

 

وبعدَ سنينَ عديدةٍ، يأتي إِبْرَاهِيمُ بهاجرَ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُهُ، حَتَّى وَضَعَهُمَا بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ ولا ماءٍ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ، وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ، ثُمَّ قَفَّى مُنْطَلِقًا إلى الشام، فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، فَقَالَتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلا شَيْءٌ؟ وَجَعَلَ لا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: إِذَنْ لا يُضَيِّعُنَا، ثُمَّ رَجَعَتْ، فماذا كان نتيجةُ حُسنِ ظنِها بربِها -تعالى-؟

أخرجَ اللهُ -تعالى- من تحتِ قدميَ ابنِها ماءَ زمزمَ المباركَ، وبُنيَ عندَهم البيتُ الحرامُ، وجعلَ: ﴿ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ﴾.

 

ورزقَهم من الطيباتِ، وأصبحَ الناسُ يأتونَهم: ﴿ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ ﴾.

وشرعَ اللهُ -تعالى- السعيَ بين الصفا والمروةِ تخليداً لموقفِ تلك المرأةِ الصابرةِ وذكرى للمؤمنينَ.

 

ثم يأتي بعد فترةٍ من الزمانِ إلى ولدِه الوحيدِ الذي رُزِقَه على كِبَر، وقد: ﴿ بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ﴾ فأصبحَ يذهبُ معه ويأتي وتعلقت به نفسُه: ﴿ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ﴾ ورؤيا الأنبياءِ حقٌ)) ﴿ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى ﴾.

وكفى بهذا الموقفِ وصفاً قولُه تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ ﴾.

فما كانَ من ذلك الابنُ الحليمُ إلا أن قالَ لأبيه راضياً منقاداً لأمرِ اللهِ - تعالى-:﴿ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾.

 

وتأملوا في قولِه: ﴿ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ﴾ أي إنه أمرٌ من اللهِ -تعالى- وليسَ لنا إلا السمعَ والطاعةَ، فماذا كان نتيجةُ حُسنِ ظنِه بربِه تعالى؟ ﴿ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾.

 

واسمعوا خبرَ زكريا -عليه السلام-، وما أدراكَ ما خبرُ زكريا: ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا ﴾.

بلغَ من العُمُرِ عتياً: {وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً}.

 

فتجمعت الأسبابُ التي يكونُ فيها الإنجابُ من المستحيلاتِ في عُرفِ الأطباءِ، ومع ذلك قالَ: ﴿ فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا ﴾. وليس ولداً فقط، بل: ﴿ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا﴾.

فماذا كان نتيجةُ حُسنِ ظنِه بربِه تعالى؟!

 

﴿ يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا﴾، فرزقَه الله – تعالى - غلاماً وسماه باسمٍ لم يكن معهوداً من قبلُ، وجعلَه ربُه رضياً

 

بقولِه: ﴿ يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا * وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا * وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ﴾.

 

ويحكي لنا اللهُ -تعالى- في كتابِه قصةَ طالوتَ وجيشِه، حيثُ أجرى لهم اختباراً: ﴿ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ﴾.

فماذا كانت النتيجةُ؟

 

﴿ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ﴾ فرجعَ الذينَ شَرِبوا وتجاوزَ طالوتُ وبقيةُ الجنودِ النهرَ: ﴿ فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ ﴾.

وهذا القولُ كانَ من البعضِ، ولكن: ﴿ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾.

 

ثم سعوا بأعظمِ الأسبابِ الشرعيةِ وهو الدعاءُ: ﴿ وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾.

فماذا كان نتيجةُ حُسنِ ظنِهم بربِهم تعالى؟

﴿ فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ ﴾.

فقُتلَ قائدُ الكفارِ، وانتصرَ جيشُ الأبرارِ.

 

وأما إذا كان الحديثُ عن نبيِنا -صلى الله عليه وسلم-، فحياتُه كلُها مليئةٌ بحسنِ ظنِه بربِه -تعالى-، ويكفينا في ذلك موقفُ الهجرةِ:﴿ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ ﴾.

 

يقولُ أبو بكرٍ الصديقُ رضي الله عنه: " نَظَرْتُ إِلَى أَقْدَامِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رُؤوسِنَا وَنَحْنُ فِي الْغَارِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ، أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ" فماذا قالَ الذي عاشَ للهِ، وباللهِ، ومع اللهِ؟

"يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا؟".

لا إلهَ إلا اللهُ: ﴿ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾.

فما هي النتيجةُ؟

﴿ فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.

 

يقولُ ابنُ القيمِ - رحمه الله: "وَكُلَّمَا كَانَ الْعَبْدُ حَسَنَ الظَّنِّ بِاللَّهِ، حَسَنَ الرَّجَاءِ لَهُ، صَادِقَ التَّوَكُّلِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُخَيِّبُ أَمَلَهُ فِيهِ الْبَتَّةَ، فَإِنَّهُ سبحانه لَا يُخَيِّبُ أَمَلَ آمِلٍ، وَلَا يُضَيِّعُ عَمَلَ عَامِلٍ".

وأنت يا عبدَ اللهِ، ما هو ظنُك بربِك – تعالى -؟

ما هو ظنُك بربِك أيها الفقيرُ؟ وأنت تقرأُ قولَه تعالى:﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِى كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴾.

ما هو ظنُك باللهِ يا من يبحثُ عن وظيفةٍ؟ واللهُ -تعالى- يقولُ: ﴿ وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾.

ما هو ظنُك بربِك أيها المريضُ، ويامن أصابَته الهمومُ والغمومُ؟، وأنت تتلو قولَه تعالى:﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾.

 

ما ظنُّك بربِك وأنت رافعٌ يديكَ إلى السماءِ؟، واللهٌ -تعالى- يقول: ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾.

 

ما هو ظنُك بالرحمنِ يا مَن عصيتَه؟ وأسرفتَ على نفسِك بالمعاصي؟ واللهُ -تعالى- يناديك: ﴿ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾.

 

ألم تسمعْ لذلك النداءِ العظيمِ، من ربٍ رحيمٍ: " يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَة".

 

ما هو ظنُكم بربِكم أيها المظلومونَ؟ ودعوتُكم ليس بينَها وبينَ اللهِ حجابٌ، وتصعدُ إلى السماءِ كأنها شرارةٌ، وتُحملُ علَى الغَمامِ، وتُفتَحُ لها أبوابُ السَّماءِ، ويقولُ اللهُ -تبارك وتعالى: "وعزَّتي وجلالي لأنصرَنَّكَ ولَو بعدَ حينٍ".

قال أحدهم:

 

وإني لادعوا الله حتى كأنني
أرى بجميل الظن ما الله صانعه

 

فحسِّنْ ظنَك بربِك أيها المؤمنُ حتى آخرِ لحظةٍ من حياتِك كما قالَ عليه الصلاة والسلام: "لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ - عز وجل".

اللهم ارزقنا صدق التوكل عليك وحسن الظن بك يا رب العالمين

نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وبسنة نبيه صلى الله عليه وسلم

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه...أما بعد

أيها المسلم:

وتذكر أن حسن الظن لا يكون مع التفريط والإضاعة والإهمال، وإنما يكون مع حسن العمل وتمام الإقبال. فأحسن ظنك بربك ستجد ما يسرّك..

قال الحسن البصري رحمه الله: " إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل، وإن الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل" رواه أحمد.

 

أيها الفضلاء:

من الناس من يظن أن الله لن ينصر أولياءه، ولن ينصر الدعاة إليه، وأن الله لن ينصر المؤمنين فهو مسيء الظن بالله.

ومن إذا تأمل الشرق والغرب قال: إن الدولة ستكون لهم طيلة الوقت، فهو مسيء الظن بالله.

 

من قال: إن الله لن ينصر المؤمنين، وسيبقون مستغلين مستضعفين، مقهورين مسجونين، عليهم سيوف العذاب، وأنواع الابتلاء، وأن الله لن يظهرهم في الدنيا، فهذا مسيء الظن بالله: ﴿ مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ﴾.

 

والذين يقولون اليوم: المسلمون ينتقلون من ابتلاء إلى ابتلاء، المسلمون يخرجون من محنة، ويدخلون في محنة أخرى، المسلمون يقتلون في بلد ثم ينتقل التقتيل إلى بلد آخر، المسلمون لا أمل لهم في الظهور ولا النصر، نقول: هذا من سوء ظنك بالله، ألم يتعهد الله بأن ينصر من ينصره في الدنيا قبل الآخرة!! ﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي﴾.

 

﴿ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾، والله الذي لا إله إلا هو ليأتين نصر الله، والله الذي لا إله إلا هو ليقومن الإسلام قومة يمحو الكفر، فلا يكون له وجود، هكذا أخبرنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.

 

فاحذروا -أيها الإخوة- أن يتسلط اليأس إلى أنفسكم إذا رأيتم النكبات والبلايا تنزل بالمسلمين الواحدة تلو الأخرى، ولا نسمع بنصر كبير يحصل للمسلمين، نقول: انتظروا، فلتعلمن نبأه بعد حين، وستأتي الأنباء في عمرنا، أو في عمر من بعدنا بنصرة الإسلام وأهله؛ لأن الله تعهد بأن ينصر أولياءه، فلا بد أن ينصرهم، لا بد أن يأتي النصر، ولن تبقى الدولة للكفرة إلى آخر الزمان، يستحيل ذلك، مهما كان عندهم من التخطيط والزراعة، والصناعة والإدارة، والقوة والأسلحة، فلن تستمر لهم الدولة؛ لأننا على يقين بأن سينصر دينه، على يقين بأن الله سيظهر أولياءه.

 

﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾، لا يبقى إلا الله ملك الملوك، يقول الله إذا طوى السماوات والأرضين بيمينه يوم القيامة يقول: "أنا الملك، أين ملوك الأرض؟! "، فلا يجيبه أحد، ﴿ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْم ﴾، لا يجيبه أحد؛ لأن الناس كلهم موتى، فيجيب نفسه سبحانه: ﴿ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾.

فإذا كان كل شيء بيد الله، فنحن علينا العمل -أيها الإخوة- والاجتهاد، والدعوة إلى الله، والقيام بحق الله، والله سينصر دينه، لا نقلق ولا نجزع؛ فالله سينصر دينه ولو بعد حين.

 

إذا أصابتنا الهموم والغموم، وكثرت الخطايا والذنوب، وإذا تجمعت الديون وادلهمت الخطوب، وإذا تكالب الأعداء، وإذا أردنا الأموال والأولاد والسعادة والراحة، نطلبها من الله تعالى وحده، ونحسن الظن به، وهو عند حسن ظنك به، فلتظن به خيراً أيها العبد الفقير المحتاج الضعيف.

فاتقوا الله -عباد الله-، وأحسِنوا الظنَّ بربكم، وأحسِنوا له العمل؛ تفوزوا بالرضا والرضوان من الرب الرحيم الرحمن، ونزول رفيع الجِنان.

وصلُّوا وسلِّموا على سيد ولد عدنان؛ فقد أمركم بذلك الملكُ الديَّان، فقال سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾.

 

اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من أوليائك، وحزبك المفلحين، اللهم أظهر دينك على الدين كله، اللهم ارفع سيف الذل عن المسلمين، اللهم كن معهم وانصرهم، اللهم أطعم جائعهم، واكسُ عاريهم، اللهم انصر ضعيفهم، اللهم إنا نسألك أن ترينا يوماً قريباً فيه فرج المسلمين، اللهم قرّب ذلك اليوم يا رب العالمين، وأقر أعيننا بنصرة الإسلام والمسلمين.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة... سبحان ربك رب العزة....





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الدعاء وحسن الظن بالله
  • حسن الظن بالناس علامة الفطرة السليمة
  • أحسن الظن بربك ومولاك
  • بين حسن الظن وظن السوء ( خطبة )
  • أخي المؤمن .. أحسن الظن بالله ( خطبة )
  • حسن الظن بالله
  • خطبة عن حسن الظن
  • حسن الظن بالله (خطبة)
  • حسن الظن بالله (خطبة)
  • التحذير من سوء الظن بالله
  • حسن الظن بالله (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة مختصرة عن أسباب حسن الخاتمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفتاح العلم: حسن السؤال وحسن الإصغاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأرزاق والأعمار وعمران الديار تزيد بصلة الأرحام وحسن الأخلاق وحسن الجوار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنواع الخطابة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة حسن الظن بالله تعالى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حسن الظن بالله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: حسن الظن بالله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حسن الظن بالله تعالى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حسن الظن بالله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 25/10/1432 هـ - حسن الظن بالله وآثاره(مقالة - موقع الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط)

 


تعليقات الزوار
1- جزاك الله خيرا
عبدالرحمن - Morocco 13-11-2018 07:29 PM

جئت إلى بلد غريبة وقرأت وداوتني كلماتك بعد أن انقطع بي الرجاء وحل الظلام في قلبي فإحسان الظن بالله هو ما يبقني على الحياة وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يفرج علي كربتي وشدني وعلى كل إنسان وأن يريح قلوبنا وأن يلهمنا الصبر والسكنية وأن يرزقنا الله من حيث لا نحتسب وبغير حساب.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب