ملخص بحث: الأساليب التربوية الملائمة لعلاج إدمان المخدرات في ضوء التوجيه التربوي الإسلامي

ملخص بحث

الأساليب التربوية الملائمة لعلاج إدمان المخدرات في ضوء التوجيه التربوي الإسلامي

مقدمة:

من فضل الله تعالى على عباده، أنه حرم عليهم الخبائث، وأحلَّ لهم الطيبات التي تتعلق بمأكلهم ومشربهم وملبسهم وغير ذلك، ومما له صلة بمختلف شؤون حياتهم، ولم يعد يخفي على أحد أن الشعوب العربية والإسلامية في مقدمة الشعوب المستهدفة بسلاح المخدرات من قبل خصومها، بهدف زرع الوهن بين الشباب؛ حتى تستسلم للانحلال والتفكك، وهو ما تحققه المخدرات أكثر من أي سلاح آخر، وما من شك في أن انتشار المخدرات في أية أمة يؤدي إلى ضعف إنتاجها بسبب شيوع روح الكسل والعجز بين أبنائها، كما يؤدي إلى تبديد أموالها التي تحتاجها لزيادة إنتاجها، إن من أشقى الأمم الأمة التي تنفق الكثير من أموالها في الشر لا في الخير، وفيما يضرها ولا ينفعها، وقد أشارت العديد من الدراسات التي أجريت حول آثار المخدرات، إلى أنها على رأس الأسباب المؤدية إلى تفكك الأسرة وشيوع الطلاق؛ (كفافي 1993).

إن إدمان المخدرات يُذهب نخوة الرجال، ويُميت المعاني الفاضلة فيهم، ويجعلهم غير أوفياء إذا عاهدوا، غير أمناء إذا اؤتمنوا، غير صادقين إذا حدثوا، فضلاً عن كونه يقتل الشعور بالكرامة لدي المدمنين عليها.

ومن خلال معايشتنا للواقع الفلسطيني، برزت في الأوان الأخيرة ظاهرة تعاطي المخدرات بين أوساط الشباب، وإن كانت مقارنة ببعض المجتمعات الأخرى المجاورة أقل انتشارًا، بفعل وجود الصحوة الإسلامية العارمة بين الشباب المسلم، واجتهاد أجهزة الأمن بقطاع غزة، في ملاحقة تجار المخدرات ومحاصرتهم، وكون حجم انتشار المخدرات في المجتمع الفلسطيني قليلاً، لا يعني بأي حال إغفال الحديث عنه من قبل أهل الاختصاص في العلوم التربوية النفسية؛ حتى يساهموا بكل قوة في مواجهة هذه الظاهرة، والعمل على تقليصها إلى أبعد الحدود، وهذا يتطلب جهدًا تربويًّا مضاعفًا للتعريف بالمخدرات، وبأنواعها وأشكالها، وأسباب الإدمان عليها، وآثارها المدمرة التي تحل بالفرد والمجتمع؛ كيلا يقع أبناء شعبنا الفلسطيني في ذل هذه الظاهرة، وكيلا يتحولون إلي متسولين يتلقطون رزقهم من فتات الموائد، ولا يكونوا فريسة سهلة في أيدي عملاء الاحتلال الذين يتربصون بشباب فلسطين ليل نهار، ويكيدون لهم؛ ليسقطوهم في وحل المخدرات؛ ليثنوهم عن عقيدتهم، وعن المطالبة بوطنهم ومقدساتهم وحقوقهم التي سلبها الاحتلال الصِّهيوني الغاصب؛ (قديح،2006).

لذا ارتأى الباحث القيام بدراسة لوصف المخدرات وأثره على المجتمع الفلسطيني في محافظة غزة، وتقييم ذلك الواقع، فجاءت هذه الدراسة لتقدم التفسيرات الموضوعية لواقع المخدرات على العائلات الفلسطينية في محافظة غزة في اتخاذ الوسائل والإجراءات المناسبة؛ وذلك أملاً من الباحث في أن تساعد هذه الدراسة القائمين في المؤسسات والوزارات الحكومية والخاصة، والمؤسسات الراعية - على معالجة المدنيين للاستفادة من النتائج المترتبة على البحث، ولتطوير هذه المؤسسات بما يتلاءم من تطورات معاصرة للارتقاء بالمجتمع الفلسطيني، ومحاولة إيجاد أهم الوسائل الناجعة للوقوف على تأثير المخدرات على العائلات في محافظة غزة من مساعيهم.

تتمثل مشكلة الدراسة في انتشار ظاهرة المخدرات بشكل عام، وبوجه الخصوص في محافظة غزة؛ مما أثر سلبًا على النسيج الاجتماعي بين الأسر وترابطها مع بعضها البعض، وضرورة إسهام الدراسات في التخفيف من أثارها الوخيمة، فالمخدرات من أكبر المشاكل التي يعاني منها مجتمعنا الفلسطيني.

مشكلة الدراسة:

وتتجلى مشكلة الدراسة في الإجابة على السؤال الرئيسي التالي:

ما الأساليب التربوية الملائمة لعلاج إدمان المخدرات في ضوء التوجيه التربوي الإسلامي؟

ويتفرع من هذا السؤال الرئيسي الأسئلة الفرعية التالية:

1- ما الدور الفعلي والمتوقع لرجال الدين وعلماء التربية، ورجال الإصلاح لتوعية مدمني المخدرات بالخطر الذي يحيط به؟

2- ما أهم برامج التوعية لمدمني المخدرات لتعريفهم بالآثار المدمرة لتعاطي المخدرات؟

3- ما أهم المهارات المطلوبة والكفيلة للتخفيف من ظاهرة الإدمان في المجتمع الفلسطيني؟

4- ما أهم التحديات والتطلعات التي تواجه المجتمع الفلسطيني من تعاطي المخدرات؟

5- ما أهم المظاهر التي تتجسد في المجتمع الفلسطيني بمحافظة غزة من خلال تعاطي المخدرات؟

6- ما أهم الإستراتيجيات والإجراءات المقترحة لمتخذي القرارات لتفعيل نظام مناسب للتقليل من تعاطي ظاهرة المخدرات في المجتمع الفلسطيني؟

فرضيات الدراسة:

1- لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات أفراد العينة حول مدى تعاطي المخدرات على المجتمع الفلسطيني تبعًا لمتغير العمر؟

2- لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات أفراد العينة، حول مدى حول تعاطي المخدرات على المجتمع الفلسطيني تبعًا لمتغير المهنة؟

3- لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات أفراد العينة، حول مدى حول تعاطي المخدرات على المجتمع الفلسطيني تبعًا لمتغير الحالة الاجتماعية؟

أهداف الدراسة:

من واقع مشكلة الدراسة وتساؤلاتها يمكن تحديد الأهداف التالية:

1- التعرف على أهم التحديات والتطلعات التي تتجسد في المجتمع الفلسطيني من ظاهرة المخدرات.

2- التعرف على درجة التوافق والتباين بين فئات المجتمع الفلسطيني حول درجة تأثير المخدرات على السلم الاجتماعي.

4- إلقاء الضوء على الواقع الملموس والمتوقع للمجتمع الفلسطيني من وراء ظاهرة المخدرات.

5- تقديم بعض التوصيات الإجرائية اللازمة، والتي يتوقع منها أن تسهم في التخفيف من ظاهرة المخدرات.

أهمية الدراسة:

1- تعتبر هذه الدراسة من الدراسات الجديدة التي لم يسبق وإن تطرق لها أحد؛ وذلك على حد علم الباحث؛ حيث إنها تتحدث من مفهوم جديد وهو ظاهرة المخدرات.

2- تنبع هذه الدراسة الحالية من حداثة موضوعاتها، والتي تخلو المكتبة العربية من مثيلاتها في الوقت الراهن.

3- أن تساعد هذه الدراسة على تنمية وعي المجتمع الفلسطيني في التغلب على الصعوبات التي يواجهها من ظاهرة المخدرات.

مصطلحات الدراسة:

تعريف المخدرات: هي مواد طبيعية وكيمائية، تسبب اختلالاً في الوعي، وتسمُّمًا في الجهاز العصبي، وتحتوي على مواد مثبطة أو منشطة, إذا استخدمت في غير الأغراض الطبية؛ فإنها تسبب خللاً في العقل، وتؤدي إلى حالة من التعود أو الإدمان عليها؛ مما يضر بصحة الشخص جسميًّا ونفسيًّا واجتماعيًّا؛ مثل: الأفيون والحشيش، والهيروين والكوكايين، والبانجو القات.

قطاع غزة:

هي المنطقة الجغرافية التي يحده من الشمال بيت لاهيا، ومن الجهة الجنوبية جمهورية مصر العربية، ومن الغرب البحر الأبيض المتوسط، ومن الشرق الخط الفاصل لحدود 1967.

منهج وإجراءات الدراسة:

يتناول هذا الجزء توصيفًا شاملاً لإجراءات الدراسة الميدانية التي قام بها الباحث لتحقيق أهداف الدراسة، ويتضمن تحديد المنهج المتبع في الدراسة، وبناء وتصميم الأداة، ومجتمع الدراسة، وعيِّنة الدراسة، والتحقق من صدقها وثباتها، والمعالجة الإحصائية المستخدمة في تحليل النتائج.

منهج الدراسة:

استخدم الباحث في هذه الدراسة المنهج الوصفي التحليلي الذي يحاول من خلاله وصف الظاهرة موضوع الدراسة، وتحليل بياناتها، وبيان العلاقة بين مكوناتها والآراء التي تطرح حولها، والعمليات التي تتضمنها والآثار التي تحدثها.

المجتمع الأصلي للدراسة:

يتكون المجتمع الأصلي للدراسة من جميع مدمني ومروجي المخدرات في مراكز إصلاح وتأهيل غزة للعام 2013.

عينة الدراسة:

تكونت عينة الدراسة الأصلية من (60) مدمنًا ومروجًا للمخدرات في مراكز إصلاح وتأهيل غزة للعام 2009، تَمَّ اختيارهم بطريقة عشوائية، والجداول التالية توضح عينة الدراسة حسب العمر، والجنس والمؤهل العلمي، والحالة الاجتماعية، والمهنة عدد أفراد الأسرة المستوى التعليمي للأب المستوى التعليمي للأم، الوضع المهني للاب، الوضع المهني للأم، مصدر دخل الأسرة، مستوى الدخل الشهري للأسرة، المستوى الاقتصادي للأسرة، ملكية بيت الأسرة.

ثبات المقياس Reliability:

أجرى الباحث خطوات التأكد من ثبات المقياس، وذلك بعد تطبيقها على أفراد العينة الاستطلاعية بطريقتين، وهما: التجزئة النصفية، ومعامل ألفا كرونباخ.

طريقة التجزئة النصفية:

تَمَّ استخدام درجات العينة الاستطلاعية لحساب ثبات المقياس بطريقة التجزئة النصفية؛ حيث احتسبت درجة النصف الأول للمقياس، وكذلك درجة النصف الثاني من الدرجات؛ وذلك بحساب معامل الارتباط بين النصفين، ثم جرى تعديل الطول باستخدام معادلة سبيرمان براون(Spearman-Brown Coefficient)، فوجد أن معامل الثبات قبل التعديل ( 0,424)، وأن معامل الثبات بعد التعديل (0,596 )، وهذا يدل على أن المقياس يتمتع بدرجة عالية من الثبات، تطمئن الباحث إلى تطبيقها على عينة الدراسة.

طريقة ألفا كرونباخ:

استخدم الباحث طريقة أخرى من طرق حساب الثبات، وهي طريقة ألفا كرونباخ؛ وذلك لإيجاد معامل ثبات المقياس؛ حيث حصل على قيمة معامل ألفا (0,561 )، وهذا يدل على أن المقياس يتمتع بدرجة عالية من الثبات، يطمئن الباحث إلى تطبيقها على عينة الدراسة.

ثبات المقياس Reliability:

أجرى الباحث خطوات التأكد من ثبات المقياس؛ وذلك بعد تطبيقها على أفراد العينة الاستطلاعية بطريقتين، وهما: التجزئة النصفية، ومعامل ألفا كرونباخ.

1-طريقة التجزئة النصفية Split-Half Coefficient:

تَمَّ استخدام درجات العينة الاستطلاعية لحساب ثبات المقياس بطريقة التجزئة النصفية؛ حيث احتسبت درجة النصف الأول للمقياس، وكذلك درجة النصف الثاني من الدرجات؛ وذلك بحساب معامل الارتباط بين النصفين، ثم جرى تعديل الطول باستخدام معادلة سبيرمان براون(Spearman-Brown Coefficient)، فوجد أن معامل الثبات قبل التعديل ( 0,698)، وأن معامل الثبات بعد التعديل (0,822 )، وهذا يدل على أن المقياس يتمتع بدرجة عالية من الثبات، يطمئن الباحث إلى تطبيقها على عينة الدراسة.

2- طريقة ألفا كرونباخ:

استخدم الباحث طريقة أخرى من طرق حساب الثبات، وهي طريقة ألفا كرونباخ؛ وذلك لإيجاد معامل ثبات المقياس؛ حيث حصلت على قيمة معامل ألفا (0,817 )، وهذا يدل على أن المقياس يتمتع بدرجة عالية من الثبات، يطمئن الباحث إلى تطبيقها على عينة الدراسة.

التوصيات:

في ضوء النتائج التي توصلت إليها الدراسة يوصي الباحث بما يلي:

1- أن تتبنى الحكومة مخططًا وبرنامجًا تتشارك فيه جميع المؤسسات المعنية بمواجهة ظاهرة تعاطي المخدرات، انطلاقًا من كونها تهديدًا لأمن الفرد والمجتمع، وأن توفر الدعم المادي لأسر مدمني المخدرات لحمايتهم من التفكك الاجتماعي.

2- تفعيل دور الإعلام في مواجهة هذه الظاهرة، والاستفادة من الفن الهادف والنشيد، والمسرح، تفعيل دور القضاء في محاربة ظاهرة الإدمان والمبادرة إلى ملاحقة ومعاقبة تجار المخدرات وتقديمهم إلى المحاكمة.

3- من الضروري أن تتوافر في المدرسة - لا سيما في المرحلة الثانوية - برامج خاصة بالتثقيف الصحي والتربية الوقائية، لحماية الجيل من الانزلاق في مستنقع المخدرات.

4- أن يكون دور فعال ورئيس لإدارة الإرشاد التربوي في إدارة مراكز الإصلاح، والتأهيل لتوجيه مدمني المخدرات، وتوعيتهم بالمخاطر والإضرار الاجتماعية والتفكك الأسري بسب الإدمان.

5- إنشاء العديد من مراكز الإرشاد والعلاج لمدمني المخدرات، والعمل على إعادة تأهيلهم، وإيجاد فرص عمل لهم، ودمْجهم في المجتمع.

القيام بمزيد من الأبحاث العلمية للوقوف على هذه الظاهرة؛ من حيث حجم انتشارها والأسباب التي تقف وراءها وسبل الحد منها.

6- تقديم الدعم المعنوي للمدمنين الخاضعين للعلاج، من قبل أفراد المجتمع بشكل عام؛ وذلك بإحسان التعامل معهم، وتشجيعهم على تغيير واقعهم، ومساعدتهم على تغيير الفكرة السلبية عن الذات، وامتداح التحولات السلوكية الإيجابية في حياتهم.

7- الانفتاح على تجارب المجتمعات الأخرى، في معالجة إدمان المخدرات، والاستفادة منها في البيئة الفلسطينية.

8- أن تقوم الجمعيات والمؤسسات الأهلية والمجتمعية بدعوة أولياء الأمور والمربين إلى ورش عملٍ، يتم خلالها مناقشة سُبل ووسائل حماية أبنائنا من خطر الانزلاق في آفة المخدرات.