ملخص بحث: تنمية الشعور بالمسؤولية عند أفراد المجتمع ( بحث ثالث )

ملخص بحث

تنمية الشعور بالمسؤولية عند أفراد المجتمع

(بحث ثالث)

محور رقم (4)

الحمد لله حمدًا كثيرا طيبًا مباركًا فيه، والصلاة والسلام على رسول الله، الذي تركنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، وعلى آل بيته الطاهرين، وصحابته الطيبين، ومَن اهتدى بهَدْيه إلى يوم الجمع والدين، وبعد:

هذا البحث (تنمية الشعور بالمسؤولية عند أفراد المجتمع)، يشتمل على مقدمة، تضمَّنت خطته التي احتوت بيان مشكلة البحث، وأهميته، وأهدافه، وفروضه، ومنهجيته، وأدواته البحثية، والمفاهيم الرئيسة له، وخطة تقسيمه، والبحث في أربعة فصول، وخاتمة اشتملت على النتائج التي توصل إليها، ثم التوصيات والمقترحات.

والفصل الأول تناول بعض المفاهيم التي تتعلق بتنمية الشعور بالمسؤولية، حيث ناقش ذلك في ثلاث مباحث كالآتي:

المبحث الأول: المسؤولية الفردية.

المبحث الثاني: المسؤولية الاجتماعية.

المبحث الثالث: المسؤولية المهنية.

حيث تناول كل مبحث من المباحث على المفهوم المتعلق به، مبينًا علاقة ذلك بتنمية شعور بالمسؤولية عند أفراد المجتمع، وقد خلص هذا الفصل إلى وجود عَلاقة طردية بين ترقية المجتمعات وتقدُّمها وتعميق معاني المسؤولية الفردية، والمسؤولية الاجتماعية، والأخلاق المهنية في نفوس أفراد المجتمع.

أما الفصل الثاني تناول دور الأسرة في تنمية الشعور بالمسؤولية عند أفرادها، وقد تضمن ثلاثة مباحث؛ هي:

المبحث الأول: بعض ما يتعلق بالأم.

المبحث الثاني: بعض ما يتعلق بالأب.

المبحث الثالث: بعض ما يتعلق بالأبناء.

وقد تعرَّض هذا الفصل إلى بيان أهمية الأسرة ووظائفها عبر تاريخ البشرية، وحكم ومقاصد الزواج.

كما تناول الدور الذي تقوم به الأم في الأسرة، وبعض المشكلات العصرية التي تواجهها؛ مثل خروجها من بيتها للعمل، ومشاركتها في النشاط الاقتصادي، إضافة إلى الاستهداف الغربي للمرأة المسلمة ومحاولات تغريبها.

كما تناول هذا الفصل دور الأب في الأسرة، والمواصفات التي ينبغي أن يتَّصِف بها حتى يقوم بهذا الدور كما ينبغي.

وتطرق هذا الفصل إلى اهمية التنشئة الاجتماعية للأبناء من حيث أهدافها ووسائلها، مع ضرب أمثلة عملية في هذا الخصوص.

أما الفصل الثالث، فهو بعنوان دور المؤسسات التربوية والتعليمية في تنمية الشعور بالمسؤولية عند أفراد المجتمع، وتبيانًا لهذا الدور، فقد تم تقسيم هذا الفصل إلى ستة مباحث وَفْق الآتي:

المبحث الأول: واقع الفرد المسلم والمجتمع المسلم.

المبحث الثاني: بعض خصائص الداعية إلى الله.

المبحث الثالث: الدور الاجتماعي للمسجد.

المبحث الرابع: دور المرأة المسلمة في الدعوة إلى الله.

المبحث الخامس: قيمة الاحتساب وواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

المبحث السادس: الإعلام ما له وما عليه.

وقد تناول هذا الفصل أهمية الدراسة العميقة لواقع الفرد المسلم والمجتمع المسلم، وتشخيص ذلك وتحليله، بهدف الوصول إلى منظومة تعالج أوضاع ذلك الواقع.

وأشار الفصل إلى أن ضعفَ مؤسسات التوجيه والإعلام من حيث محتوى خطابها ومفرداته، وإعداد مواردها البشرية، وبناء وتأهيل قدرتِها، وتنمية معلوماتنا من شأنه أن يحقق نتائج عكسية في تنمية الشعور بالمسؤولية عند أفراد المجتمع.

ومن هنا كان من الواجب أن تعمل هذه المؤسسات وَفْق إدارة مسؤولة وإرادة قوية، من أجل التغيير للأفضل، مع الإقرار بالإصابات التي أصابتها عبر الحقب المختلفة، مع ضرورة الإعلان والعمل القوي من أجل تصحيح المسار، وتغيير الفهم وآليات العمل.

أما الفصل الرابع، فيحمل عنوان دَور الإدارة والدولة في تنمية الشعور بالمسؤولية عند أفراد المجتمع، وهو يتكون من خمسة مباحث كالآتي:

المبحث الأول: القيادة الإدارية.

المبحث الثاني: عمل الفريق.

المبحث الثالث: مهارات التواصل في بيئة العمل.

المبحث الرابع: أهداف وقيم العمل.

المبحث الخامس: إستراتيجيات وخطط الدولة.

وقد تناول هذا الفصل كيفية تنمية الشعور بالمسؤولية عند منسوبي المؤسسات المختلفة، عن طريق القيادات الإدارية الواعية، وتهيئة بيئة العمل، وتعميق منظومة القيم والمبادئ والأخلاق في النفوس، حتى تتفجر الطاقات البشرية، وتتضافر الجهود تحقيقًا لأهداف المؤسسة، وإنجازًا لأعمالها.

كذلك ناقش الفصل دور الدولة في تنمية الشعور بالمسؤولية عند أفراد المجتمع، باعتبار أن لها أذرعًا قوية، وسلطات واسعة، وإمكانيات ضخمة، من موارد بشرية ومادية، وأجهزة رقابية وتنفيذية وتشريعية، وخبراء ومستشارين، مما يمكنها من إحداث التغيير المنشود نحو الأفضل وَفْق إستراتيجيات وطنية وخطط وبرامج طويلة المدى وقصيرة المدى، وذلك عن طريق إيمان وقناعة القائمين على أمرها بأهمية التغيير، ثم المتابعة الدقيقة لذلك.

هذا وقد توصَّل البحث في خاتمته إلى عدة نتائج كالآتي:

1- وجود علاقة طردية بين ترقية المجتمعات وتقدمها، وتعميق معاني المسؤولية الفردية، والمسؤولية.

2- تمثِّل التنشئة الاجتماعية الأسرية أساسًا في تنمية الشعور بالمسؤولية عند أفراد الأسرة.

3- الحاجة إلى بحوثٍ ودراسات جادَّة جريئة لواقع المرأة المسلمة والأسرة المسلمة، وخروج المرأة من بيتها للعمل ومشاركتها في النشاط الاقتصادي.

4- العَلاقة بين الزوجين لها تأثيرها على الأبناء سلبًا أو إيجابًا.

5- التربية الإسلامية، والتعليم الإسلامي، لهما خصائص تميزهما عن غيرهما.

6- حاجات المؤسَّسات التربوية والتعليمية إلى منهجية إصلاحية حتى تقومَ بوظيفتها في تعزيز الشعور بالمسؤولية عند طلبة العلم.

7- وضع نظامٍ خاصٍّ لتعليم البنات، يقوم على استقلاليته وتوعيته في مختلف المراحل، ويراعَى فيه ما يناسب طبيعة المرأة، وما يحفظ عليها فطرتها، ويجعلها تقوم بدورِها المنوط بها على الوجه الأكمل.

8- أدوات إعادة تشكيل مواردنا البشرية لا بد أن تكون ذاتية، ومرتبطة بواقعنا، وفق إطار مرجعي متكامل، ومنهجية تغيير تستند إلى العودة للذات.

9- يمكن لمؤسسات التوجيه والإعلام أن تلعب دورًا مهمًّا في تغيير واقع الفرد المسلم والمجتمع المسلم، وذلك بالشعور بمسؤوليتها تجاه الفرد والمجتمع، والعمل الدؤوب الجاد، الذي يهدف إلى تنمية الشعور بالمسؤولية عند أفراد المجتمع، عبر برامج وعروض متنوعة وجذابة.

10- حتى تقومَ المساجد بدورها المتوقَّع منها، فإنها تحتاج إلى خطط وبرامج تهدف إلى بناء قدرات الخطباء والأئمة والدعاة؛ بحيث يكونون على دراية واسعة بفقه الواقع وآليات استشراف المستقبل، وصياغة شخصياتهم صياغة إسلامية، حتى يكونوا قدوة لغيرهم، وبناء هذه الشخصيات علميًّا وفكريًّا وحركيًّا.

11- استشراف مستقبل المرأة المسلمة يتطلَّب تكوين قطاع عريض من النساء، ليقمن بواجبهن الدعوي في عالَم استهداف المرأة المسلمة من خلال منظَّمات ومؤتمرات واتفاقيات دولية.

12- لقيمة الاحتساب وواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دور واضح في تنمية الشعور بالمسؤولية عند أفراد المجتمع.

13- أهمية إيجاد إعلام إسلامي مؤثِّر وفاعل ومتألق، يتصدَّى للغزو الفكري، والتبديل الثقافي، ويغزو الآخرين بثقافته الربانية، ويستفيد من معطيات التقنية العالمية.

14- أهمية تكوين رأي إسلامي عام حول القضايا المحورية والمفصلية التي تهم كل مسلم.

15- تنمية الشعور بالمسؤولية عند منسوبي المؤسسات الحكومية وغيرها، يحتاج إلى قيادة إدارية واعية، وتهيئة بيئة العمل، وتعميق لمنظومة القيم والأخلاق الإسلامية في النفوس، وقدرة ومهارة في الاتصال.

16- يعدُّ المجال السلوكي مدخلاً مهمًّا لنجاح التخطيط الإستراتيجي الذي تضعه الدولة، وهو رغم أهميته لا يزال مهملاً في معظم إستراتيجيات الدول النامية.

17- للدولة واجب أساسي في التغيير الاجتماعي، وتنمية وتعزيز المسؤولية عند أفراد المجتمع.

18- تنمية وتعزيز المسؤولية عند أفراد المجتمع له عدة ثمرات تنعكس على الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وتأسيسًا على النتائج أعلاه، فهذه بعض التوصيات والمقترحات المتعلِّقة بهذا البحث، والتي نأمل أن ترى النور:

1- تصميم مناهج مؤسسات التربية والتعليم والجامعات وَفْق رؤية تأصيلية تُعنَى بتعميق معاني المسؤولية الفردية، والمسؤولية الاجتماعية، والأخلاق المهنية، في نفوس طلبة العلم، مع عناية مؤسسات التوجيه والإعلام بهذه المعاني والترويج لها.

2- على الدولة أن تعتنِي بالأسرة من خلال أجهزتها المَعْنِية بذلك، وأن تخصِّص برامج مكثفة للتوعية الأسرية عبر مؤسسات التوجيه والإعلام، إضافة إلى:

3- إنشاء مراكز للإرشاد الأسري بالأحياء السكنية والقرى.

4- أن تعمل الدولة على إصلاح مؤسسات التربية والتعليم والجامعات، من حيث البِنَى التحتية، وتصميم المناهج، وتأهيل أعضاء هيئة التدريس، وبناء قدراتهم، وتحفيزهم ماديًّا ومعنويًّا.

5- مراعاة الدولة للفروق النوعية بين الذكور والإناث في مؤسسات التربية والتعليم، بحيث يراعَى في ذلك طبيعة المرأة ووظيفتها الأساسية المتعلقة بالمسؤولية عن رعاية بيت الزوجية.

6- إنشاء جهاز قوي يعتني بالبِنَى التحتية للمساجد، وتأهيل الأئمة والدعاة، وتفعيل الدور الاجتماعي للمسجد إلى أقصى الحدود.

7- دعم المنظمات والمراكز النسائية التي يقوم بإدارتها نساء يشتغلن بشأن الدعوة وسط النساء.

8- من واجبِ الدولة أن تعمل على التوجيه الإسلامي لأجهزة الإعلام التي تكون في ضمن حدودها السياسية مع مراعاة إعداد خطاب إعلامي دعوي يستهدف الكرة الأرضية، ويستفيد من كافة التقنيات والفنيَّات العصرية.

9- من واجب منظمة المؤتمر الإسلامي، ورابطة العالم الإسلامي، والمجامع الفقهية، أن يعملوا على تكوين رأي إسلامي حول القضايا المحورية والمفصلية، التي تهم كل مسلم.

10- عناية الدولة بتأهيل المُدِيرين، وبناء قدراتهم، وصولاً بهم إلى مصافِّ القادة، بحيث تكون إدارات المؤسسات على قناعة بأهمية وممارسة الجودة الشاملة، والعمل وَفْق روح الفريق، والعناية بمهارات الاتصال، وتهيئة بيئة العمل واحترام كرامة الإنسان.

11- ملاحظة جهاز التخطيط الإستراتيجي بالدولة لأهمية المدخل السلوكي في نجاح الخطط الإستراتيجية التي يضعها.

12- عناية الدولة بمراكز الدراسات والأبحاث المتخصِّصة ومخرجاتها، والاستفادة منها في وضع خطط إستراتيجية في مجالات التربية والتعليم، والتوجيه والإعلام، والاقتصاد، والجوانب الاجتماعية الأخرى. ثم العمل على تنفيذ هذه الخطط عبر أجهزتها التنفيذية، مع المتابعة الدقيقة لذلك عبر أجهزتها المختصة.

ولا يسعني في الختام إلا أن أنوِّه بشبكه الألوكة التي اختارت لمسابقتها الكبرى عناوين لموضوعات حيوية تحتاج لها الأمة في هذه المرحلة من تاريخها.

فجزى الله خيرًا القائمين على إدارة هذه الشبكة، ووفَّقهم إلى رضاه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

والله أسأل أن يوفِّقنا إلى ما يحب ويَرضَى