• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الحلقة الأولى: بداية رحلة السعادة
    الدكتور مثنى الزيدي
  •  
    حرص الصحابة رضي الله عنهم على اقتران العلم ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    مشروعية الزواج من واحدة فأكثر في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    سورة ق في خطبة الجمعة وأبرز سننها الكونية ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    التقنيات الحديثة والتحكم في المطر
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    {أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    خير الناس أنفعهم للناس (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تمويل المنشآت الوقفية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الإحسان والرحمة.. وحذر الطمع والجشع
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لبس السلاسل والأساور
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    خطبة (أم الكتاب 2)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    { قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى }
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    كلام الرب سبحانه وتعالى (1) الأوامر الكونية.. ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    حقوق الطفل العقدية في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

هل كورونا مؤامرة؟

هل كورونا مؤامرة؟
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/6/2020 ميلادي - 22/10/1441 هجري

الزيارات: 23660

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأوبئة (7)

هل كورونا مؤامرة؟

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ  ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].


أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.


أَيُّهَا النَّاسُ: ابْتُلِيَتِ الْبَشَرِيَّةُ فِي هَذَا الْعَامِ بِوَبَاءٍ أَثْقَلَ الدُّوَلَ، وَغَيَّرَ حَيَاةَ النَّاسِ، وَقَلَبَ الْأُمُورَ رَأْسًا عَلَى عَقِبٍ، وَلَا يَعْلَمُ أَحَدٌ مَتَى يَزُولُ؟ وَإِذَا زَالَ هَلْ يَسْتَجِدُّ مَرَّةً أُخْرَى أَمْ لَا؟ كُلُّ ذَلِكَ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ، وَلَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَأَمَّا الْبَشَرُ فَيَتَوَقَّعُونَ وَيَتَخَرَّصُونَ وَيَظُنُّونَ، وَلَا يَمْلِكُونَ يَقِينًا فِي ذَلِكَ ﴿ قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [النَّمْلِ: 65].


وَالْبَشَرُ كَذَلِكَ مُخْتَلِفُونَ فِي هَذَا الْوَبَاءِ: هَلْ هُوَ صِنَاعَةٌ بَشَرِيَّةٌ لِتَحْقِيقِ أَهْدَافٍ سِيَاسِيَّةٍ وَاقْتِصَادِيَّةٍ؟ أَمْ هُوَ خَطَأٌ بَشَرِيٌّ كَلَّفَ الدُّوَلَ وَالْأُمَمَ خَسَائِرَ لَا تُحْصَرُ؟ أَمْ هُوَ تَسْلِيطٌ رَبَّانِيٌّ مَحْضٌ لَا يَدَ لِلْبَشَرِ فِيهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ؟ وَالنَّاسُ يَخُوضُونَ فِي ذَلِكَ وَيُحَلِّلُونَ وَيَخْتَلِفُونَ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ يَمَسُّهُمْ، وَيُؤَثِّرُ فِي حَيَاتِهِمْ، فَحُقَّ لَهُمْ أَنْ يَكُونَ هُوَ جُلَّ أَحَادِيثِهِمْ.


وَمِنَ النَّاسِ مَنْ جَعَلَ الْوَبَاءَ صِنَاعَةً بَشَرِيَّةً عَبْرَ تَطْوِيرِ الْفَيْرُوسَاتِ، وَاسْتِخْدَامِهَا فِي حَرْبٍ جُرْثُومِيَّةٍ تَدُورُ رَحَاهَا بَيْنَ الدُّوَلِ الْكُبْرَى، وَأَنَّ نَشْرَهُ فِي النَّاسِ لِإِخْضَاعِ دُوَلٍ، وَتَحْقِيقِ مَكَاسِبَ سِيَاسِيَّةٍ وَاقْتِصَادِيَّةٍ فِيمَا يُعْرَفُ بِالْحَرْبِ الْبَارِدَةِ بَيْنَ أَقْطَابِ الْعَالَمِ الْمُتَنَازِعَةِ.


وَمِنَ النَّاسِ مَنْ جَعَلَ الْوَبَاءَ تَسَرُّبَاتٍ غَيْرَ مَقْصُودَةٍ مِنْ مَعَامِلَ لِتَخْزِينِ الْفَيْرُوسَاتِ وَتَعْدِيلِهَا وَدِرَاسَتِهَا، كَمَا تَسَرَّبَتِ الْإِشْعَاعَاتُ مِنْ مُفَاعِلَاتٍ نَوَوِيَّةٍ فِي بَعْضِ الدُّوَلِ النَّوَوِيَّةِ.


وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَرَى أَنَّ الْوَبَاءَ مُؤَامَرَةٌ عَلَى الْبَشَرِيَّةِ تَهْدِفُ إِلَى تَقْلِيلِ أَعْدَادِ الْبَشَرِ؛ بِاعْتِبَارِ أَنَّ مَوَارِدَ الْأَرْضِ وَخَيْرَاتِهَا لَا تَكْفِيهِمْ، وَهُوَ مَذْهَبٌ قَدِيمٌ يَتَبَنَّاهُ مُتَوَحِّشُو الرَّأْسِمَالِيَّةِ؛ إِذْ يَرَوْنَ وُجُوبَ تَخَلُّصِ الْأَقْوِيَاءِ مِنْ جُمُوعِ الضُّعَفَاءِ؛ لِضَمَانِ رَفَاهِيَتِهِمْ، فِيمَا يُعْرَفُ بِالِانْتِخَابِ الطَّبِيعِيِّ، وَالْبَقَاءِ لِلْأَصْلَحِ، وَالْأَصْلَحُ هُوَ الْأَقْوَى، بَعِيدًا عَنِ الْقُيُودِ الدِّينِيَّةِ وَالْأَخْلَاقِيَّةِ؛ إِذْ يَرَى هَذَا الْفَرِيقُ الْمُتَوَحِّشُ مِنَ الرَّأْسِمَالِيِّينَ تَحْطِيمَ كُلِّ الْقُيُودِ لِسَحْقِ الشُّعُوبِ مِنْ أَجْلِ رَفَاهِيَتِهِمْ.


وَهَذِهِ النَّظَرِيَّاتُ الثَّلَاثُ هِيَ الْأَقْرَبُ لِلْوَاقِعِ، وَإِلَّا فَإِنَّ أَزْمَةَ الْوَبَاءِ قَذَفَتْ بِنَظَرِيَّاتٍ كَثِيرَةٍ، بَعْضُهَا غَارِقٌ فِي الْخَيَالِ، بَعِيدٌ عَنِ الْوَاقِعِ. وَبَعْضُهَا مَبْنِيٌّ عَلَى خُرَافَاتٍ وَأَسَاطِيرَ وَأَوْهَامٍ.


وَإِزَاءَ هَذَا الِاخْتِلَافِ فِي حَقِيقَةِ الْوَبَاءِ وَمُسَبِّبَاتِهِ؛ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أُمُورٌ عِدَّةٌ:

مِنْهَا: أَنْ يَكُونَ مُتَوَازِنًا فِي نَظْرَتِهِ لِأَسْبَابِ الْوَبَاءِ، فَلَا يَغْرَقُ فِي الْخَيَالِ، وَيُصَدِّقُ الْأَسَاطِيرَ وَالْأَوْهَامَ، وَلَا يَنْفِي مَا يَكُونُ قَرِيبًا مِنَ الْوَاقِعِ، وَلَا يَجْزِمُ بِشَيْءٍ إِلَّا بِعِلْمٍ، مُجْتَنِبًا التَّخَرُّصَ وَالْوَهْمَ وَالظَّنَّ. وَالْمَلَائِكَةُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ حِينَ سُئِلُوا عَمَّا لَا عِلْمَ لَهُمْ بِهِ ﴿ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ [الْبَقَرَةِ: 32]، وَالرُّسُلُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَجَابُوا عَمَّا لَمْ يَعْلَمُوا فَقَالُوا: ﴿ لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 109]، فَالْمُؤْمِنُ لَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا بِعِلْمٍ، أَوْ يَصْمُتُ فِيمَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ.


وَمِنْهَا: اجْتِنَابُ الْمُبَالَغَةِ وَالتَّهْوِيلِ فِي أَخْبَارِ الْوَبَاءِ، وَاجْتِنَابُ النَّفْيِ الْقَاطِعِ لِوُجُودِهِ أَوِ التَّهْوِينِ مِنْ آثَارِهِ، وَالرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إِلَى أَهْلِ الشَّأْنِ وَالْخِبْرَةِ. فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُهَوِّلُ الْوَبَاءَ وَيَنْشُرُ الذُّعْرَ فِي النَّاسِ، حَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ: لَوْ عَلِمَ النَّاسُ حَقِيقَةَ الْوَبَاءِ لَاخْتَفَوْا مِنْهُ فِي الْكُهُوفِ وَالْجُحُورِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْفِيهِ نَفْيًا تَامًّا، وَيَجْعَلُهُ أُكْذُوبَةً دَوْلِيَّةً عَلَى الشُّعُوبِ؛ فَيَصْرِفُ النَّاسَ عَنِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ. وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ [النِّسَاءِ: 83].


وَمِنْهَا: أَنْ يُوقِنَ الْمُؤْمِنُ أَنَّ الْوَبَاءَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ إِنْ كَانَ نَشْرُهُ بِفِعْلِ الْبَشَرِ قَصْدًا أَوْ خَطَأً فَإِنَّهُ أَيْضًا بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَنْ تَتَحَقَّقَ أَهْدَافُ مَنْ نَشَرُوهُ فِي الْبَشَرِ إِلَّا إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى لَهَا أَنْ تَتَحَقَّقَ لِحِكْمَةٍ يُرِيدُهَا، وَأَنَّ مَكْرَهُمْ وَكَيْدَهُمْ لَا يَغْلِبُ قَضَاءَ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدَرَهُ، وَقَدْ يَرْتَدُّ عَلَيْهِمْ مَكْرُهُمْ فَيُفْشِلُ مُخَطَّطَاتِهِمْ، وَيُدَمِّرُ مَشْرُوعَاتِهِمْ، وَيُهْلِكُهُمْ قَبْلَ هَلَاكِ غَيْرِهِمْ ﴿ وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 54]، ﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 46]، ﴿ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا ﴾ [الطَّارِقِ: 15 - 17].


وَمِنْهَا: اشْتِغَالُ الْمُؤْمِنِ بِمَا يَنْفَعُهُ، وَتَرْكُهُ مَا لَا يَنْفَعُهُ وَقَدْ يَضُرُّهُ؛ فَإِنَّ الْإِغْرَاقَ فِي تَتَبُّعِ أَخْبَارِ الْوَبَاءِ، وَأَقْوَالِ الْمُحَلِّلِينَ لِأَسْبَابِهِ، وَمُتَابَعَةِ الْحِوَارَاتِ وَالْمُهَاتَرَاتِ فِي هَذَا الْبَابِ مَضْيَعَةٌ لِلْوَقْتِ، وَاسْتِنْزَافٌ لِلْجُهْدِ. وَمَعَ إِدْمَانِ ذَلِكَ فَقَدْ يَرْسَخُ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ خَوْفٌ وَفَزَعٌ مِنَ الْمُسْتَقْبَلِ الْمَجْهُولِ، أَوْ يَمْتَلِئُ قَلْبُهُ بِتَعْظِيمِ الْبَشَرِ وَالْخَوْفِ مِنْهُمْ وَخَشْيَتِهِمْ أَشَدَّ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى؛ بِحُجَّةِ أَنَّ الدُّوَلَ الْقَوِيَّةَ تَسْتَطِيعُ إِفْنَاءَ الْبَشَرِ بِمَا أُوتِيَتْ مِنْ عِلْمٍ وَقُوَّةٍ بِنَشْرِ الْأَوْبِئَةِ أَوْ بِالْحُرُوبِ الْجُرْثُومِيَّةِ أَوِ الْكِيمَاوِيَّةِ أَوِ النَّوَوِيَّةِ. وَإِذَا اسْتَوْلَى هَذَا الْخَوْفُ عَلَى الْقَلْبِ نَغَّصَ عَلَى الْمَرْءِ عَيْشَهُ، وَقَدَحَ فِي تَوْحِيدِهِ، وَأَضْعَفَ إِيمَانَهُ، وَتَسَلَّطَتْ عَلَيْهِ أَمْرَاضُ الْخَوْفِ؛ كَالِاكْتِئَابِ وَالْقَلَقِ وَالْأَرَقِ، فَكَانَ فَرِيسَةً لِلْوَحْدَةِ وَالْعُزْلَةِ وَنَقْصِ الْمَنَاعَةِ، وَكَانَتْ فُرَصُ إِصَابَتِهِ بِالْوَبَاءِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ، وَمَا ضَرَّ إِلَّا نَفْسَهُ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «... احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَلَنْ يَكُونَ نَفْعُ الْمُؤْمِنِ بِالْإِغْرَاقِ فِي تَتَبُّعِ أَخْبَارِ الْوَبَاءِ وَآثَارِهِ وَأَقْوَالِ الْمُحَلِّلِينَ فِيهِ، فَذَلِكَ لَا يُصْلِحُ دِينَهُ وَلَا دُنْيَاهُ، وَلَيْسَ يَعْنِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِآحَادِ النَّاسِ عَلَى نَتَائِجِ الْوَبَاءِ وَتَأْثِيرَاتِهِ، وَإِنَّمَا هَذَا شَأْنُ أُولِي الْأَمْرِ وَأَهْلِ الطِّبِّ.


جَعَلَنِي اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاكُمْ هُدَاةً مُهْتَدِينَ، لَا ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ، وَنَظَمَنَا فِي عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...


الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.


أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنْ كَانَ الْوَبَاءُ بِفِعْلِ بَعْضِ الْبَشَرِ لِلْإِضْرَارِ بِآخَرِينَ مِنْهُمْ فَلَنْ يُفْلِحُوا أَيًّا كَانَ هَدَفُهُمْ وَغَايَتُهُمْ. فَإِنْ أَفْلَتُوا مِنْ عِقَابِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا فَلَنْ يُفْلِتُوا مِنْهُ فِي الْآخِرَةِ، وَالْقَوَاعِدُ الشَّرعيةُ تَنُصُّ عَلَى أَنَّهُ (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ)، (وَالضَّرَرُ يُزَالُ)، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 58]، وَأَذِيَّةُ النَّاسِ فِي حَيَاتِهِمْ وَصِحَّتِهِمْ وَمَعَايِشِهِمْ مِنْ أَعْظَمِ الْأَذَى الَّذِي لَنْ يُفْلِحَ أَصْحَابُهُ، وَلَنْ يَنْجُوا مِنَ الْعُقُوبَةِ.


وَتَفْرِيعًا عَلَى ذَلِكَ: فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى مَنْ أُصِيبَ بِالْوَبَاءِ أَنْ يُخَالِطَ النَّاسَ فِي مَسَاجِدِهِمْ وَأَسْوَاقِهِمْ وَأَمَاكِنِ تَجَمُّعِهِمْ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ وَيُعَالِجَهَا. وَمَنْ أَحَسَّ بِأَعْرَاضِ الْوَبَاءِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُغَامِرَ بِنَفْسِهِ وَأَهْلِهِ، وَلَا بِغَيْرِهِمْ مِنَ النَّاسِ عَبْرَ مُخَالَطَتِهِمْ. وَمَنْ خَالَطَ مَوْبُوءًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ وَلَوْ لَمْ تَظْهَرْ عَلَيْهِ أَعْرَاضُ الْوَبَاءِ حَتَّى تَتَبَيَّنَ سَلَامَتُهُ. وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَسَاهَلَ فِي الْأَخْذِ بِالْأَسْبَابِ الْمَشْرُوعَةِ لِاتِّقَاءِ الْوَبَاءِ، وَالْعَمَلِ بِالِاحْتِيَاطِ اللَّازِمِ لِذَلِكَ؛ فَإِنْ كَانَتْ نَفْسُهُ رَخِيصَةً عَلَيْهِ فَالنَّاسُ لَا يُرْخِصُونَ أَنْفُسَهُمْ، وَخَيْرُ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ. وَيَا حَسْرَةَ مَنْ تَسَاهَلَ فِي هَذَا الْأَمْرِ فَتَسَبَّبَ فِي نَقْلِ الْوَبَاءِ إِلَى غَيْرِهِ، وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانُوا وَالِدَيْهِ أَوْ زَوْجَهُ وَأَوْلَادَهُ وَقَرَابَتَهُ، فَضَرَّهُمْ بِاسْتِخْفَافِهِ وَتَسَاهُلِهِ، وَقَدْ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ أَنْ يَمْنَعَهُمْ وَيَحْفَظَهُمْ وَيَنْفَعَهُمْ. وَمَنْ أُصِيبَ بِالْوَبَاءِ مَعَ احْتِيَاطِهِ وَاحْتِرَازِهِ فَلَنْ يَنْدَمَ عَلَى مَا أَصَابَهُ؛ لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ؛ وَلِيَقِينِهِ بِأَنَّهُ قَدَرُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ الْمُفَرِّطَ يَنْدَمُ، وَلَاتَ حِينَ مَنْدَمٍ ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التَّوْبَةِ: 51].


وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وقفة مع مرض الكورونا
  • وقفات مع وباء كورونا
  • الاستثمار في زمن كورونا
  • كورونا وحملات التطهير
  • مقاومة انتشار الغضب أثناء وباء كورونا
  • وباء كورونا والعشر الأخيرة من رمضان
  • الفرح بالعيد ووباء كورونا
  • كورونا فرصة للإبداع في الدعوة
  • توجيهات في زمن كورونا (خطبة)
  • المجاهدة في أداء أمانة التعليم للطلاب والمعلمين وأولياء الأمور زمن (كورونا)
  • خطبة قيم التوكل وأثرها في مواجهة " كورونا"

مختارات من الشبكة

  • أسباب فيروس كورونا(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الخير الكامن في المصائب والابتلاءات (كورونا أنموذجا) علمني كورونا خمسين درسا(مقالة - ملفات خاصة)
  • برعاية إسلامية: حملة توعية لتلقي لقاح كورونا في كتالونيا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • تأثير جائحة كورونا في تطور الثروة اللفظية والدلالية في اللغة العربية: دراسة لغوية اجتماعية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تاريخ مرض كورونا(مقالة - ملفات خاصة)
  • مواعظنا من فيروس كورونا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الهلع من فيروس كورونا(استشارة - الاستشارات)
  • المجتمع العربي والدافعية في التعلم... بعد أزمة كورونا(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • كورونا.. آية للعالمين (قصيدة)(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم)
  • نقد دعاوي المعارضات الفكرية المعاصرة لحديث "لا عدوى ولا طيرة" فيروس كورونا المستجد أنموذجا (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 6/5/1447هـ - الساعة: 18:10
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب