الضجر ( قصة )

الضجر

لم يتبقَّ من جيله سوى اثنين:

أحدهما ملازم للفراش، والثاني ما زال متماسكًا، يسافر كل عام؛ ليزور أبناءه في الولايات المتحدة الأمريكية؛ لذلك عندما يشعر بالوحدة، لا يجد أمامه حاضرًا سوى صديقه المريض، الذي يفرح كثيرًا بزيارته، لكنه ما يلبث أن يغيب عن الوعي، ويروح في إغفاءة طويلة.

كان في البداية يتوقف عن الكلام، وينصرف بهدوء، لكنه في الفترة الأخيرة لم يعد يفعل ذلك، فهو يظل يتكلم إليه وهو نائم، أو غائب عن الوعي.

ماذا يهم؟

المهم أنه يفرغ لديه شحنته الانفعالية، الناقمة على الزمن، والناس.

• تصور أن سائق التاكسي كاد يضربني عندما أعطيته جنيهًا ونصفًا.

أنت تعلم أن المشوار لا يساوي أكثر من خمسين قرشًا.

لكن سائقي هذه الأيام أصبحوا لا يطاقوا.

وبالأمس لم أستطع النوم من لدغات الناموس.

إنهم في الحي لم يعودوا يرشون الشوارع كما كانوا يفعلون على أيامنا!

ومنذ أسبوع أقاموا لحفيدة أختي فرحًا في فندق كبير، لم أستطع أن أجلس فيه أكثر من نصف ساعة، وكدت أفقد سمعي من ارتفاع صوت الموسيقا!

وعندما يصحو صديقه المريض من غفوته، يسأله عن صديقهما الثالث؟

فيجيب بانفعال:

• وهذا أيضًا، لا أدري ماذا يعجبه في أمريكا؟

كل سنة يقضي فيها ثلاثة شهور.

أقسم لك أن أبناءه لا يرتاحون لرؤيته، لكنه يفرض نفسه عليهم، تمامًا كما يفعل معنا!