هل أقبل الزواج من جنسيات أخرى؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فملخص مشكلتكِ هو:

1- أنتِ سعودية، ويتقدم لكِ خُطَّاب من جنسيات أخرى، أمهاتهم سعوديات.

2- تتخوفين من القبول بأحدهم؛ للأسباب الآتية:

أ‌- رغبتهم في الاستقرار في بلاد غير عربية لأسباب تخصهم، بينما أنتِ ترغبين في المعيشة في بلد عربي.

ب‌- تتخوفين من حمل أبنائكِ جنسيات أخرى، ومن المخاطرة بمستقبلهم التعليمي والوظيفي، ومن التبعات القانونية الأخرى التي قد تلحق أبناءكِ، وقد تؤذيهم.

3- تقولين: إن تخوفكِ ليس له علاقة بالعنصرية، وإن عائلتكِ فيها تنوع جنسيات.

ثم تطلبين التوجيه حول ذلك، فأقول مستعينًا بالله سبحانه:

أولًا: الأصل الشرعي هو قبول الخاطب الكُفْء دينًا وخُلُقًا؛ للدليلين الآتيين:

الأول: قوله سبحانه: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13].

الثاني: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا خُطِب إليكم من تَرضَون دينه وخُلُقه، فزوِّجوه؛ إلا تفعلوا، تَكُنْ فتنة في الأرض، وفساد عريض))؛ [رواه الترمذي].

ثانيًا: قد يعترض تحقيق هذا الأصل أسباب معاصرة عند اختلاف الأصول أو الجنسيات، ليس لأنها أسباب شرعية بذاتها، ولكن لِما قد يترتب عليها من عوائق قانونية، أو عادات لها جذورها في المجتمعات، وما قد يحصل للأبناء من التشتت بين أبوين مختلفي الجنسية، خاصة عند حصول الخلافات والطلاق؛ ولذا فتخوفكِ مُعْتَبَر.

ثالثًا: ذكرتِ أن عائلتكِ بها تعدد جنسيات، ومعنى هذا أن العائق الاجتماعي غير موجود عندكم، لكن تبقى التخوفات الأخرى لها محل مُقدَّر.

رابعًا: إن كنتِ تتوقعين بنسبة كبيرة ألَّا يتقدم لكِ كفء يحمل جنسيتكِ؛ نظرًا لاختلاط جنسياتكم، وتخشين على نفسكِ البقاء بدون زوج صالح لكِ، فلعلكِ تستخيرين في أحد الذين يتقدمون، مع تهيئة النفس بأن هذا الأمر قد يكون فيه خير كثير لكِ ولأولادكِ، وأن تخوفاتكِ قد لا تحصل أبدًا، وتهيئة نفسكِ كذلك لاحتمال حصول شيء من التخوفات والآثار السلبية على الأبناء، خاصة أنكم ستعيشون في بلاد غير عربية، وربما غير إسلامية؛ يعني في غربة عن الأهل، وربما تتأثرون جميعًا - أو الأبناء خاصة - بما ينتشر في تلك البلاد من فُجُورٍ وبُعْدٍ عن الدين الإسلامي وتعاليمه؛ ولذا ينبغي أن تستحضري أثناء الاستخارة مصلحتكِ، ومصلحة زوجكِ، ومصلحة أولادكِ؛ يعني: فوِّضي الأمر لله سبحانه تفويضًا كاملًا؛ لأنه سبحانه هو وحده عالم الغيب وما فيه صلاح لكم جميعًا، وبعد ذلكِ افعلي ما تطمئن له نفسكِ.

حفظكِ الله، ودلَّكِ على أرشد أمركِ.

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.