الحيرة في اختيار التخصص

ابني الكريم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

يُسعدنا أن نُرحِّب بك في شبكة الألوكة، سائلين المولى القدير أن يسددنا في تقديم ما ينفعك وينفع جميع المستشيرين.

أودُّ أن أشيدَ بما لمسته فيك مِن قدرةٍ على تشخيص الأفكار والسلوكيات غير الإيجابية التي تصدُر منك، وعدم رضاك عنها، بل وامتعاضك منها، واجتهادك في التخلص منها، واستبدال ما هو إيجابي بها، فإنَّ نصف الحل يكمُن في تشخيص المشكلة، وأن الرغبة في التغيُّر تُقربك كثيرًا مِن حلها، وهو ما أجد أنك في سياقه حاليًّا، بدليل مراسلتك لنا طلبًا للمساعدة.

مِن الخطوات الأساسية التي تُبنى عليها حلولُ مثل هذه المشكلات - وأعني بها: مشكلات التواصل الاجتماعي -: تجنب توبيخ الذات على ما مضى مِن سلوكيات أو مواقف، وكذلك على أيِّ إخفاق قد تُواجِهه خلال مراحل التغير، فالمُجدي هو استبدال مشاعر الرغبة والإصرار والعزم على التغيير الإيجابي المنشود بمشاعر توبيخ النفس وجلدها.

ثم أنصحك بالاطلاع على سيرة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام ومواقفه في مجال السماحة في التعامل ودماثة وحسن الخلق، وكثرة تبسُّمه عليه الصلاة والسلام، واتخذْ مِن تلك المواقف نموذجًا فكريًّا لك، واعمدْ على التأمل فيها خلال يومك، وخاصة في لحظات قبل النوم ليلًا، لتبني في نفسك طموحًا وتطلعًا لتبني هذه الشخصية.

وستجد يا بُني بعد اتِّباع الخطوتين السابقتين تسلسل مشاعر وسلوكيات كريمة إلى شخصيتك الظاهرة للناس، وكذلك التي تتبناها داخليًّا، وهو أمر سيُحفِّزك على الإقبال في تعاملك مع المحيطين.

هذا التغيُّر مهما كان يسيرًا فلا بد أن يُصاحبه ما يُسمى بالتعزيز، والذي يُقصد منه تقوية التغير الإيجابي، ويكون هذا التعزيز بقيامك بمكافأة نفسك عند نجاحك بالقيام بأي سلوك إيجابي، أو حتى تبنيك فكرة جيدة، أو وجدت أنك قد استبعدتَ فكرة أو أفكارًا سلبية، أما مكافأة النفس فتختلف من شخص لآخر، فالبعض يكافئها بشراء حاجة أو طعام محبب لهم، وهناك من يكافئها بالتنَزُّه في مكان يروق له، وما إلى ذلك.

أما فيما يخص تحديدك للمجال الدراسي، فلا بد لي أولًا أن أُنَوِّه إلى أهمية الابتعاد عن تبني فشل آخرين وتعميم تجربتهم عليك، وفي نفس الوقت لا بد من الاستفادة من تجاربهم لتجنُّب تكرار خطأٍ قد ارتكبوه وتسبب في فشلهم، فالفروقاتُ الفردية في الشخصية والقدرات والقابليات لها أثرٌ كبير في فشل أشخاص في أمر ما، ونجاح آخرين فيه.

ولذلك أتمنى منك أن تسعى للتعرُّف إلى ميولك، وقدراتك الشخصية، والتي هي الفيصلُ الأساسي في تحديد التخصص العلمي الذي عليك اختياره، ويمكنك في هذا الشأن الاستعانة أيضًا بمختصين تربويين لمساعدتك في اكتشاف تلك القدرات والميول التي قد تلتبس عليك في ظل مخاوفك ومشاعرك الحالية.

وأخيرًا، أختم بالدعاء إلى الله تعالى أن يُصلح شأنك كله، ويفتحَ لك أبواب العلم والخير وينفع بك

وسنكون سُعداء بسماع أخبارك الطيبة