أريد نصائحكم لأكون أقرب إلى الله

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

أهنئك يا ابنتي على تلك الأحاسيس الإيمانية، وطلبك النصح والتوجيه؛ فذلك دليلُ إيمان وخشية من الله جل جلاله، فزادك الله مِن فَضلِه.

الله خلَق الخلْقَ، وحدَّ لهم حدودًا، وأنزل كتابًا شافيًا، وأرسل لهم الرسل صلوات ربي وسلامه عليهم، فأبانوا لهم الطريق، ولو تأملتِ في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فلن تجدي إلا أوامرَ ميسرة مُتمثلةً في أركان الإسلام والإيمان والتي تعرفينها جيدًا.

ولنقفْ على أحدها والذي هو الصلاة، فقد ذكرتِ عن نفسك بأنك تصلين، ولكن...، وكأنك أدركت أن هناك خللًا في أداء هذا الفرض، إذًا فأنتِ وضعتِ يدك على المطلوب، فهذه أولُ خطوة، وهو نصف الحل، فما المطلوب بعد ذلك؟!

المطلوبُ يا بُنيتي أن تلجئي إلى الله سبحانه، وتسأليه أن يرزقك الإيمان، وتدعيه بذلك الدعاء الجامع الوارد في كتاب الله: ((اللهم حبِّبْ إليَّ الإيمان وزيِّنه في قلبي، وكَرِّهْ إليَّ الكفر والفسوق والعصيان، واجعلني مِن الراشدين)).

وكذلك الدعاء بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أوصى معاذًا رضي الله عنه بعد أن أخبره بأنه يُحبُّه فقال له: ((لا تدعْ دُبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)).

والحديثُ في ذلك يَطول، ولا تكفيه صفحة استشارة، لكن أوصيك إضافة إلى ما ذكرتُ بكثرة تلاوة القرآن، وذكر الله بشتى أنواعه، فإن ذلك سببٌ للقوة والثبات، وتهذيب النفس وحفظها من الوقوع في المعاصي.

أوصيك بكثرة الاستماع للمحاضرات والدروس الإيمانية التي يُلقيها عددٌ كبيرٌ مِن أهل العلم والدعوة مِن مختلف الأنحاء، والتي يمكن الحصول عليها مِن الإنترنت، وأقترح عليك أن تُرَكِّزي البحث في المواضيع المتعلِّقة بكيفية زيادة الإيمان وعوامل الثبات في زمن الفتن، والأسباب الجالبة لمحبة الله ودواء القلوب، وغير ذلك مما تشعرين أنتِ بحاجتك إليه، فيكفيك وضع العنوان المطلوب لتخرج إليك سلسلة مِن الدروس والمحاضرات، وتتنقلي بينها، وتجعليها بديلًا لسماع الأغاني، فالأغاني متعتُها مؤقتةٌ وهي لا تورِّث إلا الهم وقسوة القلب، كما أنها تصدُّ عن ذكر الله.

كما أنصحك بالحذَر أثناء دخول النت ومواقع التواصل، والتي تعجُّ بالفِتَن، فأنت صغيرةٌ وقلبك سريع التأثر، فاحذري مواطن المنكرات والمحرَّمات، ومن ذلك التلفاز الذي أصبحتْ تُعرَض فيه أمورٌ ومنكراتٌ لا تُرضي الله جل جلاله، وهناك البديلُ لذلك وهي القنوات المحافظة المتعددة، والتي بلغتْ عددًا كبيرًا ولله الحمد، ويمكنك الاستفسار عنها وعن كيفية توفيرها كبديل للقنوات المحرَّمة.

وأما ما ذكرت فيما يتعلق بعلاقتك بإخوتك في البيت، فالمطلوبُ هو التعامُل معهم بكلِّ هدوءٍ واحترام ورحمة؛ لتكوني أنت الرابحة في ذلك، تربحين الأجر بحسن أخلاقك، وتربحين حسن تعاملهم معك كردة فعل إيجابية، فلا فائدة يا بُنيتي من الصراخ والغضب، بل إنه يزيد الأمور تعقيدًا، وأنت قد لاحظتِ ذلك.

وفَّقك الله لأحسَنِ الأعمال والأخلاق، وحقَّق لك مرادك، وثبَّتك على الخير