تائه، فكيف أحقق أهدافي؟!

مرحبًا بكَ أيها الأخ الفاضل في شبكة الألوكة، ونسأل الله أن تجدَ بُغيتك معنا - إنْ شاء الله.

وبعدُ:

فبدايةً اعلم أن مجرد شُعورك بأن هناك مشكلةً يعد شيئًا إيجابيًّا في حدِّ ذاته، وسيكون أكثر إيجابية - إن شاء الله - مع وضْعِ قدميك على أول الطريق، وستتوالى النجاحات - بإذن المولى.

يقول تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، خلف هذه الآية معانٍ كثيرةٌ، فنجد أنه - سبحانه وتعالى - لم يخلق الإنسانَ عبثًا، وإنما خَلَقَه لغايةٍ وهدفٍ، فكلٌّ منا لَدَيْه مسؤوليَّات وواجباتٌ، ولكن مع الأسف الشديد مَن لا يرى هدفه يَتِيه، وتضيق به السبُل، وحريٌّ بنا أن نأخذَ بأيدي بعضنا.

لذا عليكَ أن تعرفَ الدور الذي تعيشه، وتحدِّده بدقة، (وقد تكون لديك عدةُ أدوار)؛ فمثلًا أنت: عبد لله، أو ابن، أو أخ، أو طالب، أو جار، وبالبحث عن أدوارك ستجدها كثيرة، ثم بعد ذلك عليك أن تُحَدِّد هدفًا لكلِّ دورٍ، على أن تكونَ هذه الأهدافُ واضحةً فمثلًا:

- أنت عبدٌ لله؛ إذًا هدفُك صيامُ يومي الاثنين والخميس مثلًا.

- وأنت ابن؛ إذًا هدَفُك برُّ والديك.

- وأنت أخ؛ إذًا هدفك أن تحافظَ على صلة الرحِم وهكذا، وهنا يجب عليك أن تحددَ فترة زمنيةً لكل هدف؛ (يوميَّة، أو أسبوعيَّة، أو شهريَّة)، ودائمًا ابدأ بأهدافٍ خفيفةٍ وسهلة وواقعيَّةٍ، ثم زِدْها بالتدريج، فكما قال الحبيب: ((أحبُّ الأعمال إلى الله أدْوَمها، وإن قلَّ))؛ البخاري.

ولا تنسَ عند وضْعِ أهدافكَ أن تجعلَ المسَلِّيات مُكافآت، فالنفسُ تحتاج إلى الترويح مِن آنٍ لآخرَ؛ أي: إذا حقَّقت ما أردتَ مِن أهداف، وأنجزتَ ما عليك من أعمال، وقتها ستشعر بأنَّ هذه المسلِّيات هديةً لك على حُسن استغلال وقتك، وأداء ما عليك مِن واجبات.

حاوِل دائمًا أن تجعلَ المسليات في أوقات الخُمول، وادَّخِر أوقات الطاقة والنشاط لتحقيق أهدافكَ، ودائمًا ادعُ اللهَ أن يبارِكَ في الأوقات والأعمال والأعمار.

واعلمْ - أخي السائل - أنك المسؤول الأول عن تحقيق أهدافك، وإن بذَل الآخرون الجُهُودَ، فلنْ تتجاوز حُدُود المساعَدة، وليست التحقيق.

جمع علماء التنمية البشرية شُرُوطَ تحقيق الهدَف في قاعدةٍ أسموها قاعدة: SMART، وهي الحروفُ الأولى مِن الكلمات التي يجب أن تُؤخَذ في الحسبان عند وضْع الأهداف: 

1- Specific مُحدَّد:

وهي ألَّا يكونَ الهدفُ الذي تطمح في بلوغه عامًّا، بل يجب أن يكونَ واضحًا ومحَدَّدًا، فبدل أن يكونَ هدفُك: أريد أن أكونَ عالمًا، يجب أن تكون محددًا، فمثلًا: أريد أن أكون عالمًا في مجال الصيدلة مثلًا.

2- Measurable قابِل للقياس:

وهو أن يكونَ كلُّ هدفٍ تريد تحقيقه مربوطًا بكميةٍ، أو يُمكنك تحديده، فحين تسأل نفسك مثلًا: متى أصبح عالمًا في مجال الصيدلة؟ مثلًا عندما أصل لتركيبةِ دواءٍ ما، وهذا حتى يسهل علينا معرفة ما إن كنَّا وصَلْنا للهدف أم لا؟

3- Achievable يُمكن بلوغه أو تحقيقه:

عندما يكون هدفُك قابلًا للتحقيق، فترسم صورة المسار اللازم بوضع قائمةٍ بأهدافِك عمومًا لتطوِّر موقفك، مُؤهلاتك وقدراتك اللازمة لتَحْقيق الهدف، فعندما تعرف هدفك بوُضُوح، وتُدرك إمكانيَّاتك، وما الذي تحتاجه للوُصُول؛ يُصبح طريقُك أكثر وضوحًا، مهما كان وعرًا أو شائكًا؛ لأنك ترى النهايةَ السعيدة.

4 - Reasonable له سببٌ:

أي: يجب أن يكونَ الهدفُ الذي تسعى لتحقيقِه له سببٌ في داخلك؛ ليظلَّ هذا السببُ الحافز لك؛ لإنهاء تحقيق هدَفِك، فكلما تذكرتَ لماذا وضعتَ هذا الهدف، برز لك السببُ الذي جعلك تضع هذا الهدف، وقام بدوره في تحفيزك لتحقيق الهدف.

5 - Timely محَدَّد بوقتٍ:

يجب أن يكونَ الهدفُ محدَّدًا بوقتٍ؛ حتى أستمتعَ بفرحة تحقيق هدفي، وحتى لا أسوِّف عمل اليوم إلى الغد، فيجب أن تكونَ الخطة المرسومة لتحقيق الهدف محدَّدة بوقتٍ، فبدون نقطةِ النهاية لن تجد تقييمًا واضحًا، أو حتى متى تقيِّم عملك مع الأَخْذ في الاعتبار ألا أكون متفائلًا زيادة عن اللزوم، وأحمل نفسي أكثر من طاقتها، وألا أكون متشائمًا زيادة عن اللزوم، فأضع لهدف بسيطٍ زمن سنة مثلًا، وهو ممكن أن يتَحَقَّق في 6 أشهر، وبذلك أكون قد ضيَّعتُ وقتي.

وأخيرًا: أسأل اللهَ أن ينفعَ بك الإسلام والمسلمين، وأتوقع - إن شاء الله - أنك ستراسلنا بعد فترة، وتُخبرنا بما حققتَ من أهدافٍ سامية، وفَّقك الله لما يحبُّ ويرضى.