زوجتي بين الاضطراب النفسي ومس الجن

الأخ الفاضل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نشكركم على تواصُلكم معنا، وثقتكم في شبكة الألوكة.

مِن خلال سرد تفاصيل القصة يَظهر بوضوحٍ أنك تعرف المشكلة وحلَّها، فأنت تُدرك تمامًا أن زوجتك اصطنعتْ تلك التمثيلية أمام والدها كي تتخلَّصَ من العقاب الذي كان سيُوقعه عليها، وأنت تُدرك أيضًا طبيعة تربيتها القاسية التي تربَّتْ عليها عند أبيها، ومن نتائج هذه التربية أنها لم تأخُذْ حظها مِن الرعاية والحنان الأبوي؛ لذلك لجأتْ للبحث عنه خارج البيت بالعلاقة مع شبابٍ آخرين؛ كي تسمعَ منهم كلمات الحب التي تُعَوِّضها عن تلك التي فَقَدَتْها.

مِن هنا يلزمك أمران:

• الأول: أن تتفهَّم مشاعرها، والحاجة النفسية التي لديها، وهذا يقتضي عدم تعنيفها أو الإفراط في تأنيبها.

• الثاني: أن تسعى في تعويضِ هذا النقص لديها، وذلك بإظهار مَزيدٍ مِن الاهتمام بها، ومدحها بكلمات الحبِّ بشكل يوميٍّ، لكي تتشبَّع في هذا الجانب، ولا تحتاج للبحث عنه خارج المنزل.

وبالطبع لا بد أن يُرافقَ كل ذلك تدابير وقائية مِن مراقبة الحسابات على شبكات التواصل الاجتماعي، ولْيكُنْ ذلك بإذنها وموافقتها حتى تعلمَ أن هذا تدبيرٌ منك خوفًا منك عليها، وليس شكًّا فيها أو بُغضًا لها، وإنما لمساعدتها على تجاوُز هذه الحالة، ولا تمنعها من المشاركة في وسائل التواصل الاجتماعي مع صديقاتها، واشترطْ عليها في البداية عدم متابَعة الرجال، ثم في فترة لاحقةٍ يُمكن أن تتابعَ أشخاصًا معينين أنتَ تثق فيهم، وتُرَشِّحهم لها بنفسك كشخصياتٍ عامةٍ اجتماعية، أو شيوخ علم، أو استشاريين لغرض الفائدة والتعليم، وليس لمجرد الصداقة، حتى تعودَ الأمورُ إلى طبيعتها، وتسير في جانب التوازن النفسيِّ، لكن هذه الخطوة ينبغي أن تكونَ بعد فترة طويلة من المراقَبة ومتابَعة الحالة.

قصة الحب الطويلة التي نشأتْ بينكما يمكن استغلالها في تدعيم حالتها النفسية، فتجدد هذه العلاقات، وتعيد تلك الذكريات القديمة إلى مخيلتها؛ لتعزيز الترابُط بينكما كزوجين.

أيضًا لا بد مِن لفت الانتباه لموضوع فراغ الوقت الذي تعيشُه زوجتك، ويفضل إشغالها بعمل مفيدٍ، حتى لو كان عن طريق الإنترنت، فهناك أعمالٌ يمكن أن تستفيدَ منها؛ مثل: تعلُّم التسويق، وتعلُّم دروس في التصميم، أو البرمجة، حسب مستواها العلمي أو رغبتها.

كما يمكن أن تشارك في مناشطَ اجتماعيةٍ، وأعمال خيرية وتطوُّعية؛ حتى تشعرَ بالحبِّ والانتماء للمجتمع، وتحب الحياة مرة أخرى.

إذا تكررت المشكلةُ فلا داعي لإخبار والدها، ولا داعي لخوض تمثيلية جديدة، فأنتما تعرفان المرض وعلاجه، فقط أنتما بحاجةٍ لاتباع الخطة العلاجية والصبر عليها.

اجلسْ مع زوجتك، وصارِحْها بكل هدوءٍ مع ابتسامةٍ حانية، واتفقْ معها على طريقة العلاج وخطواته بشكل دقيقٍ؛ حتى لا تتحسَّس منك ثانيةً، أو تلجأ لمحاولة الانتحار مرةً أخرى.

نسأل الله تعالى أن يُعينكم وأن يوفقكم

والله الموفق