• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    يا معاشر المسلمين، زوجوا أولادكم عند البلوغ: ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حديث: يا رسول الله، أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    الأحاديث الطوال (23) وصول النبي صلى الله عليه ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    ففروا إلى الله (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الذكاء الاصطناعي بين نعمة الشكر وخطر التزوير: ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    زمان الدجال.. ومقدمات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة الملائكة
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الخشية من الله تعالى (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    استراتيجيات تحقيق الهدف الأول لتدريس المفاهيم ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    ما حدود العلاقة بين الخاطب ومخطوبته؟
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تلاوة آيات ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    العناية بالشَّعر في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    قسوة القلب (1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    التمهيد للدرس (عرض تقديمي)
    أ. د. فؤاد محمد موسى
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر / خطب منبرية
علامة باركود

مطرنا بفضل الله ورحمته

مطرنا بفضل الله ورحمته
الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/12/2012 ميلادي - 22/1/1434 هجري

الزيارات: 61643

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مُطرنا بفضل الله ورحمته


أَمَّا بَعدُ:

فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ -﴿ ...وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ... ﴾ [الطلاق: 2- 3].

 

أَيُّهاَ المُسلِمُونَ:

مِن طَبِيعَةِ النَّفسِ البَشَرِيَّةِ أَنَّهَا مُحِبَّةٌ لِلخَيرِ، مُستَكثِرَةٌ مِنهُ مَا استَطَاعَت، لا تَمَلُّ مِنهُ وَلَو زَادَ أَو فَاضَ، قَالَ - تَعَالى - لِنَبِيِّهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: ﴿ قُلْ لَا أَملِكُ لِنَفسِي نَفعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ وَلَو كُنتُ أَعلَمُ الغَيبَ لَاستَكثَرتُ مِنَ الخَيرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ﴾ وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "بَينَمَا أَيُّوبُ يَغتَسِلُ عُريَانًا، فَخَرَّ عَلَيهِ جَرَادٌ مِن ذَهَبٍ، فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحتَثِي في ثَوبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ، أَلَم أَكُنْ أَغنَيتُكَ عَمَّا تَرَى؟! قَالَ: بَلَى وَعِزَّتِكَ، وَلَكِنْ لا غِنَى بي عَن بَرَكَتِكَ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَغَيرُهُ.

 

أَلا وَإِنَّ مِن أَعظَمِ الخَيرِ وَأَكثَرِهِ بَرَكَهً وَنَفعًا، وَأَكثَرِهِ إِدخَالاً لِلسُّرُورِ عَلَى النُّفُوسِ وَأَعجَلِهِ إِبَهاجًا لِلخَوَاطِرِ، ذَلِكُمُ الغَيثُ الَّذِي تَحمِلُهُ الرِّيَاحُ عَلَى ثِقَلِهِ وَتَسُوقُهُ، ثم يُنَزِّلُهُ رَبُّ العَالمِينَ عَلَى مَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ، فِي آيَةٍ مِن أَعظَمِ الآيَاتِ في تَكوِينِهِ وَجَمعِهِ وَتَصرِيفِهِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ * فَانْظُرْ إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الروم: 48 - 50] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا * وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا ﴾ [الفرقان: 48 - 50] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -:﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ ﴾ [النور: 43] وَإِنَّهُ لَمَّا كَانَت بِلادُ العَرَبِ مِن أَقَلِّ البِلادِ مَطَرًا بِأَمرِ اللهِ وَلِحِكَمٍ يَعلَمُهَا - سُبحَانَهُ -، فَقَد كَانَ أَهلُهَا أَشَدَّ النَّاسِ إِلَيهِ شَوقًا، وَأَكثَرَهُم بِهِ استِبشَارًا وَفَرَحًا، فَمَا زَالُوا يَشُومُونَ البَرقَ مِن كُلِّ جَانِبٍ وَيُسَرُّونَ لِرُؤيَتِهِ، وَيَأنَسُونَ بِسَمَاعِ الرَّعدِ وَيَطرَبُونَ لإِرزَامِهِ وَزَمزَمَتِهِ، ثُمَّ تَرَاهُم يَتَتَبَّعُونَ مَوَاطِنَ القَطرِ في كُلِّ نَاحِيَةٍ، وَيَرحَلُونَ إِلَيهِ وَلَو بَعُدَت مَوَاقِعُهُ، وَيَشُدُّونَ إِلَيهِ الرِّحَالَ وَإِن نَأَت أَمَاكِنُهُ، وَيَفرَحُونَ بِعُمُومِهِ وَلَو لم يَكُونُوا أَصحَابَ زَرعٍ وَلا حَرثٍ وَلا نَعَمٍ، وَتَرَاهُم يَتَنَاقَلُونَ أَخبَارَ الغَيثِ وَيَتَسَاءَلُونَ عَن مِقدَارِ مَا نَزَلَ مِنهُ، وَيَتَسَامَرُونَ بِذَلِكَ وَيَملَؤُونَ بِهِ مَجَالِسَهُم، وَلَهُم في ذَلِكَ أَوصَافٌ تَدَلُّ عَلَى دَقِيقِ تَأَمُّلٍ وَفَصَاحَةِ أَلسُنٍ، وَكَمَ وَصَفُوا الرِّيَاحَ وَأَنوَاعَهَا، وَالسُّحُبَ وَأَشكَالَهَا، وَالمَطَرَ وَتَدَفُّقَهُ، وَتَفَنَّنُوا في تَسمِيَةِ كُلِّ ذَلِكَ بِقَدرِهِ وَجِهَتِهِ وَوَقتِهِ. وَحِينَ يَسرِي البَرقُ وَيَزِيدُ إِيمَاضُهُ وَيَشتَدُّ اشتِعَالُهُ، تَرنُو إِلَيهِ عَينُ العَرَبِيِّ فَرَحًا، وَيَطِيرُ عَنهَا النَّومُ شَوقًا، وَتَتَذَكَّرُ بِهِ أَحبَابَهَا وَدِيَارَهَا وَمَلاعِبَ صِبَاهَا وَسَابِقَ عُهُودِهَا، قَالَ بَعضُهُم:

وَلَمَّا سَرَى البَرقُ الَّذِي ذَكَّرَ الصِّبَا
تَأَوَّهتُ شَوقًا وَالدُّمُوعُ هَواتِنُ
وَنَادَيتُ مِن عُليَا هِلالِ بنِ عَامِرٍ
فَتًى صَادِقَ الدَّعوَى إِذَا مَانَ مَائِنُ

 

وَقَالَ آخَرُ مِنَ الحِجَازِ:

سَرَى البَرقُ مِن نَحوِ الحِجَازِ فَشَاقَنِي
وَكُلُّ حِجَازِيٍّ لَهُ البَرقُ شَائِقُ

 

وَتَذَكَّرَ نَجدِيٌّ بِالبَرقِ نَجدًا وَهَاجَ شَوقُهُ فَقَالَ:

سَرَى البَرقُ مِن نَجدٍ فَهَيَّجَ تَذكَارِي
عُهُودًا بِحزوَى وَالعُذَيبِ وَذِي قَارِ

 

وَاجتَمَعَ شَاعِرٌ بِأَصحَابِهِ لِيَتَرَاءَوا بَرقًا مَا لَبِثَ أَن أَعقَبَهُ الغَيثُ، فَقَالَ في ذَلِكَ:

يَا مَن يَرَى بَارِقًا قَد بِتُّ أَرمُقُهُ
يَسرِي عَلَى الحَرَّةِ السَّودَاءِ فَالوَادِي
بَرقًا تَلأَلأَ غَورِيًّا جَلَستُ لَهُ
ذَاتَ العِشَاءِ وَأَصحَابي بِأَفنَادِ
بِتنَا وَبَاتَت رِيَاحُ الغَورِ تَزجُلُهُ
حَتى استَتَبَّ تَوَالِيهِ بِأَنجَادِ
أَلقَى مَرَاسِيَ غَيثٍ مُسبِلٍ غَدِقٍ
دَانٍ يَسُحُّ سُيُوبًا ذَاتَ إِرعَادِ
أَسقَى بِهِ قَبرَ مَن أَعنِي وَحُبَّ بِهِ
قَبرًا إِلَيَّ وَلَمَّا يَفدِهِ فَادِي

 

وَهَذَا شَاعِرٌ مِصرِيُّ يَقُولُ لَمَّا رَأَى البَرقَ وَقَد نَأَت بِهِ الدَّارُ عَن بَلَدِهِ:

سَرَى البَرقُ مِصرِيًّا فَأَرَّقَني وَحدِي
وأَذكَرَني ما لَستُ أَنسَاهُ من عَهدِ
فَيَا بَرقُ حَدِّثْني وَأَنتَ مُصَدَّقٌ
عَنِ الآلِ وَالأَصحَابِ مَا فَعَلُوا بَعدِي
وَعَن رَوضَةِ المِقيَاسِ تَجرِى خِلالَهَا
جَدَاوِلُ يُسدِيهَا الغَمَامُ بما يُسدِي
إِذَا صَافَحَتهَا الرِّيحُ رَهوًا تَجعَّدَت
حَبَائِكُهَا مِثلَ المُقَدَّرَةِ السَّردِ
وَإِنْ ضَاحَكَتهَا الشَّمسُ رَفَّت كَأَنَّها
مَنَاضِلُ سُلَّت لِلضِّرَابِ مِنَ الغِمدِ
نِعمتُ بها دَهرًا وَمَا كُلُّ نِعمَةٍ
حَبَتكَ بها الأَيَّامُ إِلاَّ إِلى الرَّدِّ

 

فَلِلهِ دَرُّ العَرَبِ مَا أَلطَفَهُم وَأَرهَفَ شُعُورَهُم! وَمَا أَشَدَّ إِلى سَابِقِ العَهدِ حَنِينَهُم! وَمَا أَكثَرَ بِالغَيثِ تَعلُّقَهُم وَإِلَيهِ تَلَهُّفَهُم! وَمَا لَهُم لا يَفعَلُونَ وَالمَاءُ هُوَ الحَيَاةُ، مِنهُ خُلِقَ كُلُّ حَيٍّ وَبِهِ يَعِيشُ وَيَنمُو، وَهُوَ قِوَامُ الزُّرُوعِ وَالأَنعَامِ بَل وَالأَنفُسِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنبياء: 30] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ ﴾ [السجدة: 27] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ﴾ [النحل: 65] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [فصلت: 39] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ﴾ [الحج: 5] وَقَالَ - تَعَالى-: ﴿ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ ﴾ [ق: 9 - 11].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

حِينَ يَفرَحُ النَّاسُ بِنِعمَةِ اللهِ عَلَيهِم بِالغَيثِ وَيَستَبشِرُونَ، وَيَخرُجُونَ إِلَيهِ صِغَارًا وَكِبَارًا وَبِهِ يَستَمتِعُونَ، أَو يَتَحَرَّونَهُ وَعَنهُ يَسأَلُونَ، أَو يَقرَؤُونَ عَن بَعضِ المُؤَشِّرَاتِ عَلَى نُزُولِهِ فَيَزدَادُ أَمَلُهُم وَرَجَاؤُهُم، فَمَا هُم في ذَلِكَ بِمَلُومِينَ، وَلَكِنَّ اللَّومَ - أَيُّهَا المُؤمِنُونَ، عَلَى مَن لم يَعتَبِرْ بِتَصرِيفِ اللهِ لِهَذَا الغَيثِ وَإِنزَالِهِ عَلَى قَومٍ دُونَ آخَرِينَ، أَو مَن يَعتَمِدُ عَلَى التَّحَرِّيَاتِ وَالتَّوَقُّعَاتِ البَشَرِيَّةِ، أَو يَنسِبُ الغَيثَ إِلى وَقتٍ أَو نَجمٍ أَو نَوءٍ، أَو مَن يُحَاوِلُ أَن يَدعُوَ إِلى تِقَنِيَةٍ أَو خِطَّةٍ لإِنزَالِهِ، وَكُلُّ هَذَا في حَقِيقَتِهِ غَفلَةٌ شَنِيعَةٌ عَنِ الحَقِّ وَالتِفَاتٌ عَنِ المُعتَقَدِ الصَّحِيحِ، وَالمُؤمِنُ الصَّادِقُ الإِيمَانِ، يَعلَمُ عِلمَ يَقِينٍ لا يُخَالِطُهُ شَكٌ وَلا يُدَاخِلُهُ رَيبٌ، أَنَّ اللهَ - تَعَالى - وَحدَهُ القَادِرُ عَلَى إِنزَالِ الغَيثِ، وَأَنَّ نِسبَةَ ذَلِكَ إِلى غَيرِهِ كُفرٌ بِهِ وَجُحُودٌ، فَعَن زَيدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلاةَ الصُّبحِ بِالحُدَيبِيَةِ في إِثرِ سَمَاءٍ كَانَت مِنَ اللَّيلِ، فَلَمَّا انصَرَفَ أَقبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: "هَل تَدرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُم؟" قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعلَمُ. قَالَ: " أَصبَحَ مِن عِبَادِي مُؤمِنٌ بي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَن قَالَ: مُطِرنَا بِفَضلِ اللهِ وَرَحمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤمِنٌ بي كَافِرٌ بِالكَوكَبِ، وَأَمَّا مَن قَالَ: مُطِرنَا بِنَوءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بي مُؤمِنٌ بِالكَوكَبِ" رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - وَأَلِحُّوا عَلَيهِ بِالدُّعَاءِ بِالاستِسقَاءِ، وَاستَغفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيهِ ﴿ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ﴾ [هود: 52]، ﴿ فَقُلتُ استَغفِرُوا رَبَّكُم إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرسِلِ السَّمَاءَ عَلَيكُم مِدرَارًا * وَيُمدِدْكُم بِأَموَالٍ وَبَنِينَ وَيَجعَلْ لَكُم جَنَّاتٍ وَيَجعَلْ لَكُم أَنهَارًا ﴾ [نوح:10 -12].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاستَقِيمُوا عَلَى أَمرِهِ وَلا تَنبُذُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، فَإِنَّ الاستِقَامَةَ عَلَى الإِسلامِ هِيَ أَقوَى أَسبَابِ سِعَةِ الرِّزقِ وَأَكثَرُهَا بَرَكَةً، وَبِالشُّكرِ تَدُومُ النِّعَمُ وَتَزدَادُ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا ﴾ [الجن: 16-17] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 65- 66] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96] وَقَالَ - تَعَالى -:﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7].

 

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - وَتُوبُوا إِلَيهِ، وَاستَقِيمُوا عَلَى مُا يُحِبُّهُ وَحَافِظُوا عَلَى مَا يُرضِيهِ، وَلا تُلهِيَنَّكُمُ الزَّخَارِفُ وَالصَّوَارِفُ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 21-22] ﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى * وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 131- 132].

 

اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَوزِعْنَا أَن نَشكُرَ نِعمَتَكَ الَّتي أَنعَمتَ عَلَينَا وَعَلَى وَالِدَينَا وَأَن نَعمَلَ صَالِحًا تَرضَاهُ، وَأَدخِلْنَا بِرَحمَتِكَ في عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ، اللَّهُمَّ أَصلِحْ لَنَا في ذُرِّيَّاتِنَا إِنَّا تُبنَا إِلَيكَ وَإِنَّا مِنَ المُسلِمِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من دلائل الربوبية: إنزال المطر
  • الهامة والطيرة وصفر والأبراج
  • آداب المطر والريح والرعد والبرق
  • عبر من نعمة المطر
  • نزول المطر
  • نعمة المطر بين الشكر والبطر
  • البرعم والمطر
  • شرح حديث: مطرنا بنوء كذا وكذا
  • قراءة بين السطور في خبر هطول الأمطار على الحبشة
  • فمطرنا يومنا ذلك
  • مطرنا بفضل الله ورحمته (خطبة)
  • هذه مظاهر ولايته، وتلك آثار رحمته، وهذا بعض خلقه!
  • فضل الله واسع (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • مطرنا بفضل الله ورحمته(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • {فبما رحمة من الله لنت لهم}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس (73)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس (72)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح الأصول الثلاثة: للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس (71)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح كتاب السنة لأبي بكر اشرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس (70)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القدوس، والسلام)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مراتب الفضل والرحمة في الجزاء الرباني على الحسنة والسيئة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: نجاح الحج بفضل الله ورحمته(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 7/2/1447هـ - الساعة: 3:54
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب