• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الأحاديث الطوال (23) وصول النبي صلى الله عليه ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    ففروا إلى الله (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الذكاء الاصطناعي بين نعمة الشكر وخطر التزوير: ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    زمان الدجال.. ومقدمات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة الملائكة
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الخشية من الله تعالى (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    استراتيجيات تحقيق الهدف الأول لتدريس المفاهيم ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    ما حدود العلاقة بين الخاطب ومخطوبته؟
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تلاوة آيات ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    العناية بالشَّعر في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    قسوة القلب (1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    التمهيد للدرس (عرض تقديمي)
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    أسباب النجاة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    حديث: دخل رمضان فخفت أن أُصيب امرأتي، فظاهرت منها
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطر الشائعات.. ونقلتها
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

فوائد من قصة يونس عليه السلام (خطبة)

فوائد من قصة يونس عليه السلام (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/5/2025 ميلادي - 8/11/1446 هجري

الزيارات: 8825

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فوائد من قصة يونس عليه السلام


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَقِصَّةُ نَبِيِّ اللَّهِ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الْقَصَصِ الْعَظِيمِ الَّذِي أَوْحَاهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، تَكَرَّرَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ إِيجَازًا وَتَفْصِيلًا، وَتَصْرِيحًا وَتَلْمِيحًا، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ * وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ﴾ [الصَّافَّاتِ: 139-148].

 

وَالْمَعْنَى: أَنَّ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمِنْ جُمْلَةِ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ هَرَبَ إِلَى السَّفِينَةِ الْمَمْلُوءَةِ بِالرُّكَّابِ وَالْأَمْتِعَةِ، فَقَارَعَ يُونُسُ مَعَ رُكَّابِ السَّفِينَةِ؛ لِيَخْتَارُوا مَنْ يُلْقُونَهُ فِي الْبَحْرِ؛ لِيَخِفَّ حِمْلُ السَّفِينَةِ، حِينَ خَافُوا الْغَرَقَ، فَكَانَ يُونُسُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَغْلُوبِينَ الَّذِينَ أُلْقُوا فِي الْبَحْرِ، فَابْتَلَعَهُ الْحُوتُ، وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ فَعَلَ مَا يُلَامُ عَلَيْهِ!

 

فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ اللَّهَ تَعَالَى لَبَقِيَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ، فَأَلْقَيْنَا يُونُسَ فِي مَكَانٍ مُقْفِرٍ خَالٍ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ مَرِيضٌ، وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ؛ لِيَأْكُلَ مِنْهَا، وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفِ إِنْسَانٍ أَوْ يَزِيدُونَ عَلَى ذَلِكَ، فَآمَنُوا بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ يُونُسُ، فَمَتَّعَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا إِلَى حِينِ بُلُوغِ آجَالِهِمْ[1].

 

وَقَالَ تَعَالَى: – فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 87-88].

 

وَالْمَعْنَى: وَاذْكُرْ – يَا مُحَمَّدُ – صَاحِبَ الْحُوتِ؛ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِذْ خَرَجَ مِنْ قَوْمِهِ غَاضِبًا عَلَيْهِمْ؛ لِعَدَمِ إِيمَانِهِمْ، فَظَنَّ يُونُسُ أَنَّنَا لَنْ نُعَاقِبَهُ هَذِهِ الْعُقُوبَةَ، فَنُضَيِّقَ عَلَيْهِ بِحَبْسِهِ فِي بَطْنِ الْحُوتِ، فَنَادَى رَبَّهُ فِي الظُّلُمَاتِ تَائِبًا مُعْتَرِفًا بِظُلْمِهِ، قَائِلًا: "لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ، إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ". فَاسْتَجَبْنَا لَهُ دُعَاءَهُ، وَخَلَّصْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَالشِّدَّةِ، وَكَمَا نَجَّيْنَا يُونُسَ مِنْ غَمِّهِ حِينَ دَعَانَا؛ كَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ مِنْ كَرْبِهِمْ وَهُمُومِهِمْ[2].

 

عِبَادَ اللَّهِ: وَمِنْ أَهَمِّ الْفَوَائِدِ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ الْعَجِيبَةِ:

1- أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ ذِكْرِ يُونُسَ هُنَا؛ تَسْلِيَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَلْقَاهُ مِنْ ثِقَلِ الرِّسَالَةِ: بِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ أَثْقَلَ الرُّسُلَ مِنْ قَبْلِهِ[3].

 

2- إِذَا اصْطَفَى اللَّهُ تَعَالَى أَحَدًا لِلرِّسَالَةِ؛ لَا يُرَخَّصُ لَهُ فِي الْفُتُورِ عَنْهَا: قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ * لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ ﴾ [الْقَلَمِ: 48-49]؛ فَفِيهِ التَّحْذِيرُ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ يُونُسُ مِنْ مُخَالَفَةِ أَمْرِ رَبِّهِ، وَقَدْ ظَهَرَتْ مَرْتَبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَبْرِهِ عَلَى دَعْوَةِ النَّاسِ لِلدِّينِ، وَعَدَمِ تَذَمُّرِهِ[4].

 

3- مَقَامُ النُّبُوَّةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ فِعْلِ بَعْضِ مَا لَا يَكُونُ مَحْبُوبًا إِلَى اللَّهِ: فَإِنَّ الرَّسُولَ قَدْ يَقُومُ بِشَيْءٍ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ﴾، فَعَبَّرَ عَنْ خُرُوجِهِ بِالْإِبَاقِ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ[5].

 

4- اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الْمُسَاهَمَةِ – أَيِ: الْقُرْعَةِ: وَذَلِكَ عَلَى أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا، مَا لَمْ يَرِدْ شَرْعُنَا بِخِلَافِهِ؛ وَقَدْ وَرَدَ شَرْعُنَا بِوِفَاقِهِ[6]؛ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا، خَرَجَ بِهَا مَعَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

5- اسْتِعْمَالُ الْقُرْعَةِ فِي مَسَائِلِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْحِرْمَانِ: إِذَا لَمْ يَكُنْ مُرَجِّحٌ سِوَاهَا[7].

 

6- يُرْتَكَبُ أَخَفُّ الضَّرَرَيْنِ؛ لِدَفْعِ ضَرَرٍ أَكْبَرَ: فَإِلْقَاءُ بَعْضِهِمْ فِي الْبَحْرِ- وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ، وَلَكِنَّ عَطَبَ الْجَمِيعِ إِذَا لَمْ يُلْقَ أَحَدٌ أَعْظَمُ.

 

7- يُحِبُّ اللَّهُ تَعَالَى إِقَامَةَ الْعُذْرِ لِمَا فَعَلَهُ؛ حَتَّى لَا يُنْسَبَ فِعْلُهُ لِلظُّلْمِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾؛ أَيِ: الْتَقَمَهُ الْحُوتُ فِي حَالٍ يُلَامُ عَلَيْهَا، وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِذَلِكَ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾[8].

 

8- لَا يُغْنِي حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ: فَقَدْ هَرَبَ يُونُسُ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَوْفًا مِنَ الْقَتْلِ عَلَى يَدِ قَوْمِهِ، فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ الْمُغْرَقِينَ، لَوْلَا رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى.

 

9- مَا وَقَعَ لِيُونُسَ مِنْ مُخَالَفَةٍ كَانَتْ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ، وَحِكْمَتِهِ الْبَالِغَةِ: وَلَا يُنْقِصُ هَذَا مِنْ مَكَانَتِهِ شَيْئًا؛ وَلِهَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (خَصَّ يُونُسُ بِالذِّكْرِ؛ لِمَا يُخْشَى عَلَى مَنْ سَمِعَ قِصَّتَهُ أَنْ يَقَعَ فِي نَفْسِهِ تَنْقِيصٌ لَهُ، فَبَالَغَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذِكْرِ ‌فَضْلِهِ ‌لِسَدِّ ‌هَذِهِ ‌الذَّرِيعَةِ)[9].

 

10- وُجُوبُ الِاعْتِرَافِ بِالذَّنْبِ: قَالَ تَعَالَى – عَنْ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾، وَهُوَ يَتَضَمَّنُ طَلَبَ الْمَغْفِرَةِ؛ فَإِنَّ السَّائِلَ تَارَةً: يَسْأَلُ بِصِيغَةِ الطَّلَبِ، وَتَارَةً: يَسْأَلُ بِصِيغَةِ الْخَبَرِ؛ كَمَا فِي قَوْلِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾ [الْقَصَصِ: 24]؛ فَإِنَّ هَذَا وَصْفٌ لِحَالِهِ بِأَنَّهُ فَقِيرٌ إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْهِ مِنَ الْخَيْرِ، وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِسُؤَالِ اللَّهِ إِنْزَالَ الْخَيْرِ إِلَيْهِ[10].

 

11- وَقَعَ تَوَسُّلُ يُونُسَ – فِي الظُّلُمَاتِ- بِأَرْبَعَةِ أُمُورٍ؛ التَّوْحِيدِ، وَالتَّنْزِيهِ، وَالْعُبُودِيَّةِ، وَالْاعْتِرَافِ: ﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾، فَفِيهَا مِنْ كَمَالِ التَّوْحِيدِ وَالتَّنْزِيهِ لِلرَّبِّ تَعَالَى، وَاعْتِرَافِ الْعَبْدِ بِظُلْمِهِ وَذَنْبِهِ، مَا هُوَ مِنْ أَبْلَغِ أَدْوِيَةِ الْكَرْبِ وَالْهَمِّ وَالْغَمِّ[11].

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنَ الْفَوَائِدِ وَالْعِبَرِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ الْعَجِيبَةِ:

12- تَعَرَّفْ إِلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ؛ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ: قَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (اذْكُرُوا اللَّهَ فِي الرَّخَاءِ؛ يَذْكُرْكُمْ عِنْدَ الشِّدَّةِ، وَإِنَّ يُونُسَ كَانَ عَبْدًا صَالِحًا، وَإِنَّهُ كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ، فَلَمَّا وَقَعَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى، فَقَالَ اللَّهُ: ﴿ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾، وَإِنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ عَبْدًا طَاغِيًا، نَاسِيًا لِذِكْرِ اللَّهِ، فَلَمَّا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ: ﴿ آمَنْتُ ﴾ [يُونُسَ: 90]؛ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [يُونُسَ: 91])[12].

 

13- تَجْرِيدُ التَّوْحِيدِ فِيهِ خَلَاصٌ مِنَ الْأَهْوَالِ وَالشَّدَائِدِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْوَةُ ذِي النُّونِ؛ إِذْ دَعَا - وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ: "لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ"، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ؛ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، فَهَذَا وَعْدٌ وَبِشَارَةٌ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ وَقَعَ فِي شِدَّةٍ وَغَمٍّ؛ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَيُنْجِيهِ مِنْهَا، كَمَا فَعَلَ بِيُونُسَ[13].

 

14- إِثْبَاتُ تَأْثِيرِ الْأَسْبَابِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ﴾؛ لِأَنَّ هَذِهِ الشِّحْرَةَ تُظِلُّهُ، وَتُبْرِدُ عَلَيْهِ، وَهِيَ لَيِّنَةُ الْمَلْمَسِ، وَاللَّهُ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُظِلَّهُ بِغِمَامَةٍ، وَقَادِرٌ عَلَى أَنْ يُبْقِيَهُ فِي الشَّمْسِ فِي الْعَرَاءِ، وَلَا يَتَأَثَّرُ، لَكِنَّهُ تَعَالَى يُبَيِّنُ لِعِبَادِهِ أَنَّ الْأَسْبَابَ مُؤَثِّرَةٌ؛ بِمَا أَوْدَعَهُ اللَّهُ بِهَا مِنْ أَسْبَابِ التَّأْثِيرِ، لَا بِنَفْسِهَا[14].

 

15- إِثْبَاتُ الْإِحْصَاءِ السُّكَّانِيِّ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ فَاللَّهُ تَعَالَى أَحْصَاهُمْ عَدَدًا، مَعَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَوْ قَالَ: (فَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى قَوْمِهِ)؛ لَكَفَى، لَكِنْ عَدَّهُمْ عَدًّا، وَلَا يُعْلَمُ لِهَذَا فَائِدَةٌ إِلَّا الْإِحْصَاءُ، وَفِيهِ مَصَالِحُ فِي زَمَانِنَا[15].

 

16- كَثْرَةُ أَتْبَاعِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ جُمْلَةِ فَضَائِلِهِمْ: فَمِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى يُونُسَ أَنِ اسْتَجَابَ لَهُ هَذَا الْعَدَدُ الْكَثِيرُ مِنْ قَوْمِهِ.

 

17- أَصْحَابُ الدَّعَوَاتِ الصَّادِقَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَصْبِرُوا عَلَيْهَا: وَأَنْ يَتَحَمَّلُوا الْإِيذَاءَ مِنْ أَجْلِهَا، وَيَتَحَمَّلُوا تَكَالِيفَهَا، وَيَثْبُتُوا مِنْ أَجْلِهَا، وَإِلَّا لَمْ يُحَصِّلُوا مُرَادَهُمْ.

 

18- كَشَفَ اللَّهُ الْعَذَابَ عَنْ قَوْمِ يُونُسَ لَمَّا عَلِمَ صِدْقَ تَوْبَتِهِمْ: وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ بَيْنَ الْأُمَمِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ﴾ [يُونُسَ: 98].

 

19- عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ: وَأَنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، وَأَنَّ الِابْتِلَاءَ عَلَى قَدْرِ الْإِيمَانِ، وَأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُمَكَّنُ لَهُ فِي الْأَرْضِ إِلَّا بَعْدَ الِابْتِلَاءِ، ثُمَّ يُنَجِّيهِ اللَّهُ بِصَلَاحِهِ، وَإِيمَانِهِ، وَدُعَائِهِ، وَتَوْبَتِهِ[16].



[1] انظر: التفسير المحرر للقرآن الكريم، (27/ 599).

[2] انظر: المصدر نفسه، (17/ 284).

[3] انظر: التحرير والتنوير، لابن عاشور (23/ 178).

[4] انظر: المصدر نفسه، (23/ 178).

[5] انظر: تفسير ابن عثيمين – سورة الصافات، (ص307).

[6] انظر: المصدر نفسه، (ص309).

[7] انظر: تفسير السعدي، (ص238).

[8] انظر: تفسير ابن عثيمين – سورة الصافات، (ص312).

[9] فتح الباري، (6/ 452).

[10] انظر: مجموع الفتاوى، لابن تيمية (10/ 244).

[11] انظر: زاد المعاد، لابن القيم (4/ 190).

[12] التفسير الوسيط، للواحدي (2/ 558)؛ زاد المسير، لابن الجوزي (2/ 348).

[13] انظر: تفسير السعدي، (ص529).

[14] انظر: تفسير ابن عثيمين – سورة الصافات، (ص313).

[15] انظر: المصدر نفسه، (ص314).

[16] انظر: العبر في أحسن القصص وروائع السِّيَر، (ص253-256).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الزمن السردي في قصة يونس عليه السلام
  • إشارات تربوية وحركية من قصة يونس عليه السلام
  • قصة يونس عليه السلام: دروس وعبر
  • ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة: هدايات من قصة جوع أبي هريرة رضي الله عنه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: موسى عليه السلام وحياته لله عز وجل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (26) «كل سلامى من الناس عليه صدقة» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أفشوا السلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية ممارسة الهوايات عند الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: العلاقات العاطفية وأثرها على الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نفحات.. وأشواق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب منع وجلب المطر من السماء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دعوة للإبداع والابتكار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ففروا إلى الله (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 7/2/1447هـ - الساعة: 3:54
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب