• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الأحاديث الطوال (23) وصول النبي صلى الله عليه ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    ففروا إلى الله (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الذكاء الاصطناعي بين نعمة الشكر وخطر التزوير: ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    زمان الدجال.. ومقدمات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة الملائكة
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الخشية من الله تعالى (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    استراتيجيات تحقيق الهدف الأول لتدريس المفاهيم ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    ما حدود العلاقة بين الخاطب ومخطوبته؟
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تلاوة آيات ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    العناية بالشَّعر في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    قسوة القلب (1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    التمهيد للدرس (عرض تقديمي)
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    أسباب النجاة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    حديث: دخل رمضان فخفت أن أُصيب امرأتي، فظاهرت منها
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطر الشائعات.. ونقلتها
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

الخليل عليه السلام (5) تغيير دين الخليل

الخليل عليه السلام (5) تغيير دين الخليل
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/10/2021 ميلادي - 29/2/1443 هجري

الزيارات: 11647

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الخليل عليه السلام (5)

تغيير دين الخليل

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: مِنَ التَّوْفِيقِ الدَّائِمِ لِلْعَبْدِ أَنْ يُهْدَى إِلَى الْحَقِّ، وَأَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ يَلْقَى رَبَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. وَمِنْ خِذْلَانِ الْعَبْدِ أَنْ يَتِيهَ فِي أَوْدِيَةِ الْهَوَى وَالرَّدَى، وَيَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْبَاطِلِ إِلَى مَمَاتِهِ فَيَشْقَى أَبَدًا.

 

وَالْخَلِيلُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ أَبُو الْأَنْبِيَاءِ، وَهُوَ بَاعِثُ الْحَنِيفِيَّةِ الْمَائِلَةِ عَنِ الشِّرْكِ إِلَى التَّوْحِيدِ، وَعَنِ الضَّلَالِ إِلَى الْهُدَى، وَعَنِ الْبَاطِلِ إِلَى الْحَقِّ، فَأَتْبَاعُهُ هُمْ أَتْبَاعُ الْحَقِّ إِلَى آخِرِ الزَّمَانِ.

 

وَقَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى قُرَيْشٍ بِإِرْثِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَبِأَمْنِ بِلَادِهِمْ، وَحُرْمَةِ حُرَمِهِمْ، وَخُضُوعِ الْقَبَائِلِ لَهُمْ، وَاعْتِرَافِهِمْ بِحَقِّهِمْ، وَتَدَفُّقِ الْأَرْزَاقِ عَلَيْهِمْ؛ لِمَكَانَةِ الْبَيْتِ عِنْدَ الْعَرَبِ، وَهَذِهِ الْمِنَّةُ الْعَظِيمَةُ عَلَى قُرَيْشٍ نَوَّهَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 67]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قُرَيْشٍ: 3-4].

 

وَكَانَ الْأَجْدَى بِأَهْلِ مَكَّةَ أَنْ يَرْعَوْا تِلْكَ النِّعْمَةَ الْعَظِيمَةَ الَّتِي سَادُوا بِهَا عَلَى كَافَّةِ الْعَرَبِ، وَأَنْ يَحْفَظُوا دِينَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَيَلْتَزِمُوا مِلَّتَهُ، وَيَدْعُوا بِدَعْوَتِهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَنْتَسِبُونَ إِلَى الْبَيْتِ الَّذِي بَنَاهُ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ أَهْلُهُ، وَمَا أَمِنُوا وَلَا شَبِعُوا إِلَّا بِسَبَبِهِ. وَلَكِنَّهُمْ غَيَّرُوا دِينَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَجَلَبُوا أَصْنَامًا مِنَ الشَّامِ، فَعَبَدُوهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَوَّثُوا بِهَا الْبَيْتَ الْحَرَامَ، فَصَارَ مَوْضِعًا لِلشِّرْكِ وَقَدْ بَنَاهُ الْخَلِيلُ عَلَى التَّوْحِيدِ.

 

وَأَنْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِالنَّجَاةِ مِنْ ظُلْمِ فِرْعَوْنَ وَجُنْدِهِ، ثُمَّ أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ بِالنُّبُوَّةِ وَالْكِتَابِ وَالْمُلْكِ وَالتَّفْضِيلِ عَلَى الْعَالَمِينَ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ* مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ * وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ * وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ ﴾ [الدُّخَانِ: 30 - 32]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ* وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ ﴾ [الْجَاثِيَةِ: 16-17]. وَذَكَّرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَذِهِ النِّعْمَةِ وَهَذَا التَّفْضِيلِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 47].

 

وَبَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ التَّوْرَاةَ بَعْدَ غَرَقِ فِرْعَوْنَ وَجُنْدِهِ، فَكَانُوا أَهْلَ عِلْمٍ وَكِتَابٍ، بَيْنَمَا كَانَ غَيْرُهُمْ أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ ظَلْمَاءَ، وَوَثَنِيَّةٍ عَمْيَاءَ ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 48]، ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [الْقَصَصِ: 43]. وَمَا كَانَ دِينُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَّا تَجْدِيدًا لِدِينِ جَدِّهِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ وَلِذَا أُمِرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَنْ يَأْخُذُوا دِينَهُمْ وَكِتَابَهُمْ بِقُوَّةٍ، فَيَعْمَلُوا بِمَا فِيهِ ﴿ وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا ﴾ [الْأَعْرَافِ: 145]، وَخَاطَبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 63]، وَلَكِنَّ أَتْبَاعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَأْخُذُوا بِدِينِهِ، وَعَبَدُوا الْعِجْلَ فِي حَيَاتِهِ، ثُمَّ غَيَّرُوا دِينَهُ بَعْدَ مَمَاتِهِ، فَحَرَّفُوا كِتَابَهُمْ، وَأَسْقَطُوا أَحْكَامَهُمْ، وَأَخَذُوا مِنْ دِينِ مُوسَى وَالْخَلِيلِ مَا يَهْوَوْنَ، وَتَرَكُوا مِنْهُ مَا لَا يَهْوَوْنَ، وَكَذَبُوا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي كَلَامِهِ وَفِي شَرْعِهِ، فَفَضَحَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 101]، وَتَوَعَّدَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 79]، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «هُمْ أَحْبَارُ الْيَهُودِ». وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 78].

 

وَبَعْدَ أَنْ حَرَّفَ أَهْلُ الْكِتَابِ كِتَابَهُمْ، وَغَيَّرُوا دِينَهُمْ، وَقَتَلُوا أَنْبِيَاءَهُمْ، بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لِيُجَدِّدَ دِينَ مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَيُعِيدَ النَّاسَ إِلَى الْحَنِيفِيَّةِ مِلَّةِ الْخَلِيلِ، فَانْقَسَمَ النَّاسُ تُجَاهَ دَعْوَتِهِ إِلَى قِسْمَيْنِ: مَنْ قَبِلَهَا وَتَحَمَّلَ تَبِعَتَهَا وَهُمُ الْحَوَارِيُّونَ، وَمَنْ رَفَضَهَا وَعَادَاهَا، وَحَاوَلَ قَتْلَ عِيسَى بِسَبَبِهَا وَهُمُ الْيَهُودُ، فَرَفَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ: ﴿ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ ﴾ [الصَّفِّ: 14]، فَكَانَ النَّصَارَى هُمُ الَّذِينَ آمَنُوا بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَانَ الْيَهُودُ هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِهِ، فَأَظْهَرَ اللَّهُ تَعَالَى النَّصَارَى عَلَى الْيَهُودِ فَبَطَشُوا بِهِمْ عَبْرَ الْقُرُونِ. وَلَكِنَّ رُهْبَانَ النَّصَارَى أَصَابَهُمْ مَا أَصَابَ أَحْبَارَ الْيَهُودِ مِنْ تَحْرِيفِ كِتَابِ عِيسَى، وَتَغْيِيرِ دِينِهِ، فَأَضْحَى الْإِنْجِيلُ الْوَاحِدُ أَنَاجِيلَ عِدَّةً بِسَبَبِ التَّحْرِيفِ، وَعُطِّلَتْ شَرِيعَةُ عِيسَى الَّتِي هِيَ شَرِيعَةُ مُوسَى وَالْخَلِيلِ عَلَى جَمِيعِهِمُ السَّلَامُ، وَأُدْخِلَ الشِّرْكُ فِي عَقِيدَتِهِمْ بِادِّعَاءِ أَنَّ عِيسَى ابْنُ اللَّهِ، وَأَنَّهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ، وَأُحِلَّتِ الْمُحَرَّمَاتُ، وَأُسْقِطَتِ الْوَاجِبَاتُ، وَهَكَذَا غَيَّرَ النَّصَارَى دِينَ الْخَلِيلِ وَالْمَسِيحِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، كَمَا غَيَّرَ الْيَهُودُ دِينَ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَكَمَا بَدَّلَ الْمُشْرِكُونَ فِي مَكَّةَ دِينَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَأَنْ يَرْزُقَنَا الْعَمَلَ بِمَا عَلَّمَنَا، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَسْلِمُوا لَهُ وُجُوهَكُمْ، وَأَخْلِصُوا لَهُ دِينَكُمْ؛ ﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 112].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَمَّا حَادَ الْعَرَبُ فِي مَكَّةَ ثُمَّ الْيَهُودُ ثُمَّ النَّصَارَى عَنْ مِلَّةِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ دَاعِيًا إِلَيْهَا، مُجَدِّدًا لِمَا دَرَسَ مِنْهَا، مُزِيلًا عَنْهَا مَا أُلْصِقَ بِهَا، نَافِيًا عَنْهَا تَحْرِيفَ الْمُحَرِّفِينَ، وَابْتِدَاعَ الْمُبْتَدِعِينَ، وَقَدْ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ: ﴿ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 161]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [النَّحْلِ: 123]، فَلَمَّا دَعَا إِلَيْهَا عَادَاهُ الْمُشْرِكُونَ وَحَارَبُوهُ، وَتَآمَرُوا عَلَى قَتْلِهِ، وَرَفَضُوا دَعْوَتَهُ، وَقَالُوا: ﴿ أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ﴾ [ص: 5]. وَكَانَ أَتْبَاعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلِيلِينَ، وَأَعْدَاؤُهُ كَثِيرِينَ، ثُمَّ كَثُرَ أَتْبَاعُهُ مِنَ الْعَرَبِ بَعْدَ انْتِشَارِ دَعْوَتِهِ حَتَّى دَانُوا لَهُ إِلَّا نُزَّاعًا مِنْهُمْ.

 

وَأَمَّا الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَدْ عَلِمَ أَحْبَارُهُمْ وَرُهْبَانُهُمْ أَنَّ مُحَمَّدًا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هُوَ النَّبِيُّ الْمُبَشَّرُ بِهِ فِي كُتُبِهِمْ، وَأَنَّهُ بُعِثَ لِيُجَدِّدَ مَا عَفَا مِنْ دِينِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَآمَنَ بِهِ قَلِيلٌ مِنْهُمْ كَالْمَلِكِ النَّجَاشِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وَتَمِيمٍ الدَّارِيِّ، وَصُهَيْبٍ الرُّومِيِّ، وَكَفَرَ أَكْثَرُهُمْ، وَلَمْ يَقْبَلُوا دِينَ الْخَلِيلِ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدٌ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَاخْتَارُوا مَا وَافَقَ أَهْوَاءَهُمْ، وَأَمْلَتْهُ عَلَيْهِمْ شَيَاطِينُهُمْ. فَأَهْلُ الْإِسْلَامِ هُمُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالرُّسُلِ جَمِيعًا، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الْخَلِيلِ وَمُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَمَنْ لَمْ يَرْضَ بِالْإِسْلَامِ دِينًا فَالْخَلِيلُ وَمُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدٌ مِنْهُ بَرِيئُونَ ﴿ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 132].

 

وَكُلُّ مُحَاوَلَةٍ لِجَمْعِ أَتْبَاعِ الرُّسُلِ مَعَ أَعْدَاءِ الرُّسُلِ فَهِيَ مُحَاوَلَةٌ لِجَمْعِ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ، بَلْ هِيَ إِخْضَاعٌ لِلْإِسْلَامِ لِيَرْضَى بِالْكُفْرِ، وَهَذَا هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ، الَّذِي يُورِدُ أَهْلَهُ دَارَ السَّعِيرِ، وَمَآلُهُ لِلْفَشَلِ الذَّرِيعِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ضِدَّانِ، لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَرْتَفِعَانِ، إِلَّا فِي آخِرِ الزَّمَانِ حِينَ يَنْزِلُ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ فَيَحْكُمُ بِشَرِيعَةِ أَخِيهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، فَلَا يَقْبَلُ إِلَّا الْإِسْلَامَ. فَتَمَسَّكُوا -عِبَادَ اللَّهِ- بِالْحَقِّ، فَإِنَّكُمْ مَسْئُولُونَ عَنْهُ؛ ﴿ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ* وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾ [الزُّخْرُفِ: 43-44].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • دروس من إيجابية الخليل عليه السلام
  • الخليل عليه السلام (1) (ملة إبراهيم حنيفا)
  • الخليل عليه السلام (2)
  • الخليل عليه السلام (3) (إن إبراهيم كان أمة قانتا لله)
  • الخليل عليه السلام (4) ﴿ جاء ربه بقلب سليم ﴾
  • الخليل عليه السلام (6) {إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
  • الخليل عليه السلام (7) ﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من الببت ﴾
  • الخليل عليه السلام (8): {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن} (خطبة)
  • الخليل عليه السلام (9): { ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه }
  • بين الخليل عليه السلام وأبيه (خطبة)
  • الخليل عليه السلام (10) {وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة}
  • الخليل عليه السلام (11) {ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى}

مختارات من الشبكة

  • على خطى الخليل عليه السلام: قيمة البر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • على خطى الخليل عليه السلام: قيمة الدعاء للذرية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة مثير الغرام وخلاصة الكلام في فضل زيارة سيدنا الخليل عليه السلام(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • ثناء الخليل عليه السلام على ربه سبحانه (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • من دعوات الخليل عليه السلام (٢) ويليه من فضل عشر ذي الحجة(محاضرة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • من دعوات الخليل عليه السلام ووصيته لبنيه (١)(محاضرة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • مخطوطة فضل زيارة الخليل عليه السلام وموضع قبره وقبور أبنائه الكرام(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الصفات التي اتصف بها الخليل - عليه السلام - في مجتمعه(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الصفات التي اتصف بها إبراهيم الخليل -عليه السلام-(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • رحلة مع الخليل عليه السلام(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 7/2/1447هـ - الساعة: 3:54
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب