• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الحسود لا يسود (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    عناية الصحابة رضي الله عنهم بحفظ القرآن وتدوينه ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    القسط الهندي (Pryone) في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    أوقات النهي عن الصلاة (درس 2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    الثبات على الدين: أهميته، وأسبابه، وموانعه في ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب صيانة كلام الرحمن عن مطاعن أهل الزيغ ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    من مشاهد القيامة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    العلاقات الدولية ومناهجنا التعليمية
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    قراءات اقتصادية (65) رأس المال في القرن الحادي ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    التعامل مع شهوة المريض للطعام والشراب
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    وفد النصارى.. وصدق المحبة..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة (النسك وواجباته)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    سطور منسية.. من يكتب تاريخ الأسر وكيف يخلد؟ ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الاستشراق ووسائل صناعة الكراهية: صهينة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الرؤى والأحلام (1) أنواع الناس في الرؤى
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

الاستشفاء بالقرآن (خطبة)

الاستشفاء بالقرآن (خطبة)
د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/9/2025 ميلادي - 1/4/1447 هجري

الزيارات: 427

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الاستشفاءُ بالقرآنِ

 

الحمدُ للهِ الذي جعلَ القرآنَ ضياءً، وصيّره للمؤمنين رحمةً وشفاءً، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحده لا شريكَ له ابتداءً وانتهاءً، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى اللهُ وسلّمَ عليه وعلى آلِه وصحبِه الحاملين لشرعِه لواءً.

 

أما بعدُ: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

 

أيها المؤمنون!

القرآنُ كتابٌ مباركٌ؛ لا يُحصى خيرُه، ولا يُحَدُّ نفْعُه، ولا تَفنى بركتُه؛ قد أكَّدَ بركةَ هذا الكتابِ مَن أنزلَه هدايةً للناسِ ورحمةً للمؤمنين في أربعةِ مواضعَ من كتابِه العزيزِ؛ ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأنعام: 155]. هذا وإنَّ من جوانبِ بركةِ القرآنِ العظيمِ التي أكَّدَها المولى في ثلاثٍ من آياتِه كونَه شفاءً لأسقامِ العبادِ، كما قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 57]. فقد أودعَ اللهُ في كتابِه خاصيةَ الشفاءِ حين وصفَه بأنه شفاءٌ، ولم يَصِفْهُ بالدواءِ الذي ربما تخلَّفَ عنه الشفاءُ. وخَبَرُ اللهِ -تعالى- حقٌّ لا يتخلَّفُ، ولا يلحقه شكٌّ أو ريبٌ، ومن أصدقُ من اللهِ حديثًا؟ قال ابنُ القيِّمِ: "ولم يَصِفْ اللهُ في كتابِه بالشفاءِ إلا القرآنَ والعسلَ؛ فهما الشفاآنِ؛ هذا شفاءُ القلوبِ من أمراضِ غَيِّها وضلالِها وأدواءِ شُبهاتِها وشهواتِها، وهذا شفاءٌ للأبدانِ من كثيرٍ من أسقامِها وأخلاطِها وآفاتِها... وتأمل ‌إخبارَه -‌سبحانه ‌وتعالى- ‌عن ‌القرآن بأنه نفسَه شفاءٌ، وقال عن العسلِ: ﴿ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ ﴾ [النحل: 69]، وما كان نفْسُه شفاءً أبلغُ ممَّا جَعَلَ فيه شفاءً".

 

أيها المسلمون!

إنَّ وصفَ اللهِ لشفاءِ القرآنِ عامٌ لأدواءِ العبادِ الروحيةِ -وهي الأخطرُ والأصعبُ- والجسديةِ على ما رجّحَه المحققون من أهلِ العلمِ. "فلمْ يُنزِلِ اللهُ -سبحانه- ‌من ‌السماءِ ‌شفاءً قطُّ أعمَّ ولا أنفعَ ولا أعظمَ ولا أنجعَ في إزالةِ الداءِ من القرآنِ". "فالقرآنُ هو الشِّفاءُ التَّامُّ من جميعِ الأدواءِ القلبيَّةِ والبدنيَّةِ، وأدواءِ الدُّنيا والآخرةِ. وما كلُّ أحدٍ يُؤهَّلُ ولا يُوفَّقُ للاستشفاءِ به. وإذا أَحسنَ العليلُ التَّداويَ به، ووضَعَه على دائه بصدقٍ وإيمانٍ، وقبولٍ تامٍّ، واعتقادٍ جازمٍ، واستيفاءِ شروطِه- لم يُقاومْه الدَّاءُ أبدًا. وكيف ‌تُقاوِمُ ‌الأدواءُ كلامَ ربِّ الأرضِ والسَّماءِ، الذي لو نزلَ على الجبالِ لصدَّعَها، أو على الأرضِ لقطَّعَها؟ فما من مرضٍ من أمراضِ القلوبِ والأبدانِ إلا وفي القرآنِ سبيلُ الدِّلالةِ على دوائه، وسببِه، والحِمْيةِ منه، لمن رزقِه اللهُ فهْمًا في كتابِه". وشرطُ الانتفاعِ بشفاءِ القرآنِ إنما يحصلُ بقدْرِ يقينِ العبدِ وإيمانِه بذلك؛ معالِجًا كان أو معالَجًا؛ فقد ربطَ اللهُ شفاءَ القرآنِ بذلك، كما قال -تعالى-: ﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ﴾ [فصلت: 44]، وقال: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82]. وذلك اليقينُ يقضي بجزمِ شفاءِ القرآنِ، وحضورِ القلبِ، وتكرارِ الاستشفاءِ به، وانتظارِ الفرجِ المُتَيَقَّنِ، وعدمِ اليأسِ مع تَأَخُّرِ الشفاءِ، فإنْ تخلَّفَ أحدُها بشكٍّ أو غفلةٍ أو يأسٍ لم يحصلِ الشفاءُ. قال ابنُ عثيمينَ: "لو أنَّ أحدًا من الناسِ قرأَ بالقرآنِ وهو غافلٌ أو شاكٌّ في منفعتِه فإنِّ المريضَ لا ينتفعُ بذلك، وكذلك لو قرأَ القرآنَ على المريضِ والمريضُ شاكٌّ في منفعتِه فإنِّه لا ينتفعُ به، فلا بدَّ من الإيمانِ من القارىءِ والمقروءِ عليه بأنَّ ذلك نافعٌ، فإذا فَعَلَ هذا مع الإيمانِ من كلٍّ من القارىءِ والمقروءِ عليه انتفعَ به".

 

عبادَ اللهِ!

لئن كان القرآنُ كلُّه شفاءً للأسقامِ فإن لبعضِ سورِه وآياتِه مزيدَ خصيصةٍ في التداوي. ومن أعظمِ ما يُستشفى به من القرآنِ سورةُ الفاتحةِ؛ فإنَّ من أسمائها الشفاءَ والرُّقيةَ. روى أَبِو سَعِيدٍ الخدريُّ -رضيَ اللهُ عنه-: أَنَّ رَهْطًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْطَلَقُوا فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا، حَتَّى نَزَلُوا بِحَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يضيِّفوهم، فلُدغ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَيِّ، فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ قَدْ نَزَلُوا بِكُمْ، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ، فَأَتَوْهُمْ فَقَالُوا: يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ، إِنَّ سَيِّدَنَا لُدغ، فَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ شَيْءٌ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَاللَّهِ إِنِّي لَرَاقٍ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تضيِّفونا، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنَ الْغَنَمِ، فَانْطَلَقَ فَجَعَلَ يَتْفُلُ وَيَقْرَأُ: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]. حَتَّى لَكَأَنَّمَا ‌نُشِطَ مِنْ ‌عِقَال، فَانْطَلَقَ يَمْشِي مَا بِهِ قَلَبَةٌ، قَالَ: فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا، فَقَالَ الَّذِي رَقَى: لَا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ، فَقَالَ: "وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ أَصَبْتُمُ، اقْسِمُوا واضربوا لي معكم بسهمٍ" رواه البخاريُّ. وسُوَرُ القواقلِ الثلاثِ زادٌ من الاستشفاءِ القرآنيِّ العظيمِ لم يكنِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَعُهُ كلَّ ليلةٍ حين يأوي إلى فراشِه، وحين يَشتكي، فعن عائشةَ -رضيَ اللهُ عنها- أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشِه كلَّ ليلةٍ، جَمَعَ كفيْه ثمَّ نَفَثَ فيهما، فقرأَ فيهما: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1]، و ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾ [الفلق: 1]، و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾ [الناس: 1]، ثمَّ ‌يَمسحُ بهما ‌ما ‌استطاعَ من جسدِه، يبدأُ بهما على رأسِه ووجهِه، وما أقبلَ من جسدِه، يفعلُ ذلك ثلاثَ مراتٍ (رواه البخاريُّ). وقالت: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يَقرأُ على نفسِه بالمعوذاتِ ويَنفثُ، فلمّا اشتدَّ وجعُه كنتُ أقرأُ عليه، وأمسحُ بيدِه رجاءَ بركتِها (رواه البخاريُّ). وسورةُ البقرةِ ذاتُ بركةٍ في الحفظِ والشفاءِ سيما آيةُ الكرسيِّ وآخرِ آيتينِ منها، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرؤوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ؛ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، ولا يستطيعها ‌الْبَطَلَةُ (أي: السحرة) " رواه مسلمٌ. ولآيةِ الكرسيِّ منها شأنٌ حفيٌّ في الحفظِ كما أخبرَ أبو هريرةَ -رضيَ اللهُ عنه- رسولَ الله حين سألَه عن أسيرِه الشيطانيِّ سارقِ الصدقةِ قائلًا: "قَالَ لِي: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ من أوَّلِها حتى تختمَ: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [البقرة: 255]. وَقَالَ لِي: لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ ‌حَافِظٌ، وَلَا ‌يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ" رواه البخاريُّ. وختامُ سورةِ البقرةِ كفايةٌ من كلِّ المؤذياتِ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن قرأَ بالآيتيْنِ من آخرِ سورةِ البقرةِ في ليلةٍ ‌كَفَتاه" رواه البخاريُّ ومسلمٌ.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ.

أما بعدُ، فاعلموا أن أحسنَ الحديث كتابُ اللهِ...

 

أيها المؤمنون!

إنَّ اليقينَ بشفاءِ القرآنِ ذو أثرٍ في برءِ الداءِ وذهابِه، ذاك ما أفصحَ اللهُ عنه بقولِه، وصدّقَه استشفاءُ الموقنين، وليس بعدَ حديثِ اللهِ حديثٌ. ومن أخبارِ استشفاءِ الموقنين بكلامِ ربِّ العالمين ما حدَّثَ به ابنُ القيِّمِ عن نفسِه إذ يقولُ: "ولو أحسنَ العبدُ التداويَ بالفاتحةِ لرأى لها تأثيرًا عجيبًا في الشفاءِ. ومكثتُ بمكةَ مدةً ‌تَعتريني أدواءٌ، ولا أجدُ طبيبًا ولا دواءً، فكنتُ أعالجُ نفسيَ بالفاتحةِ، فأرى لها تأثيرًا عجيبًا. فكنتُ أصفُ ذلك لمن يشتكي ألمًا، وكان كثيرٌ منهم يَبْرأُ سريعًا". وكم من طبيبٍ حدَّثَ عن شفاءِ مريضِه الميؤسِ من شفائه حين استشفى بالقرآنِ، والواقعُ شاهدٌ على ذلك. فالأمراضُ وإنْ تفاوتَ خطرُها عند الخلقِ كلُّها عند اللهِ في الهُونِ سواءٌ، وشفاؤها كلِّها على اللهِ هيِّنٌ؛ إذ لا شيءَ يُعجزُه. فإمِّا أنْ يَذهبَنَّ بالداءِ كُليِّةً، أو يجعلَ بقاءَه خيرةً لعبدِه حين تَعَلَّقَ بكتابِه موقنًا بشفائه؛ ليُعظِمَ ثوابَه، ويُرَضِّيَه بقَدَرِه، ويُذيقَه حلاوةَ الصبرِ والرضا وانتظارِ الفرجِ وانهمارِ الأجرِ العظيمِ يومَ الدينِ، ويَجعلَ القرآنَ له سلوةً؛ تُذْهِبُ الآلامَ وتُخفِّفُها. قال طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ: " كَانَ يُقَالُ: إِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ عِنْدَ الْمَرِيضِ، وَجَدَ ‌لِذَلِكَ ‌خِفَّةً. فَدَخَلْتُ عَلَى خَيْثَمَةَ، وَهُوَ مَرِيضٌ، فَقُلْتُ: إِنِّي أَرَاكَ الْيَوْمَ صَالِحًا، فَقَالَ: إِنَّهُ قُرِئَ عِنْدِي الْقُرْآنُ".

 

أيها المسلمون!

وطريقةُ الاستشفاءِ بالقرآنِ القائمِ على يقينِ القلبِ وحضورِهِ تكونُ بالتلاوةِ والاستماعِ والإنصاتِ والتفكُّرِ والرُّقيةِ من المريضِ على نفسِه أو من غيرِه وتَكرارِ ذلك، وذلك باختيارِ السُّوَرِ الواردةِ في السنةِ أو الآياتِ المناسبةِ للحالِ؛ كآياتِ السحرِ للمسحورِ، والعينِ للمَعْيونِ، واليقينِ للمُرْتابِ، والفرجِ للمكروبِ وتَعَسُّرِ الولادةِ، والرزقِ عند ضيقِ الرزقِ، والنصرِ عند المعاركِ، والسكينةِ للخائفِ والمُضطربِ، كما قرَّرَ أهلُ العلمِ. قال ابنُ القيِّمِ: "وكان شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميّةَ - رحمَه اللهُ - إذا اشتدّتْ عليه الأمورُ قرأَ ‌آياتِ ‌السّكينةِ. وسمعتُه يقولُ في واقعةٍ عظيمةٍ جرتْ له في مرضِه، تَعجِزُ العقولُ والقُوى عن حملِها ــ من محاربةِ أرواحٍ شيطانيّةٍ ظهرتْ له إذ ذاك في حالِ ضعفِ القوّةِ ــ قال: فلمّا اشتدَّ عليَّ الأمرُ قلتُ لأقاربي ومَن حولي: اقرؤوا ‌آياتِ ‌السّكينةِ، قال: ثمَّ أقلعَ عنِّي ذلك الحالُ، وجلستُ وما بي قَلَبةٌ. وقد جرَّبتُ أنا قراءةَ هذه الآياتِ عند اضطرابِ القلبِ مما يَرِدُ عليه، فرأيتُ لها تأثيرًا عظيمًا في سكونِه وطُمأنينتِه".

تداويتُ بالقرآنِ صدقًا ورغبةً
ونعمَ كتابُ اللهِ للسُّقْمِ شافيا
إذا مسَّني داءٌ رجعتُ لآيِهِ
لِتقطعَ همًَّا في الفؤادِ مُدَوِّيا
وأُبصِرُ نورًا كلَّما قُمتُ أرتجي
شفاءً ورَوْحًا للهدايةِ تاليا
وفيه هُدى قلبي وريحانُ مُهجتي
ودربُ أمانٍ في المخاوفِ باديا
فحسبي كتابُ اللهِ زادًا وسَلْوةً
أُناجي به ربِّي ونِعمَ المُناجيا




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شهر للجهاد بالقرآن
  • كيف ننتفع بالقرآن الكريم؟
  • التربية بالقرآن
  • حرك قلبك بالقرآن
  • نياحة بالقرآن !
  • تنافس السلف بالقرآن في رمضان (خطبة)
  • فصل الخطاب بين التغني بالقرآن وتلاوته على المقامات
  • الإيمان بالقرآن أصل من أصول الإيمان
  • مساواة صحيح البخاري بالقرآن الكريم
  • كان صلى الله عليه وسلم يتداوى بالقرآن

مختارات من الشبكة

  • الدعاء من الكتاب والسنة الصحيحة ويليه الاستشفاء بالقرآن الكريم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الاستشفاء بالقرآن الكريم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الاستشفاء بالقرآن الكريم(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • الحبة السوداء شفاء من كل داء(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • الاستشفاء بالصدقة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العسل غذاء وشفاء(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • الحسود لا يسود (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة: ثمرات التوحيد على الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب محبة النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسلم بين النضوج والإهمال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/4/1447هـ - الساعة: 10:23
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب