• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الحسود لا يسود (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    عناية الصحابة رضي الله عنهم بحفظ القرآن وتدوينه ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    القسط الهندي (Pryone) في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    أوقات النهي عن الصلاة (درس 2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    الثبات على الدين: أهميته، وأسبابه، وموانعه في ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب صيانة كلام الرحمن عن مطاعن أهل الزيغ ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    من مشاهد القيامة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    العلاقات الدولية ومناهجنا التعليمية
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    قراءات اقتصادية (65) رأس المال في القرن الحادي ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    التعامل مع شهوة المريض للطعام والشراب
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    وفد النصارى.. وصدق المحبة..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة (النسك وواجباته)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    سطور منسية.. من يكتب تاريخ الأسر وكيف يخلد؟ ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الاستشراق ووسائل صناعة الكراهية: صهينة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الرؤى والأحلام (1) أنواع الناس في الرؤى
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    قراءات اقتصادية (64) الاقتصاد المؤسسي
    د. زيد بن محمد الرماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ
علامة باركود

أسباب محبة النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)

أسباب محبة النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)
د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/9/2025 ميلادي - 1/4/1447 هجري

الزيارات: 358

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أسباب محبة النبي صلى الله عليه وسلم

 

الحمد لله، قضى ألا تعبدوا إلا إيَّاه، لا مانع لِمَا أعطاه، ولا رادَّ لِمَا قضاه، ولا مُظهر لما أخفاه، ولا ساتر لما أبداه، ولا مُضلَّ لمن هداه، ولا هاديَ لمن أعماه، سبحانه خلَق آدم بيده وسوَّاه، وأمرَه ونهاه، ثم تاب عليه ورحمه واجتباه.

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، أمينه على وحْيه، وخِيرته من خلقه، أشرف مَن وَطَأَ الحصى بنعْله، أرسله الله رحمة للعالمين، وإمامًا للمتقين، وحجَّة على الخلائق أجمعين، فتح الله به أعينًا عُميًا وآذانًا صُمًّا وقلوبًا غُلفًا؛ أما بعد:

فأُوصيكم ونفسي بوصية الله في العالمين، ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131]، وأوصيكم ونفسي بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته؛ حيث قال: (اتَّقُوا اللَّهَ فَواللَّهِ الذي لا إلَهَ إلَّا هُوَ، إنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أنِّي رَسولُ اللَّهِ حَقًّا، وأَنِّي جِئْتُكُمْ بحَقٍّ).

 

أيها المؤمنون، لماذا نُحِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ما الدافع الذي جعلنا نُحِبُّ رسولنا ونبينا محمد بن عبدالله؟ ما الأسباب التي تدعونا إلى أن يمتلئ القلب حبًّا لعبدِ الله ورسوله محمدٍ صلى الله عليه وسلم؟

 

قد يكون التساؤل غريبًا إلا أن الجواب عنه لازمٌ لنوثِّق علاقتنا ونجدِّد عهدنا بنبينا ورسولنا المبعوثِ لنا صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن والِدِهِ ووَلَدِهِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ))، بل أخرج البخاري رحمه الله تعالى عن الراوية لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم حَلِف يمينًا، فقال: ((فَوَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، لا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن والِدِهِ ووَلَدِهِ))، فلن يَكمُل إيمان المؤمن حتى تكون محبَّته لرسول الله صلى الله عليه وسلم محبةَ استحسانٍ وإجلالٍ وعَظَمةٍ، وشَفقةٍ ورَحمةٍ، تفوق محبَّة الوالد والولد فضلًا عن جميع الخَلْقِ والبشر، فلماذا استحقَّ رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم هذه المكانة وهذه المنقبةَ بأن يكونَ كمالُ إيماننا مرتبطًا بمحبته صلى الله عليه وسلم؟

 

رسولنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، هو أحبُّ عبادِ الله إلى الله عز وجل، أفلا يدعونا ذلك إلى محبة من هو أحبُّ العباد إلى ربِّ العزة والجلال والجمال؟! رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم سيدُ ولد آدم وسيد ولد عدنان، وسيد الأنبياء والمرسلين وخاتمهم، أفلا يدعونا ذلك إلى محبة سيد الشُّرفاء وأعظمهم مكانةً وقدرًا؟! رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم أُرسِل إلى خيرِ أمةٍ أُخرجت للناس، أفلا يكون مَن هو أخيرُ الخير ينال المكانة العالية في القلوب؟! رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم هو الرسول الوحيد من سائر الأنبياء والمرسلين الذي عُرِجَ به من الأرض إلى السماءِ السابعة، وتَكَلَّم مع ربه كِفَاحًا من دون أي حجاب، أفلا يتَمَلَّك القلوب ويأْسِرها؟!

 

رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم أُنْزِل عليه أفضلُ وأحسنُ وأفصحُ وأبلغُ وأحكمُ كُتُبِ السماء القرآنُ الكريم، أفلا يتملكُ الأفئدةَ فيكون صلى الله عليه وسلم عزيزًا في النفوس؟! رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم جاء بأفضل تشريعٍ في الأرض، ذلكم التشريع الخالد الذي ما كانت أوامره إلا ما في وُسع البشر، وما كانت نواهيه إلا تضرُّ مَن اقترَفها، فرسولٌ يأتي بتشريعٌ هو في صالحنا ومصلحتنا، أفلا يَغمُر قلوبنا حبًّا؟! رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم كان إذَا بَعَثَ أَحَدًا مِن أَصْحَابِهِ في بَعْضِ أَمْرِهِ، قالَ: (بَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا، وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا)، ألا يمتلئ قلبنا حبًّا وشوقًا له صلى الله عليه وسلم؟!

 

رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم ضحَّى بنفسه وماله وأهله وجهده ووقته فداءً لتبليغ رسالة الله، مبشرًا ونذيرًا ومجاهدًا وداعيًا وعابدًا وزاهدًا، فهو الأُسوة الحسنة في سكناته وحركاته وأقواله وأفعاله، وتعامُله مع القريب والبعيد، ومع الإنس والجن والحيوان والجماد، فهو الهداية المسداة والرحمة المهداة، كُسِرت رَباعيتُه، وشُجَّ وجهُه الشريف حتى سال الدمُ عليه، لو نظرت أو تأمَّلت في موقفٍ واحدٍ من مواقفه الإنسانية المليئة بالرحمة، لازددت به إعجابًا وانبهارًا واندهاشًا وقربًا واقتداءً.

 

رسولنا الحبيب يعطفُ على أمته، ويُشفق عليها رحمةً بها في مواطنَ عديدة، فيقول عن نفسه صلى الله عليه وسلم كما ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: (إنَّما مَثَلِي ومَثَلُ أُمَّتي كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نارًا، فَجَعَلَتِ الدَّوابُّ والْفَراشُ يَقَعْنَ فِيهِ، فأنا آخِذٌ بحُجَزِكُمْ وأَنْتُمْ تَقَحَّمُونَ فِيهِ))، فأي حرصٍ هذا يا نبي الله علينا؟! فداك أرواحنا يا روح قلوبنا وبهجةَ أنفسنا وسلوى أفئدتنا!

 

أيها المؤمنون، في يوم الشفاعة وفي ذلك اليوم العظيم، يوم يموجُ النَّاسُ بَعْضُهُمْ في بَعْضٍ، فيقول أبو الأنبياء وأولو العزم من الرسل عليهم السلام، كلٌ يقول عن نفسه: لستُ لها، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، فيقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: أنا لها، فيخرُّ ساجدًا لربه، فيقال له: ارْفَعْ رَأْسَكَ، وقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وسَلْ تُعْطَ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ، فيقُولُ: يا رَبِّ، أُمَّتي أُمَّتِي، فيَقال له: انْطَلِقْ فأخْرِجْ مِن النار مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ مِن إيمَانٍ، أخرِج من النار مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ - أوْ خَرْدَلَةٍ - مِن إيمَانٍ، أخرج من النار مَن كانَ في قَلْبِهِ أدْنَى أدْنَى أدْنَى مِثْقَالِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِن إيمَانٍ، فيقُولُ: يا رَبِّ ائْذَنْ لي فِيمَن قالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فيَقولُ الله عز وجل: وعِزَّتي وجَلَالِي، وكِبْرِيَائِي وعَظَمَتي، لَأُخْرِجَنَّ منها مَن قالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم في ذلك الموقف الرهيب يَحرِص علينا وعلى عدم مكوث أحدٍ من أمته في نار جهنم، وهو الذي بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمَّة، وجاهد في الله حق الجهاد حتى أتاه اليقين، فما باله يَحرِص علينا؟ ألا يدفَعُنا ذلك لأن نفتديَه بأرواحنا؟! وهو الذي قال صلى الله عليه وسلم كما ورد في صحيح مسلمٍ عن أبي هريرة رضي الله عنه: ((لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجابَةٌ، فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ، وإنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتي شَفاعَةً لِأُمَّتي يَومَ القِيامَةِ، فَهي نائِلَةٌ إنْ شاءَ اللَّهُ مَن ماتَ مِن أُمَّتي لا يُشْرِكُ باللَّهِ شيئًا)).

 

أيها المؤمنون، هل تعلمون أن رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم يبكي من أجلنا؟ فقد أخرج ابن حبان رحمه الله تعالى في صحيحه عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قولَ اللهِ جلَّ وعلا في إبراهيمَ: ﴿ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [إبراهيم: 36]، وقال عيسى: ﴿ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [المائدة: 118]، فرفَع يدَيْهِ وقال: ((اللَّهمَّ أُمَّتي أُمَّتي))، وبكى فقال اللهُ: يا جِبريلُ، اذهَبْ إلى مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ـ وربُّكَ أعلَمُ ـ فسَلْه ما يُبكيه؟ فأتاه جِبريلُ فسأَله فأخبَره بما قال واللهُ أعلَمُ، فقال اللهُ: يا جِبريلُ، اذهَبْ إلى مُحمَّدٍ فقُلْ: إنَّا سنُرضِيكَ في أُمَّتِكَ ولا نَسوؤُكَ، رسولك ونبيك وحبيبك يبكي من أجلك يا مَن كنتَ مِن أُمته، أفلا يدعوك ذلك لأن يكون لك قدوةً وأسوة حسنةً، فتتمثَّل قوله وفعله وسكناته وحركاته!

 

وصدق الله عزَّ وجل؛ حيث قال في محكم التنزيل: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128]، عزيزٌ على رسولنا المصطفى المختار الشيء الذي يُعَنِّتُ أمته ويشق عليها، حريصٌ على هدايتكم ووصول النفع الدنيوي والأخروي إليكم أيها المؤمنون.

 

بارك الله لي ولكم في الكتابِ والسنَّة، ونفَعنا بما فيهما من الآيات والحكمة، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه إنه كان غفارًا.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي جعَل محبة نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم من الإيمان، وجعل سنته طريقًا لدخول الجِنان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ أمر بمحبة النبي العدنان، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله خيرُ من صلى وصام، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الكرام؛ أما بعد:

فرسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، جمع الحُسْن كله بكل أوصافه ومعانيه، فهو أعظم الإنس والبشر والعرب نسبًا، وأجملهم خَلقًا، وأحسنهم خُلُقًا وتعاملًا؛ قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللَّهَ خلقَ الخلقَ، فجعَلَني مِن خَيرِ فِرَقِهِم، وخَيرِ الفريقَينِ، ثمَّ خيَّرَ القبائلَ، فجَعلَني مِن خَيرِ القبيلةِ، ثمَّ خيَّرَ البيوتَ فجعَلَني مِن خَيرِ بيوتِهِم، فأَنا خيرُهُم نفسًا، وخيرُهُم بَيتًا)، وإذا نظرتم إلى جمال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك البرَّاق، فقد وصفه ابن عمه وصهره الإمامُ علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال: ((خاتمُ النبوة، وهو خاتم النبيين، أجودُ الناس صدرًا، وأصدق الناس لهجةً، وأليَنُهُم عريكةً، وأكرمُهُم عِشْرةً، مَن رآه بديهةً هابَه، ومن خالطه معرفةً أحبَّه، لم أرَ قبله ولا بعده مِثْلَهُ صلى الله عليه وسلم))، وجاء في وصفه صلى الله عليه وسلم: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فخمًا مُفَخَّمًا، يتلألأُ وجهُهُ تلألؤَ القمر ليلة البدر، فأنت ترى الجمالَ يزدادُ جمالًا بصورته صلى الله عليه وسلم، وخِلقته ونسبه وأخلاقه، فماذا بعد هذا الجمال من جمال! عن جابر بن سَمُرَة رضي الله عنه قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في ليلةٍ إضْحِيَانٍ - أي بدريَّة مُقمرة - فجعلت أنظُر إليه وإلى القمر، فلهو عندي أحسنُ من القمر، ولقد زكَّى الله تعالى نبينا محمدًا صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تزكيةً ما زكَّاها أحدًا من الخلق والمخلوقات والكائنات، زكَّاه في عقله فقال: ﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾ [النجم: 2]، زكَّاه في لسانه فقال: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾ [النجم: 3]، زكَّاه في فـؤاده فقال: ﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ﴾ [النجم: 11]، زكَّاه في بصره فقال: ﴿ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ﴾ [النجم: 17]، زكَّاه في صدره فقال: ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾ [الشرح: 1]، زكَّاه الله عزَّ وجل كلَّه فقال: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، هذه تزكيةُ ربِّ العالمين، أفلا يدعونا ذلك لمحبته لمن تَمثل بالمنظر الجذَّابِ والأخلاقِ العالية والنَّسب الشريف؟!

 

أيها المؤمنون، أخبر الله سبحانه عبادَه بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى، بأنه يُثني عليه عند الملائكة المقربين، فتبلُغُه رحمته، وأن الملائكة تصلي عليه وتدعو له وتَستغفر، ثم أمر تعالى أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلي جميعًا، فقال عزَّ من قائلٍ حكيمًا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

وفي كل صلاة نصلي على النبي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فنُثني عليه وندعو له: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

أغَرُّ عَلَيْهِ لِلنُّبُوَّةِ خَاتَمٌ
مِنَ اللَّهِ مَشْهُودٌ يَلُوحُ ويُشْهَدُ
وضمَّ الإلهُ اسمَ النبيِّ إلى اسمهِ
إذا قَالَ في الخَمْسِ المُؤذِّنُ أشْهَدُ
وَشَقَّ لهُ منِ اسْمهِ لِيُجِلَّهُ
فذو العرشِ محمودٌ وهذا محمدُ

 

يا أهل الإيمان، محبةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم تُحيي في قلب المسلم الراحة وسعادة، وتزرَع في قلبه المعاني الراقية من التضحية والإيثار تجاه الآخرين؛ فمن كان محمد صلى الله عليه وسلم في قلبه ظهرت على جوارحه آثار هذه المحبة، وهذه المحبة من أسمى الأفعال التي تظهر على أهل الإيمان.

 

اللهم نسألك بحبِّنا لنبيك صلى الله عليه وسلم مغفرةً لذنوبنا، وصلاحًا وعافيةً وأمنًا وأمانًا ورخاءً وطمأنينةً لنا ولولاة أمرنا، ولعلمائنا ولأهلينا وذريَّاتنا، ولكل مَن له حقٌّ علينا، وعليه حقٌّ لنا، وقُوةً ونُصرةً وتمكينًا للإسلام والمسلمين في كلِّ مكان وزمان، وهزيمةً وضعفًا وذِلةً وصغارًا لأعداء الملة والدين.

 

اللهم نسألك بحبنا لنبيك محمد بن عبدالله أن تَجمَعنا معه في جنات الخلد، وأن تَحشُرَنا في زُمرته، وتَعقِدنا تحت لوائه ورايته.

 

أيها المؤمنون، قبل أن تقوموا إلى صلاتكم، أُبشركم ببِشارة رسولنا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم؛ حيث أخرج مسلمٌ في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مِنْ أشَدِّ أُمَّتي لي حُبًّا، ناسٌ يَكونُونَ بَعْدِي، يَوَدُّ أحَدُهُمْ لو رَآنِي بأَهْلِهِ ومالِهِ))، كان الحسن البصري رحمه الله تعالى إذا ذكر حديث الجذع وحنينه وبكائه، يقول: "يا معشر المسلمين، الخشبة تَحِنُّ إلى النبي عليه الصلاة والسلام شوقًا إلى لقائه، فأنتم أحقُّ أن تشتاقوا إليه"، "والمرء مع مَن أحبَّ"، فنَسأل الله مِن فَرْطِ حبِّنا لرسولنا الحبيب محمدٍ صلى الله عليه وسلم أن يرزُقنا رؤيته عيانًا بيانًا، فيَجمَعَنا معه في جنات الخلد، ونَصطفَّ في زُمرته، ونُحشَرَ معه صلى الله عليه وسلم، ونُعْقَدَ تحت لوائه، ويَهَبَنا الله الوهابُ المنانُ اتباعَ سنته وهدْيه، وحُسن الاقتداء به صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وسكناته وحركاته.

بأبي وأمي أنت يا خيرَ الوَرَى
وصلاةُ ربي والسلامُ مُعطَّرَا
يا خاتَمَ الرُّسل الكرامِ محمدٍ
بالوحي والقرآنِ كنتَ مُطَهَّرَا
لَكَ يا رسولَ الله صدقُ مَحبَّةٍ
وبِفَيْضِها شَهِدَ اللسانُ وعبَّرَا
لَكَ يا رسولَ اللهِ صدقُ مَحبَّةٍ
فاقَتْ مَحبَّةَ مَن عَلى وجهِ الثَّرَى
لَكَ يا رسولَ الله صِدقُ مَحبَّةٍ
لا تَنْتهي أبدًا ولنْ تَتَغَيَّرَا

 

وقوموا إلى صلاتكم رَحِمَكم الله تعالى.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • هجرة النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)
  • الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)
  • أمور ثلاثة خافها النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (خطبة)
  • عناية النبي صلى الله عليه وسلم بشعبان (خطبة)
  • فضل النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)
  • محبة النبي صلى الله عليه وسلم ولوازمها (خطبة)
  • تربية النبي صلى الله عليه وسلم للشباب (خطبة)
  • حقوق النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة 1)
  • حقوق النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة 2)
  • وصايا النبي صلى الله عليه وسلم في الزهد

مختارات من الشبكة

  • محبة الرسول صلى الله عليه وسلم اتباع لا ابتداع (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • المحبة تاج الإيمان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مائدة العقيدة: وجوب محبة الرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيمه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أسباب النصر والتمكين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب منع وجلب المطر من السماء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب النجاة(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • النبي القدوة -صلى الله عليه وسلم- في الرد على من أساء إليه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة النبي صلى الله عليه وسلم والشعر(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • وفاء النبي صلى الله عليه وسلم بالعهود (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الثبات على الدين: أهميته، وأسبابه، وموانعه في الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/3/1447هـ - الساعة: 16:48
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب