• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    وصية النبي - صلى الله عليه وسلم- بطلاب العلم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الأمن.. والنعم.. والذكاء الاصطناعي
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    يا معاشر المسلمين، زوجوا أولادكم عند البلوغ: ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حديث: يا رسول الله، أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    الأحاديث الطوال (23) وصول النبي صلى الله عليه ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    ففروا إلى الله (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الذكاء الاصطناعي بين نعمة الشكر وخطر التزوير: ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    زمان الدجال.. ومقدمات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة الملائكة
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الخشية من الله تعالى (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    استراتيجيات تحقيق الهدف الأول لتدريس المفاهيم ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    ما حدود العلاقة بين الخاطب ومخطوبته؟
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تلاوة آيات ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    العناية بالشَّعر في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

خطبة بليغة مؤثرة

خطبة بليغة مؤثرة
د. محمد بن علي بن جميل المطري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/8/2023 ميلادي - 7/2/1445 هجري

الزيارات: 462412

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة بليغة مؤثرة


﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة: 2 - 4]، ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ * يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [التغابن: 2 - 4]، ﴿هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [آل عمران: 6]، ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 29]، ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [يونس: 5]، ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ [يونس: 67]، ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ﴾ [الرعد: 12]، ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ﴾ [غافر: 13].

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، اللَّهُمَّ أنْتَ ربُّنا ونَحنُ عَبِيْدُك، الْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، وَالْمَهْدِيُّ مِنْ هَدَيْتَ، وَبِكَ وَإِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، سُبْحَانَكَ رَبَّ الْبَيْتِ، لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ.

 

وأشهد أنَّ محمدًا عبدُ الله ورسولُه، ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: 33]، ﴿هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [الحديد: 9].

 

اللهم صلِّ وسلِّم على نبينا محمد، وعلى أهل بيته وأزواجه وذريته، وعلى أصحابه وأتباعه ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: 43].

 

أما بعد:

فإنَّ خير الكلام آيات القرآن، وخيرَ الهدي هدي محمد عليه الصلاة والسلام، وخيرَ الكلام ما قلَّ ودلَّ، وخيرَ المواعظ ما نفع وزجر.

 

الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلَا حِسَابٌ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلَا عَمَلٌ، الدُّنْيا أَمَدٌ قَلِيل، والآخِرةُ أَبدٌ طَويْل، سَاعَاتُ اللَّيلِ والنَّهارِ تَنتَهِبُ الأَعْمار، يا بْنَ آدَمَ إِنَّمَا أَنْتَ أَيَّامٌ، كُلَّمَا ذَهَبَ يَوْمٌ ذَهَبَ بَعْضُكَ.

 

إِنَّنَا فِي مَمَرِّ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي آجَالٍ مُنْتَقَصَةٍ، وَأَعْمَالٍ مَحْفُوظَةٍ، وَالْمَوْتُ يَأْتِي بَغْتَةً، فَمَنْ يَزْرَعْ خَيْرًا يُوشِك أَنْ يَحْصُدَ رَغْبَةً، وَمَنْ يَزَرَع شَرًّا يُوشِك أَنْ يَحْصُدَ نَدَامَةً، الْمُتَّقُونَ سَادَةٌ، وَالْفُقَهَاءُ قَادَةٌ، وَمَجَالِسُهُمْ زِيَادَةٌ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُ، كُنْ مِمَّنْ يَبِيتُ وَهُوَ يَذْكُرُ، وَيُصْبِحُ وَهَمُّهُ أَنْ يَشْكُرَ، يَبِيتُ حَذِرًا مِنَ الْغَفْلَةِ، وَيُصْبِحُ فَرِحًا لِمَا أَصَابَ مِنَ الْفَضْلِ وَالرَّحْمَةِ، لَا يَعْمَلُ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَيْرِ رِيَاءً، وَلَا يَدَعُ شَيْئًا مِنْهُ حَيَاءً، يَخْلُو لِيَغْنَمَ، وَيُخَالِطُ لِيَعْلَمَ، مَجَالِسُ الذِّكْرِ مَعَ الْفُقَرَاءِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَجَالِسِ اللَّغْوِ مَعَ الْأَغْنِيَاءِ، وَلَا تَكُنْ مِمَّنْ يَتَمَنَّى الْمَغْفِرَةَ، وَيَعْمَلُ فِي الْمَعْصِيَةِ، طَالَ عَلَيْهِ الْأَمَلُ فَفَتَرَ، وَطَالَ عَلَيْهِ الْأَمَدُ فَاغْتَرَّ، إِنْ أُعْطِيَ لَمْ يَشْكُرْ، وَإِنِ ابْتُلِي لَمْ يَصْبِر، يَتَكَلَّفُ مَا لَمْ يُؤْمَرْ، وَيُضَيِّعُ مَا هُوَ أَكْبَرُ، يُحِبُّ الصَّالِحِينَ وَلَا يَعْمَلُ عَمَلَهُمْ، وَيَبْغُضُ الْمُسِيئِينَ وَهُوَ أَحَدُهُمْ، إِنْ سَجَدَ نَقَرَ، وَإِنْ جَلَسَ هَدَر، وَإِنْ سَأَلَ أَلْحَفَ، وَإِنْ سُئِلَ سَوَّفَ، وَإِنْ حَدَّثَ حَلَفَ، وَإِنْ حَلَفَ حَنَثَ، وَإِنْ وُعِظَ كَلَحَ، وَإِنْ مُدِحَ فَرِحَ، يَنْظُرُ نَظَرَ الْحَسُودِ، وَيُعْرِضُ إِعْرَاضَ الْحَقُودِ، إِنْ حَدَّثْتَهُ مَلَّكَ، وَإِنْ حَدَّثَكَ غَمَّكَ، لَا يُنْصِتُ فَيَسْلَمَ، وَلَا يَتَكَلَّمُ بِمَا يَعْلَمُ.

 

مَنْ لَا يَمْلِكْ لِسَانَهُ يَنْدَمْ، وَمَنْ يَدْخُلْ مَدَاخِلَ السُّوءِ يُتَّهَمْ، وَمَنْ يُصْاحِبْ صَاحِبَ السُّوءِ لَا يَسْلَمْ، وَمَنْ يُصْاحِبْ الصَّالِحَ يَغْنَمْ، وَالْمُؤْمِنُ يَعْمَلْ لِلَّهِ مُخْلِصًا، وَمَنْ يُخْلِصْ يَأْجُرْهُ اللَّهُ أَجْرًا مُضَاعَفًا، ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: 110].

 

مَا أَحَدٌ فِي الدُّنْيَا إِلَّا وَهُوَ ضَيْفٌ، وَمَالُهُ عَارِيَةٌ، وَالضَّيْفُ مُرْتَحِلٌ، وَالْعَارِيَةُ مَرْدُودَةٌ، ﴿وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ [آل عمران: 28]، قال ربُّنا سبحانه: ﴿إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ﴾ [الغاشية: 25، 26].

 

أيها العبد، راقب من يراك على كل حال، وما زال نظرُه إليك في جميعِ الأفعال، وطهِّر سِرَّك فهو عليم بما يخطر بالبال، قد أحاط بكل شيء علمًا، وأحصى كل شيء عددًا.

 

طوبى لمن بادر عمره القصير، فعمر به دار المصير، ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى * بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ [الأعلى: 14 - 17].

 

الدُّنْيَا غرَّارة غدَّارة، خدَّاعة مكَّارة، تظنها مُقِيمَة، وَهِي ذاهبة، لَيْسَتِ السَّاعَاتُ الذاهبةُ بعائدة.

 

﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ﴾ [المؤمنون: 99 - 101].

 

أيها الناس، تَأْمَلُونَ مَا لَا تَبْلُغُونَ، وَتَبْنُونَ مَا لَا تَسْكُنُونَ، وتشترون ما لا تأكلون، وتفخرون وأنتم ميتون.

 

قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا)).

 

يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ [الأنعام: 134]، ﴿كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ * ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ [التكاثر: 3 - 8].

 

اذكروا نعم الله عليكم لتشكروا، واعملوا بما علمتم لتتقوا، وسددوا وقاربوا وأبشروا.

 

وَا أسفاه مِن حَيَاةٍ على غرور، وَمَوْتٍ على غَفلَة، ومُنقَلبٍ إِلَى حسرة، ووقوفٍ يَوْم الْحساب بِلَا حُجَّة!

وَكم من فَتى يُمْسِي وَيُصْبِح آمنًا
وَقد نُسِجَتْ أَكْفَانُه وَهوَ لَا يدْرِي

 

بادِر أيها الشاب عمرك قبل الهرم، واغتنم أيها الشيخ الصحة قبل السقم، وكلنا إلى الله راجعون، وبأعمالنا محاسبون، ﴿وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ﴾ [الأعراف: 185].

أَتَيْتُ الْقُبُورَ فَنَادَيْتُهَا
أَيْنَ الْمُعَظَّمُ وَالْمُحْتَقَرْ
وَأَيْنَ الْمُدِلُّ بِسُلْطَانِهِ
وَأَيْنَ الْمُزكَّى إِذَا مَا افْتَخَرْ
تَفَانَوْا جَمِيعًا فَمَا مُخْبِرٌ
وَمَاتُوا جَمِيعًا وَمَاتَ الْخَبَرْ
تَرُوحُ وتغدو بناتُ الثَّرى[1]
فَتَمْحُوا مَحَاسِنَ تِلْكَ الصُّوَرْ
فَيَا سَائِلِي عَنْ أُنَاسٍ مَضَوْا
أَمَا لَكَ فِيمَا تَرَى مُعْتَبَرْ

 

﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ [آل عمران: 185].

 

التَّوْبَةَ التَّوْبَةَ قبل أَن تَصِل إِلَيْك النّوبَة، ﴿يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ﴾ [الانشقاق: 6]، الحذرَ الحذرَ، فوالله لقد ستر حتى كأنه قد غفر!

 

مَنْ عَرَفَ رَبَّهُ أَحَبَّهُ، ومَنْ تَذَكَّر نِعَمَهُ اجْتَهَدَ في طَاعَتِه، وَمَنْ عَرَفَ حَقِيقَةَ الدُّنْيَا الفَانِيةِ زَهِدَ فِيهَا، ومَنْ آمَنَ بِالآخِرةِ البَاقِيةِ اسْتَعَدَّ لَها، ومن تابَ مِنْ ذُنُوبِه وتَقْصِيرِه في عِبَادةِ ربِّهِ تابَ اللهُ عليه، ﴿وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الحجرات: 11]، ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الشورى: 25].

 

أقول ما سمعتم، ويغفر الله لي ولكم، ولجميع المسلمين والمسلمات، الأحياءِ منهم والأموات.

 

الخطبة الثانية

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾ [سبأ: 1]، ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى﴾ [النمل: 59].

 

أما بعد:

فيا أيها العبد، حاسِب نفسك في خلوتك، وتفكَّر في انقراض مدتك، واعلم أنَّ نفسك عليك في مجاهدتك، فصبِّرها على الطاعة، وعلِّمها القناعة، وانهها عن هواها، فقد سعد من حاسَبَها، وفاز من حارَبَها، وأفلحَ من استوفى الحقوق منها وطالَبَها، وكلما ضعفت عن الخير عاتبها، وكلما رغبت في الشر غلبها، العاقل من حاسب نفسَه، وعمِل لما بعد موتِه، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنَّى على الله الأماني، وليس الإيمانُ بالتمنِّي، ولكنَّ الإيمانَ ما وقر في القلبِ، وصدَّقَه العمل.

 

من لم تنهه صلاتُه عن الفحشاء والمنكر لم يزْدَدْ مِن الله إلا بُعْدًا، ولا يحافظ على الصلوات الخمس في أوقاتها إلا المؤمنُ الذي يعرف قدرها، ويرجو أجرها، ويخاف العقاب على تركها، وويل لمن يتكاسل عن صلاته، ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون: 4، 5]، ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا﴾ [مريم: 59، 60]، ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الحديد: 16]، متى تتوب إلى الله؟ متى تستقيم على طاعة الله؟! يَا مخدوعًا قد فُتِن، يَا مغرورًا قد غُبِن.

 

يَا من يعظه الدَّهْرُ وَلَا يقبَل، أَلا تَعْتَبِر بِمن رَحَل؟! تيقَّظ لنَفسِك وانتبه من الزلل، وَاذْكُر زوالَك وَدَعِ الأَمَل، طَالَ بِك الزَّمَانُ وَمَا سددت الْخلَل!


يَا شِدَّة الوجَل عِنْد حُضُور الْأَجَل، يَا حسْرة الْفَوْت عِنْد حُضُور الْمَوْت، يَا خجلة العاصين، يَا أَسَفَ الْمُقَصِّرِينَ ﴿يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ﴾ [يس: 30]، ﴿أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ* أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الزمر: 56 - 58].

 

يا حسرةً على مَن مَاتَ وَلم يتزَوَّدْ لِوَحْشَةِ الظُّلْمة، ولم يتأهبْ للنَّقْلةِ إلى قبره، ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ [التكاثر: 1، 2]، السفرُ بعيد، والزادُ قليل، بعد الموت لا ينفعك مالُك ولا ولدُك، وليس لك في قبرك صديقٌ ولا أنيسٌ إلا عملُك.

يا مَنْ بِدنياه اشتغل
وغرَّه طولُ الأمل
الموتُ يأتي بغتةً
والقبرُ صندوقُ العمل

 

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [المنافقون: 9 - 11].

نُرَقِّعُ دُنْيَانَا بِتَمْزِيقِ دِينِنَا
فَلَا دِينُنَا يَبْقَى وَلَا مَا نُرَقِّعُ

 

يَا مَنْ يُذنبُ وَلَا يَتُوب، ويُصِرُّ على تَضْييعِ الفرائضِ ولا يؤوب، كم كُتِبتْ عَلَيْك ذنُوبٌ ذهبت لذَّتُها، وبقي حسابُها، تَأْكُل الحَرَام، وتَقْطَع الأرحام، يدعوك القرآنُ إِلَى صلاحِك وَلَا تتوب، وتسمعُ مواعظَ اللهِ ولا تؤوب، ﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى * أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى﴾ [القيامة: 31 - 35]، ﴿وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ﴾ [الصافات: 13]، ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾ [المرسلات: 48 - 50].

 

عباد الله، أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله، ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: 281].

 

اللهم اجعلنا من الذاكرين الشاكرين الصابرين، وارزقنا الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم أَعِنَّا على ذِكْرِك وشُكرِك وحُسْنِ عبادتك، اللهم حَبِّبْ إلينا الإيمان، وزَيِّنه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، وتوفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين.

 



[1] يعني الدود.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إعداد الخطبة: نصائح وإرشادات
  • خطورة المال الحرام (خطبة)
  • خطبة: مع القرآن (1)
  • خطبة: بذل المعروف

مختارات من الشبكة

  • وفاء النبي صلى الله عليه وسلم بالعهود (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لنصلح أنفسنا ولندع التلاوم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: {أفمن زين له سوء عمله...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عالم الفساد والعفن: السحر والكهانة والشعوذة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا تغرنكم الحياة الدنيا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية ممارسة الهوايات عند الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: العلاقات العاطفية وأثرها على الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نفحات.. وأشواق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب منع وجلب المطر من السماء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دعوة للإبداع والابتكار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
2- من أحسن المواقع وجزاكم الله خيرا
عادل مطراوي 11/07/2025 07:28 PM

جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه.

1- رائعة
موسى ماطر - اليمن 18/06/2025 08:36 AM

خطبة رائعة..

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/2/1447هـ - الساعة: 14:56
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب