أريد الزواج في أقرب وقت للاستعفاف

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

أولًا: تشكر كثيرًا على ألمك من المعصية، ورغبتك في الاستعفاف وترك المعصية.

ثانيًا: أبْشِرْ بالخير ما دمتَ على هذه الحال من الألم الذي يعتصرك، إذا قارفت ذنبًا، ولكن أوصيك بالآتي:

1- ابتعد نهائيًّا عن أي أمر يُهيِّج شهوتك؛ سواء كان إطلاق نظرٍ أم سماعًا؛ قال سبحانه: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [النور: 30].

2- كلما أذنبتَ، فاستغفر، ولا تيأس من رحمة الله أبدًا، مهما كثُرت ذنوبك، ومهما تكررت؛ وتذكر قوله سبحانه: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53]، وتذكر الحديث الآتي: عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه تبارك وتعالى قال: ((أذنب عبدٌ ذنبًا، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال الله تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أيْ ربِّ، اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي ربِّ، اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، قد غفرت لعبدي، فليفعل ما شاء))؛ [متفق عليه].

والآية والسابقة والحديث يبينان بجلاءٍ عِظَمَ أجرِ التائبين، وقبول الله سبحانه لتوبتهم، مهما تكررت المعصية منهم.

3- اشغل فراغك بما ينفعك في دينك ودنياك؛ فإن الفراغ مجلبة للخواطر الرديئة.

4- حاول أن تجعل باب غرفتك مفتوحًا دائمًا؛ لأن الخلوة بعيدًا عن الناس من أسباب مقارفة المعاصي.

ثالثًا: عليك بسبب عظيم لتفريج الكرب وتيسير الأمور، بل هو أعظم سببٍ، وهذا السبب العظيم قد يغفل عنه البعض، وقد يتعاطاه البعض الآخر بضعفٍ، ما هو يا تُرى؟

هو الدعاء والإلحاح فيه، ولكن بشرط قوة الإخلاص فيه، واليقين بعِظَمِ أثره؛ قال سبحانه مبينًا ومؤكدًا أهميته ونتيجته: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62]، فتدعو الله تعالى أن يصرفك عن العادة السرية، وأن يغفر لك، وأن يُسخِّرَ أهلك لمساعدتك في الزواج، وأن يرزقك زوجة صالحة.

رابعًا: ومع الدعاء عليك بالإكثار من الاستغفار، والإكثار من الاسترجاع، والتصدق ولو بالقليل جدًّا.

خامسًا: عليك بالصوم؛ فقد أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عن عبدالله بن مسعودٍ رضي الله عنه: ((قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءةَ فليتزوج، فإنه أغضُّ للبصر، وأحْصَنُ للفَرْجِ، ومن لم يستطع، فعليه بالصوم؛ فإنه له وِجاءٌ))؛ [متفق عليه].

سادسًا: لا بد أن تجاهد نفسك على ترك هذه العادة المحرمة؛ قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].

سابعًا: لعلك حاليًّا تراجع طبيبًا مختصًّا؛ لعله يصف لك دواءً سليمًا يخف من حدة شهوتك.

ثامنًا: أهلك لعلك تبذل معهم أسبابًا أخرى لإقناعهم بمساعدتك على الزواج؛ مثل: الطلب من قريب لكم عمِّ أو خال عاقل حكيم، أو إمام المسجد أن يقوم بإقناعهم، وليكن ذلك بعد الدعاء والاسترجاع والاستغفار.

تاسعًا: قدِّرْ وجهة نظر أهلك؛ فلعلهم يقصدون أنك غير قادر حاليًّا على المتطلبات المادية للزواج، ويخشَون عليك ديونًا لا تقدر على سدادها.

عاشرًا: والحظْ أمرًا مهمًّا جدًّا؛ وهو ألَّا تدفعَك حاجتك للاستعفاف للاستعجال في خِطبة أي فتاة تُذكر لك، وأن تتخير ذات الدين والخلق، وأن تستخير الله سبحانه؛ فإن بعض النساء مثل عظمٍ غُصِصْتَ به، وبعضهن بلسم وعطرٌ فوَّاح.

حفظك الله، وصرفك عن العادة السرية، ورزقك زوجة صالحة تستعِفُّ بها، وألان قلب أهلك لك.

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.