أعاني من ارتجافٍ في عضلات الوجه

بسم الله المُلْهِم للصَّواب

وهو المُستعان

أيَّتها العزيزة، تُعرَّف اللَّوازِم العصبيَّة "العرَّات" أو "التَّشنُّجات اللاإرادية" Tics اصطِلاحًا بأنها: انقباضاتٌ تشنُّجيَّة لا إراديَّة لعضلةٍ مُعيَّنة، أو مجموعةٍ من العضلات، تتمَركَزُ بخاصَّةٍ في عَضلات الوجه والجفنيْن والرَّقبة، وتحدُث بشكلٍ فُجائيٍّ ومُتكرِّر، تهدفُ إلى تفريغ الوجدان من شُحنات التوتُّر والانفِعال أثناء التعرُّض للحرَج.

أنواعها:

1- تشنُّجات لا إراديَّة حركيَّة Motor Tics، وتنقسم إلى قسميْن:

أ- تشنُّجات بسيطة: تشمل: الرَّأْرَأة "كثرة تحريك الرُّموش والجفنين"، وكثرة حركات الوجه.

ب- تشنُّجات مُركَّبة: تشمل: إمرار اليد على الرأس، وخفْض الرأس للنَّظَر إلى المرآة، وتقليد حركات النَّاس لا إراديًّا، وشم الأشياء بصورةٍ مُتكرِّرة.

2- تشنُّجات لا إراديَّة صوتيَّة Vocal Tics: تشمل: السُّعال، والنَّحْنحة، والتأوُّه بصوتٍ عالٍ.

ومن أكثر أشكال التَّشنُّجات اللاإراديَّة خُطورةً: تلك المصاحبةُ لِمُتلازمة توريت Tourette's syndrome؛ وهو اضطرابٌ عصبيٌّ يظهَرُ منذ سنوات الطُّفولة الأولى، ليس من غرَض هذه الاستشارة.

الأسباب:

1- الإرهاق والإجهاد.

2- القلق والضَّغط النَّفسي والتوتُّر.

3- عوامل جينيَّة.

4- نقص التغذية: نقص معدن الماغنيسيوم.

إذًا؛ فمشكلتكِ الرئيسة تَكمُن في هذه اللازِمة العَصبيَّة، أعني بها: "رجفان عضلات الوجه" حين حدَثت معكِ لأوَّل مرَّة أثناء حديثكِ مع صديقة والدتكِ؛ بسبب شُعوركِ بالقلق والتوتُّر يومئذٍ، ثم تسبب لكِ الخوف والحرَج من تكرار حُدوثها إلى القلق الاجتماعيِّ Social Anxiety والذي يُعرَف أحيانًا باسم الرُّهاب الاجتماعي Social Phobia، والمتمثِّل في تجنُّبكِ المواقف الاجتماعيَّة خشية الوُقوع في الحرَج أو الشُّعور بالإهانة، أو أنْ يُسِيء الآخَرون بكِ الظنَّ.

المواقف الاجتماعيَّة التي يتجنَّبها المصابون بالقلق الاجتماعيِّ:

• الاجتماع بمن لا عهدَ لهم بهم.

• الخَطابَة.

• الامتحان.

• الوقوف على خشبة المَسْرح.

• إجراء مُكالمةٍ هاتفيَّة.

• الأكل والشُّرب في الأماكن العامَّة.

• الحديث مع شخصيَّات مُهمَّة.

• دُخول الحمَّامات العامَّة.

• الذَّهاب إلى مَوْعد.

• إجراء اللِّقاءات.

• حُضور التجمُّعات الاجتماعيَّة والمُشاركة فيها (كأنْ يُطالبوا بإبداء آرائهم).

• الكتابة أمام الآخَرين (مثل تعبئة نموذج أو التوقيع على مُستند).

• الدُّخول في غرفة يجلس فيها آخَرون.

• المُقابلات الوظيفيَّة.

• دعوة الآخَرين للقيام ببعض المهام.

• طلب الطَّعام من المَطْعم.

علاج اللازمات العَصبيَّة اللاإراديَّة:

أولاً: مُضادَّات القلَق Anti-Anxiety Drugs.

ثانيًا: الاسترخاء : Relaxation ثمة تقنيات عديدة للاسترخاء، أذكُر من بينها:

1- التنفُّس الصَّحيح للاسترخاء Proper Breathing for Relaxation:

وتقومُ هذه التقنية على إخراج هواء النَّفَس من الجوْف، مع إرخاء عَضلات الصَّدر، يمكنكِ تعلُّم الطريقة عبر هذا المقطع المرئيِّ:

http://www.safeshare.tv/w/nSHMkgqnkp

2- الاسترخاء العَضلي التَّعاقُبي Progressive Muscle Relaxation: تقنية استرخائيَّة قام بتطويرها الطَّبيب النَّفسي إدموند جاكوبسون، وتقومُ فِكرتها على قبْض العَضلات ثم إرخائها بشكلٍ مُتَعاقِب لإحداث الاسترخاء، وستَجِدين عبر هذا الرَّابط طريقة مبسطة لشرْح هذه التقنية:

http://www.safeshare.tv/w/eWbVukwbos

علاج القلق الاجتماعي:

أولاً: تحدِّي الأفكار السَّلبيَّة: ثمة كتب مُعجِبة أُفرِدت لمحاربة الأفكار السلبيَّة، يمكنكِ مُطالَعتها والاستفادة منها؛ مثل:

أ- كتاب "التحكُّم في الذَّات"؛ تأليف: د. إبراهيم الفقي.

ب- كتاب "صُعود بلا حُدود.. رحلة في عالم التَّفكير الإيجابي"؛ تأليف: موسى بن راشد البهدل.

جـ- كتاب "قوة التَّفكير الإيجابي"؛ تأليف: نورمان فنسنت بيل.

ثانيًا: التحكُّم في التنفُّس:

مبدأ يتعلَّمه الغَوَّاصون في أعماق البحار، يقومُ على تدريب الغوَّاصين على التنُّفس ببُطْءٍ وعُمق؛ كيلا يستَنشِقوا الماء في حال حُدوث أخطاءٍ عارضة خِلال رحلة الغَوْصِ؛ كأنْ يتعطَّل مُنظِّم التَّنفُّس تحت الماء بشكلٍ فُجائي، أو تنفك قصبة التنفُّس السَّطحي "السنوركل" من أفواههم، ويُساعد هذا المبدأ على ضبط التنفُّس والنَّفْس في آنٍ.

ثالثًا: مُواجهة المخاوف:

أنصحكِ هاهنا بسماع:

أ- "كُن مطمئنًّا، البرنامج العمليُّ للتغلُّب على القلق"، ألبوم من 3 أشرطة + مذكِّرة عمليَّة، للدكتور صلاح صالح الرَّاشد.

ب- "كُن شجاعًا، البرنامج العملي لمواجهة المخاوف"، ألبوم من 3 أشرطة + مذكِّرة عمليَّة؛ للدكتور صلاح صالح الرَّاشد.

رابعًا: بناء العلاقات الاجتماعيَّة:

هذا لونٌ من الطَّعام الاجتماعيِّ كظَّت به الاستشارات والكتب، وكيلا نُسقم النَّاس بالتكرار فيه؛ فإنِّي أُحيلكِ إلى كتاب "الفوز مع الناس"؛ تأليف: جون سي ماكسويل، آمِلة ألا تحتاجي بعد مُطالعته إلى هاضوم فهو سهل وماتع.

خامسًا: تغيير أنماط الحياة:

• تجنُّب المُنبِّهات والمُنشِّطات التي ترفع درجة تنبيه القلق والتحفُّز مثل: الشَّاي، والقهوة، والشوكولاتة، ومشروبات الطَّاقة ونحو ذلك.

• الإقلاع عن التَّدخين.

• أخْذ قسطكِ الكافي من ساعات النَّوم والرَّاحة.

ماذا عن البروبانولول Propanolol؟!

بروبانولول هو العلاج الأوَّل من فئة الأدوية المعروفة باسم "حاصرات بيتا" Beta-Blockers تستهدفُ الأعراض الفسيولوجيَّة الناتجة عن الشُّعور بالقلق أو الرُّهاب، وتعمل على ضبط مستوياتها؛ مثل:

• انقباض العضلات.

• سُرعة دقَّات القلب.

• التعرُّق.

• ضيق التنفُّس.

• صُعوبة البلع.

• آلام في الصَّدر.

• آلام في البطن.

• التقيُّؤ.

• الدوخة والدُّوار.

بينما تُبقِي على الشُّعور بالقلق والخوف كما هو؛ لذلك لا تُصرَف هذه الفئة من الأدوية لعلاج القلق الاجتماعي، ولكن يُستفاد منها قُبَيْل وُلوج المواقف الاجتماعيَّة المُحدَّدة؛ مثل: الوقوف على خشبة المَسْرح أو حُضور المُقابلات الاجتماعيَّة، فإنْ كنتِ قد تَعاطيتِ الدَّواء، فلا تقطعيه من تِلقاء نفسكِ؛ لخطورة قطْع الدَّواء بشكلٍ فُجائيٍّ، ولكن راجعي طبيبكِ ليُساعدكِ على قطعه بتدريج، واستبداله بمضادٍّ للقلق، مع اتِّباع الإرشادات النَّفسيَّة التي ذكرتُها لكِ آنفًا، ولا تنسي فحصَ نسبة الماغنيسيوم في الدَّم؛ لاستبعاد النَّقص الغذائيِّ سببًا في حُدوث المُشكلة.

مُتِّعتِ بالعافية، ونُفِضت عنكِ المخاوف والأسقام، آمين.

والله - سبحانه وتعالى - أعلمُ بالصواب، وهو العليم الخبير.