• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن وقيامه به ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    بطلان موت الصحابي الجليل عبيدالله بن جحش رضي الله ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    نماذج من سير الأتقياء والعلماء والصالحين (10) أبو ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    استراتيجيات تحقيق الهدف الثاني لتدريس المفاهيم ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    قسوة القلب (2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    مساعدة أم غش؟
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    وصية النبي - صلى الله عليه وسلم- بطلاب العلم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الأمن.. والنعم.. والذكاء الاصطناعي
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    يا معاشر المسلمين، زوجوا أولادكم عند البلوغ: ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حديث: يا رسول الله، أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    الأحاديث الطوال (23) وصول النبي صلى الله عليه ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    ففروا إلى الله (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الذكاء الاصطناعي بين نعمة الشكر وخطر التزوير: ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    زمان الدجال.. ومقدمات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة الملائكة
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

قضاء الحاجات في شعبان (خطبة)

قضاء الحاجات في شعبان (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/4/2021 ميلادي - 23/8/1442 هجري

الزيارات: 11936

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قضاء الحاجات في شعبان

 

أَمَّا بَعدُ: فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسي بِتَقوَى اللهِ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفسٌ مَا قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، شَهرُ شَعبَانَ وَمَا أَدرَاكُم مَا هُوَ؟ شَهرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عَنهُ كَمَا وَرَدَ في الحَدِيثِ عَنهُ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، وَمِمَّا يُحَبِّبُ العَمَلَ إِلى اللهِ وَيُضَاعِفُ أَجرَهُ عِندَهُ، أَن يَكُونَ في وَقتِ غَفلَةِ النَّاسِ عَنهُ، ذَلِكُم أَنَّ الإِنسَانَ إِذَا كَانَ مَعَ النَّاسِ يَرَاهُم وَيَقتَدِي بِهِم، فَإِنَّ نَفسَهُ تَنشَطُ وَتَقوَى، فَإِذَا خَلا بِنَفسِهِ وَلم يَرَ أَحَدًا حَولَهُ، كَسِلَ وَضَعُفَ وَأَحَسَّ بِشَيءٍ مِنَ الغُربَةِ، وَثَقُلَ عَلَيهِ العَمَلُ، وَلم يَكُنْ لَدَيهِ دَافِعٌ يَدفَعُهُ إِلَيهِ، فَإِذَا خَالَفَ نَفسَهُ حِينَئِذٍ وَعَمِلَ تَحَرِّيًا لِمَا عِندَ اللهِ مِنَ الأَجرِ، وَطَلَبًا لِرِضَاهُ أَو خَوفًا مِن سَخَطِهِ، كَانَ ذَاكَ أَعظَمَ لأَجرِهِ؛ لأَنَّهُ وَالحَالُ تِلكَ يَكُونُ أَشَدَّ إِخلاصًا للهِ وَأَكثَرَ أُنسًا بِهِ عَمَّن سِوَاهُ، وَأَكثَرَ طَمَعًا في ثَوَابِ الآخِرَةِ وَزُهدًا في أَطمَاعِ الدُّنيَا.

 

وَلأَجلِ هَذَا المَعنى كَانَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ يُكثِرُ مِنَ الصِّيَامِ في شَعبَانَ، بَل كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ إِلاَّ قَلِيلاً، وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ شَهرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عَنهُ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مِنَ الأَعمَالِ الصَّالِحَةِ الجَلِيلَةِ الَّتي يَحسُنُ تَحَرِّيهَا في شَعبَانَ لأَنَّ النَّاسَ يَغفُلُونَ عَنهَا، إِخرَاجُ الزَّكَاةِ وَبَذلُ الصَّدَقَاتِ، وَالاهتِمَامُ بِقَضَاءِ الحَاجَاتِ وَتَفرِيجِ الكُرُبَاتِ، وَتَلَمُّسُ الفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ وَالتَّصَدُّقُ عَلَيهِم، وَتَفَقُّدُ المُحتَاجِينَ وَالمُعْوزِينَ وَالإِحسَانُ إِلَيهِم، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يُؤَجِّلُونَ زَكَوَاتِهِم إِلى رَمضَانَ طَلَبًا لِشَرَفِ الزَّمَانِ، وَقَد يَقتَصِرُونَ فِيمَا يُخرِجُونَ مِنَ الصَّدَقَاتِ عَلَى أَيَّامِهِ الشَّرِيفَةِ، فَيَبقَى المُحتَاجُونَ يَنتَظِرُونَ طَوِيلاً، وَرُبَّمَا مَضَى مِن رَمَضَانَ أَيَّامٌ وَهُم يَنتَظِرُونَ، بَل قَد يَمضِي ثُلُثَاهُ حَتى تَدخُلَ العَشرُ الأَوَاخِرُ وَلم يَحظَوا بِعَطَاءٍ، وَالحَقُّ أَنَّهُم كَغَيرِهِم لَهُم في أَنفُسِهِم حَاجَاتٌ وَعَلَيهِم لأَهلِيهِم وَاجِبَاتٌ، وَفي بُيُوتِهِم أُسَرٌ وَأَبنَاءٌ وَبَنَاتٌ، يَنظُرُونَ مَاذَا يُقَدِّمُ لَهُم آبَاؤُهُم في رَمَضَانَ وَفي العِيدِ، وَيُرِيدُونَ أَن يَعِيشُوا كَغَيرِهِم أَو قَرِيبًا مِنهُم، سَوَاءٌ في أَكلِهِم أَو شُربِهِم أَو فِيمَا يَلبَسُونَ، أَو في غَيرِ ذَلِكَ مِمَّا يَشتَرِكُ النَّاسُ في الحَاجَةِ إِلَيهِ، وَيَنتَابُ مَن حُرِمَهُ شُعُورٌ بِالنَّقصِ عَن غَيرِهِ، بَل وَرُبَّمَا حَمَلَ في نَفسِهِ عَلَى مَن وَسَّعَ اللهُ عَلَيهِم، إِذْ كَيفَ يَعِيشُ أَحَدُهُم هُوَ وَأُسرَتُهُ في نِعمَةٍ وَرَفَاهِيَةِ، ثُمَّ لا يُحِبَّ لإِخوَانِهِ مَا يُحِبُّهُ لِنَفسِهِ، وَلا يَعُودَ عَلَيهِم وَلَو بِقَلِيلٍ مِمَّا مَعَهُ؟!

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَمَعَ أَنَّ شَهرَ شَعبَانَ شَهرٌ يُغفَلُ عَنهُ، فَقَد أَصبَحنَا في زَمَنٍ كَثُرَت فِيهِ غَفلَةُ الأَغنِيَاءِ وَالقَادِرِينَ، إِذِ اعتَرَى أَعمَالَ الخَيرِ مَا اعتَرَاهَا مِن حَربٍ شَيطَانِيَّةٍ، تَوَلاَّهَا أُنَاسٌ غَيرُ مُوَفَّقِينَ وَلا مُبَارَكِينَ عَلَى أَنفُسِهِم وَلا عَلَى مُجتَمَعِهِم، يُزَهِّدُونَ النَّاسَ في عَمَلِ الخَيرِ بِعَوَائِقَ مُفتَعَلَةٍ وَصَوَارِفَ مُختَلَقَةٍ، إِمَّا بِتَقبِيحِ صُورَةِ مُؤَسَّسَاتِ البِرِّ، وَإِمَّا بِبَثِّ القِصَصِ المُلَفَّقَةِ عَنِ القَائِمِينَ عَلَيهَا، أَوِ اتِّهَامِهِم في أَمَانَاتِهِم وَتَخوِينِهِم، وَصَدَقَ اللهُ القَائِلُ: ﴿ الشَّيطانُ يَعِدُكُمُ الفَقرَ وَيَأمُرُكُم بِالفَحشَاءِ وَاللهُ يَعِدُكُم مَغفِرَةً مِنهُ وَفَضلاً وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 268].

 

وَانطِلاقًا مِن هَذَا أَيُّهَا المُسلِمُونَ، فَإِنَّنَا نَحسَبُ أَنَّ مِن أَعظَمِ النَّاسِ أَجرًا في هَذِهِ الأَيَّامِ، مَن خَالَفَ هَوَى نَفسِهِ، وَنَسَفَ تَسوِيلَ الشَّيطَانِ وَأَعوَانِهِ وَرَاءَ ظَهرِهِ، وَجَعَلَ مَا وَعَدَهُ اللهُ بِهِ أَمَامَ عَينَيهِ، وَمَدَّ بِالخَيرِ يَدَهُ، وَبَسَطَ بِالمَعرُوفِ كَفَّهُ، فَسَدَّ حَاجَةً وَنَفَّسَ كُربَةً، أَو يَسَّرَ عَلَى مُعسِرٍ وَفَرَّجَ عَن مَهمُومٍ.

 

هَنِيئًا وَاللهِ لِمَن بَسَطَ يَدَهُ في وَقتٍ بَخِلَ فِيهِ حَتى الكِرَامُ؛ لِيُبهِجَ قُلُوبًا طَالَت كَآبَتُهَا، وَيَسُرَّ نُفُوسًا عَظُمَ حُزنُهَا، وَيَبُلَّ كُبُودًا كَادَت تَيبَسُ مِنَ الفَقرِ، وَلا يَظُنَّنَّ غَنيٌّ قَادِرٌ أَنَّهُ غَيرُ مَعنِيٍّ بِالمُحتَاجِينَ وَلا مَسؤُولٍ عَنهُم، فَيَتَجَاهَلَهُم لِذَلِكَ وَلا يَهتَمَّ لِمَا هُم فِيهِ مِن حَالٍ، وَلْنَعلَمْ أَنَّ اللهَ تَعَالى قَادِرٌ عَلَى أَن يُغنِيَ الخَلقَ كُلَّهُمُ ابتِدَاءً، وَيُوَسِّعَ أَرزَاقَهُم وَيَجعَلَهُم سَوَاءً، غَيرَ أَنَّهُ تَعَالى قَد جَعَلَ مِن سُنَنِهِ المُفَاضَلَةَ بَينَهُم في الشَّرَفِ وَالجَاهِ، وَفي العِلمِ وَالعِبَادَةِ، وَفي الغِنى وَالسُّلطَانِ، وَسَخَّرَ بَذَلِكَ بَعضَهُم لِبَعضٍ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُم خَلائِفَ الأَرضِ وَرَفَعَ بَعضَكُم فَوقَ بَعضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبلُوَكُم في مَا آتَاكُم ﴾ [الأنعام: 165].

 

فَفي شَكوَى الفَقِيرِ ابتِلاءٌ لِلغَنيِّ، وَفي انكِسَارِ الضَّعِيفِ امتِحَانٌ لِلقَوِيِّ، وَفي حَاجَةِ المَلهُوفِ اختِبَارٌ لِذَوِي الجَاهِ وَالسُّلطَانِ؛ وَلِذَلِكَ جَاءَ الحَثُّ في الشَّرِيعَةِ عَلَى قَضَاءِ الحَاجَاتِ، وَعُظِّمَ أَمرُ تَفرِيجِ الكُرُبَاتِ، وَضُوعِفَ الأَجرُ عَلَى بَذلِ الشَّفَاعَاتِ. قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: « مَن نَفَّسَ عَن مُسلِمٍ كُربَةً مِن كُرَبِ الدُّنيَا نَفَّسَ اللهُ عَنهُ كُربَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن يَسَّرَ عَلَى مُعسِرٍ في الدُّنيَا يَسَّرَ اللهُ عَلَيهِ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ عَلَى مُسلِمٍ سَتَرَ اللهُ عَلَيهِ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، وَاللهُ في عَونِ العَبدِ مَا كَانَ العَبدُ في عَونِ أَخِيهِ »؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ.

 

وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: «صَنَائِعُ المَعرُوفِ تَقي مَصَارِعَ السُّوءِ وَالآفَاتِ وَالهَلَكاتِ، وَأَهلُ المَعرُوفِ في الدُّنيَا هُم أَهلُ المَعرُوفِ في الآخِرَةِ"؛ أَخرَجَهُ الحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في "صحيح الجامع".

 

وَفي الجُملَةِ أَيُّهَا المُسلِمُونَ فَإِنَّ السَّعيَ في حَاجَاتِ الخَلقِ وَالإِحسَانَ إِلَيهِم وَرَحمَتَهُم، مَجلَبَةٌ لِلنِّعَمِ، مَدفَعَةٌ لِلنِّقَمِ؛ قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾ [الرحمن: 60]، وَفي "الصَّحِيحَينِ" عَنهُ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ أَنَّهُ قَالَ: « إِنَّمَا يَرحَمُ اللهُ مِن عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ »، وَفِيهِمَا أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ الوَحيُ عَلَيهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَجَاءَ إِلى خَدِيجَةَ وَأَخبَرَهَا الخَبَرَ وَقَالَ: « لَقَد خَشِيتُ عَلَى نَفسِي »، قَالَت لَهُ: كَلاَّ وَاللهِ مَا يُخزِيكَ اللهُ أبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ" وَقَالَ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ: وَقَد دَلَّ العَقلُ وَالنَّقلُ وَالفِطرَةُ وَتَجَارِبُ الأُمَمِ عَلَى اختِلافِ أَجنَاسِهَا وَمِلَلِهَا وَنِحَلِهَا عَلَى أَنَّ التَّقَرُّبَ إِلى رَبِّ العَالَمِينَ، وَالبِرَّ وَالإِحسَانَ إِلى خَلقِهِ مِن أَعظَمِ الأَسبَابِ الجَالِبَةِ لِكُلِّ خَيرٍ، وَأَنَّ أَضدَادَهَا مِن أَكبَرِ الأَسبَابِ الجَالِبَةِ لِكُلِّ شَرٍّ؛ فَمَا استُجلِبَت نِعَمُ اللهِ وَلا استُدفِعَت نِقَمُهُ بِمِثلِ طَاعَتِهِ وَالإِحسَانِ إِلى خَلقِهِ.

 

أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ لَيسَ البِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُم قِبَلَ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ وَلَكِنَّ البِرَّ مَن آمَنَ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَالمَلائِكَةِ وَالكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتى المَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي القُربَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينَ وَابنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالمُوفُونَ بِعَهدِهِم إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ في البَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ البَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ ﴾ [البقر: 177].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقوا اللهَ تَعَالى وَأَطيعُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ قَضَاءَ حَوَائِجِ المُسلِمِينَ حَقٌّ مِن حُقُوقِ الأُخُوَّةِ وَوَاجِبٌ مِن وَاجِبَاتِهَا الَّتي بها تُحفَظُ، وَبِهِ تَدُومُ المَحَبَّةُ وَتَستَمِرُّ المَوَدَّةُ، وَهُوَ بَابٌ جَلِيلُ القَدرِ كَثِيرُ الأَجرِ، مِن أَعظَمِ أَبوَابِ البِرِّ الَّتي أُمِرَ المُسلِمُونَ بِالتَّعَاوُنِ عَلَيهَا، قَالَ تَعَالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 2].

 

وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: «مَثَلُ المُؤمِنِينَ في توَادِّهِم وَتَراحُمِهِم وتَعَاطُفِهِم مَثَلُ الجَسَدِ، إِذَا اشتَكَى مِنهُ عُضوٌ تَدَاعى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى»؛ رَوَاهُ البُخارِيُّ وَمُسلِمٌ.

 

إِنَّ أَهلَ المُرُوءَةِ وَالفَضلِ لا تَرضى لَهُم نُفُوسُهُم أَن يَرَوا مُضطَرًا إِلاَّ أَجابُوهُ، وَلا مُحتَاجًا إِلاَّ أَعَانُوهُ، وَلا مَلهُوفًا إِلاَّ أَغاثُوهُ، بَل إِنَّ مِنَ المَصَائِبِ عِندَهُم أَن يَنصَرِفَ النَّاسُ عَنهُم فَلا يَقصِدُوهُم لِقَضاءِ حَوائِجِهِم، لِعِلمِهِم أَنَّ مَن كَثُرَت نِعَمُ اللهِ عَلَيهِ كَثُرَت حَوَائِجُ النَّاسِ إِلَيهِ؛ فَإِنْ قَامَ بِمَا يَجِبُ للهِ فِيهَا عَرَّضَهَا لِلدَّوَامِ وَالبَقَاءِ، وَإِنْ لم يَقُم فِيهَا بِمَا يَجِبُ للهِ عَرَّضَهَا لِلزَّوَالِ، يَقُولُ حَكِيمُ بنُ حِزامٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: مَا أَصبَحتُ وَلَيسَ عَلَى بَابي صَاحِبُ حَاجَةٍ إِلاَّ عَلِمتُ أَنَّهَا مِنَ المَصَائِبِ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شهر شعبان
  • في آخِر شعبان واستقبال رمضان
  • ثلاثة أسباب لصيام شهر شعبان
  • كلمات يسيرة تتعلق بشهر شعبان
  • شعبان شهر يغفل عنه الناس
  • ليلة النصف من شعبان هي ليلة الاستقلال والتحرر
  • فضل الصيام في شهر شعبان
  • كرونولوجيا كبرى الأحداث في شهر شعبان
  • خطبة: شعبان وفقه قبول الأعمال
  • الحث على كثرة الدعاء في شعبان (تهيئة روحية لشهر رمضان المبارك)
  • خطبة: تهيئة النفوس في شعبان استعدادا لرمضان

مختارات من الشبكة

  • خطبة: أولادنا وإدمان الألعاب الإلكترونية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: احفظ الله يحفظك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القوامة بين عدالة الإسلام وزيف التغريب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وفاء النبي صلى الله عليه وسلم بالعهود (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لنصلح أنفسنا ولندع التلاوم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: {أفمن زين له سوء عمله...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عالم الفساد والعفن: السحر والكهانة والشعوذة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا تغرنكم الحياة الدنيا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية ممارسة الهوايات عند الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: العلاقات العاطفية وأثرها على الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 10/2/1447هـ - الساعة: 21:56
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب