• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    التوازن في حياة المسلم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن وقيامه به ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    بطلان موت الصحابي الجليل عبيدالله بن جحش رضي الله ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    نماذج من سير الأتقياء والعلماء والصالحين (10) أبو ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    استراتيجيات تحقيق الهدف الثاني لتدريس المفاهيم ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    قسوة القلب (2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    مساعدة أم غش؟
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    وصية النبي - صلى الله عليه وسلم- بطلاب العلم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الأمن.. والنعم.. والذكاء الاصطناعي
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    يا معاشر المسلمين، زوجوا أولادكم عند البلوغ: ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حديث: يا رسول الله، أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    الأحاديث الطوال (23) وصول النبي صلى الله عليه ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    ففروا إلى الله (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الذكاء الاصطناعي بين نعمة الشكر وخطر التزوير: ...
    د. صغير بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

وفي هبوب الرياح والغبار خير

أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/2/2018 ميلادي - 12/6/1439 هجري

الزيارات: 42443

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وَفِي هُبُوبِ الرِّياحِ والغُبارِ خَيْرٌ

 

الْحَمْدُ للَهِ الَّذِي خَلَقَ فَقَدَّرَ، وَمَلَكَ فَدَبَّرَ، سُبْحَانَه مَا أَعْظَمَ شَأْنَهُ وَسُلْطَانَهُ، وَمَا أَوْسَعَ حِلْمَهُ وَغُفْرَانَهُ، سَبَّحَتْ لَهُ السَّماواتُ وَأَمْلاكُهَا، وَالنُّجُومُ وأفَلاكُهَا، وَالْأَرَضُ وَسُكَّانُهَا، وَالرِّياحُ وذَرَّاتُهَا.

 

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلاَّ اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ محمداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وبَارَكَ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وأَتبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ..

 

أَمَّا بَعْدُ:

عِبَادَ اللهِ.. أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى، تَدَرَّعُوا بِهَا فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ، وَاعْمُرُوا أَوْقَاتَكُمْ بِهَا فِي الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ، فَبِالتَّقْوَى تُدْفَعُ الْبَلايَا، وَتَهُونُ الرَّزَايَا ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2].

 

فِي حَادِثَةٍ عَجِيبَةٍ، يَرْوِيهَا الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، أنَّهُ لَمَّا كَانتْ غَزْوَةُ تَبُوكٍ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: "أَمَا إِنَّهَا سَتَهُبُّ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَلاَ يَقُومَنَّ أَحَدٌ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ بَعِيرٌ فَلْيَعْقِلْهُ" قالَ الرَّاوِي: (فَعَقَلْنَاهَا، وَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَقَامَ رَجُلٌ، فَأَلْقَتْهُ بِجَبَلِ طَيِّءٍ) أيْ: أَلْقَتْهُ مَسافَةً بَعيدَةً.

 

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ:

لَقَدْ تَعَرَّضَتْ بِلادُنَا فِي الْأَيَّامِ الْمَاضِيَةِ. إِلَى رِياحٍ مَصْحُوبَةٍ بِغُبَارٍ كَثِيفٍ. تَضَرَّرَ مِنْهَا النَّاسُ فِي أَجْسَامِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَاغْبَرَّتِ الأَرْضُ بِأَتْرِبَةٍ كَثِيفَةٍ، وَهَجَمَ الْغُبَارُ عَلَى النَّاسِ حَتَّى وَهُمْ مُخْتَفُونَ فِي بُيُوتِهِمْ وَسَيَّارَاتِهِمْ، وَقَدْ أَحْكَمُوا إِغلاقَ الْأَبْوَابِ وَالنَّوَافِذِ، وَانْعَدَمَتِ الرُّؤْيَةُ تَقْريبًا. فَتَعَطَّلَتْ حَرَكَةُ السَّيْرِ، وَاسْتُنْفِرْتِ الْجِهَاتُ الأَمْنِيَّةٌ، وَارْتَفَعَتْ نِسْبَةُ الْحَوَادِثِ عَلَى الطُّرُقِ، وتَعَطَّلَتِ الرَّحَلاتُ الْجَوِّيَّةُ، وَامْتَلأتِ الْمُسْتَشْفَيَاتُ بِالْمُصَابِينَ بِأَمْرَاضِ التَّنَفُّسِ وَالرَّبْوِ، وَعُلِّقَتِ الدِّرَاسَةُ فِي الْمَدَارِسِ وَالْجَامِعَاتِ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

الرِّياحُ مِنْ أَعْظَمِ آيَاتِ اللَّهِ الدَالَّةِ عَلَى عَظَمَتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَفِيهَا مِنَ الْعِبَرِ: هُبُوبُهَا، وَسُكُونُهَا، وَلِينُهَا، وَشِدَّتُهَا، وَاخْتِلاَفُ طَبَائِعِهَا وصِفَاتِهَا، وَتَصْرِيفُهَا، وَتَنَوُّعُ مَنَافِعِهَا، وَشِدَّةُ الْحاجَةِ إِلَيهَا. وَقَدْ أَقْسَمَ اللَّهُ سُبْحَانَه بِهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ﴾ يَعنِي: الرِّيَاحَ الَّتِي تَذْرُو التُّرَابَ ذَرْوًا. فَيُرْسِلُ الرِّيحَ سُبْحَانَه وَتَعَالَى لِيُظْهِرَ عَجْزَ الإِنْسانِ وَضَعْفَهُ وَحَاجَتَهُ وَفَقْرَهُ، فَمَهْمَا وَضَعَ مِنَ الْوَسَائِلِ وَتَحَصَّنَ بالأَسبَابِ، وَدَافَعَ وَكَافَحَ؛ يَبْقَى الْمَرْءُ ضَعِيفًا عَاجِزًا فَقِيرًا أَمَامَ قُدْرَةِ اللَّهِ وَتَدْبِيرِهِ.

 

الرِّيحُ -عِبَادَ اللَّهِ- أُعْجوبَةٌ مِنَ الْأَعاجِيبِ، يَحْتَاجُ الْبَشَرُ إِلَيهَا. وَلَكِنَّهُمْ يَخَافُونَ مِنْهَا، وَلَوْ عَمِلُوا مَا عَمِلُوا مِنْ وَسَائِلِهِمْ وَمُخْتَرَعَاتِهِمْ، ما حَرَّكُوهَا وَهِي سَاكِنَةٌ. وَإِذَا تَحَرَّكَتْ فَلا طَاقَةَ لَهُمْ بإِيقَافِهَا أَوْ تَخْفِيفِهَا، أَوْ تَحْوِيلِ مَسَارِهَا. وَغَايَةُ مَا يَفْعَلُونَ: الْهَرَبَ مِنْهَا، وَالْاِحْتِمَاءَ بِالْمَلاَجِئِ عَنْهَا، أَوْ إِجْلاَءَ السُّكَّانِ عَن طَرِيقِهَا.

 

لَقَدْ أَصَابَتِ الرِّياحُ دُوَلاً عُظْمَى، فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ قُوَّتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ.

نَعَمْ.. نَجَحَ الْبَشَرُ فِي رَصْدِ هَذِهِ الرِّياحِ وَكَشْفِ وِجْهَتِهَا وَسُرْعَتِهَا، لَكِنَّهَا مَعَ قُوَّتِهَا الْعَسْكَرِيَّةِ وَأَجْهِزَتِهَا الْعِلْمِيَّةِ، وتَرْسَانَتِهَا الْحَرْبِيَّةِ، عَجَزَتْ عَنْ مُوَاجَهَةِ هَذَا الْجُنْدِيِّ الإلَهِيِّ أَوْ تَغْيِيرِ وِجْهَتِهِ وَتَقْليلِ خَسَائِرِهِ، وَصَدَقَ اللَّهُ -وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً-: ﴿ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ﴾ [الرعد: 11].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

إِنَّ هَذِهِ الْعَوَاصِفَ التُّرابِيَّةَ، وَالرِّياحَ الْمُتَوَالِيَةَ، لَتُعْطِي الْمُؤْمِنَ الْحَصِيفَ، الْخَوْفَ وَالتَّوْبَةَ، وَالرُّجُوعَ وَالأَوْبَةَ، تُعْطِي دَرْسًا فِي أَنَّ ثَمَّةَ خَطَأٌ وَتَقْصيرٌ مِنَ الْعِبَادِ، لاَ بُدَّ مِنْ تَدَارُكِهِ، ولا بُدَّ مِنَ الْعَودَةِ إِلَى اللهِ تعالى، لَكِنْ عِنْدَ الْبَعْضِ -وَنَحْنُ نَرَاهَا بِأُمِّ أَعَيُنِنَا- لَا تَغْيِيرَ فِي حَالِهِ، وَكَأَنَّ الأَمْرَ لا يَعْنِيهِ، وَلِهَذَا انْظُرْ إِلَى وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الاِجْتِمَاعِيِّ، تَجِدُ أَنَّهَا لَا تَخْلُو مِنَ التَّنَدُّرِ أَوِ التَّذَمُّرِ، وَقَلِيلٌ مَنْ يَذْكُرُ وَيَدْعُو للاِسْتِغْفارِ وَالتَّوْبَةِ، وَأَخَذِ الدَّرْسِ وَالْعِبْرَةِ.

 

لَقَدْ أَخْبَرَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنَّ كُلَّ نَقْصٍ يُصِيبُ النَّاسَ فِي عُلُومِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ، وَقُلُوبِهِمْ وَأَبدَانِهِمْ وَأَحْوالِهِمْ وَأَشْيَائِهِمْ وَمُمْتَلَكَاتِهِمْ، إنَّمَا يكونُ بسَببِ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي فَقَط، لَيْسَ ثَمَّةَ شَيٌّ آخَرُ، وَهَذَا أَمْرٌ لَا مَفَرَّ مِنَ الإيمَانِ بِهِ.

 

أَيُّهَا الإِخْوَةُ:

يَقُولُ جَلَّ وَعَلا: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30]، وَيَقُولُ سُبْحَانَه: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41] فالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ هُوَ الاِقْتِداءُ بِخَيْرِ الْبَشَرِ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ بِالْخَوْفِ وَالْوَجَلِ عِنْدَ حُلُولِ هَذِهِ الظَّواهِرِ الْكَوْنِيَّةِ، كَالْأعَاصِيرِ وَالرِّياحِ التُّرابِيَّةِ وَغَيْرِهَا، فَنَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ جَرَّ رِدَاءَهُ، وَقَامَ فَزِعًا عِنْدَمًا كَسَفَتِ الشَّمْسُ وَهَرَعَ إِلَى الصَّلاَةِ، وَالتَّضَرُّعِ للهِ وَدُعَائِهِ، وَكَانَ إِذَا رَأَى الرِّيحَ أَوِ الْغَيْمَ أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ عَذَاباً؛ فعَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الرِّيحِ وَالْغَيْمِ، عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فَإِذَا مَطَرَتْ سُرَّ بِهِ، وَذَهَبَ عَنْهُ ذَلِكَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: «إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عَذَابًا سُلِّطَ عَلَى أُمَّتِي». وعَنهَا أيضًا قَالتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ، قَالَ: «اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ»، رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.

 

نَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَجْعَلَنِي وَإِيَّاكُمْ مِنَ الَّذِينَ إِذَا وُعِظُوا اتَّعَظُوا، وَإِذَا أَذْنَبُوا اسْتَغْفَرُوا، وَإِذَا ابْتُلُوا صَبَرُوا، إِنَّه سَمِيعٌ مجُيِبٌ. بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ للهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ، الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ، مُقَدِّرِ الْأَقْدَارِ، مُصَرِّفِ الْأُمُورِ، مُكَوِّرِ الليلَ عَلَى النَّهارِ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الأَخْيَارِ..

 

أَمَّا بَعْدُ:

هَذَا الْغُبَارُ وَالرِّياحُ مَهْمَا بَلَغَتْ شِدَّتُهَا، وَمَهْمَا تَضَايَقَ النَّاسُ مِنْهَا، إلاَّ أَنَّهَا تَحْمِلُ الْخَيْرَ مِنْ حَيْثُ نَدْرَي أَوْ لاَ نَدْرِي؛ فَالرِّياحُ هِي سَبَبُ الْغَيْثِ الْمُبَارَكِ بِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى، وَهِيَ الْبُشْرَى بَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا قَالَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ: ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ﴾ [الفرقان: 48]..

 

فهِيَ تُبْرِدُ الْمَاءَ، وَتُضْرِمُ النَّارَ الَّتِي يُرَادُ إِضْرَامُهَا، وَتُجَفِّفُ الْأَشْيَاءَ الَّتِي يُحْتَاجُ إِلَى جَفَافِهَا، وَالرِّياحُ لَهَا قُدْرَةٌ عَجِيبَةٌ فِي تَلْقيحِ الْأَشْجَارِ وَانْتِقَالِ حُبوبِ اللِّقَاحِ مِنْ شَجَرَةٍ إِلَى أُخْرَى، وَتَنْقِلُ الْبُذُورَ مِنْ أَرْضٍ إِلَى أرْضٍ حَتَّى إِذَا سُقِيَتِ اكْتَسَتْ خُضْرَةً وَرَبِيعًا، وَمَهْمَا عَمِلَ الْبَشَرُ بِكُلِّ إِمْكَانَاتِهِمْ فَهُمْ أَعْجَزُ مِنْ أَنْ يَزْرَعُوا صَحَارِيَ تَمْتَدُّ مَدَّ النَّاظِرِينَ بِساطًا أَخْضَرَ بِأَنْوَاعِ النَّبَاتِ الطَّيِّبِ فِي مَشَارِقِ الْأرْضِ وَمَغَارِبِهَا، وَهِي كَذَلِكَ تُسَمِّدُ الأرْضَ وَتُعِيدُ صَلاَحِيَّتَهَا لِلزِّراعَةِ وَالإِنْباتِ، وَتَقْتُلُ حَشَرَاتٍ لَا يَعْلَمُ كَثْرَتَهَا إلاَّ اللهُ تَعَالَى لَوْ بَقِيَتْ لأَضَرَّتْ بِالنَّاسِ وَمُمْتَلَكَاتِهم وَزُرُوعِهِمْ، فَسُبْحَانَ مَنْ بِيَدِهِ التَّدْبِيرُ وَلَهُ الْحِكْمَةُ الْبالِغَةُ.

 

عِبَادَ اللهِ:

ويَنبغِي أَخْذُ الْحيطَةِ وَالْحَذَرِ أَثْناءَ هُبُوبِ الرِّيحِ وَالأَعَاصِيرِ فَلاَ تُلْقِ بِنَفْسِكَ وَمَنْ مَعَكَ إِلَى التَّهْلُكَةِ بِمُطَارَدَتِهَا وَالدُّخُولِ فِيهَا بِقَصْدِ التَّصْوِيرِ وَالْمُغَامَرَةِ، وَبَثِّ ذَلِكَ فِي بَرامِجِ التَّوَاصُلِ لِقَصْدِ الشُّهْرَةِ أو إدْخَالِ الْمُتْعَةِ للآخَرينَ. كَمَا يَنبغِي الأخْذُ بِأَسْبَابِ الْوِقَايَةِ الْحِسِّيَّةِ، الَّتِي تَقِي الْإِنْسانَ مِنْ أَضْرَارِ الرِّيحِ لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَتْ مُحَمَّلَةً بِالأَتْرِبَةِ وَالْغُبَارِ، وَذَلِكَ بِأَنْ نَلْزَمَ الْمَنَازِلَ أَثْناءَ الْغُبَارِ، وَلَا نَخْرُجَ إلاَّ لِضَرُورَةٍ، كَمَا يُوصِي الأَطِبَّاءُ بِلُبْسِ الكمَامَاتِ وَالأَقْنِعَةِ الْوَاقِيَةِ الَّتِي تَحْمِي الْجِسْمَ مِنَ الْغُبَارِ الضَّارِّ، لَا سِيَّمَا مَنْ يُعَانِي مِنْ أَمْرَاضِ الرَّبْوِ أَوْ حَسَاسِيَةِ الصَّدْرِ أَوِ الْعَيْنِ. وَمُرَاجَعَةِ أَقْرَبِ مَرْكَزٍ صِحَِّيٍ أَوِ الطَّوَارِئِ فِي الحَالاتِ الطَّارِئَةِ، وَالتَّأَكُّدِ مِنْ إغلاقِ النَّوافِذِ وَالأَبْوَابِ فِي الْمَنَازِلِ وَتَنْظِيفِهَا مِنْ آثَارِ الْغُبَارِ بَعْدَ الْعَوَاصِفِ الرَّمْلِيَّةِ.

 

وَكَذَلِكَ الْبُعْدُ عَنْ قِيَادَةِ السَّيَّارَةِ حِينَمَا تَتَعَذَّرُ الرُّؤْيَةُ، وَإِذَا كُنْتَ مُحْتَاجًا فَلاَ بُدَّ مِنْ أَخْذِ الْحيطَةِ وَالْحَذَرِ، وَذَلِكَ بِأَنْ تَمْشِي بِسُرْعَةٍ مُنْخَفِضَةٍ معَ إِضَاءَةِ مَصَابِيحِ السَّيَّارَةِ وَإغْلاقِ جَمِيعِ نَوافِذِهَا بِإحْكَامٍ، وَتَجَنُّبِ الْوُقُوفِ بِالْقُرْبِ مِنَ اللَّوْحَاتِ الإِعلانِيَّةِ وَأَعْمِدَةِ الإِنارَةِ، والأَسْوارِ الْخَشَبِيَّةِ وَالْحَديدِيَّةِ؛ لأَنَّهَا قَدْ تَتَعَرَّضُ لِلسُّقُوطِ بِسَبَبِ شِدَّةِ الرِّيحِ (لَا قَدَّرَ اللهُ ذَلِكَ).

 

نَسْأَلُ اللهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَجْعَلَنَا آمِنِينَ مُطْمَئِنِّينَ، وَأَنْ يَدْفَعَ عَنَّا الزَّلازِلَ، وَالْمِحَنَ، وَالْبَلايَا، وَأَنْ يَجْعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ بَاتَ فِي سِرْبِهِ آمِناً، وَمِمَّنْ حَفِظَهُ اللَّهُ بِالْإِسْلامِ قَائِمًا وَقَاعِدًا..

صلوا عباد الله وسلموا





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الرياح آية من آيات الله
  • الرياح
  • خطبة عن الرياح

مختارات من الشبكة

  • كثرة الرياح والغبار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من الهدي النبوي عند هبوب الريح والغبار(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • الرياح والريح في القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجري الفلك بأمره)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الرياح آية من آيات الله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الرياح (خطبة) (باللغة الهندية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الرياح (باللغة الأردية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الرياح والتراب(مقالة - موقع د. حسني حمدان الدسوقي حمامة)
  • الرياح في المرسلات والنازعات(مقالة - موقع د. حسني حمدان الدسوقي حمامة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 10/2/1447هـ - الساعة: 21:56
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب