• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الحسود لا يسود (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    عناية الصحابة رضي الله عنهم بحفظ القرآن وتدوينه ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    القسط الهندي (Pryone) في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    أوقات النهي عن الصلاة (درس 2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    الثبات على الدين: أهميته، وأسبابه، وموانعه في ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب صيانة كلام الرحمن عن مطاعن أهل الزيغ ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    من مشاهد القيامة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    العلاقات الدولية ومناهجنا التعليمية
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    قراءات اقتصادية (65) رأس المال في القرن الحادي ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    التعامل مع شهوة المريض للطعام والشراب
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    وفد النصارى.. وصدق المحبة..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة (النسك وواجباته)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    سطور منسية.. من يكتب تاريخ الأسر وكيف يخلد؟ ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الاستشراق ووسائل صناعة الكراهية: صهينة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الرؤى والأحلام (1) أنواع الناس في الرؤى
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

اتقوا الظلم (خطبة)

اتقوا الظلم (خطبة)
أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/3/2017 ميلادي - 7/6/1438 هجري

الزيارات: 531392

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اتقوا الظلم

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، لَا عِزَّ إلّا فِي طَاعَتِهِ، وَلَا سَعَادَةَ إلّا فِي رِضَاهُ، وَلَا نَعِيمَ إلّا فِي ذِكْرِهِ، الَّذِي إِذَا أُطِيعَ شَكرَ، وَإِذَا عُصِيَ تَابَ وَغَفَرَ، وَالَّذِي إِذَا دُعِيَ أَجَابَ، وَإِذَا اسْتُعِيذَ بِهِ أَعَاذَ.

 

وَأَشْهَدُ أَنَّ محمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَا كَثِيرًا. أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّهَا خَيْرُ الْوَصِيَّةِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَفِي كُلِّ حالٍ: "اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ"، لَيْسَ هُنَاكَ شَيْءٌ أَفْضَلُ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِهَا. إِنَّ تَقْوَى اللَّهِ تُورِثُ الْمَرْءَ فِي الدُّنْيَا انْشِرَاحًا وَانْبِسَاطًا، وَفِي الْآخِرَةِ فَوْزًا وَفَلاَحًا ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3].

 

يَقُولُ جَابِرُ بنُ عبدِ اللهِ، لَمَّا رَجَعَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُهَاجِرَةُ الْبَحْرِ، قَالَ: "أَلَا تُحَدِّثُونِي بِأَعَاجِيبِ مَا رَأَيْتُمْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ؟" قَالَ فِتْيَةٌ مِنْهُمْ: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَرَّتْ بِنَا عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِ رَهَابِينِهِمْ، تَحْمِلُ عَلَى رَأْسِهَا قُلَّةً مِنْ مَاءٍ، فَمَرَّتْ بِفَتًى مِنْهُمْ، فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْهَا، ثُمَّ دَفَعَهَا فَخَرَّتْ عَلَى رُكْبَتَيْهَا، فَانْكَسَرَتْ قُلَّتُهَا، فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: سَوْفَ تَعْلَمُ يَا غُدَرُ إِذَا وَضَعَ اللَّهُ الْكُرْسِيَّ، وَجَمَعَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَتَكَلَّمَتِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلُ، بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، فَسَوْفَ تَعْلَمُ كَيْفَ أَمْرِي وَأَمْرُكَ عِنْدَهُ غَدًا، قَالَ: يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَتْ، صَدَقَتْ كَيْفَ يُقَدِّسُ اللَّهُ أُمَّةً لَا يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ؟» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَةَ.

 

عِبَادَ اللَّهِ... حَدِيثُنَا الْيَوْمَ عَنْ ذَنْبٍ عَظِيمٍ وَجُرْمٍ خَطِيرٍ حَدِيثُنَا عَنْ خُلُقٍ سَيْءٍ وَوَصْفٍ لَئِيمٍ وَذَنْبٍ جَسِيمٍ، يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ، وَيَجْلِبُ الْوَيْلَاتِ، وَيُورِثُ الْعَدَاوَاتِ وَالْمُشَاحَنَاتِ، وَيُسَبِّبُ الْقَطِيعَةَ وَالْعُقُوقَ، وَيُحِيلُ حَيَاةَ النَّاسِ إِلَى جَحِيمٍ وَشَقَاءٍ، وَكَدَرٍ وَبَلاءٍ، إِنَّهُ - يَا عِبَادَ اللَّهِ- الظُّلْمُ.. نَعَمْ الظُّلْمُ... وَهُوَ مُجَاوَزَةُ الْحُدودِ الَّتِي شَرَعَهَا اللهُ عَزَّ وَجَّلَ، الظُّلْمُ هُوَ التَّعَدِّي وَالتَّطَاوُلُ عَلَى شَرَائِعِ اللهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى حُقُوقِ الآخَرِينَ.

 

وَالظُّلْمُ مِنَ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ، وَالْكَبَائِرِ الْجِسَامِ، يُحِيطُ بِصَاحِبِهِ وَيُدَمِّرُهُ، وَيُفْسِدُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَيُغَيِّرُ عَلَيْهِ أَحْوَالَهُ، فَتَزُولُ بِهِ النِّعَمُ، وَتَنْزِلُ بِهِ النِّقَمُ، وَيُدْرِكُهُ شُؤْمُهُ وعُقُوبَاتُهُ فِي الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ.

 

وَلأَجْلِ كَثْرَةِ مَضَارِّ الظُّلْمِ وَعَظِيمِ خَطَرِهِ، وَتَنَوُّعِ مَفَاسِدِهِ وَكَثِيرِ شَرِّهِ؛ حَرَّمَهُ اللهُ بَيْنَ عِبَادِهِ، كَمَا حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَقَالَ تَعَالَى فِي الْحَديثِ الْقُدْسِيِّ: "يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا" رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَمَا ذَلِكَ إلّا لِعَواقبِهِ الْوَخِيمَةِ عَلَى الْأُمَمِ، وَآثَارِهِ الْمُدَمِّرَةِ عَلَى الْمُجْتَمَعَاتِ، وَمَا ظَهَرَ الظُّلْمُ بَيْنَ قَوْمٍ إلّا كَانَ سَبَبًا فِي هَلاكِهِمْ، وَتَعْجِيلِ الْعُقُوبَةِ عَلَيهِمْ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [هود: 102].

 

وَالظَّالِمُ لَا يُحِبُّهُ اللَّهُ، وَلَا يَهْدِيهِ، وَلَا يَغْفِرُ لَهُ -إلّا إِذَا شَاءَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بَلْ إِنَّهُ مَحْرُومٌ مِنَ الْفَلاَحِ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ. تَأَمَّلْ مَعِي فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [آل عمران: 57] وَقَوْلُهُ: ﴿ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 258] وَقَوْلُهُ جَلَّ اسْمُهُ: ﴿ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الأنعام: 21] وَقَوْلُهُ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ﴾ [النساء: 168، 169].

 

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ... لَا يَظُنَّنَّ أحَدٌ أَنَّ ظُلْمَهُ لِلْعِبَادِ بِضَرْبٍ، أَوْ سَبٍّ أَوْ شَتْمٍ، أَوْ تَزْوِيرٍ، أَوْ أَكْلِ مَالٍ بِالْبَاطِلِ، أَوْ هَتْكِ عِرْضٍ، أَوْ سَفْكِ دَمٍ، أَوْ غَيْبَةٍ أَوْ نَمِيمَةٍ، أَوْ اسْتِهْزاءٍ أَوْ سُخْرِيَةٍ، أَوْ جَرْحِ كَرَامَةٍ؛ أَوْ مُمَاطَلَةٍ فِي الدُّيُونِ - لَا يَظُنَّنَّ أحَدٌ- أَنَّ شيئاً مِنْ ذَلِكَ الظُّلْمِ سَيَضِيعُ وَيَذْهَبُ دُونَ حِسَابٍ وَلَا عِقَابٍ.

 

كَلَّا، كلَّا وَاللهِ... بَلْ لابُدَّ لِلظَّالِمِ وَالْمَظْلُومِ مِنَ الْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عِزَّ وَجَلَّ فِي مَحْكَمَةِ الْعَدْلِ الْإلَهِيَّةِ، لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِالْعَدْلِ. ذَلِكَ الْيَوْم الَّذِي لَا ظُلْمَ فِيهِ وَلَا وَاسِطَةَ وَلَا جَاهَ وَلَا رَشْوَةَ وَلَا شَهَادَةَ زُورٍ. ﴿ اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ [الحج: 69] رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ، مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ".

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ... إِنَّ الظُّلْمَ مُحَرَّمٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَلِكُلِّ إِنْسانٍ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: "وَلِهَذَا كَانَ الْعَدْلُ أَمْرًا وَاجِبًا فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَعَلَى كُلِّ أَحَدٍ، وَالظُّلْمُ مُحَرَّمًا فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَلِكُلِّ أَحَدٍ. فَلَا يَحِلُّ ظُلْمُ أَحَدٍ أَصْلًا. سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، أَوْ كَانَ ظَالِمًا قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 8] انتهى كلامه رحمه الله.

 

أَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُجَنِّبَنَا الظُّلْمَ، وَأَنْ يَكْفِيَنَا شَرَّ الظَّالِمِينَ إِنَّهُ خَيْرُ مَسْؤُولٍ... بَارَكَ اللهُ لِي ولكم...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلَا عُدْوَانَ إلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّ الرَّحْمَةِ إمَامِ الْمُتَّقِينَ، وَحُجَّةِ اللَّهِ عَلَى النَّاسِ أَجْمَعِينَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ... أَمَّا بَعْدُ:

إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تَوَعَّدَ الظَّالِمِينَ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ فِي الدَّارَيْنِ، وَهَذَا هُوَ عَزَاءُ الْمَظْلُومِينَ، فَمِنْ آثَارِ الظُّلْمِ، أَنَّ الظَّالِمَ لَا يَهْنَأُ بِحَيَاةٍ، فَهُوَ دَائِمُ الشُّعُورِ بِالْخَوْفِ وَالْقَلَقِ، وَالْخَوفِ مِنِ انْتِقَامِ الْمَظْلُومِينَ، وَمِنْ دَعَوَاتِهِمُ الَّتِي لَا تُرَدُّ.

 

وَمِنْهَا: الْمَصَائِبُ وَالْبَلايَا الَّتِي تُصِيبُهُ مِنْ دُعَاءِ الْمَظْلُومِينَ وَابْتِهَالِهِمْ إِلَى اللهِ، فَكَمْ نَغَّصَتْ عَلَى الظَّالِمِينَ حَيَاتَهُمْ! وَكَمْ جَرَّتْ عَلَيْهِمُ الْأَوْجَاعَ وَالْأسْقَامَ، وَذَهَابَ الْأَوْلاَدِ وَالْأَمْوَالِ، وَالْقَتْلَ وَالتَّعْذِيبَ وَغَيْرَ ذَلِكَ.

 

أَمَّا فِي الْآخِرَةِ: فَأَوَّلُ مَا يَنْزِلُ بِالظَّالِمِ اللَّعْنَةُ، وَهُوَ الطَّرْدُ وَالْإبْعَادُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى، يَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴾ [غافر: 52] ثُمَّ إِنَّ هَذَا الظَّالِمَ لَنْ يَكُونَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَصِيرٌ وَلَا شَفِيعٌ وَلَا حَمِيمٌ. فَيُحْرَمُ الظَّلَمَةُ مِنْ شَفَاعَةِ إمَامِ الْمُرْسَلِينَ، وَشَفَاعَةِ مَنْ يَأْذَنِ اللهُ له فِي الشَّفَاعَةِ مِنْ عِبَادِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾ [غافر: 18] وَيَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [البقرة: 270] وَمِمَّا يُصِيبُ الظَّالِمِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أيضًا الْحَسْرَةُ وَالنَّدَمُ، فَكُلُّ ظالِمٍ سَيَنْدَمُ هُنَاكَ، وَلاتَ سَاعَةَ مَنْدَمٍ؛ ﴿ وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [يونس: 54].

 

تَأَمَّلُوا -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- فِي ذَلِكَ الظَّالِمِ، عِنْدَمَا يُحِيطُ بِهِ خُصَمَاؤُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كُلٌّ يُرِيدُ أَخْذَ حَقِّهِ مِنْهُ؛ فَهَذَا يُمْسِكُ يَدَهُ، وَهَذَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، وهَذَا يَقُولُ: ظَلَمَنِي فَغَشَّنِي، وَذَاكَ يَقُولُ: ظَلَمَنِي فَخَدَعَنِي، وَثَالِثٌ يَقُولُ: ظَلَمَنِي فَأَكَلَ مَالِي، وَرَابِعٌ يَقُولُ: ظَلَمَنِي فَاغْتَابَنِي، وآخَرٌ يَقُولُ: كَذَبَ عَلَيَّ، وَهَذِهِ زَوْجَةٌ تَقُولُ: ظَلَمَنِي فِي النَّفَقَةِ وَلَمْ يُحْسِنْ عِشْرَتِي، أَوْ تَقُولُ: لَمْ يَعْدِلْ بَيْنِي وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ الْأُخْرَى. وَهَذَا الزَّوْجُ يَقُولُ: عَصَتْنِي زَوْجَتِي وَنَشَزَتْ عَلَيَّ... وَهَكَذَا.

 

فبينما هو كذلك وقد انشب الخصماء فيه مخالبهم وأحكموا في تلابيبه أيديهم وهو مبهوت متحير من كثرتهم، حتى لم يبق أحد عامله على درهم أو جالسته في مجلس إلا وقد استحق عليه مظلمة. إذ قرع سمعه نداء الجبار جل جلاله ﴿ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ﴾ [غافر: 17] فعند ذلك ينخلع قلبه من الهيبة وتوقن نفسه بالبوار، ويتذكر عندئذ ما أنذره الله تعالى على لسان رسول حيث قال: "وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَا لَهَا مِنْ مُصِيبَةٍ وَمَا أَشَدَّهَا مِنْ حَسْرَةٍ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إِذَا جَاءَ الرَّبُّ جَلَّ وَعَلَا لِلْفَصْلِ بَيْنَ عِبَادِهِ بِحُكْمِهِ الْعَدْلِ، وَرَأَى الظَّالِمُ وَعَلِمَ أَنَّهُ مُفْلِسٌ فَقِيرٌ عَاجِزٌ مَهِينٌ، لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَرُدَّ حَقًّا أَوْ يُظْهِرَ عُذْرًا. وَبَعْدَ هَذَا الْمِشْوَارِ، وَبَعْدَ كُلِّ هَذَا سَيَمْكُثُ الظَّلَمَةُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، ما شاء الله، وَتَكُونُ هِي نِهَايَتُهُمْ فَبِئْسَتِ النِّهَايَةُ، وَسَاءَتِ الْخَاتِمَةُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ ﴾ [سبأ: 42] فَعَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ جَهَنَّمُ، لَا يَمُوتُونَ فِيهَا وَلَا يَحْيَوْنَ.

 

عِبَادَ اللَّهِ... وَأَمَّا عَنْ أَنْوَاعِ الظُّلْمِ وَمَجَالَاتِهِ فَلَهُ حَدِيثٌ فِي الأسبوعِ الْقَادِمِ إِنْ شَاءَ اللهُ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الظلم
  • الظلم إجرام
  • الظلم خراب العمران
  • تحريم الظلم
  • تحريم الظلم وبيان فضل الله على العباد
  • ذم الظلم والتحذير منه
  • شرح حديث جابر: "اتقوا الظلم"
  • الظلم ظلمات

مختارات من الشبكة

  • اتقوا الأرحام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اتقوا فتنة التبرج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحريم الخمر وعلاقته بالإيمان والتقوى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الظلم مآله الهلاك.. فهل من معتبر؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ظاهرة الظلم فاجعة كبرى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: موقف المسلم من فتن أعداء الأمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نام الظلوم (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • خطبة: الظلم ظلمات يوم القيامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن حديث (يا عبادي إني حرمت الظلم) وأنواع من الظلم 28-4-1435هـ(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • خطبة (المنافقون)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/4/1447هـ - الساعة: 10:23
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب