• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من محاسن الدين الإسلامي وجود بدائل لكل عمل صالح ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: الاستشراق ...
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    بر الوالدين (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    أسس بناء المنهج من المنظور الإسلامي
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    حديث: أمر رجلا أن يضع يده عند الخامسة على فيه ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    أربع من الجاهلية..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    قراءات اقتصادية (61): اليهود والعالم والمال
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    خطبة المولد
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    مفهوم المنهج الدراسي من منظور إسلامي
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الحمد لله (3) حمد الله تعالى نفسه
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    شرح جامع الترمذي في السنن (المستحاضة تجمع بين ...
    الشيخ أ. د. سعد بن عبدالله الحميد
  •  
    حلق رأس المولود حماية ووقاية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    هديه -صلى الله عليه وسلم- في التداوي بسور مخصوصة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    فوائد وعبر من قصة قارون (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    من محاسن الدين الإسلامي وجود بدائل لكل عمل صالح ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين
    أ. د. فؤاد محمد موسى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الحج والأضحية
علامة باركود

خطبة حديث عن العشر

خطبة حديث عن العشر
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/8/2018 ميلادي - 29/11/1439 هجري

الزيارات: 10812

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة حديث عن العشر

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، عُمُرُ الإِنسَانِ الحَقِيقِيُّ في هَذِهِ الدُّنيَا، هُوَ مَا كَانَ مِنهُ في طَاعَةٍ لِرَبِّهِ، وَتَزَوُّدٍ مِنَ البَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ، وَتَوبَةٍ وَإِنَابَةٍ وَإِخبَاتٍ، وَبِهَذَا تَتَفَاوَتُ أَعمَارُ النَّاسِ لا بِعَدَدِ السَّنَوَاتِ، فَكَم مِمَّن يَعِيشُ بِتَوفِيقِ اللهِ لَهُ عِدَّةَ أَعمَارٍ وَلَيسَ عُمُرًا وَاحِدًا، بما اكتَسَبَهُ مِنَ الأُجُورِ المُضَاعَفَاتِ وَالحَسَنَاتِ البَاقِيَاتِ، وَكَم مِمَّن يَبلُغُ عُمُرُهُ عَشَرَاتِ السَّنَوَاتِ، وَهُوَ في الوَاقِعِ لم يَعِشْ مِن عُمُرِهِ الحَقِيقِيِّ لَحَظَاتٍ؛ لأَنَّه أَضَاعَ وَقتَهُ في اقتِرَافِ السَّيِّئَاتِ، وَفَرَّطَ في اكتِسَابِ الحَسَنَاتِ. وَمَن أَرَادَ اللهُ بِهِ خَيرًا، وَفَّقَهُ لِلأَعمَالِ المُضَاعَفَةِ الأُجُورِ، وَحَبَّبَ إِلَيهِ اغتِنَامَ مَوَاسِمِ التِّجَارَةِ الأُخرَوِيَّةِ الرَّابِحَةِ، الَّتِي تَتَكَرَّرُ بَينَ يَدَيهِ في يَومِهِ وَلَيلَتِهِ، وَفي أُسبُوعِهِ وَسَنَتِهِ، كَالثُّلُثِ الآخِرِ مِنَ اللَّيلِ، وَأَوقَاتِ الصَّلَوَاتِ الخُمسِ وَمَا قَبلَهَا وَمَا بَعدَهَا، وَيَومِ الجُمُعَةِ، وَرَمَضَانَ المُبَارَكِ وَعَشرِ ذِي الحِجَّةِ. وَالعُمُرُ يَذهَبُ سَرِيعًا، وَالأَيَّامُ تَمضِي جَمِيعًا، وَالسَّعِيدُ مَن أَحيَا اللهُ قَلبَهُ فَأَخَذَ نَفسَهُ بِالجِدِّ وَالاجتِهَادِ وَالمُجَاهَدَةِ، وَأَعَانَهُ مَولاهُ عَلَى الصَّبرِ وَالمُصَابَرَةِ وَالمُرَابَطَةِ، وَوَقَاهُ شَرَّ الكَسَلِ وَالغَفَلَةِ وَالتَّسوِيفِ وَالتَّأجِيلِ.

 

أَرَأَيتُم كَيفَ ذَهَبَ رَمَضَانُ الَّذِي جَعَلَهُ اللهُ أَيَّامًا مَعدُودَاتٍ؟! لَقَد ذَهَبَ وَذَهَبَ وَرَاءَهُ شَهرَانِ، ذَهَبَت كَأَنَّهَا لَحَظَاتٌ أَو سَاعَاتٌ، وَلا وَاللهِ مَا شَعَرَ بَعدَهَا بِالسَّعَادَةِ في النَّفسِ وَلا رَاحَةِ البَالِ، إِلاَّ مَن مَلأَهَا بِطَاعَةِ اللهِ وَتَقَرَّبَ فِيهَا إِلى رَبِّهِ وَمَولاهُ، وَتَزَوَّدَ مِن دُنيَاهُ لأُخرَاهُ، وَأَمَّا مَن تَكَاسَلَ فِيهَا وَضَيَّعَ، فَهُوَ في ضِيقٍ وَحَسرَةٍ، وَهَمٍّ وَغَمٍّ وَنَدَامَةٍ، وَلِئَلاَّ تَعُودَ تِلكَ الحَسَرَاتُ وَالنَّدَامَاتُ عَلَى مَن كَانَ في قَلبِهِ حَيَاةٌ، فَهَا هِيَ الأَيَّامُ المَعلُومَاتُ قَد أَقبَلَت بِما فِيهَا مِن فَضَائِلَ وَخَيرَاتٍ، وَمَا وَهَبَ اللهُ عِبَادَهُ فِيهَا مِن فُرَصٍ لِلتَّزَوُّدِ مِنَ الصَّالِحَاتِ، وَالاستِكثَارِ مِمَّا تُكَفَّرُ بِهِ السَّيِّئَاتُ، إِنَّهَا الأَيَّامُ العَظِيمَةُ الَّتي هِيَ بِنَصِّ كَلامِ رَسُولِ اللهِ وَأَعلَمُ الخَلقِ بِاللهِ، أَفضَلُ أَيَّامِ السَّنَةِ عَلَى الإِطلاقِ، وَالعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلى اللهِ مِنهُ في غَيرِهَا، فَفِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - عَنِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "مَا العَمَلُ في أَيَّامٍ أَفضَلَ مِنهَا في هَذِهِ " قَالُوا: وَلا الجِهَادُ؟! قَالَ: "وَلا الجِهَادُ إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفسِهِ وَمَالِهِ فَلَم يَرجِع بِشَيءٍ".

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ مِمَّا يُؤسِفُ وَيُحزِنُ، بَل وَيُقَطِّعُ قَلبَ المُؤمِنِ عَلَى إِخوَانِهِ حَسرَةً وَأَسًى، أَنَّهُ في الوَقتِ الَّذِي يَحرِصُ العُقَلاءُ فِيهِ عَلَى التَّزَوُّدِ مِنَ نَوَافِلِ الأَعمَالِ وَالاستِكثَارِ مِن مُستَحَبَّاتِهَا في هَذِهِ المَوَاسِمِ العَظِيمَةِ، لِتَحصِيلِ الثَّوَابِ وَتَكفِيرِ السَّيِّئَاتِ، أَنَّ هُنَالِكَ فِئَامًا لم يَصِلُوا بَعدُ إِلى حِفظِ الوَاجِبَاتِ وَتَركِ المُحَرَّمَاتِ، فَأَخَلُّوا بِهَا إِخلالاً وَاضِحًا، وَتَهَاوَنُوا بِهَا تَهَاوُنًا ظَاهِرًا، وَلْنَأخُذْ أَهَمَّ ذَلِكَ وَهِيَ الصَّلَوَاتُ الخَمسُ، الَّتي لا مَجَالَ لِلنِّقَاشِ فِيهَا لِمَن كَانَ يَرجُو اللهَ وَاليَومَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا، وَخَافَ لِقَاءَهُ وَنَهَى نَفسَهُ عَن هَوَاهَا، لِنَنْظُرْ كَيفَ عَادَت لَدَى كَثِيرِينَ بِنَاءً مُتَصَدِّعًا، سَوَاءٌ في تَركِهَا عِندَ بَعضِهِم حَتَّى يَخرُجَ وَقتُهَا، أَو في التَّكَاسُلِ عَن أَدَائِهَا مَعَ الجَمَاعَةِ في المَسَاجِدِ، أَو في فَوتِ رَكَعَاتٍ مِنهَا بِشَكلٍ مُستَمِرٍّ دُونَ خَوفٍ وَلا وَجَلٍ وَلا شُعُورٍ بِالخَسَارَةِ، نَاهِيكُم عَن تَركِ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ وَعَدَمِ الاشتِغَالِ بِهَا، وَالهُرُوبِ مِنَ المَسجِدِ بَعدَ السَّلامِ مُبَاشَرَةً قَبلَ الإِتيَانِ بِالأَذكَارِ الوَارِدَةِ، فَكَيفَ يَتَسَنَّى لِمَن هَذِهِ حَالُهُ أَن يَتَزَوَّدَ لِمَآلِهِ؟! كَيفَ يَجِدُ مِن نَفسِهِ خِفَّةً لِلخَيرِ، وَرَغبَةً في الإِكثَارِ من النَّوافِلِ، وَلَهَجًا بَذِكرٍ أَو تَسبِيحٍ أَو تَهلِيلٍ أَو تَكبِيرٍ، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّهُ لا بُدَّ قَبلَ التَّحلِيَةِ مِنَ التَّخلِيَةِ.

 

نَعَم - أَيُّهَا الإِخوَةُ - لا بُدَّ قَبلَ التَّزَوُّدِ مِن نَوَافِلِ الطَّاعَاتِ وَالمَسنُونَاتِ، أَن يَتُوبَ المُسلِمُ إِلى اللهِ تَوبَةً نَصُوحًا مِن جَمِيعِ الذُّنُوبِ وَالخَطِيئَاتِ، وَخَاصَّةً التَّقصِيرَ في الصَّلوَاتِ المَكتُوبَاتِ، فَإِنَّهُ مَا لم يَحفَظِ المَرءُ صَلَوَاتِهِ الخَمسَ وَيُحَافِظْ عَلَيهَا كَمَا أَمرَهُ اللهُ، فَلا وَاللهِ تَستَقِيمُ لَهُ نَفسُهُ عَلَى حَالٍ، وَسَيَظَلُّ في تَرَاجُعٍ وَهُبُوطٍ وَسِفَالٍ، وَلَن يُوَفَّقَ لِمَا وُفِّقَ إِلَيهِ الأَخيَارُ مِنَ الرِّجَالِ، فَالصَّلاةُ هِيَ مِقيَاسُ انتِظَامِ المُسلِمِ وَدَلِيلُ حِرصِهِ عَلَى الخَيرِ وَمَحَبَّتِهِ لَهُ، بِهَا يَحفَظُ يَومَهُ وَيُحَافِظُ عَلَى وَقتِهِ، وَهَلِ العُمُرُ إِلاَّ أَيَّامٌ وَأَوقَاتٌ؟! فَكَيفَ يَحفَظُ عُمُرَهُ مَن لم تَكُنِ الصَّلاةُ هِيَ المُنَظِّمَةَ لِنَومِهِ وَاستِيقَاظِهِ، وَالفَاصِلَةَ بَينَ استِغرَاقِهِ في دُنيَاهُ وَتَوَقُّفِهِ عَنهَا لِوَجهِ اللهِ، وَلا شَكَّ أَنَّ مَن صَبَرَ عَلَى أَدَاءِ الصَّلاةِ في أَوقَاتِهَا مَعَ جَمَاعَةِ المُسلِمِينَ، وَحَرِصَ عَلَى التَّبكِيرِ إِلَيهَا وَرَابَطَ لانتِظَارِهَا، وَتَلَبَّثَ بَعدَهَا لأَدَاءِ مَا بَعدَهَا مِنَ الرَّوَاتِبِ وَالأَذكَارِ، لا شَكَّ أَنَّهُ سَيَسهُلُ عَلَيهِ مَا دُونَهَا مِن أَعمَالٍ وَطَاعَاتٍ.

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنَبدَأْ بِإِقَامَةِ عَمُودِ الإِسلامِ وَهِيَ الصَّلاةُ، وَلْنُؤَدِّهَا كَمَا يُرِيدُ اللهُ مِنَّا، لِنُوَفَّقَ بَعدَ ذَلِكَ وَتُقبِلَ نُفُوسُنَا عَلَى الخَيرِ وَتَألَفَهُ، وَإِذَا رَأَينَا مَن وُفِّقُوا لِلعَمَلِ الصَّالِحِ في مَوَاسِمِ الخَيرِ مَعَ عَجزِنَا وَتَقصِيرِنَا، فَلْنَعلَمْ أَنَّهُم لم يُوَفَّقُوا إِلاَّ لِمَا عَلِمَهُ اللهُ في نُفُوسِهِم مِن إِرَادَةٍ لِلخَيرِ، وَلأَنَّهُم جَدُّوا في طَرِيقِ الهِدَايَةِ وَاستَجَابُوا لِدَاعِي الخَيرِ، وَمِن ثَمَّ وُفِّقُوا وَهُدُوا وَسُدِّدُوا، وَلم يُخذَلْ مَن خُذِلَ إِلاَّ وَأَعظَمُ أَسبَابِ ذَلِكَ ذُنُوبُهُ المُتَرَاكِمَةُ وَمَعَاصِيهِ المُتَلاحِقَةُ، قَالَ – تَعَالى -: ﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ﴾ [محمد: 17] وَقَالَ – سُبحَانَهُ -: ﴿ إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنفال: 70] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيَامَةِ أَعمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرتَني أَعمَى وَقَد كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ اليَومَ تُنسَى * وَكَذَلِكَ نَجزِي مَن أَسرَفَ وَلم يُؤمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبقَى ﴾ [طه: 124 - 127] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30].

 

أَجَلْ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّهُ لا يُوَفَّقُ إِلاَّ مَنِ اهتَدَى وَاستَجَابَ وَنَوَى الخَيرَ، وَلا يُحرَمُ إِلاَّ مَن حَرَمَ نَفسَهُ وَأَعرَضَ وَتَغَافَلَ وَتَكَاسَلَ، وَإِنَّ مِن ثَوَابِ الحَسَنَةِ التَّوفِيقَ لِلحَسَنَةِ بَعدَهَا، وَمِن عُقُوبَةِ السَّيِّئَةِ أَن يُحَالَ بَينَ المَرءِ وَقَلبِهِ فَيُعقِبَهَا سَيِّئَاتٍ أُخرَى، وَإِذَا رَأَينَا هَذَا التَّفَاوُتَ بَينَ النَّاسِ في الدُّنيَا، فَلْنَتَذَكَّرْ أَن وَرَاءَهُ تَفَاوُتًا في دَرَجَاتٍ الآخِرَةِ، فَاللهَ اللهَ أَن نَكُونَ مَعَ السَّابِقِينَ، فَإِنَّ السَّابِقِينَ هُنَا لِلطَّاعَاتِ وَالصَّالِحَاتِ، هُمُ السَّابِقُونَ هُنَالِكَ في الدَّرَجَاتِ، قَالَ رَبُّنَا - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا * كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا * انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 18 - 21] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾ [الواقعة: 10 - 12] اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِمَا وَفَّقتَ إِلَيهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ، وَاجعَلْنَا مُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّاتِنَا، رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءَنَا، وَأَقُولُ هَذَا القَولَ وَأَستَغفِرُ اللهَ.

♦   ♦   ♦

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى – وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَافعَلُوا الخَيرَ دَهرَكُم، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَبِّكُم، وَاعتَصِمُوا بِاللهِ وَتَوَكَّلُوا عَلَيهِ، وَاعلَمُوا أَنَّ خَيرَ مَا تَقَرَّبتُم بِهِ إِلَيهِ مَا افتَرَضَهُ – تَعَالى – عَلَيكُم، فَلا تُفَرِّطُوا في الفَرَائِضِ، وَاعلَمُوا أَنَّكُم بِحَاجَةٍ إِلى التَّزَوُّدِ مِنَ النَّوَافِلِ لِتَنَالُوا مَحَبَّتَهُ لَكُم وَرِضَاهُ عَنكُم، فَاستَكثِرُوا مِنَ الخَيرِ وَنَوِّعُوهُ وَلا تَعجَزُوا، مَنِ استَطَاعَ الصِّيَامَ فَلْيَصُمْ، وَمَن وَجَدَ مَالاً فَلْيُكثِرِ الصَّدَقَةَ، وَلْيَمُدَّ يَدَيهِ بِالعَطَاءِ وَالإِحسَانِ، وَسَبِّحُوا وَهَلِّلُوا وَكَبِّرُوا وَاحمَدُوا ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الأنفال: 45][الجمعة: 10].

 

عَبِادَ اللهِ، تَذَكَّرُوا أَنَّ مَن أَرَادَ أَن يُضَحِّيَ فَإِنَّ عَلَيهِ أَن يُمسِكَ عَنِ الأَخذِ مِن شَعَرِهِ أَو بَشَرَتِهِ مِن حِينِ يُرَى هِلالُ ذِي الحِجَّةِ حَتُّى يُضَحِّيَ، قَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "إِذَا رَأَيتُم هِلالَ ذِي الحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُم أَن يُضَحِّيَ، فَلْيُمسِكْ عَن شَعرِهِ وَأَظفَارِهِ" رَوَاهُ مُسلِمٌ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الوصايا العشر للحجاج
  • إنها العشر خير أيام الدنيا
  • الحث على الحج وفضل العشر (خطبة)
  • أعمال الخير في الأيام العشر
  • فضل الأيام العشرة الأولى من ذي الحجة
  • وقفات مع هبات العشر (خطبة)
  • استقبال العشر (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • آداب استعمال أجهزة الاتصالات الحديثة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (32) «لا ضرر ولا ضرار» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (27) «البر حسن الخلق» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (26) «كل سلامى من الناس عليه صدقة» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (25) «ذهب أهل الدثور بالأجور» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البر بالوالدين: وصية ربانية لا تتغير عبر الزمان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع بداية العام الدراسي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نعمة الماء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وليس أخو علم كمن هو جاهل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بر الوالدين (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • 51 خريجا ينالون شهاداتهم من المدرسة الإسلامية الأقدم في تتارستان
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 2/3/1447هـ - الساعة: 0:16
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب