• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    فقه الأولويات في القصص القرآني (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الهم والغم والحزن: أسبابها وأضرارها وعلاجها في ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    حرص الصحابة رضي الله عنهم على اقتران العلم ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    ابتلاء الأبرص والأقرع والأعمى (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الحلقة الرابعة: رحيم بالخلائق والعباد
    الدكتور مثنى الزيدي
  •  
    التحذير من الكسل (2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    الحلقة الثالثة: قالوا وما الرحمن
    الدكتور مثنى الزيدي
  •  
    {ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الحلقة الثانية: لماذا أعرف الله؟
    الدكتور مثنى الزيدي
  •  
    تفريج الهم.. وتنفيس الكرب
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    المرض الاقتصادي: أشكاله وآثاره
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    فقه مرويات ضرب الزوجة في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة (إنكم تشركون)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    طعام وشراب النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    آيات كونية مرئية ومنسية (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

داء الغفلة (خطبة)

داء الغفلة (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/11/2023 ميلادي - 17/5/1445 هجري

الزيارات: 28870

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

داء الغفلة

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا ذَكَرَهُ الذَّاكِرُونَ، وَعَدَدَ مَا غَفَلَ عَنْهُ الْغَافِلُونَ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ أَحَقُّ مَنْ ذُكِرَ وَعُبِدَ، وَأَعْدَلُ مِنْ مَلَكَ وَحَكَمَ، وَأَرْأَفُ مَنْ دُعِيَ وَسُئِلَ، وَأَجْوَدُ مَنْ أَعْطَى وَمَنَحَ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ لَمْ يَغْفُلْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَلَمْ يَفْتُرْ عَنْ عِبَادَتِهِ، وَكَانَ يَذْكُرُهُ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ ‌نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [الْحَشْرِ:18-19].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: مِنْ أَعْظَمِ الْأَدْوَاءِ فَتْكًا بِقَلْبِ الْعَبْدِ غَفْلَتُهُ عَنْ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، غَفْلَتُهُ عَنْ ذِكْرِهِ، غَفْلَتُهُ عَنْ كِتَابِهِ، غَفْلَتُهُ عَنْ عِبَادَتِهِ، غَفْلَتُهُ عَنِ التَّفَكُّرِ فِي آيَاتِهِ وَمَخْلُوقَاتِهِ، وَعَظَمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ، غَفْلَتُهُ عَنِ التَّفَكُّرِ فِي نِعَمِهِ وَآلَائِهِ، فَيَثْقُلُ عَنِ الْفَرَائِضِ بِسَبَبِ هَذِهِ الْغَفْلَةِ، وَيُهْمِلُ النَّوَافِلَ، وَيَجْتَرِئُ عَلَى الْمَعَاصِي، وَيُعَطِّلُ لِسَانَهُ مِنَ الذِّكْرِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ فَهُوَ عُرْضَةٌ لِلْغَفْلَةِ، فَإِمَّا كَانَتْ غَفْلَةً مُطْبِقَةً دَائِمَةً نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ حِينًا بَعْدَ حِينٍ؛ وَلِذَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِ تَفَقُّدُ قَلْبِهِ؛ لِكَيْلَا يَكُونَ مِنَ الْغَافِلِينَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَاطَبَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ خِطَابٌ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ ‌الْغَافِلِينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ:205].

 

إِنَّ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ حَيَّةً لَا مَيْتَةً، يَقِظَةً لَا نَائِمَةً، ذَاكِرَةً لَا غَافِلَةً؛ فَإِنَّ الْغَفْلَةَ سِمَةُ أَهْلِ النَّارِ مِنَ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ، وَصَفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا فِي الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ ‌الْغَافِلُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ:179]، وَفِي آيَاتٍ أُخْرَى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ ‌الْغَافِلُونَ * لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [النَّحْلِ:106-109].

 

وَمَنْ رَأَى حَالَ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ فِي إِقْبَالِهِمْ عَلَى الدُّنْيَا وَلَذَائِذِهَا، وَإِعْرَاضِهِمْ عَنِ الْآخِرَةِ وَالْمَوْعُودِ فِيهَا؛ فَهِمَ هَذِهِ الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةَ الَّتِي تَجْعَلُهُمْ أَضَلَّ مِنَ الْأَنْعَامِ؛ لِأَنَّ حَوَاسَّهُمْ مَصْرُوفَةٌ عَنْ رَبِّهِمْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَعَنْ كِتَابِهِ الْكَرِيمِ، وَدِينِهِ الْقَوِيمِ، وَمَا صُرِفُوا عَنْهَا إِلَّا بِسَبَبِ غَفْلَتِهِمْ، وَعَدَمِ تَفَكُّرِهِمْ فِي مَصِيرِهِمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ ‌سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ:146].

 

وَحِينَ أَخَذَ اللَّهُ تَعَالَى الْمِيثَاقَ عَلَى بَنِي آدَمَ بِأَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا؛ حَذَّرَهُمْ مِنَ الِاعْتِذَارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْغَفْلَةِ عَنْ هَذَا الْمِيثَاقِ الْعَظِيمِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا ‌غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ:172-173]؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى خَطَرِ الْغَفْلَةِ عَلَى الْعَبْدِ؛ إِذْ حَذَّرَ اللَّهُ تَعَالَى الْعِبَادَ مِنْهَا فِي ذِكْرِ أَعْظَمِ مِيثَاقٍ أَخَذَهُ عَلَى الْبَشَرِ.

 

وَامْتَنَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَنَزُّلِ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ، وَمَا حَوَاهُ مِنْ عَقَائِدَ وَأَحْكَامٍ وَقَصَصٍ، فَأَزَالَ بِهِ الْغَفْلَةَ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ: ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ ‌الْغَافِلِينَ ﴾ [يُوسُفَ:3].

 

وَالْغَفْلَةُ دَاءٌ يُصِيبُ أَكْثَرَ الْبَشَرِ؛ مِمَّا يُحَتِّمُ عَلَى أَهْلِ الْإِيمَانِ الْحَذَرَ مِنْهَا؛ ﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا ‌لَغَافِلُونَ ﴾ [يُونُسَ:92]، وَلَوْ عَلِمُوا مِنَ الدُّنْيَا مَا عَلِمُوا، وَعَمَرُوا فِيهَا مَا عَمَرُوا، وَاخْتَرَعُوا مَا اخْتَرَعُوا، وَاكْتَشَفُوا مَا اكْتَشَفُوا؛ فَإِنَّهُمْ عَنِ الْمَوْتِ غَافِلُونَ، وَعَنِ الْآخِرَةِ غَافِلُونَ، وَعَنِ الْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ غَافِلُونَ؛ ﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ:1-3]، وَيُقَالُ لِأَحَدِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: ﴿ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾ [ق:22]، وَهُمْ كَمَا وَصَفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: ﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ ‌غَافِلُونَ ﴾ [الرُّومِ:7]؛ وَلِذَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُنْذِرَ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ لِئَلَّا يَغْفُلُوا عَنْهُ: ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [مَرْيَمَ:39].

 

وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَعْلَمُ أَهْلُ الْغَفْلَةِ مَا كَانُوا فِيهِ مِنْ غَفْلَةٍ، وَأَنَّهُمْ شُغِلُوا بِالدُّنْيَا الْفَانِيَةِ عَنِ الْآخِرَةِ الْبَاقِيَةِ، فَيَنْدَمُونَ وَيَتَحَسَّرُونَ، وَلَاتَ حِينَ مَنْدَمٍ؛ ﴿ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ:97]، وَهُمْ مُتَوَعَّدُونَ عَلَى غَفْلَتِهِمْ عَنْ رَبِّهِمْ سُبْحَانَهُ بِالْعَذَابِ الْأَلِيمِ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا ‌غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يُونُسَ:7-8]، فَمَنْ أَطْبَقَتْ عَلَيْهِ الْغَفْلَةُ فِي الدُّنْيَا حَتَّى صَرَفَتْهُ عَنْ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ سَيَقُولُ ذَلِكَ نَادِمًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فِي حِينِ أَنَّ أَهْلَ الْقُلُوبِ الْحَيَّةِ الْيَقِظَةِ يَقُولُونَ: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ ﴾ [الزُّمَرِ:74].

 

وَأَهْلُ الْغَفْلَةِ مُتَوَعَّدُونَ بِالْعَذَابِ الدُّنْيَوِيِّ قَبْلَ الْعَذَابِ الْأُخْرَوِيِّ؛ فَإِنَّ الْأُمَمَ السَّابِقَةَ عُذِّبَتْ وَهِيَ غَافِلَةٌ، وَكَانَتْ عَادٌ فِي غَفْلَةٍ حَتَّى إِنَّهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَوَادِرَ الْعَذَابِ ﴿ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ﴾ [الْأَحْقَافِ:24-25]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ مُخْبِرًا عَنْ فِرْعَوْنَ وَجُنْدِهِ: ﴿ فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا ‌غَافِلِينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ:136].

 

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ:123].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنْ كَانَ الْعَبْدُ يَغْفُلُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَنْ دِينِهِ الْقَوِيمِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَنْ يَغْفُلَ عَنْهُ، وَمُطَّلِعٌ عَلَيْهِ، وَيُحَاسِبُهُ بِعَمَلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ ﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ:132]، وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ ذَاكِرًا لِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ، مُقِيمًا لِدِينِهِ، عَامِلًا بِمَا يُرْضِيهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَذْكُرُهُ ذِكْرًا أَحْسَنَ مِنْ ذِكْرِهِ؛ ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾ [الْبَقَرَةِ:152]، وَفِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

فَهَلْ يَلِيقُ بِالْعَبْدِ الضَّعِيفِ الْمَخْلُوقِ أَنْ يَغْفُلَ عَنِ الْخَالِقِ الْمَعْبُودِ؟ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ فِي كُلِّ أَحْيَانِهِ وَأَحْوَالِهِ، لَا يَنْفَكُّ عَنِ الْحَاجَةِ لِلَّهِ تَعَالَى أَبَدًا، وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى رَبِّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمُحَاسَبٌ عَلَى أَعْمَالِهِ؛ فَمَاذَا سَيَكُونُ مَوْقِفُهُ أَمَامَ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَقَدْ غَفَلَ عَنْهُ وَعَنْ عِبَادَتِهِ فِي الدُّنْيَا؟ وَبِمَاذَا يُجِيبُهُ حِينَ يَسْأَلُهُ؟ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ، فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، ‌فَاتَّقُوا ‌النَّارَ ‌وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العبادة زمن الغفلة
  • حجب الغفلة
  • التحذير من الغفلة
  • الغفلة (خطبة)
  • لا يستفيقون من غفلتهم ولا يرتدعون عن غيهم على كثرة نكباتهم
  • أسباب الغفلة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • حين خان الأمانة... وسقط في الغفلة - قصة قصيرة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • شبح الغفلة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الغفلة في وقت المهلة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إزالة الغفلة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • حديث: دخل مكة من كداء(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • الحسد: حقيقته ومخاطره وسبل الوقاية منه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حول الداء السكري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الفرق بين الشبهة والشهوة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاكتئاب داء العصر(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • نازلة كورونا (4): دواء وهبات(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • النسخة السادسة من مسابقة تلاوة القرآن الكريم للطلاب في قازان
  • المؤتمر الدولي الخامس لتعزيز القيم الإيمانية والأخلاقية في داغستان
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/5/1447هـ - الساعة: 3:35
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب