• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أوقات النهي عن الصلاة (درس 1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    قاعدة للحياة الطيبة (ادفع بالتي هي أحسن)
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    مناهجنا التعليمية وبيان بعض القوى المؤثرة في ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    المذنب (ألم يعلم بأن الله يرى) فلماذا عصى؟
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    من أهوال القيامة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    كبار السن.. وإجلالهم..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    قصة الشاب الأنصاري في أول زواجه مع زوجته وتسلط ...
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    التوازن في الأكل في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    حديث: حين نزلت آية المتلاعنين: أيما امرأة أدخلت ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    لمن يحترق قلبه حزنا لحال المسلمين
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الذكاء الاصطناعي وبعض انعكاساته السلبية
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    الاستشراق ووسائل صناعة الكراهية: الخوف من الإسلام
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    فقه الإحسان (5) الإحسان إلى الخلق
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    عناية الصحابة - رضي الله عنهم - بحفظ القرآن وضبطه ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    علم مناهج التربية من المنظور الإسلامي (عرض
    أ. د. فؤاد محمد موسى
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

شهر شعبان.. فضائل وأعمال

شهر شعبان.. فضائل وأعمال
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/3/2021 ميلادي - 4/8/1442 هجري

الزيارات: 57457

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شهر شعبان.. فضائل وأعمال

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ، الْكَرِيمِ الْمَنَّانِ؛ امْتَنَّ عَلَى عِبَادِهِ بِالْإِيمَانِ، وَهَدَاهُمْ لِصَالِحِ الْأَعْمَالِ، وَدَلَّهُمْ عَلَى أَفَاضِلِ الزَّمَانِ، وَضَاعَفَ لَهُمْ فِيهَا الْأَجْرَ وَالثَّوَابَ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ لَا رَبَّ لَنَا سِوَاهُ، وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ كَثِيرَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالتَّعَبُّدِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَكَانَ أَكْثَرَ مَا يَصُومُ تَطَوُّعًا فِي شَهْرِ شَعْبَانَ، وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ يُصَلِّي وَيَرْقُدُ، وَيَصُومُ وَيُفْطِرُ، وَيَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَهَذِهِ سُنَّتُهُ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْهَا فَلَيْسَ مِنْهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاعْمُرُوا أَوْقَاتَكُمْ بِذِكْرِهِ سُبْحَانَهُ؛ فَإِنَّ الْأَجَلَ قَرِيبٌ، وَإِنَّ الْحِسَابَ شَدِيدٌ، وَإِنَّ الْمَوْتَ قَدْ يَفْجَأُ الْعَبْدَ بَغْتَةً، وَلَا عَمَلَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَإِنَّمَا حِسَابٌ وَجَزَاءٌ ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 185].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: الْمُؤْمِنُ الْفَطِنُ مَنْ وَزَنَ الدُّنْيَا بِمِيزَانِهَا، وَأَعْطَاهَا مُسْتَحَقَّهَا، وَلَمْ يَجْعَلْهَا أَمَلَهُ وَغَايَتَهُ وَنِهَايَتَهُ؛ فَإِنَّ الدُّنْيَا مَرْحَلَةُ عَمَلٍ وَسَعْيٍ، يَعْقُبُهَا مَوْتٌ وَحَيَاةٌ بَرْزَخِيَّةٌ فِي الْقَبْرِ، لَا يَدْرِي الْعَبْدُ كَمْ يَمْكُثُ فِيهِ، فَرُبَّمَا مَكَثَ أَلْفَ سَنَةٍ أَوْ أَلْفَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ، ثُمَّ يَعْقُبُهَا حَيَاةٌ كَامِلَةٌ سَرْمَدِيَّةٌ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، وَمِنَ الْغَبْنِ الْعَظِيمِ أَنْ يَعْمَلَ الْعَبْدُ لِدُنْيَاهُ وَهِيَ بِضْعَةُ عُقُودٍ فَقَطْ، قَدْ تَصِلُ إِلَى قَرْنٍ إِذَا عُمِّرَ الْإِنْسَانُ، وَيَنْسَى حَيَاةً بَرْزَخِيَّةً قَدْ تَمْتَدُّ إِلَى قُرُونٍ طِوَالٍ، وَيُهْمِلُ دَارًا بَاقِيَةً سَرْمَدِيَّةً، لَا مَوْتَ فِيهَا أَبَدًا، بَلْ بَقَاءٌ وَخُلُودٌ؛ فَإِمَّا مُنَعَّمٌ وَإِمَّا مُعَذَّبٌ. وَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ حَقَّ الْإِدْرَاكِ كَانَ عَمَلُهُ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَكْثَرَ مِنْ عَمَلِهِ لِدُنْيَاهُ.

 

وَشَهْرُ شَعْبَانَ شَهْرٌ عَظِيمٌ، يَقَعُ بَيْنَ شَهْرِ رَجَبٍ الْمُحَرَّمِ، وَبَيْنَ شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُعَظَّمِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ الصِّيَامَ فِيهِ؛ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضَيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يَصُومُ، وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلَّا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا فِي شَعْبَانَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِنْ شَهْرٍ قَطُّ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا».

 

وَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَبَ كَثْرَةِ صِيَامِهِ فِي شَعْبَانَ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.

 

فَذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَبَيْنِ لِصِيَامِهِ فِي شَعْبَانَ:

أَوَّلُهُمَا: غَفْلَةُ النَّاسِ عَنْهُ، وَسَبَبُ هَذِهِ الْغَفْلَةِ أَنَّ شَعْبَانَ وَقَعَ بَعْدَ شَهْرِ رَجَبٍ، وَهُوَ شَهْرٌ مُحَرَّمٌ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ: ﴿ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [التَّوْبَةِ: 36]، وَقَبْلَ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرُ الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ وَالْقُرْآنِ وَالْإِحْسَانِ.

 

وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي اسْتِحْبَابِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي وَقْتِ الْغَفْلَةِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ نُصُوصٌ عِدَّةٌ، مِنْهَا: قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْهَرْجُ هُوَ الْفِتْنَةُ وَاخْتِلَاطُ الْأَمْرِ، وَحِينَهَا يَنْشَغِلُ النَّاسُ بِالْفِتْنَةِ، وَيَغْفُلُونَ عَنِ الْعِبَادَةِ، فَكَانَتِ الْعِبَادَةُ إِذْ ذَاكَ كَالْهِجْرَةِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَمِنْهَا: قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنَ الْعَبْدِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الْآخِرِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ. وَجَوْفُ اللَّيْلِ وَقْتُ نَوْمٍ، وَغَالِبُ مَنْ يَسْهَرُونَ فِيهِ يَسْهَرُونَ عَلَى لَعِبٍ وَلَهْوٍ وَغَفْلَةٍ، فَحَرَّضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الذِّكْرِ فِي ذَلِكُمُ الْوَقْتِ لِكَثْرَةِ الْغَفْلَةِ فِيهِ. وَمِنْهَا: قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ» وَذَكَرَ مِنْهُمْ: «وَالْقَوْمُ يُسَافِرُونَ فَيَطُولُ سُرَاهُمْ حَتَّى يُحِبُّوا أَنْ يَمَسُّوا الْأَرْضَ، فَيَنْزِلُونَ، فَيَتَنَحَّى أَحَدُهُمْ، فَيُصَلِّي حَتَّى يُوقِظَهُمْ لِرَحِيلِهِمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ. فَهَذَا الرَّجُلُ صَلَّى فِي اسْتِرَاحَةٍ مِنْ سَفَرٍ طَوِيلٍ، وَهِيَ حَالُ غَفْلَةٍ وَطَلَبٍ لِلنَّوْمِ، فَاسْتَحَقَّ مَحَبَّةَ اللَّهِ تَعَالَى. وَمِنْهَا مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَالْخُلُوُّ بِالنَّفْسِ مَظِنَّةُ الْغَفْلَةِ، وَذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى يَدُلُّ عَلَى الْيَقَظَةِ، كَمَا يُقْطَعُ فِيهِ بِالْإِخْلَاصِ؛ وَلِذَا كَانَ مِنَ السَّبْعَةِ الَّذِينَ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ «وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ عِمَارَةِ أَوْقَاتِ غَفْلَةِ النَّاسِ بِالطَّاعَةِ، وَأَنَّ ذَلِكَ مَحْبُوبٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ كَمَا كَانَ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ يَسْتَحِبُّونَ إِحْيَاءَ مَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ بِالصَّلَاةِ وَيَقُولُونَ: هِيَ سَاعَةُ غَفْلَةٍ».

 

وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ حَضَرَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ قَالَ: «فَجِئْتُهُ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الْمَغْرِبَ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَامَ يُصَلِّي، فَلَمْ يَزَلْ يُصَلِّي حَتَّى صَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ خَرَجَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ. وَجَاءَ عَنْ جَمْعٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ، وَهُوَ وَقْتُ غَفْلَةٍ.

 

«وَفِي إِحْيَاءِ الْوَقْتِ الْمَغْفُولِ عَنْهُ بِالطَّاعَةِ فَوَائِدُ: مِنْهَا: أَنَّهُ يَكُونُ أَخْفَى، وَإِخْفَاءُ النَّوَافِلِ وَإِسْرَارُهَا أَفْضَلُ... وَمِنْهَا: أَنَّهُ أَشَقُّ عَلَى النُّفُوسِ، وَأَفْضَلُ الْأَعْمَالِ أَشَقُّهَا عَلَى النُّفُوسِ. وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ النُّفُوسَ تَتَأَسَّى بِمَا تُشَاهِدُ مِنْ أَحْوَالِ أَبْنَاءِ الْجِنْسِ، فَإِذَا كَثُرَتْ يَقَظَةُ النَّاسِ وَطَاعَاتُهُمْ كَثُرَ أَهْلُ الطَّاعَةِ؛ لِكَثْرَةِ الْمُقْتَدِينَ بِهِمْ، فَسَهُلَتِ الطَّاعَاتُ. وَإِذَا كَثُرَتِ الْغَفَلَاتُ وَأَهْلُهَا تَأَسَّى بِهِمْ عُمُومُ النَّاسِ، فَيَشُقُّ عَلَى نُفُوسِ الْمُسْتَيْقِظِينَ طَاعَاتُهُمْ؛ لِقِلَّةِ مَنْ يَقْتَدُونَ بِهِمْ فِيهَا... وَمِنْهَا: أَنَّ الْمُنْفَرِدَ بِالطَّاعَةِ... قَدْ يَدْفَعُ الْبَلَاءَ عَنِ النَّاسِ كُلِّهِمْ؛ فَكَأَنَّهُ يَحْمِيهِمْ وَيُدَافِعُ عَنْهُمْ».

 

وَمِمَّا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَسْبَابِ صِيَامِ شَعْبَانَ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» فَعَمَلُ الْعَامِ يُرْفَعُ فِي شَعْبَانَ. كَمَا أَنَّ فِي صِيَامِ شَعْبَانَ رِيَاضَةٌ عَلَى الصِّيَامِ اسْتِعْدَادًا لِرَمَضَانَ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَأَنْ يَرْزُقَنَا الْعَمَلَ بِمَا عَلَّمَنَا، وَأَنْ يُعِينَنَا عَلَى ذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَاعْمَلُوا صَالِحًا ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [هُودٍ: 23].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي شَعْبَانَ، حَتَّى يَعْتَادَ ذَلِكَ، فَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ رَمَضَانُ إِلَّا وَقَدْ أَلِفَ كَثْرَةَ الْقِرَاءَةِ، فَلَا يُصِيبُهُ الْمَلَلُ وَالسَّأَمُ، وَيُرَوِّضُ نَفْسَهُ عَلَى التَّلَذُّذِ بِآيَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ. «قَالَ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ: كَانَ يُقَالُ: شَهْرُ شَعْبَانَ شَهْرُ الْقُرَّاءِ، وَكَانَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ إِذَا دَخَلَ شَعْبَانُ قَالَ: هَذَا شَهْرُ الْقُرَّاءِ، وَكَانَ عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ الْمُلَائِيُّ إِذَا دَخَلَ شَعْبَانُ أَغْلَقَ حَانُوتَهُ وَتَفَرَّغَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ».

 

وَلَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ جَاءَ فِيهَا حَدِيثَانِ ضَعِيفَانِ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِمَا، وَلَيْسَ لَهَا مَزِيَّةٌ عَلَى غَيْرِهَا مِنَ اللَّيَالِي، فَلَا يُخَصُّ نَهَارُهَا بِصَوْمٍ، وَلَا لَيْلُهَا بِقِيَامٍ، بَلْ هِيَ كَسَائِرِ اللَّيَالِي؛ فَمَنِ اعْتَادَ عَلَى الصِّيَامِ فِي شَعْبَانَ صَامَ يَوْمَ النِّصْفِ؛ لِأَنَّهُ يَصُومُ شَعْبَانَ، وَمَنِ اعْتَادَ قِيَامَ اللَّيْلِ قَامَ لَيْلَةَ النِّصْفِ عَلَى عَادَتِهِ فِي الْقِيَامِ، لَا لِأَنَّهَا لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ.

 

وَيُنْهَى عَنْ صِيَامِ آخِرِ شَعْبَانَ إِذَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ لِرَمَضَانَ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَفِي حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ النَّاسُ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ. فَإِذَا وَافَقَ يَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ كَصِيَامِهِ الْإِثْنَيْنِ أَوِ الْخَمِيسَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَصُومَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ بِصِيَامِهِ الِاحْتِيَاطَ لِرَمَضَانَ.

 

وَبِكُلِّ حَالٍ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُغَيِّرَ مِنْ حَالِهِ فِي شَعْبَانَ؛ اسْتِعْدَادًا لِرَمَضَانَ، وَأَنْ يُكْثِرَ فِيهِ مِنَ الصِّيَامِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ؛ لِئَلَّا يَكُونَ مِنَ الْغَافِلِينَ؛ وَلِكَيْ يَسْتَعِدَّ لِرَمَضَانَ، فَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ إِلَّا وَقَدْ أَلِفَ الصِّيَامَ وَالْقُرْآنَ، فَيَكُونُ أَنْشَطَ فِي الْعِبَادَةِ فِي رَمَضَانَ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شهر شعبان بين الفضائل والبدع
  • فضل شهر شعبان وبدعة ليلة النصف من شعبان
  • شهر شعبان : ما صح فيه من العبادات وما ابتدع
  • وقفات مع شهر شعبان
  • شهر شعبان: فضله وأهميته
  • استقبال شهر شعبان
  • خطبة عن شهر شعبان
  • المختصر المفيد من فضائل شهر شعبان وأحكامه
  • الأسرة وشهر شعبان (خطبة)
  • معسكر شعبان الإيماني

مختارات من الشبكة

  • أحاديث ثابتة في فضل الصيام في شهر شعبان، وأحاديث منتشرة عن شهر شعبان ولا تصح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قبل أن ترفع الأعمال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف تستعد لشهر رمضان في شعبان ( شعبان فرصة ثمينة للتهيئة الروحية والجسدية )(مقالة - ملفات خاصة)
  • فضل شهر شعبان وأهمية الصيام فيه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ألفية لسان العرب في علوم الأدب لزين الدين شعبان بن محمد القرشي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • شهر شعبان وما اختص به من بين شهور الزمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شهر شعبان والاستعداد لشهر رمضان(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • غفلة الناس عن شهر شعبان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحث على كثرة الدعاء في شعبان (تهيئة روحية لشهر رمضان المبارك)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/3/1447هـ - الساعة: 2:4
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب