• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أسس بناء المنهج من المنظور الإسلامي
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    حديث: أمر رجلا أن يضع يده عند الخامسة على فيه ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    أربع من الجاهلية..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    قراءات اقتصادية (61): اليهود والعالم والمال
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    خطبة المولد
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    مفهوم المنهج الدراسي من منظور إسلامي
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الحمد لله (3) حمد الله تعالى نفسه
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    شرح جامع الترمذي في السنن (المستحاضة تجمع بين ...
    الشيخ أ. د. سعد بن عبدالله الحميد
  •  
    حلق رأس المولود حماية ووقاية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    هديه -صلى الله عليه وسلم- في التداوي بسور مخصوصة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    فوائد وعبر من قصة قارون (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    من محاسن الدين الإسلامي وجود بدائل لكل عمل صالح ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    من وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: الاستشراق ...
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: الاستشراق ...
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    صفر.. والحر..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / المعاملات
علامة باركود

يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود (خطبة)

يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/6/2025 ميلادي - 28/12/1446 هجري

الزيارات: 3563

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُتِمُّوا الْعُهُودَ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، وَالْعُهُودَ الَّتِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْخَلْقِ، وَالَّتِي لَا تُخَالِفُ شَرْعَهُ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا[1] بِالْعُقُودِ[2] ﴾ [الْمَائِدَةِ: 1]؛ فَهَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنْ أَجْمَعِ الْآيَاتِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْوَفَاءِ بِجَمِيعِ الْعُهُودِ، وَلَا سِيَّمَا الْعُهُودُ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَشْتَمِلُ أَيْضًا عَلَى كُلِّ عَهْدٍ وَعَقْدٍ وَاتِّفَاقٍ يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ، بِشَرْطِ أَلَّا يَكُونَ هَذَا الْعَقْدُ مُحَرَّمًا، فَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ مُحَرَّمًا فَإِنَّ النُّصُوصَ الشَّرْعِيَّةَ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوَفَاءِ بِهِ، بَلْ عَلَى تَحْرِيمِ الْوَفَاءِ بِهِ[3]؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

قَالَ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (هَذَا أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا يَقْتَضِيهِ الْإِيمَانُ بِالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ، أَيْ: بِإِكْمَالِهَا، وَإِتْمَامِهَا، وَعَدَمِ نَقْضِهَا وَنَقْصِهَا، وَهَذَا شَامِلٌ لِلْعُقُودِ الَّتِي بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّهِ؛ مِنَ الْتِزَامِ عُبُودِيَّتِهِ، وَالْقِيَامِ بِهَا أَتَمَّ قِيَامٍ، وَعَدَمِ الِانْتِقَاصِ مِنْ حُقُوقِهَا شَيْئًا. وَالَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّسُولِ؛ بِطَاعَتِهِ وَاتِّبَاعِهِ. وَالَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقَارِبِ؛ بِبِرِّهِمْ وَصِلَتِهِمْ، وَعَدَمِ قَطِيعَتِهِمْ.

 

وَالَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ؛ مِنَ الْقِيَامِ بِحُقُوقِ الصُّحْبَةِ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَالْيُسْرِ وَالْعُسْرِ. وَالَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَلْقِ مِنْ عُقُودِ الْمُعَامَلَاتِ؛ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، وَنَحْوِهِمَا، وَعُقُودِ التَّبَرُّعَاتِ كَالْهِبَةِ وَنَحْوِهَا، بَلْ وَالْقِيَامِ بِحُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي عَقَدَهَا اللَّهُ بَيْنَهُمْ فِي قَوْلِهِ: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الْحُجُرَاتِ: 10] بِالتَّنَاصُرِ عَلَى الْحَقِّ، وَالتَّعَاوُنِ عَلَيْهِ، وَالتَّآلُفِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَعَدَمِ التَّقَاطُعِ، فَهَذَا الْأَمْرُ شَامِلٌ لِأُصُولِ الدِّينِ وَفُرُوعِهِ، فَكُلُّهَا دَاخِلَةٌ فِي الْعُقُودِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِالْقِيَامِ بِهَا)[4].

 

عِبَادَ اللَّهِ: وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ:

1- الْعُهُودُ وَالتَّحَالُفَاتُ الَّتِي كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: يَتَعَاقَدُونَهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى نُصْرَةِ الْمَظْلُومِ وَمُؤَازَرَتِهِ، وَأَخْذِهِمُ الْحَقَّ لَهُ مِمَّنْ ظَلَمُوهُ، وَبَغَوْا عَلَيْهِ، وَهِيَ الْمَعْنِيَّةُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

2- الْعُهُودُ الَّتِي أَخَذَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ: بِالْإِيمَانِ بِهِ، وَطَاعَتِهِ فِيمَا أَحَلَّ لَهُمْ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِمْ، وَهِيَ الْمَعْنِيَّةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴾ [الرَّعْدِ: 25]، وَيَدْخُلُ فِيهَا أَوَامِرُ اللَّهِ؛ كَالْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَالصِّيَامِ، وَالنُّذُورِ وَنَحْوِهَا.

 

3- الْعُقُودُ الَّتِي يَتَعَاقَدُهَا النَّاسُ فِيمَا بَيْنَهُمْ: وَيَعْقِدُهَا الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ؛ كَعُقْدَةِ الْيَمِينِ، وَالْعَهْدِ الَّذِي يَأْخُذُهُ الشَّخْصُ عَلَى نَفْسِهِ، وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَالْحَلِفِ، وَالنِّكَاحِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الطَّلَاقِ، وَالْمُزَارَعَةِ، وَالْمُصَالَحَةِ، وَالتَّمْلِيكِ، وَغَيْرِهَا.

 

4- الْعُهُودُ الَّتِي أَخَذَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ: مِنَ الْإِيمَانِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِذَا بُعِثَ فِيهِمْ، وَهِيَ الْمَعْنِيَّةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 81]؛ فَالْعَهْدُ الْمَأْخُوذُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ؛ أَخَذَتْهُ الْأَنْبِيَاءُ عَلَى أُمَمِهِمْ.

 

5- الْوَفَاءُ بِالْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ لِلْمُسْتَأْمَنِينَ[5]، وَأَهْلِ الذِّمَّةِ[6]: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا[7] لَمْ يَرَحْ[8] رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.فَشَرِيعَةُ الْإِسْلَامِ تَأْمُرُ بِالْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ، وَلَيْسَ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ، وَلَا مِنْ خِصَالِ أَهْلِهِ إِيذَاءُ الْمُسْتَأْمَنِينَ وَالْمُعَاهَدِينَ بِأَيِّ صُورَةٍ كَانَتْ. قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (جَاءَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ بِالْأَمْرِ بِالْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ ‌وَالشُّرُوطِ ‌وَالْمَوَاثِيقِ وَالْعُقُودِ، وَبِأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَرِعَايَةِ ذَلِكَ، وَالنَّهْيِ عَنِ الْغَدْرِ، وَنَقْضِ الْعُهُودِ، وَالْخِيَانَةِ، وَالتَّشْدِيدِ عَلَى مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ)[9].

 

وَمِنَ الْآيَاتِ الْوَارِدَةِ فِي الْحَثِّ عَلَى الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ، وَالتَّحْذِيرِ مِنْ نَقْضِهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا ﴾ [النَّحْلِ: 91]؛ وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 187]؛ وَقَوْلُهُ: ﴿ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ ﴾ [الرَّعْدِ: 20].

 

وَمِنَ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي الْحَثِّ عَلَى الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ، وَالتَّحْذِيرِ مِنْ نَقْضِهَا: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يُنْصَبُ لِغَدْرَتِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَفِي رِوَايَةٍ: «لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعْرَفُ بِهِ، يُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي لَفْظٍ: «لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ عِنْدَ اسْتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ، فَقِيلَ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَمِنْ عُقُوبَاتِ نَقْضِ الْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ، وَالْإِخْلَالِ بِهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 13]؛ وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 14]؛ وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ * وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 70-71].

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنَ أَهَمِّ الْآدَابِ وَالْأَحْكَامِ، وَالْفَوَائِدِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾:

1- فِي تَصْدِيرِ الْآيَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ دَلَالَةٌ عَلَى فَضِيلَةِ الْإِيمَانِ، وَأَهَمِّيَّةِ مَا يُذْكَرُ بَعْدَ هَذَا النِّدَاءِ، وَأَنَّهُ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْإِيمَانِ؛ تَصْدِيقًا بِهِ- إِنْ كَانَ خَبَرًا، وَعَمَلًا بِهِ- إِنْ كَانَ طَلَبًا[10].

 

2- الْإِيمَانُ بِاللَّهِ تَعَالَى يَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ فِيمَا بَيْنَهُمْ.

 

3- عَدَمُ الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ وَالشُّرُوطِ وَالْعُقُودِ نَقْصٌ فِي الْإِيمَانِ؛ لِأَنَّ صِفَةَ الْإِيمَانِ مُلْزِمَةٌ لِلنَّاسِ بِهَذَا الْوَفَاءِ، مُسْتَحِثَّةٌ لَهُمْ عَلَيْهِ[11].

 

4- وُجُوبُ الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ الَّتِي بَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَبَيْنَ الْعِبَادِ.

 

5- وُجُوبُ الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ وَالشُّرُوطِ وَالْمَوَاثِيقِ وَالْعُقُودِ بَيْنَ النَّاسِ، وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا؛ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ مَشْرُوعَةً.

 

6- الْأَصْلُ فِي الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ لِلْوُجُوبِ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِحَقِّ الْآخَرِينَ؛ لِأَنَّهُ إِبْرَامُ شَيْءٍ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْآخَرِ[12].

 

7- وُجُوبُ الْوَفَاءِ بِالشُّرُوطِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي الْعَقْدِ، فَإِذَا عَقَدَ رَجُلَانِ بَيْنَهُمَا عَقْدَ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَاشْتَرَطَا شُرُوطًا، فَالْأَصْلُ وُجُوبُ الْوَفَاءِ بِالشُّرُوطِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: ﴿ أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ يَشْمَلُ الْوَفَاءَ بِالْعَقْدِ نَفْسِهِ، وَبِأَوْصَافِهِ الَّتِي هِيَ شُرُوطُهُ[13].

 

8- وُجُوبُ الْوَفَاءِ بِشُرُوطِ عَقْدِ النِّكَاحِ بَيْنَ النَّاسِ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

9- يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿ أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ أَنَّ الْعُقُودَ تَنْعَقِدُ بِمَا دَلَّ عَلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ، بِلَفْظٍ، أَوْ إِشَارَةٍ، أَوْ كِتَابَةٍ، وَجْهُ ذَلِكَ: أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا أَطْلَقَ الْعَقْدَ، فَكُلُّ مَا كَانَ عَقْدًا بَيْنَ النَّاسِ فَهُوَ عَقْدٌ[14].

 

10- الْجَهْلُ بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ مِنْ أَهَمِّ الْأَسْبَابِ الَّتِي تُؤَدِّي إِلَى نَقْضِ الْعُهُودِ، وَاسْتِحْلَالِ الدِّمَاءِ الْمَعْصُومَةِ، وَإِبْطَالِ عَهْدِ الْحُكَّامِ بَعْدَ تَكْفِيرِهِمْ، وَمِنْ ثَمَّ اسْتِحْلَالِ دِمَاءِ الْمُعَاهَدِينَ وَالْمُسْتَأْمَنِينَ.

 

11- النَّهْيُ عَنِ الْغَدْرِ، وَنَقْضِ الْعُهُودِ، وَالْخِيَانَةِ، وَالتَّشْدِيدُ عَلَى مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ.

 

12- الْعُقُوبَةُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لِمَنْ نَقَضَ الْعُهُودَ وَالْمَوَاثِيقَ، وَأَخَلَّ بِهَا.



[1] ﴿ أَوْفُوا ﴾: أَدُّوا مع التَّمام. وأصلُ الوفاء: تمامُ الشَّيءِ، وإتْمامُ العَهدِ، والقيامُ بمُقتضاه، وإكمالُ الشَّرط. انظر: مقاييس اللغة، (6/ 129)؛ المفردات، (ص878).

[2] ﴿ بِالْعُقُودِ ﴾: بِالعُهود المُوَثَّقَةِ. وأصلُ (عقد) يدلُّ على: شَدٍّ، وشِدَّةِ وُثُوقٍ. انظر: مقاييس اللغة، (4/ 86)؛ تذكرة الأريب، لابن الجوزي (ص78).

[3] انظر: تفسير ابن عثيمين – سورة المائدة، (1/ 7).

[4] تفسير السعدي، (ص218).

[5] المُستأمَنون: هم الكُفَّار الذين يُؤذَنُ لهم بدخول بلاد المسلمين والإقامةِ فيها لمدة مُحدَّدة؛ كالسُّفراء، والتُّجار، والعُمَّال، والزُوَّار، ونحوهم.

[6] أهل الذّمَّة: هم الكُفَّار من أهل الدِّيار الإسلامية، وقام بينهم وبين المسلمين عهدٌ يستوجِبُ عِصمَةَ دمائهم وأموالِهم وأعراضِهم، ووجوب حمايتهم؛ مقابل خضوعهم لسلطان الدًَّولة. انظر: مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين، (7/ 296).

[7] المُعَاهَد: هو الكافِرُ الذي له عَهْدٌ شَرعِيٌّ مع المسلمين؛ سواء كان بعقد جِزيةٍ، أو هُدنةٍ من سلطانٍ، أو أمانٍ من مُسْلِمٍ. انظر: فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام، لابن عثيمين (5/ 235).

[8] يَرَحْ: أَيْ: لَمْ يَشُمَّ رِيحَها. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، (2/ 272).

[9] الفتاوى الكبرى، (4/ 88).

[10] انظر: تفسير ابن جرير، (8/ 53).

[11] انظر: تفسير ابن عثيمين – المائدة، (1/ 6).

[12] انظر: تفسير ابن عثيمين – المائدة، (1/ 11).

[13] انظر: تفسير ابن عثيمين – المائدة، (1/ 12).

[14] انظر: تفسير ابن عثيمين – المائدة، (1/ 11، 12).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام
  • تفسير قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام)
  • وقفات مع القاعدة القرآنية: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود}

مختارات من الشبكة

  • من طامع في مال قريش إلى مؤمن ببشارة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بركة الرزق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: كيف نتعامل مع الشخصية الغامضة؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الكفارات الثلاث (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما تركتهن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فضائل الصلاة وثمارها من صحيح السنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أشبعوا شبابكم من الاحترام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الذكاء الاصطناعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ألا إن سلعة الله غالية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المولد(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 28/2/1447هـ - الساعة: 8:36
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب