• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن وقيامه به ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    بطلان موت الصحابي الجليل عبيدالله بن جحش رضي الله ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    نماذج من سير الأتقياء والعلماء والصالحين (10) أبو ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    استراتيجيات تحقيق الهدف الثاني لتدريس المفاهيم ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    قسوة القلب (2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    مساعدة أم غش؟
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    وصية النبي - صلى الله عليه وسلم- بطلاب العلم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الأمن.. والنعم.. والذكاء الاصطناعي
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    يا معاشر المسلمين، زوجوا أولادكم عند البلوغ: ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حديث: يا رسول الله، أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    الأحاديث الطوال (23) وصول النبي صلى الله عليه ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    ففروا إلى الله (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الذكاء الاصطناعي بين نعمة الشكر وخطر التزوير: ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    زمان الدجال.. ومقدمات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة الملائكة
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

القرآن وتعدد النيات (خطبة)

القرآن وتعدد النيات (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/3/2025 ميلادي - 10/9/1446 هجري

الزيارات: 5250

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

القرآن وتعدد النيات

 

إن الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون ﴾ [آل عمران: 102].. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون ﴾ [الحشر: 18].. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70]..

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ في النار..

 

معاشر المؤمنين الكرام: القرآنُ العظيم: حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِين، وَنُورُه المبِين، وصراطهُ المستقيم.. لا تزيغُ به الأهواء، ولا يشبعُ منهُ العلماء، ولا يخلقُ عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه.. كلّما ازدادت البصائرُ فيه تفكراً، زادها هِدايةً وتبصراً، ﴿ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾ [هود: 1]..

 

نوهَ الله تعالى بعظم شأنه فقال: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ﴾ [الحجر: 87].. وأشادَ بعلو منزلتهِ وشرفه فقال: ﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾ [الزخرف: 44].. وقال أيضاً: ﴿ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾ [الزخرف: 4].. وقال أيضاً: ﴿ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيز* لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيد ﴾ [فصلت: 41].. وبين أنهُ أحسنُ الحديثِ وأفضلُهُ فقال تعالى: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ [الزمر: 23].. وأكدَ أن فيه بركةً عظيمة فقال تعالى: ﴿ وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون ﴾ [الأنعام: 155]، وقال تعالى: ﴿ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَاب ﴾ [ص: 29].. ووصفهُ بأنه روحٌ ونورٌ وهُدى، وموعظة وشفاءٌ ورحمةٌ وذكرى، فقال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِين ﴾ [يونس: 57]، وأقسَمَ اللهُ تعالى في سُورةِ الواقعةِ بقسَمٍ ما أقسم الله بمثله أبداً.. فقالَ جلَّ وعلا: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾ [الواقعة: 75].. فالقسَمُ عظِيمٌ ليتناسبَ مع عَظمةِ جَوابِ القسَمِ.. وهو قولُهُ تعالى: ﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ﴾ [الواقعة: 77]..

 

هذا القرآنُ الكريم: هو سميرُ القلوبِ ومُستراحُها، وأنيسُ الأرواح ورَوحها، ونورُ الصدورِ وانشراحُها، ونعيمُ العقولِ وغِذائُها، وربيعُ الصائمين وحُداءُها.. ﴿ وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُون ﴾ [الأعراف: 52]..

 

ثم إنّ هذا القرآنَ العظيم بفضل اللهِ هو الذي نهضَ بأمَّة العرب، وحولهم من رعاة غنمٍ إلى قادة أُمم.. وهو الذي نقلهم من مستنقعات التخلف والتبعية، إلى منصات الريادة والسيادة، وما كان المسلمون قبل القرآن شيئاً مذكورا..

 

إنه كتابٌ فريدٌ مجيد: أَنْزلَهُ الله تبصرةً وذكرى، وعبرةً لمن يخشى، فمَنْ اتَّبع هُداهُ فلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى.. ووالله لو ﴿ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82].. والله ﴿ لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ [الإسراء: 88]..

 

والله ما قرأت العيونُ، ولا سمعت الآذانُ شيئاً مثلُ القرآن، وما في الدنيا شيءٌ يفعلُ بالقلوب ما يفعلهُ القرآن، فهو يوقِظها من غفلتها، ويُحرِكُ كوامِنَ الخيرِ والهدى فيها، ﴿ تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيب ﴾ [ق: 8]..

 

ها هيَ أجملُ القصائدِ وأحلاها، فقدت رونقُها وذهبَ بهائُها، أمَّا القرآنُ فلا.. ها هيَ أروعُ القَصصِ والروايات، هُجرُت وملّ قُراءها منها، أمَّا القرآنُ فلا.. ها هيَ أروع الكتبِ والمؤلفات، ذاعت شُهرتها، وعلا صِيتها فترة من الزمان، ثم خبا بريقُها، وطواها النسيان، أمّا القرآنُ فباقٍ كما هو، بقيَ القرآن غضّاً طريّاً، جديداً نديّاً، كأنّما أُنزلَ البارحة، بقيَ القرآنُ كما هو.. ﴿ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾ [الزمر: 23].. بقيَ القرآنُ كما هو: ﴿ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [المائدة: 16].. بقيَ القرآنُ كما هو كتابٌ عزيز: ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 42]..

 

كتابٌ عجيبٌ مُبارك: نزلَ به جبريلُ عليه السلام، فأصبحَ خيرُ الملائكةِ وأفضلُهم.. ونزلَ به على قلب نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، فأصبحَ خيرُ الأنبياءِ والمرسلين وأفضلُهم.. ونزلَ به في شهر رمضانَ المبارك فأصبحَ رمضانُ خيرُ الشهورِ وأفضلُها.. ونزلَ به في ليلة القدر، فأصبحت خيرُ الليالي وأفضلُها.. ونزلَ القرآنُ الكريم لأمّة الإسلام، فأصبحت خيرُ أمةٍ أخرجت للناس.. وواللهِ ما نزلَ هذا القرآنُ العظيمُ في قلب مسلمٍ فتعلمهُ وعمِلَ به وفقَ مُرادِ اللهِ جلّ وعلا، إلا أصبحَ خيرَ الناس، بنصِّ الحديثِ الصحيح: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه"، وعن أنس رضي الله قال: قال صلى الله عليه وسلم إنّ للهِ أهلينَ من الناس، قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال: أهلُ القرآن، هم أهلُ اللهِ وخاصته"، والحديثُ صححه الألباني..

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [العنكبوت: 51]..

 

أقول ما تسمعون...

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى،

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب ﴾ [الزمر: 18]..

 

معاشر المؤمنين الكرام: معلومٌ أن الطاعاتِ مرتبطةٌ بالنيات في أصل صِحتها، وفي مُضاعفة أجورها، في الحديث الصحيح: "إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى"، فثوابُ العاملِ وجزاءهُ إنما يكونُ بحسب نيته، وقد يكون للعمل الواحد نياتٌ كثيرة، فيكون له بكل نيةٍ حسنة، والحسنةُ تُضاعفُ إلى عشر أضعاف، إلى أضعافٍ كثيرة، ومن هنا يعظُمُ الثواب، وتتضاعفُ الأجور، وذلك فضلُ اللهِ يؤتيهِ من يشاءُ والله ذو الفضل العظيم..

 

تعدّدُ النياتِ يا عباد الله: فِقهٌ جليل يُسمى تجارةُ العلماء، وهو أن يؤدي العبدُ عملاً واحداً يستحضرُ فيه نياتٍ كثيرة، فتتداخلُ العبادات، وتتضاعفُ الأجورُ والحسنات.. وهذا أمرٌ ينبغي للعاقل ألا يفوِّته على نفسه، قال يحيى ابن كثير: (تعلَّموا النيةَ فإنها أبلغُ من العمل).. ويقولُ الامام ابن المبارك: (رُبَّ عملٍ صغيرٍ تعظِّمُهُ النية، ورُبَّ عملٍ كبيرٍ تُصغِّرهُ النية).. وقال أبو حامد الغزالي: (ما من طاعةٍ إلا وتحتملُ نياتٍ كثيرة، وإنما تَحضُرُ في قلب العبدِ المؤمنِ بقدر جِدِه في طلب الخير، وتَشمِيرهِ له، وتفكُّرِهُ فيه، فبهذا تزكو الأعمالُ وتتضاعفُ الحسنات).. وقال بعضُ السلف: (إني لأستحبُ أن يكون لي في كل شيءٍ نيّة).. ويقولُ أحدُ العلماء: إني لأنوي بطلب العلم أكثرَ من مائة نية..

 

أحبتي الكرام: كُلنا بفضل اللهِ يقرأُ القرآن، خُصوصاً في رمضان، لكن كثيرين يقرؤنهُ بنية الأجرِ فقط، ويفوِّتُون على أنفسهم الكثيرَ من النيات التي يمكنُ أن ينونها لنفس القراءة: فمن ذلك: نيّةُ الاستهداءِ بهدايات القرآن، والاستنارةُ بأنواره، فالله تعالى يقول: ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52].. ويقول سبحانه: ﴿ إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء: 9].. ويقول تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185]..

 

ومن النيات: نيةُ مُناجاةٍ اللهِ بكلامه والتّقربَ إليه بما يُحب: قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُور ﴾ [فاطر: 29].. وفي صحيح مسلم، قال صلى الله عليه وسلم: "ما أذِنَ اللَّهُ لِشيءٍ ما أذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بالقُرْآنِ يَجْهَرُ بهِ"..

 

ومن النيات: نية الاستشفاءٌ بآيات القرآن: فالله تعالى يقول: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82].. وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِين ﴾ [يونس: 57]، وثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال عن سورة الفاتحة، هي الشافية، فلم لا ينوى القارئ حتى ولو كان في الصلاة أن تكون قراءتهُ رُقيةً لهُ من كل داء، وعافيةً من كل بلاء..

 

ومن النيات: نيةُ طلبِ الثباتِ على الهدى، لقوله تعالى: ﴿ كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً ﴾ [الفرقان: 32]..

 

ومن النيات: نية الحصولِ على البركة والرحمة، قال تعالى: ﴿ وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون ﴾ [الأنعام: 155].. وفي الحديث الصحيح: "اقْرَؤُوا سُورَةَ البَقَرَةِ، فإنَّ أخْذَها بَرَكَةٌ، وتَرْكَها حَسْرَةٌ، ولا تَسْتَطِيعُها البَطَلَةُ"..

 

ومن النيات: نيةُ التّذكُرِ والاعتبار ورقة القلب، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِر ﴾ [القمر: 17]، وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِين ﴾ [النور: 34].. وقال تعالى: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيد ﴾ [ق: 37]..

 

ومن النيات: نيةُ طلبِ العلمِ والحِكمة: لقوله تعالى: ﴿ وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114]، وقال تعالى: ﴿ ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيم ﴾ [آل عمران: 58]، وفي الحديث الصحيح، "خيركم من تعلم القرآن وعلمه"..

 

ومن النيات: نيةُ الصدقة: في الحديث الصحيح، والكلمة الطيبة صدقة، وهل هناك ما هو أطيب من كلام الله..

 

ومن النيات: نيةُ الوعظِ به والتبليغِ ونفعِ الآخرين: قال تعالى: ﴿ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيد ﴾ [ق: 45]، وقال تعالى: ﴿ وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِين ﴾ [النمل: 92]..

 

ومن النيات: نيةُ التمسكُ والاتباع: في الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: "تركتُ فيكم ما إن اعتصمتُم به فلن تَضِلُّوا أبدًا، كتابَ اللهِ، وسُنَّةَ نبيِّه"..

 

ومن النيات: نيةُ التدبرِ والتّفكر في كلام الله وآياته: ﴿ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَاب ﴾ [ص: 29].. وقال تعالى: ﴿ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ﴾ [محمد: 24]..

 

ومن النيات: نيةُ تحصيل الأجورِ العظيمة والمنازلِ العالية: في الحديث الصحيح: "مَن قَرَأَ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حَسَنةٌ، والحَسَنةُ بعَشْرِ أمثالِها".. و"يقالُ لصاحِبِ القرآنِ: اقرأ، وارتَقِ، ورتِّل كَما كُنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا، فإنَّ منزلتَكَ عندَ آخرِ آيةٍ تقرأُ بِها".. و"أهل القرآن، هم أهل الله وخاصته".. والقرآن يأتي شفيعاً لأصحابه يوم القيامة.. وغيرها من النيات والفضائل.. علماً بأنه لا يستلزم أن يستحضرَ الانسانُ هذه النوايا كلها، ولكن بقدر ما يتيسرُ له فليتزود.. في صحيح البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ عَنِ ابنِ عَبَّاسِ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ اللهَ كَتَبَ الحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، ثم بَيَّنَ ذَلِكَ في كِتَابِهِ، فَمَن هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَم يَعمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِندَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِن هَمَّ بها فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ عِندَهُ عَشرَ حَسَنَاتٍ إِلى سَبعِ مِئَةِ ضَعفٍ إِلى أَضعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَن هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَم يَعمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِندَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِن هُوَ هَمَّ بها فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً أَو مَحَاهَا، وَلا يَهلِكُ عَلَى اللهِ إِلاَّ هَالِكٌ"..

 

فيا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، واحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..

 

اللهم صل على محمد...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • النيات التي ينويها طالب العلم
  • إنما الأعمال بالنيات
  • إنما الأعمال بالنيات (خطبة)
  • النيات الصالحة في الزواج الإسلامي
  • إنما الأعمال بالنيات

مختارات من الشبكة

  • بشارة القرآن لأهل التوحيد (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • كلمات وصفت القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أولادنا وإدمان الألعاب الإلكترونية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: احفظ الله يحفظك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القوامة بين عدالة الإسلام وزيف التغريب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وفاء النبي صلى الله عليه وسلم بالعهود (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لنصلح أنفسنا ولندع التلاوم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: {أفمن زين له سوء عمله...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عالم الفساد والعفن: السحر والكهانة والشعوذة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا تغرنكم الحياة الدنيا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 10/2/1447هـ - الساعة: 21:56
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب