• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن وقيامه به ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    بطلان موت الصحابي الجليل عبيدالله بن جحش رضي الله ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    نماذج من سير الأتقياء والعلماء والصالحين (10) أبو ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    استراتيجيات تحقيق الهدف الثاني لتدريس المفاهيم ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    قسوة القلب (2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    مساعدة أم غش؟
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    وصية النبي - صلى الله عليه وسلم- بطلاب العلم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الأمن.. والنعم.. والذكاء الاصطناعي
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    يا معاشر المسلمين، زوجوا أولادكم عند البلوغ: ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حديث: يا رسول الله، أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    الأحاديث الطوال (23) وصول النبي صلى الله عليه ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    ففروا إلى الله (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الذكاء الاصطناعي بين نعمة الشكر وخطر التزوير: ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    زمان الدجال.. ومقدمات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة الملائكة
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

الحذر من مصاحبة الأشرار (خطبة)

الحذر من مصاحبة الأشرار (خطبة)
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/3/2023 ميلادي - 11/8/1444 هجري

الزيارات: 12160

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الحذر من مصاحبة الأشرار

 

الخُطْبَةُ الْأُولَى

إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

أمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

عِبَادَ اللهِ: إِنَّ لِلأَصْحَابِ الأَشْرَارِ تَأْثِيـرًا عَلَى أَصْحَابِـهِمْ؛ فَهُمْ يَسْعَوْنَ كَادِحِيـنَ لإِضْلَالِـهِمْ، يَنْجَحُ بَعْضُهُمْ وَيُـخْفِقُ بَعْضٌ، وَوَرَدَتْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ نَـمَاذِجٌ لِـحِرْصِ الأَصْحَابِ الْأَشْرَارِ وَالْفُـجَّارِ عَلَى إِغْوَاءِ أَصْحَابِـهِمْ وَإِضْلَالِـهِمْ.

 

رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: "أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ المُغِيرَةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- لِأَبِي طَالِبٍ: "يَا عَمِّ، قُلْ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ" فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ، وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ المَقَالَةِ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ: هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ". فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ أَصْحَابُهُ الْفُـجَّارُ سَبَبًا فِي حِرْمَانِهِ مِنَ الْـهُدَى.

 

وَذَكَرَ اللهُ لَنَا فِي الْقُرْآنِ قِصَّةَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ الَّذِي كَادَ أَنْ يُؤَثِّرَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ السَّيِّئ، الَّذِي سَعَى لإِضْلَالِه، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ * أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ ﴾ [الصافات: 51، 53]، فَهَذَا الصَّاحِبُ الْكَافِرُ بَذَلَ غَايَتَهُ لإِضْلَالِ صَاحِبِهِ الْمُؤْمِنِ، وَبَثِّ الشُّبَهِ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ اللهَ لَطَفَ بِعَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ؛ فَحَمَاهُ مِنْ شَرِّ الْكَافِرِ.

 

ثُـمَّ نَظَرَ الْمُؤْمِنُ إِلَى صَاحِبِهِ الْكَافِرِ فِي الدَّارِ الآخِرَةِ؛ فَرَآهُ فِي وَسَطِ الْـجَحِيمِ يُعَذَّبُ، فَقَالَ مُـخَاطِبًا لَهُ، مُقْسِمًا عَلَى ذَلِكَ: تَا اللهِ لَقَدْ كِدْتَ تُـهْلِكَنِـي بِـمُحَاوَلَتِكَ صَدِّي عَنِ الإِيـمَانِ، وَلَكِنَّ اللهَ أَنْعَمَ عَلَيَّ بِـهِدَايَتِهِ، وَثَبَّتَنِي، وَوَقَانِي مِنْ شَرِّكَ وَتَلْبِيسِكَ، وَإِلَّا لَكُنْتُ الآنَ مَعَكَ مُـحْضَرًا فِي هَذَا الْعَذَابِ الْبَئِيسِ. فَالصَّاحِبُ السَّيِّئ عَدُوٌّ لِصَاحِبِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴾ [الزخرف: 67].

 

فَالأَخِلَاءُ الَّذِينَ يَـجْتَمِعُونَ عَلَى الشَّهَوَاتِ، وَاِنْتِهَاكِ حُرُمَاتِ اللهِ؛ تَنْقَلِبُ خُلَّتُهُمْ فِي الآخِرَةِ عَدَاوَةً وَبَغْضَاءَ؛ وَيَلُومُ كُلٌّ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ، فَالشَّرُّ الَّذِي اِجْتَمَعُوا عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا أَهْلَكَهُمْ فِي الآخِرَةِ، وَالْمَعَاصِي الَّتِـي تَـحَابُّوا مِنْ أَجْلِهَا فِي الدُّنْيَا هِيَ الَّتِـي أَلْقَتْهُمْ فِي الْعَذَابِ الْمُقِيمِ؛ فَكَانَ لَازِمًا أَنْ يَلُومَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الآخَرَ. فَفِي سَاعَةِ الْـجَزَاءِ يَنْكَشِفُ زَيْفُ الْعِلَاقَاتِ.

 

وَذَكَرَ اللهُ لَنَا خَـبَـرَ الظَّالِـمِ الَّذِي سَيَعَضُّ أَصَابِعَ النَّدَمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِـحَسْرَةٍ وَنَدَامَةٍ، عَلَى تَأْثِـيـرِ صَاحِبِهِ عَلَيْهِ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ ﴾ [الفرقان: 27]، حَيْثُ يَـجْمَعُ بَيْـنَ يَدَيْهِ لِشِدَّةِ مَا يُعَانِيهِ مِنَ النَّدَمِ حِينَمَا سَلَكَ طَرِيقًا غَيْـرَ طَرِيقِ النَّبِـيِّ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، وَيَتَحَسَّرُ أَشَدَّ الْـحَسْرَةِ؛ لِـمَا آلَ إِلَيْهِ مَصِيرُهُ، فَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِـي لَـمْ أَصْحَبْ الأَشْرَارَ، وَلَـمْ أَتَّـخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا.

 

وَاُشْتُهِرَ بِأَنَّ سَبَبَ نُزُولِ الآيَةِ "أَنَّ عُقْبَةَ بنَ مَعِيطٍ اِجْتَمَعَ وَأُبَيِّ بِنِ خَلَفٍ، وَكَانَا خَلِيلَيْـنِ؛ فَقَالَ أَحُدُهُـمَا لِصَاحِبِهِ: بَلَغَنِـي أَنَّكَ أَتِيتَ مُـحَمَّدًا فَسَمِعْتَ مِنْهُ، وَاللهِ لَا أَرْضَى عَنْكَ حَتَّـى تَتْفُلَ فِي وَجْهِهِ وَتُكَذِّبَهُ، فَلَمْ يُسَلِّطْهُ اللهُ عَلَى ذَلِكَ"، فَأَنْزَلَ اللهُ فِيهِمَا قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ [الفرقان: 27 - 29].

 

فَكَمْ مِنْ صَاحِبٍ سَيَخْذُلُ صَاحِبَهُ يَوْم َالْقِيَامِةِ! كَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا)، فَعَادَةُ الشَّيْطَانِ لَا تَتَغَيَّـرُ، وَمَنْهَجُهُ لَا يَتَبَدَّلُ.

 

كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الحشر: 16]، قَالَ اِبْنُ كَثِيـرٍ -رَحِـمَهُ اللهُ-: "وَسَوَاءٌ كَانَ سَبَبُ نُزُولِـهَا فِي عُقْبَةَ بنِ أَبِي مُعَيْطٍ أَو غَيْـرِهِ مِنَ الأَشْقِيَاءِ، فِإِنَّـهَا عَامَّةٌ فِي كُلِّ ظَالِـمٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ﴾ [الأحزاب: 66 - 68]، فَكُلُّ ظَالِـمٍ يَنْدَمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غَايَةَ النَّدَمِ، وَيَعَضُّ عَلَى يَدَيْهِ قَائِلًا: ﴿ يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا ﴾، يَعْنِـي: مَنْ صَرَفَهُ عَنِ الْـهُدَى، وَعَدَلَ بِهِ إِلَى طَرِيقِ الضَّلَالَةِ مِنْ دُعَاةِ الضَّلَالَةِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أُمَيَّةُ بنُ خَلَفٍ، أَوْ أَخُوهُ أُبَيُّ بنُ خَلَفٍ، أَوْ غَيْـرُهُـمَا".

 

عِبَادَ اللهِ: إِنَّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ ﴾ [الفرقان: 27]، وَقَفَاتِ تَأَمُّلٍ وَتَدَبُّرٍ فِي مَآلِ مُـجَالِسِي أَصْحَابِ الشَّهَوَاتِ، فَسَيَـرَى الظَّالِـمُ عَاقِبَةَ ظُلْمِهِ لِنَفْسِهِ عِنْدَمَا تَرَكَ الأَخْيَارَ وَجَالَسَ الْفُجَّاَر.

 

فَيَا لِعِظَمِ هَذِهِ الآيَةِ! كَيْفَ بَيَّنَتْ لَنَا نَدَمَ هَذَا الظَّالِـمِ لِنَفْسِهِ عَلَى ضَيَاعِ الْفُرْصَةِ الَّتِـي فَاتَتْهُ، وَلَا يُـمْكِنُ أَنْ تَعُودَ إِلَيْهِ أَبَدًا، وَالْـخَطَأُ الَّذِي لَوْ مَلَكَ مَا عَلَى الأَرْضِ ذَهَبًا لِيَتَدَارَكَهُ وَيُصَحِّحَهُ فِي الآخِرَةِ؛ فَلَنْ يَتَحَقَّقَ، فَيَتَعَذَّبُ عَذَابًا نَفْسِيًّا لَا يُـمْكِنُ تَصَوُّرُهُ نَاهِيكَ عَنِ الْعَذَابِ الْـجَسَدِيِّ الَّذِي لَا يُـمْكِنُهُ أَنْ يُفْلِتَ مِنْهُ، وَيُرَدِّدُ بِأَلَـمٍ وَحَسْرَةٍ: ﴿ يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴾، فَسُبْحَانَ اللهِ! فَهُوَ يَدْعُو عَلَى نَفْسِهِ بِالْـهَلَاكِ، وَأَنَّى لَهُ ذَلِكَ؟ وَلَا يَدْعُو اِمْرِئٌ عَلَى نَفْسِهِ بِالْـهَلَاكِ إِلَّا إِذَا تَعَرَّضَ لِعَذَابٍ أَشَدِّ مِنَ الْـهَلَاكِ:

كَفَى بِكَ دَاءً أَنْ تَرَى الْمَوْتَ شَافِيًا
وَحَسْبُ الْمَنَايَا أَنْ يَكُنَّ أَمَانِيَا

فَالْمَسْأَلَةُ فَوْقَ اِحْتِمَالِهِ وَتَصَوَّرِهِ، فَيَتَمَنَّـى الْـهَلَاكَ، وَأَنَّهُ لَـمْ يُـجَالِسِ الْفُجَّارَ، وَلَكِنْ لَا سَبِيلَ لِلْحُصُولِ عِلَى أُمْنِيَّتِهِ فَقَدْ فَاتَ أَوَانُ ذَلِكَ؛ فَالآيَةُ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْكَافِرِ وَالْمُشْرِكِ، فَهِيَ تَتَنَاوَلُ بِطَرِيقِ الاِعْتِبَارِ كُلَّ أَصْحَابِ الأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ، وَمَنْ لَـمْ يَدْخُلُوا فِي الإِسْلَامِ، أَوْ دَخَلُوا فِيهِ وَلَـمْ يَلْزَمُوا سُنَّةَ نَبِيِّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

 

وَجَاءَ ذِكْرُ الصَّاحِبِ السَّيِّئ نَكَرَةً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فُلَانًا ﴾ حَتَّـى تَشْمَلَ كُلَّ صَاحِبِ سُوءٍ يَصُدُّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ، وَيُضِلُّ عَنْ ذِكْرِهِ، وَكُلَّ مَنْ جَالَسَ صَدِيقًا، أَوْ مَوْقِعًا إِلِكْتُرُونِيًّا، أَو جَـمَاعَةً يَـجْتَمِعُونَ عَلَى الْكُفْرِ وَالإِلْـحَادِ، وَمُـحَادَّةِ الرَّسُولِ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، وَمَنْ يَتَطَاوَلُونَ عَلَى مَقَامِ الإلُوهِيَّةِ وَالنُّبُوَّةِ، أَو يَعْرِضُونَ أَحْكَامَ اللهِ وَشَرِيعَتَهُ للاقْتِـرَاحَاتِ وَالتَّدَاوُلِ وَالتَّصْوِيتِ؛ وَكَأَنَّ لَـهْمْ حَقَّ قُبُولِـهَا أَوْ رَفْضِهَا؛ فَلَا يَتَأَثَّرُ بِـهِمْ إِلَّا مَـخْدُوعٌ، وَلَا يُـجَالِسُهُمْ إِلَّا مَعْتُوهٌ، وَلَا يَقْتَدِي بِـهِمْ إِلَّا مَـخْبُولٌ، فَذَكَّرَهُمُ اللهُ وَأَمْثَالَهُمْ بِأَنَّ هُنَاكَ يَوْمُ نَدَمٍ مُفْجِعٍ فَعَلَيْهِمْ تَدَارُكُ أَنْفُسِهِمْ قَبْلَ فَوَاتِ الأَوَانِ، وَقَبْلَ أَنْ يَذُوقُوا عَذَابَ الْـجَحِيمِ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ ﴾.

 

فَعَجَبًا وَاللهِ! كَيْفَ آثَرَ صُحْبَةَ وَخُلَّةَ فَاجِرٍ عَلَى صُحْبَةِ تَقِيٍّ صَالِحٍ؟! فَيَنْدَمُ حِينَمَا يُعَايِنُ الْعَذَابَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [يونس: 54].

 

مَقَامُ الْمُذْنِبِينَ غَدَا ذَلِيلًا
وَقَدْرُ الطَّائِعِينَ غَدَا جَلِيلْ
إِذَا مُدَّ الصِّرَاطُ عَلَى جَحِيمٍ
يَطُولُ عَلَى الْعُصَاةِ وَيَسْتَطِيلْ
وَنَادَى مَالِكًا خُذْ مِنْ عُصَاتِي
فَإِنِّي الْيَوْمَ لَسْتُ لَهُمْ أَقِيلْ

 

عَلَيْكَ –أَيُّهَا الْمُسْلِمُ- أَنْ تَـخْتَارَ مَنْ تُـخَالِلْ، فَلَا تُـخَالِلْ إِلَّا مَنْ حَسُنَتْ سَرِيرَتُهُ، وَاِسْتَقَامَتْ سِيـرَتُهُ، وَغَلَبَ الصَّوَابُ عَلَى أَقْوَالِهِ وَأَعْمَالِهِ؛ لِيَكُونَ دَلِيلَكَ إِلَى الْـخَيـرِ، وَسَائِقَكَ إِلَيْهِ، وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ شَرَّ خَلَّانِكَ، وَأَحَقَّهُمْ بِـهَجْرِكَ وَاِبْتَعَادِكَ عَنْهُ فَانظُرْ فِيمَا يُرَغِّبَكَ فِيهِ، وَمَا يُرَغِّبَكَ عَنْهُ. فَإِذَا وَجَدتَهُ يُرَغِّبَكَ عَنِ الْقُرْآنِ، وَعَمَّا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ فَإِيَّاكَ وَإِيَّاهُ، فَتِلْكَ أَصْدَقُ عَلَامَةٍ عَلَى خُبْثِهِ وَسُوءِ قُرْبِهِ، فَابْتَعِدْ عَنْهُ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ أَنْ تَعَضَّ عَلَى يَدَيْكَ عَلَى صُحْبَتِكَ لَهُ فِي الآخِرَةِ.

 

وَإِذَا وَجَدْتَهُ يُرَغِّبَكَ فِي الْقُرْآنِ وَمَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ؛ فَذَلِكَ الْـخَلِيلُ الصَّادِقُ، فَاسْتَمْسِكْ بِهِ، وَحَافِظْ عَلَيْهِ.

 

وَقَرِينُ السُّوءِ قَدْ يُدْخِلُ قَرِينَهُ النَّارَ، وَالتَّحْذِيرُ مِنْ قَرِينِ السُّوءِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَقْوَالِ سَلَفِ الأُمَّةِ مَشْهُورٌ مَعْرُوفٌ.

 

عَنِ الْمَرْءِ لَا تَسَلْ وَسَلْ عَنْ قَرِينِهِ
فَكُلُّ قَرِينٍ بِالْمُقَارَنِ يَقْتَدِي
إِذَا كُنْتَ فِي قَوْمٍ فَصَاحِبْ خِيَارَهُمْ
وَلَا تَصْحِبِ الأَرْدَى فَتَرْدَى مَعَ الرَّدَى

 

رَزَقَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ أَصْدِقَاءَ الْـخَيْـرِ. اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُـحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إِلَى وَجْهِكَ.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًَا عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًَا كَثِيرًَا.

أمَّا بَعْدُ:

فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

 

عِبَادَ اَللَّهِ؛ اِتَّقُوا اَللَّهَ حَقَّ اَلتَّقْوَى، وَاعْلَمُوا بِأَنَّ اَلْمَسْؤُولِيَّةَ اَلْمُلْقَاةُ عَلَى عَوَاتِقِنَا عَظِيمَة، مَسْؤُولِيَّة حِمَايَةِ أَبْنَائِنَا، وَفَلَذَاتِ أَكْبَادِنَا مِنَ اَلِانْحِرَافَاتِ اَلْفِكْرِيَّةِ وَالْعَقَدِيَّةِ، وَمِنَ اَلِانْحِرَافَاتِ اَلْأَخْلَاقِيَّةِ، فَعَلَى كُلٍّ مِنَّا أَنْ يَقُومَ بِمَا أَمَرَهُ اَللَّهُ أَنْ يَقُومَ بِهِ، بِحِمَايَةِ هَذِهِ اَلنَّاشِئَةِ مِنْ جَمِيعِ اَلِانْحِرَافَاتِ اَلَّتِي تُؤَثِّرُ عَلَى أُمُورِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ. أَوْ تَضُرُّ بِبِلَادِهِمْ، جَعَلَهُمْ رَبِّي قُرَّةَ أَعْيُنٍ لَنَا.

 

اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا، اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ امْدُدْ عَلَيْنَا سِتْرَكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا النِّيَّةَ وَالذُرِّيَّةَ وَالْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَـمـْكُمُ اللهُ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أسباب سوء الخاتمة .. مصاحبة الأشرار وأهل السوء

مختارات من الشبكة

  • واو الحال وواو المصاحبة في ميزان المعنى(مقالة - حضارة الكلمة)
  • خطبة: أولادنا وإدمان الألعاب الإلكترونية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: احفظ الله يحفظك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القوامة بين عدالة الإسلام وزيف التغريب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وفاء النبي صلى الله عليه وسلم بالعهود (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لنصلح أنفسنا ولندع التلاوم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: {أفمن زين له سوء عمله...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عالم الفساد والعفن: السحر والكهانة والشعوذة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا تغرنكم الحياة الدنيا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية ممارسة الهوايات عند الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 10/2/1447هـ - الساعة: 1:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب