• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح حديث المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    عقوبة من أساء بين الشريعة والافتراء (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    كيف تنطلق نهضة الاقتصاد الإسلامي في المجتمعات؟!
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الوصاية بالنساء في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الاستسقاء: أصله.. وأنواعه
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    قراءات اقتصادية (72) من قام بطهي عشاء آدم سميث: ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    خطبة بعدما حجوا وضحوا
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الامتداد الحضاري
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    فاحشة قوم لوط عليه السلام (6) التحول الجنسي
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    ورزق ربك خير وأبقى (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    حديث: إنه يشب الوجه، فلا تجعليه إلا بالليل
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    ذكريات ومواقف من دراستي في المرحلة المتوسطة ...
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    الصلاة على سجادة خوف العدوى من الإنفلونزا
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    {فأسرها يوسف في نفسه...} {نفقد صواع الملك}.. ...
    د. صغير بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا الأسرة
علامة باركود

الزواج والأسرة.. ضرورة (1) الزواج.. عقيدة وشريعة

الزواج والأسرة.. ضرورة (1) الزواج.. عقيدة وشريعة
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/9/2020 ميلادي - 28/1/1442 هجري

الزيارات: 21915

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الزواج والأسرة.. ضرورة (1)

الزواج.. عقيدة وشريعة

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: الْمُؤْمِنُ يَعْلَمُ أَنَّهُ خُلِقَ لِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَقِيبٌ عَلَى أَعْمَالِهِ فِي الدُّنْيَا، وَيُجَازِيهِ بِهَا فِي الْآخِرَةِ؛ وَلِذَا فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ فِي الْأَصْلِ يَسِيرُ عَلَى مَنْهَجِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي بَلَّغَهُ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ شُئُونِهِ؛ لِأَنَّهُ مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَيَرْجُو ثَوَابَهُ، وَيَخَافُ عِقَابَهُ. وَالزَّوَاجُ هُوَ الِارْتِبَاطُ الْوَحِيدُ بَيْنَ الْجِنْسَيْنِ، وَهُوَ عِمَادُ الْأُسْرَةِ السَّوِيَّةِ، وَلَهُ ارْتِبَاطٌ وَثِيقٌ بِالْعَقِيدَةِ مِنْ جِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ:

فَفِي الزَّوَاجِ اسْتِسْلَامٌ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، الَّذِي أَمَرَ بِالزَّوَاجِ فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ: ﴿ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾ [النِّسَاءِ: 3].

 

وَفِيهِ طَاعَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَامْتِثَالٌ لِأَمْرِهِ، وَالْمُؤْمِنُ مَأْمُورٌ بِذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 92]، ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الْحَشْرِ: 7]. وَأَوَامِرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الزَّوَاجِ وَاضِحَةٌ تَمَامَ الْوُضُوحِ، وَمِنْهَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ. وَخَصَّ الشَّبَابَ بِذَلِكَ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

بَلْ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَابَ عَلَى مَنْ زَهِدَ فِي الزَّوَاجِ وَتَبَتَّلَ لِأَجْلِ التَّفَرُّغِ لِلْعِبَادَةِ، رَغْمَ أَنَّ الْعِبَادَةَ مَقْصِدٌ شَرِيفٌ عَظِيمٌ، فَكَيْفَ إِذَنْ بِمَنْ رَغِبَ عَنِ الزَّوَاجِ لَا لِأَجْلِ الْعِبَادَةِ، وَإِنَّمَا لِأَجْلِ التَّنَصُّلِ مِنَ الْمَسْئُولِيَّةِ، أَوْ لِأَجْلِ الْأُنْسِ بِالْأَصْحَابِ وَالرِّفَاقِ، أَوْ لِأَيِّ غَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ آخَرَ؟! عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلُوا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا آكُلُ اللَّحْمَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ. فَقَالَ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَكَذَا؟ لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَلِذَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «لَيْسَتِ الْعُزْبَةُ مِنْ أَمْرِ الْإِسْلَامِ فِي شَيْءٍ». وَقَالَ: «مَنْ دَعَاكَ إِلَى غَيْرِ التَّزْوِيجِ فَقَدْ دَعَاكَ إِلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ».

 

وَبِنَاءُ الْأُسْرَةِ السَّوِيَّةِ بِالزَّوَاجِ، وَإِنْسَالُ الذَّرِّيَّةِ؛ مِنْ سُنَنِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ﴾ [الرَّعْدِ: 38]، وَقَدْ أُمِرْنَا بِالِاقْتِدَاءِ بِالرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 90].

 

وَفِي الزَّوَاجِ تَحْقِيقٌ لِلْإِيمَانِ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ؛ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الزَّوَاجَ وَإِعْفَافَ الزَّوْجَيْنِ لِبَعْضِهِمَا، وَتَكْوِينَ الْأُسْرَةِ، وَتَرْبِيَةَ الْأَوْلَادِ؛ طَاعَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ قَدْ رُتِّبَ عَلَيْهَا أُجُورٌ عَظِيمَةٌ، أَخْبَرَ عَنْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ، وَهَذِهِ الْأُجُورُ تَفُوتُ مَنْ عَزَفَ عَنِ الزَّوَاجِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. فَكَانَ الْعُزُوفُ عَنِ الزَّوَاجِ، وَالِانْصِرَافُ عَنْ تَأْسِيسِ أُسْرَةٍ سَوِيَّةٍ مُخَالِفًا لِهَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمُخَالِفًا لِهَدْيِ الرُّسُلِ جَمِيعًا، مَعَ مَا فِيهِ مِنْ خَلَلٍ فِي الِاسْتِسْلَامِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَنَقْصٍ فِي الْإِيمَانِ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ. وَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا يُنْقِصُ الْإِيمَانَ، وَيَقْدَحُ فِي الِاعْتِقَادِ. وَإِذَا كَانَ تَرْكُ الزَّوَاجِ، وَرَفْضُ بِنَاءِ أُسْرَةٍ سَوِيَّةٍ مُمَنْهَجًا، وَفِي إِطَارٍ فِكْرِيٍّ مَادِّيٍّ مُحَدَّدٍ؛ كَانَ الْإِثْمُ أَشَدَّ، وَالْخَطَرُ أَكْبَرَ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَقَصُّدًا لِهَدْمِ شَعِيرَةٍ مِنَ الشَّعَائِرِ الَّتِي أَجْمَعَتْ عَلَيْهَا الشَّرَائِعُ كُلُّهَا، وَمُنَاكَفَةً لِسُنَنِ اللَّهِ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ، وَمُعَارَضَةً لِأَفْعَالِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَكَفَى بِذَلِكَ إِثْمًا مُبِينًا ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [النِّسَاءِ: 115].

 

وَأَمَّا كَوْنُ الزَّوَاجِ شَرِيعَةً رَبَّانِيَّةً: فَإِنَّ كُلَّ تَفَاصِيلِ الزَّوَاجِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ، وَأَحْكَامَهُ وَحِكَمَهُ؛ مُفَصَّلَةٌ فِي النُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ، مِمَّا يَعْنِي أَهَمِّيَّةَ الزَّوَاجِ وَبِنَاءَ الْأُسْرَةِ السَّوِيَّةِ فِي الشَّرِيعَةِ الرَّبَّانِيَّةِ، وَحَسْبُنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَصَّ النِّسَاءَ بِسُورَةٍ قُرْآنِيَّةٍ، ابْتَدَأَهَا بِذِكْرِ نِعْمَةِ الزَّوَاجِ وَالنَّسْلِ، فَصَّلَ فِيهَا أَحْكَامَ الزَّوَاجِ وَالصَّدَاقِ وَالْقَوَامَةِ وَالتَّعَدُّدِ وَنِكَاحِ الْيَتِيمَاتِ، وَمَا يَحِلُّ مِنَ النِّسَاءِ وَمَا لَا يَحِلُّ، وَعَالَجَ فِيهَا ظَوَاهِرَ الْعَضْلِ وَالنُّشُوزِ وَالْخُصُومَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَأَحَاطَ هَذِهِ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ بِالْمَوَاعِظِ وَالْإِرْشَادِ؛ تَرْغِيبًا وَتَرْهِيبًا؛ لِيَقُومَ طَرَفَا الْأُسْرَةِ -الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ- بِوَاجِبَاتِهِمَا لِإِنْجَاحِ الزَّوَاجِ، وَبِنَاءِ الْأُسْرَةِ السَّوِيَّةِ.

 

وَخَصَّ الطَّلَاقَ بِسُورَةٍ أُخْرَى فَصَّلَ فِيهَا أَحْكَامَ الطَّلَاقِ وَالْعِدَّةِ وَالرَّضَاعِ وَالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى، وَكَرَّرَ فِيهَا الْأَمْرَ بِالتَّقْوَى؛ لِأَنَّ التَّقْوَى إِذَا وُجِدَتْ فِي الزَّوْجَيْنِ، فَعَرَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُقُوقَهُ وَوَاجِبَاتِهِ؛ ضَاقَتْ مِسَاحَةُ الْخِلَافِ، وَتَلَاشَتْ فُرَصُ الشِّقَاقِ.

 

وَفِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ آيَاتٌ بَيَّنَتْ حُكْمَ نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ، وَأَلْمَحَتْ إِلَى تَفْضِيلِ الْمَرْأَةِ لِدِينِهَا عَلَى مَا سِوَى ذَلِكَ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِبِنَاءِ أُسْرَةٍ صَالِحَةٍ. كَمَا عَرَضَتْ لِلْمُعَاشَرَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَالتَّعَامُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ إِذَا حَاضَتْ، ثُمَّ أَحْكَامِ الْإِيلَاءِ وَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ تَفْصِيلًا دَقِيقًا، وَأَحْكَامِ الرَّضَاعِ وَالنَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ وَالْحِدَادِ وَخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ، وَمَهْرِ الْمَرْأَةِ، وَمُتْعَةِ الْمُطَلَّقَةِ، وَخُتِمَتْ أَكْثَرُ هَذِهِ الْآيَاتِ الْكَثِيرَاتِ بِالْمَوَاعِظِ وَالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ؛ لِحِفْظِ حُقُوقِ الزَّوْجَيْنِ، وَالْقِيَامِ بِوَاجِبَاتِهِمَا.

 

وَأَمَامَ هَذَا الْكَمِّ الْهَائِلِ مِنْ أَحْكَامِ الزَّوَاجِ وَالْفِرَاقِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ لَا يَمْلِكُ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ تَوَلَّى تَفْصِيلَ ذَلِكَ بِأَحْسَنِ بَيَانٍ، وَأَبْلَغِ قَوْلٍ، وَأَرَقِّ مَوْعِظَةٍ. فَلَمْ يَتْرُكْهُ لِأَعْرَافِ النَّاسِ وَاجْتِهَادَاتِهِمْ، فَيَقَعَ الظُّلْمُ بِسَبَبِ الْجَهْلِ أَوِ الْهَوَى. وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِأَهَمِّيَّةِ بِنَاءِ الْأُسْرَةِ السَّوِيَّةِ فِي الْإِسْلَامِ.

 

فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِدِينِهِ، وَنَسْأَلُهُ الثَّبَاتَ عَلَيْهِ إِلَى الْمَمَاتِ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 131- 132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مَنْ عَجَزَ عَنْ مَئُونَةِ الزَّوَاجِ فَهُوَ مَعْذُورٌ حَتَّى يُغْنِيَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا بِالْعُنَّةِ وَلَا إِرْبَ لَهُ فِي النِّسَاءِ سَقَطَ عَنْهُ النِّكَاحُ. وَمَنْ قَدَرَ عَلَى النِّكَاحِ فَعَزَفَ عَنْهُ مَعَ أَنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ فَهُوَ مَفْتُونٌ، وَمُفَارِقٌ لِسَبِيلِ الرَّسُولِ فِي شَرِيعَةِ النِّكَاحِ. فَإِنْ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَانَ عَلَى شَرِيعَةِ الشَّيْطَانِ، وَالْمَيَّالُ لِلنِّسَاءِ لَنْ يَقْضِيَ وَطَرَهُ مِنْهُنَّ إِلَّا بِالنِّكَاحِ أَوْ بِالسِّفَاحِ، وَلَيْسَ لَهُ خِيَارٌ ثَالِثٌ. وَمِنْ عَجِيبِ آيَاتِ النِّكَاحِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ أَنَّهَا خُتِمَتْ بِهَذِهِ الْآيَاتِ: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النِّسَاءِ: 26-28]. وَسُنَنُ مَنْ قَبْلَنَا مِنَ الرُّسُلِ وَأَتْبَاعِهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ النِّكَاحُ، وَمُجَانَبَةُ السِّفَاحِ، وَأَهْلُ الْأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ لَا يُرِيدُونَ لِلنَّاسِ الزَّوَاجَ وَبِنَاءَ الْأُسْرَةِ السَّوِيَّةِ، وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ بِهِمُ الْمَيْلَ إِلَى الْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ.

 

وَفِي سُورَةِ الطَّلَاقِ قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ؛ فَحِينَ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَحْكَامَ الطَّلَاقِ وَالْعِدَّةِ وَالرَّضَاعِ، وَمَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ مِنَ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى وَحُقُوقِ الزَّوْجَةِ خَتَمَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ﴾ [الطَّلَاقِ: 8-10]. وَالنِّكَاحُ، وَمُجَانَبَةُ السِّفَاحِ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ الَّذِي أَمَرَنَا بِهِ، وَبَلَّغَتْهُ رُسُلُهُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَكَانَ مِنْ سُنَّتِهِمُ وَشَرِيعَتِهِمْ. وَمَعْنَى ﴿ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ ﴾ أَيْ: عَصَتْهُ وَخَالَفَتْهُ، فَحَقَّ عَلَيْهَا الْعَذَابُ، وَمِنْ أُولَئِكَ الْمُعَذَّبِينَ قَوْمُ لُوطٍ؛ حِينَ اسْتَبْدَلُوا الرِّجَالَ بِالنِّسَاءِ، وَالْفَاحِشَةَ بِالنِّكَاحِ. ثُمَّ وَعَظَ اللَّهُ تَعَالَى قُرَّاءَ الْقُرْآنِ مِنْ أُولِي الْأَلْبَابِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً بِاتِّبَاعِ الْقُرْآنِ، وَمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَعَدَهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِعَظِيمِ الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا * رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا ﴾ [الطَّلَاقِ: 8-11].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • كلمة لا بد منها في الزواج المبكر
  • عوائق في طريق الزواج
  • الشباب والزواج
  • تيسير الزواج
  • الحب قبل الزواج في الميزان
  • ما فوائد الزواج في الإسلام؟
  • نصائح عن الخطبة والزواج
  • أهمية مقاصد الزواج في تحقيق الأمن المجتمعي
  • النيات الصالحة في الزواج الإسلامي
  • الزواج والأسرة.. ضرورة (2) أجور النكاح.. وآثام السفاح (خطبة)
  • الزواج والأسرة.. ضرورة (3) المواعظ في آيات الزواج والفراق
  • الزواج والأسرة.. ضرورة (4) الفتنة في العزوبة والعنوسة (خطبة)
  • الزواج والأسرة.. ضرورة (5) العلاقة بين الزوجين.. تكامل أم تنافس
  • الزواج والأسرة.. ضرورة (6) عرض البنات على الأكفاء

مختارات من الشبكة

  • العلاقات الزوجية والأسرة المسلمة (PDF)(كتاب - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • فضل طلب العلم وأهله ومسؤولية الطلاب والمعلمين والأسرة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل العلم وأهله وبيان مسؤولية الطلاب والمعلمين والأسرة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • الطلاق غير الطبيعي: حين تفشل البداية، لا تستقيم النهاية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أحكام الأسرة في الإسلام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الانهيار الناعم... كيف تفككت الأسرة من الداخل(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الأسرة الحديثة بين العجز عن التزويج والانقراض الصامت(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مشروعية الزواج من واحدة فأكثر في السنة النبوية(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • هل أطلقها؟(استشارة - الاستشارات)
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الموسم الرابع من برنامج المحاضرات العلمية في مساجد سراييفو
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 26/6/1447هـ - الساعة: 13:56
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب