• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حديث: أمر رجلا أن يضع يده عند الخامسة على فيه ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    أربع من الجاهلية..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    قراءات اقتصادية (61): اليهود والعالم والمال
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    خطبة المولد
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    مفهوم المنهج الدراسي من منظور إسلامي
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الحمد لله (3) حمد الله تعالى نفسه
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    شرح جامع الترمذي في السنن (المستحاضة تجمع بين ...
    الشيخ أ. د. سعد بن عبدالله الحميد
  •  
    حلق رأس المولود حماية ووقاية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    هديه -صلى الله عليه وسلم- في التداوي بسور مخصوصة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    فوائد وعبر من قصة قارون (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    من محاسن الدين الإسلامي وجود بدائل لكل عمل صالح ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    من وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: الاستشراق ...
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: الاستشراق ...
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    صفر.. والحر..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    العناية بالشفتين في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

حقوق الميت (2)

حقوق الميت (2)
د. أمير بن محمد المدري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/8/2025 ميلادي - 29/2/1447 هجري

الزيارات: 158

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حقوق الميّت (2)

 

الحمد لله الذي خلق كل شيء فقدّره تقديرا، أحمده تعالى وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، ييسِّر عسيرًا، ويجبر كسيرًا، وكان ربُّك بصيرا، سبحانه وبحمده، جعل الليل والنهار خلفةً لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أدّخرها ليوم كان شره مستطيرًا، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله بعثه بالحق بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، فصلوات الله وبركاته عليه، وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

وبعد: فما زلنا مع حقوق الميت. ومن حقوقه:

قضاء ما عليه من ديون:

ومن حقوق الميت زكاة لم يؤدها فإنهم يخرجونها من تركته، وكذلك إذا مات وعليه نذر صيام صاموا عنه، والراجح أيضًا ما تركه من قضاء رمضان وهو يقدر عليه، وقد جاء رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ قال:«نعم دين الله أحق أن يُقضى»؛ [رواه البخاري1953 ومسلم1148].

 

وقالت عائشة ك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليُّه»؛ [رواه البخاري1952 ومسلم1147].

 

وكذلك من مات ولم يحج حج عنه أولياؤه، كما قال صلى الله عليه وسلم لرجل أتاه يقول: إن أبي مات ولم يحج أفأحج عنه؟ قال صلى الله عليه وسلم: «أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيه؟» قال: نعم، قال: «فدين الله أحق»؛ [رواه النسائي2639]، وعن ابن عباس ب: أن امرأة من جُهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فماتت قبل أن تحج أفأحج عنها؟ قال: «نعم حجي عنها أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟» قال: نعم، فقال: «اقضوا الله الذي له فإن الله أحق بالوفاء»؛ [رواه البخاري1852].

 

ومن كرم الله وجوده أن جعل حج الورثة عن الميت كحجه عن نفسه، ولا بأس أن يحجوا عنه نافلة، أو يعتمروا نافلة، إذا حجوا عن أنفسهم واعتمروا.

 

ومن مات وعليه نذر، أو كفارة يمين، أو نحو ذلك من الكفارات فإن من الإحسان إلى الميت أن يقوم ورثته بقضاء ذلك.

 

الله الله في قضاء ديون موتاكم لا تؤخروها فان الشهيد وهو شهيد يغفر له كل شيء إلا الدين، والميت مرهون بدينه.

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «نفس المؤمن معلّقة بدينه حتى يُقْضَى عنه»؛ [رواه أحمد والترمذي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه]، وروي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بجنازة ليُصلي عليها قال: «هل عليه دين؟» قالوا: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنّ جبريل نهاني أن أصلّي على من عليه دين، فقال: إن صاحب الدين مرتهن في قبره حتى يقضى عنه دينه»، وفي الرواية الأخرى: «فما ينفعكم أن أُصلي على رجل روحه مرتهن في قبره لا تصعد روحه إلى السماء، فلو ضمن رجل دينه قمت فصليت عليه فإن صلاتي تنفعه»؛ [رواه أبو يعلى والطبراني].

 

قال جابر -رضي الله عنه-: توفي والدي وعليه دين فاستعنت النبي صلى الله عليه وسلم على غرمائه، يعني: على غرماء أبيه من اليهود كي يضعوا عنه شيئًا من دينه، فطلب النبي صلى الله عليه وسلم إليهم فلم يفعلوا، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «اذهب فصنّف تمرك أصنافًا ثم أرسل إلي» ففعلت ثم أرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجاء فجلس على أعلاه ثم قال: «كل» -بالمكيال- للقوم فكلت لهم حتى أوفيتهم الذي لهم وبقي تمري كأنه لم ينقص منه شيء. [رواه البخاري2127].

 

وقد أوصى الزبير رضي الله عنه ابنه عبد الله بذلك فكان عبد الله حريصًا، فقال لما وقف الزبير يوم الجمل: دعاني فقمت إلى جنبه -يعني: أباه- فقال: يا بني إنه لا يُقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم، وإني لا أراني إلا سأُقتل اليوم مظلومًا، وإن من أكبر همي لديني أفترى يبقي ديننا من مالنا شيئًا؟ ثم قال: يا بني بع مالنا فاقض ديني وأوصى بالثلث... " الحديث وفيه: "وله يومئذ تسعة بنين وتسع بنات، قال عبد الله بن الزبير: فجعل يوصيني بدينه ويقول: يا بني إن عجزت عنه في شيء فاستعن عليه بمولاي، قال: فوالله ما دريت ما أراد حتى قلت: يا أبت من مولاك؟

 

قال: الله، فقال الزبير رضي الله عنه: الله، ثم قُتل فقال عبد الله: فوالله ما وقعت في كُربة من دينه إلا قلت: «يا مولى الزبير اقض عنه دينه » فيقضيه.

 

فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دين أبيه قال بنو الزبير ثمانية عشر نفسًا والزوجات: «اقسم بيننا ميراثنا»، قال: لا والله لا أقسم بينكم حتى أنادي بالموسم الحج أربع سنين: ألا من كان له على الزبير دين فليأتنا فلنقضه، قال: فجعل كل سنة ينادي بالموسم، فلما مضى أربع سنين قسم بينهم»؛ [رواه البخاري3129].

 

ويجب على أولياء الميت وورثته القيام بحقوق الله وحقوق الآدميين، ومن نعمة الله على الإنسان ورحمته أن هيأ له ما ينتفع به بعد موته، فإذا مات ابن آدم انقطع عمله وكف سعيه إلا ما كان من بر يصله وارثه به، وعلى الأقربين والوارثين أن يوافوا ميتهم بما ينفعه من الصالحات من العبادات، والطاعات، والسعي في نفعه، وذلك بوفاء حقوق الله، وحقوق العباد، والإحسان إلى الميت بالدعاء.

 

وكذلك إذا أوصى أن يُسافر به إلى بلد وفي المكان الذي مات فيه مقبرة للمسلمين يُدفن في مكانه الذي مات فيه، هذه هي السُّنة، ولا يُنقل إلا لحاجة كأن لا يكون في المكان الذي مات فيه مقبرة للمسلمين.

 

فئةٌ من الناس:

إن هناك فئة من الناس لا يرعون حق الميت ولا حُرمة الميت بل جُل همهم المال والدنيا الفانية، ففي دولة من الدول أدخل الناس جنازة، وقبل الصلاة قام أحد الناس وقال: لا تصلوا عليه فإن عليه دين لي ولا تصح صلاتكم حتى يُقضى ما عليه، حاول الناس دون جدوى فجُمع له ماله وصُلّي على الجنازة، وبعد الصلاة انفض الناس وبقيت الجنازة لوحدها ففتح إمام المسجد وإذا به يرى خشبة وليس هناك ميت.

 

وفي بلادنا أخرج أناسٌ ميتهم من ثلاجة المستشفى ووضعوه في مؤخرة السيارة ودخلوا لإكمال المعاملة في المستشفى وجاء سارق وشغّل السيارة وهولا يعلم أن هناك ميت في السيارة، وتم إبلاغ نقاط الشرطة وفي إحدى النقاط قُبض عليه فقال له الضابط: هل هذه سيارتك؟ قال: نعم. قال الشرطي: وهذا الميت تعرفه قال: أما هذا فلا أعرفه.

 

الميراث:

لو مات المورّث وكان قد أكل مالًا بالباطل، أو ظلم عمالًا، أو غصب شيئًا، أو أخذ مال شريكه بغير حق، فهذا كسْبٌ حرام، على الورثة أن يأخذوا فيه بالحزم والورع، وأن يردوا الحقوق إلى أصحابها قبل أن يأخذوا شيئًا من التركة، فإن لم يعرفوا أصحابها وعرفوا عين المال المحرم تصدقوا به على نية صاحبه.

 

ولو مات المورّث وكان في ماله شيء من حق أخواته اللاتي حرمهن من ميراث أبيهن مثلًا، فيجب على الورثة إعطاؤه للعمّات.

 

ولو قسّم هذا الإنسان تركته قبل موته وأعطى الأبناء دون البنات فهو ظالم متعد، لو فضّل بعض أولاده على بعض فهو كذلك ظالم فإذا مات فعلى الأولاد الذين أخذوا أن يسترضوا الأولاد الذين لم يأخذوا.

 

وأما الميراث فلا يجوز التلاعب به أبدًا: قال تعالى: بعد أن ذكر قسمة المواريث: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [النساء: 13].

 

ومن العجب أن بعض الناس إذا صار مقبلًا على الآخرة مفارقًا للدنيا يجور في وصيته، قال ابن القيم رحمه الله: «من أحدث قبل السلام بطل ما مضى من صلاته، ومن أفطر قبل غروب الشمس ذهب صيامه ضائعًا، ومن أساء في آخر عمره لقي ربه بذلك الوجه» [الفوائد:63].


وقال يحيى بن معاذ رحمه الله: «مصيبتان لم يسمع الأولون والآخرون بمثلهما للعبد في ماله عند موته، قيل: وما هما؟ قال: يؤخذ منه كله ويُسأل عنه كله»[ صفة الصفوة: 2 /293].

 

كما ينبغي للورثة أن يتحللوا ممن كان مورثهم قد أساء إليه بسب، أو شتم، أو غيبة، ونحو ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها فإنه ليس ثم دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه»؛ [رواه البخاري: 6534]، حتى المعاصي في العرض، حتى الاعتداء بالقول، حتى الاستهزاء والسخرية؛ ولذلك يتعلق الورثة والأولياء بالمظلوم ليقولوا له: سامح صاحبنا.

 

وصية الميت:

إن ما أوصى به الميت مهم جدًا، وقد يوصي ببناته أن يزوجهن أحد الورثة أو الأولياء، وقد يوصي أولاده بعدم النياحة فتزداد تحريمًا، ويوصيهم بعدم التفرق بعده فيزداد التفرق بين الأشقاء تحريمًا، وتزداد قطيعة الرحم تحريمًا.

 

يجب المبادرة إلى تنفيذ وصية المورث؛ لأن الله تعالى قال: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 11]، فإذا كان في الوصية مصلحة بينة ولم تشتمل على محرم اتقوا الله فيها ونفذوها كما حددها دون تجاوز، وهم مؤتمنون عليها، لا يصرفوا منها شيئًا بغير حق، ولا يضعوا في غير ما أوصى به الميت، ولا يخالفوا ما ذهب إليه في وصيته، ولا يفوتوا غرضه الذي أراده، وللأسف فإن كثيرًا من الوصايا تتعرض للإهمال والضياع بعد موت الموصي، فإن لم ينفذوا وصيته، أو أساءوا، فالوزر عليهم، قال الله تعالى: ﴿ فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 181] ويحرم عليهم كتمان الوصية الشرعية الصادرة عن ميتهم، قال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 283] أظهروها لا تخفوها لأن إخفاءها من أعظم الذنوب؛ لأنه يترتب عليه فوات الحقوق: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 283] يعني: فاجر، قال الله تعالى في الوصايا: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ ﴾ [المائدة: 106].

 

وعن عيسى بن حازم قال: كنت مع إبراهيم بن أدهم بمكة إذ لقيَه قوم فقالوا: آجرك الله مات أبوك، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، فقالوا: قد أوصى إليك، فقام فسبقهم إلى البلد فأنفذ وصايا أبيه وقسم نصيبه على الورثة وخرج راجعًا إلى مكة.

 

وعلى الورثة أن يقوموا بتوزيع التركة لأهلها لضمان الحقوق، وخصوصًا النساء الضعيفات، وما يمكنهم أن يوصلوه لمورثهم من الطاعات فإنه يستحب لهم أن يقوموا به؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»؛ [رواه مسلم1631]، فعمل الميت وثوابه ينقطع إلا في هذه الأشياء لأنها تستمر، ونفعها متصل، وهو السبب فالولد من كسبه، والعلم الذي خلفه من تعليم، أو تصنيف، وكذلك الصدقة الجارية، والوقف، وفي هذا ترغيب في الأعمال الصالحة، والصدقة الجارية هي أن يتصدق الإنسان بشيء يستمر نفعه من بعده كالوقف على الفقراء، والمساكين، وطلبة العلم، والدعاة، ونحو ذلك، وطباعة الكتب النافعة للمسلمين، وإصلاح الطرق، وإجراء الأنهار.

 

الدعاء للميت فأفضل ما يُقدمه الحي للميت الدعاء والصدقة عنه، وبعض العلماء أجازوا قراءة القرآن عنه، والعمرة إلى نيته.

 

ومن الأعمال زيارة قبر الميت، والدعاء له، والترحم عليه، قال صلى الله عليه وسلم: «استأذنت ربي أن أزور قبر أمي فأذن لي»؛ [رواه مسلم976]، ولكنه تعالى لم يأذن له بالدعاء لها لأنها ماتت على الشرك.

 

وكذلك الصدقة عن الميت شأنها عظيم، قال صلى الله عليه وسلم لرجل سأل: إن أمي افتلتت نفسُها -يعني ماتت- وأظنها لو تكلمت تصدقت، فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: «نعم»؛ [رواه البخاري1388 ومسلم1004].

 

فأكرم بمن وهب، ووصل، وتصدق، وبذل، سعد بن عبادة توفيت أمه وهو غائب عنها فقال: يا رسول الله! إن أمي توفيت وأنا غائب عنها أينفعها شيء إن تصدقت به عنها؟ قال: (نعم)، قال: فإني أشهدك أن حائط المخراف بستاني المثمر صدقة عليها. [رواه البخاري2756]، وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أبي مات وترك مالًا ولم يوص فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه؟ قال: «نعم»؛ [رواه مسلم1630].

 

أما صلاة النوافل، وإهداؤها فإن ذلك لا دليل عليه؛ ولذلك فإن الإنسان يعمل بما ثبت، ويترك ما لم يثبت، وذبح الذبيحة والتصدق بها يصل؛ لأنه من الصدقة، وإشراكه في الأضحية كذلك، الميت يصل إليه الخير.

 

صلة أقاربه:

إن مما ينبغي على الورثة بعد ذهاب ميتهم أن يصلوا أقاربه وأصحابه بعد موته بالزيارة، والإحسان، وأنواع العطاء، وحُسْن العهد من الإيمان.

 

عن عبد الله بن دينار قال: مر ابن عمر بأعرابي في طريق مكة فقال له: ألست ابن فلان بن فلان؟ فقال الأعرابي: بلى، فأعطاه حمارًا وقال: اركب هذا، وأعطاه عمامة وقال: اشدد بها رأسك، فقال بعض أصحاب عبد الله بن عمر لعبد الله بن عمر: غفر الله لك أعطيت هذا الأعرابي حمارًا كنت تروح عليه وعمامة كنت تشد بها رأسك. يعني: هؤلاء الأعراب يقنعون بالقليل، أعطيته كل هذا وحرمت نفسك من الفوائد فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي» -يعني الأب-، وإن أباه -والد هذا الأعرابي- كان صديقًا لعمر. [رواه مسلم2552].

 

فاطمة بنت عبد الملك لما تزوجها عمر بن عبد العزيز آثر الآخرة وترك زينة الدنيا، وخيرها بين البقاء معه في عيشته التي اختارها، وبين حياة الترف، فاختارت البقاء معه، وتخلت عن جواهرها، وحليها، وأرسلتها إلى بيت المال، وتحولت من سيدة قصر إلى امرأة تغزل، وتعجن، بلا خدم، ولا حشم، فلما مات زوجها أعاد إليها أخوها الخليفة يزيد بن عبد الملك جواهرها فرفضتها وقالت: «والله لا أطيعه حيًا، وأعصيه ميتًا».


ولما أراد الوزير ابن الفرات أن يعاقب كاتبًا عنده دعاه يومًا فقال له: إن نيتي فيك سيئة، وكلما أردت أن أعاقبك أراك في المنام وأنت تمنعني برغيف في يدك فما قصة الرغيف؟ فقال له: كانت أمي وأنا صغير تعلمني الصدقة، فتضع رغيفًا تحت وسادتي، وفي الصباح تتصدق به عني، فلما ماتت فعلت ذلك من بعدها، فأنا أتصدق كل يوم برغيف، فعجب منه الوزير وقال: والله لا ينالك مني سوء.

 

مما يجب على الورثة إذا خلّف ميتهم شيئًا من المحرمات من أدوات سواء كانت أدوات موسيقية، أو صورًا محرمة، أو مقاطع مخزية، أو اشتراك في موقع أو صفحة ترسل صورا ومقاطع حرام، ونحو ذلك، أو أنشأ موقعًا من مواقع الفسق، أو ترك خمرًا، أن يتخلصوا من ذلك بأسرع ما يمكن؛ لأن ميّتهم في حرج، قال صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة»؛ [رواه مسلم142] ولذلك الرعية عليهم إذا مات هذا الراعي الذي كان قد غشهم بعدم النصح لهم، وترك المحرمات في البيت أن يتخلصوا منها مباشرة بعد موته، إذا أرادوا له الراحة والسلامة من شر ما فعل.

 

«لا طاعة لمخلوق في معصية الله»؛ [رواه أحمد في مسنده]، فإذا أوصى الميت بوصية فيها حرام فلا تنفذ.

 

إذا نظروا في كسب مورثهم، فوجدوا فيه الربا الصريح، وأسهم المصارف الربوية، فإنهم يتخلصون من ذلك، ويأخذون رأس المال؛ لأنه حلال عليهم، وكل ما نتج من ربا فإنهم ينفقونه في مصارف الخير.

 

الموت في المنام:

الموت في الرؤيا ندامة من أمر عظيم، فمن رأى أنّه مات ثم عاش، فإنّه يذنب ذنبًا ثم يتوب، لقوله تعالى: ﴿ قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ ﴾ [غافر: 11].

 

ومن رأى ميتًا معروفًا، مات مرة أُخرى وبكوا عليه من غير صياح ولا نياحة فإنّه يتزوجٍ من عقبه إنسان، ويكون البكاء دليل الفرج فيما بينهم، وقيل من رأى ميتًا مات موتا جديدًا، فهو موت إنسان من عقب ذلك الميت وأهل بيته، ومن رأى أنه قد مات والناس يبكون عليه أو غسلوه وكفنوه أو حملوه على النعش أو دفنوه في القبر فجملة ذلك يدل على فساد دينه ويرجى لهذا الميت صلاح دينه ما لم يدفن فإن دفن لقي الله على غير التوبة والله أعلم بالصواب.

 

وقيل الموت في المنام سفر، الموت في المنام تحسن حال للمؤمن أو زواج.

 

والميت إذا تكلم لا يقول إلا حقا لأنه في دار حق.

 

أسأل الله تعالى أن يجعلني من الهداة المهتدين، والصلحاء المصلحين إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حقوق الميت (1)

مختارات من الشبكة

  • حقوق الطريق (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيفية الصلاة على الميت: فضلها والأدعية المشروعة فيها (مطوية باللغة الأردية)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حقوق العلماء (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق العلماء (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الطريق (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الجيران(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الحيوان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق المرأة (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق المرأة (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق اليتيم (2)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 28/2/1447هـ - الساعة: 8:36
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب