• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    دعاوى المستشرقين
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    بيان فساد اليهود ضرورة عالمية وعقيدة إسلامية
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    حديث: يا رسول الله، إن ابنتي مات عنها زوجها وقد ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    من أحكام المصافحة (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    شرح حديث المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    عقوبة من أساء بين الشريعة والافتراء (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    كيف تنطلق نهضة الاقتصاد الإسلامي في المجتمعات؟!
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الوصاية بالنساء في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الاستسقاء: أصله.. وأنواعه
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    قراءات اقتصادية (72) من قام بطهي عشاء آدم سميث: ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    خطبة بعدما حجوا وضحوا
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الامتداد الحضاري
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    فاحشة قوم لوط عليه السلام (6) التحول الجنسي
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    ورزق ربك خير وأبقى (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير سورة التين

تفسير سورة التين
يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/1/2025 ميلادي - 26/7/1446 هجري

الزيارات: 1243

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سورة التين

 

سُورَةُ (وَالتِّينِ): مُخْتَلَفٌ فِيها أَمَكِّيَّةٌ أَمْ مَدَنِيَّةٌ[1]، وَآيُهَا ثَمانُ آيَاتٍ.

 

أَسْمَاءُ السُّورَةِ:

وَقَدْ ذُكِرَ مِنْ أَسْمَائِهَا: سُورَةُ (وَالتِّينِ)، وَسُورَةُ (التِّينِ)[2].

 

الْمَقَاصِدُ الْعَامَّةُ مِنَ السُّورَةِ:

اِحْتَوَتْ هَذِهِ السُّورَةُ عَلَىْ مَقَاصِدَ عَظِيمَةٍ، مِنْ أَهَمِّهَا[3]:

♦ إِثْبَاتُ الْقُدْرَةِ الْكَامِلَةِ للهِ، فَإِنَّ في خَلْقِ التِّينِ وَالزَّيْتُونِ مِنَ الْغَرَائِبِ مَا يَدُّلُّ عَلَى ذَلِكَ.

 

♦ أَنَّ اللهَ خَلَقَ الإنْسَانَ عَلَى الْفِطْرَةِ الْمُسْتَقِيمَةِ؛ لِيَعْلَمُوا أَنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ الْفِطْرَةُ، وَأَنَّ مَا يُخَالِفُ أُصُولَهُ بِالْأَصالَةِ أَوْ بِالتَّحْرِيفِ فَسَادٌ وَضَلَالٌ.

 

♦ الْإِشَارَةُ بِالْأُمُورِ الْمُقْسَمِ بِهَا إِلَى أَطْوَارِ الشَّرَائِعِ الْأَرْبَعَةِ؛ إِيمَاءً إِلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ جَاءَ مُصَدِّقًا لَهَا، وأَنَّهَا مُشَارِكَةٌ أُصُولُهَا لِأُصولِ دِينِ الْإِسْلَامِ.

 

♦ التَّنْوِيهُ بِحُسْنِ جَزَاءِ الَّذِينَ اتَّبَعُوا الْإِسْلَامَ فِي أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ.

 

♦ الاِمْتِنَانُ عَلَى الْإِنْسَانِ بِخَلْقِهِ عَلَى أَحْسَنِ نِظَامٍ فِي جُثْمَانِهِ وَنَفْسِهِ.

 

مِنْ فَضَائِلِ السُّورَةِ:

جَاءَ فِي فَضْلِ هَذِهِ السُّورَةِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ بِهَا فِي إِحْدَى صَلَوَاتِهِ، فَعَنِ الْبَراءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قالَ: «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الْعِشَاءِ: ﴿ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُون ﴾؛ فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ صَوْتًا أَوْ قِرَاءَةً مِنْهُ»[4].


شَرْحُ الْآيَاتِ:

قَولُهُ: ﴿ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُون ﴾، الْوَاوُ: لِلْقَسَمِ، وَالتِّينُ وَالزَّيْتونُ: مُقْسَمٌ بِهِمَا؛ وَخَصَّهُمَا مِنَ الثِّمارِ بِالْقَسَمِ لِكِثْرَةِ مَنَافِعِهِمَا وَفَوَائِدِهِمَا[5].

 

قَولُهُ: ﴿ وَطُورِ سِينِين ﴾، الطُّوْرُ: الْجَبَل الَّذِي نَاجَىْ عَلَيْهِ مُوسَى عليه الصلاة والسلام رَبَّهُ، وَسِينِينُ وَسَيْناءُ: اسْمانِ لِلْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ[6]، وَقَدْ ذَكَرَ اللهُ تَعَالىَ الطُّورَ فِي الْقُرْآنِ لِلتَّكْرِيمِ وَلِلْقَسَمِ، فَمِنْ ذِكْرِهِ لِلتَّكْرِيمِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ ﴾ [سورة مريم:52]، ومِن ذِكْرِهِ لِلْقَسَمِ بِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَالطُّور * وَكِتَابٍ مَّسْطُور ﴾[سورة الطور:1-2][7].

 

قَولُهُ: ﴿ وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِين ﴾، أَيْ: الَّذِيْ يَأْمَنُ فِيهِ مَنْ دَخَلَهُ[8]، كَمَا قَالَ تَعَالىَ: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ﴾ [سورة العنكبوت:67]، وَالْمُرُادُ بِهِ مَكَّةُ[9]؛ لِقَوْلِهِ تَعَالى: ﴿ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ﴾ [سورة آل عمران:97].

 

وَهَذِهِ كُلُّهَا أَقْسَامٌ، وَالْمُقْسَمُ عَلَيْهِ قَولُهُ:﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم ﴾

 

قَولُهُ: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم ﴾(لَقَدْ): وَاقِعَةٌ فِي جَوَابِ الْقَسَمِ[10]، أَيْ: وَاللهِ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ، وَالْمُرَادُ بِالْإِنْسَانِ: الْجِنْسَ[11]، ﴿ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم ﴾، أَيْ: فِي أَحَسَنِ صُورَةٍ[12].

 

قَولُهُ: ﴿ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِين ﴾، أَيْ: إِلَى النَّارِ، فبَعْدَ الْحُسْنِ وَالنَّضَارَةِ مَصِيرُهُ إِلَى النَّارِ إِنْ لَمْ يُطِعِ اللَّهَ وَيَتَّبِعِ الرُّسُلَ؛ وَيدُلُّ لهُ قوْلُهُ بَعْدَهَا: ﴿ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾. وقِيلَ: بِأَنَّ مَعْنَى الرَّدِ إِلَى أَسْفَلِ سَافِلِينَ هُوَ أَرْذَلُ الْعُمْرِ[13]، فَيَكُونُ قَولُهُ: ﴿ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾: اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا[14].

 

قَولُهُ: ﴿ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾، أَيْ: إِلَّا الَّذينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ؛ فَإِنَّهُمْ لَا يُرَدُّونَ إِلَى أَسْفَلِ سَافِلِينَ[15]، بَلْ هُمْ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعالى: ﴿ كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّين ﴾ [سورة المطففين:18].

 

قَولُهُ: ﴿ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُون ﴾أَيْ: غَيْرَ مَقْطُوعٌ[16]، وَنَظيرُ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيم * أُولَـئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِين * أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوْتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُون * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُون * فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُون ﴾[سورة آل عمران:21-25].

 

قَولُهُ: ﴿ فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّين ﴾، أَيْ: أَيُّ شَيءٍ يَحْمِلُكَ يَا ابْنَ آدَمَ عَلَى أَنْ تُكَذِّبَ بِيَوْمِ الْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ؛ مَعَ وُضُوحِ الْأدِلَّةِ الْكَثِيرَةِ عَلى قُدْرَةِ اللهِ تَعَالَى؟ أَوِ الْمَعْنى: فَمَنْ يُكَذِّبُكَ يَا أَيُّها الرَّسُولُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ؛ مَعَ وُضُوحِ الْأدِلَّةِ الْكَثِيرَةِ عَلَى قُدْرَةِ اللهِ تَعَالَى، فَتَكونُ (مَا) بِمَعْنَى (مَنْ)[17]، وَالْأَصَحُّ هُوَ: الْمَعْنَى الْأَوَّلُ، وَاللهُ أَعْلَمُ[18].

 

قَولُهُ: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِين ﴾، هذَا تَحْقِيقٌ لِمَا ذُكِرَ، وَالْمَعْنى: أَلَيْسَ الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ مِنَ الْخَلْقِ وَالرَّدِّ بِأَحْكَمِ الحَاكِمِينَ صُنْعًا وَتَدْبِيرًا وَخَلْقًا؟ وَالْجَوَابُ: بَلَى، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ قَادِرًا عَلى الْبَعْثِ وَالْجَزاءِ[19].

 

بَعْضُ الْفَوَائِدِ الْمُسْتَخْلَصَةِ مِنَ الْآيَاتِ:

دَلَائِلُ الْقَسَمِ بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَالطُّورِ وَالْبَلَدِ الْأَمينِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُون * وَطُورِ سِينِين * وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِين ﴾[سورة التين:1-3]: أَقْسَمَ اللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَاتِ بأمور:

الأول:التِّينُ وَالزَّيْتُون، وَهُمَا مِنَ الثِّمَارِ الْمَعْرُوفَةِ، وَفِي ذَلِكَ إِشَارَةٌ إَلَى بَلَدِ عِيسَ ىعليه السلام.


الثاني:الطُّورُ، وَفِي ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى الْجَبَلِ وَالبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ التِي كَلَّمَ اللهُ عَلَيْهَا مُوسَى عليه السلام، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ التَّوْرَاةَ.


الثالث: الْبَلَد الْأَمْين، وَفِي ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى مَكَّةَ، فَهِيَ الْبَلَدُ الْأَمِينُ وَالْآمِنُ مِنْ كُلِّ خَوْفٍ، وَمَهْبِطُ الْإِسْلَامِ، وَمَبْعَثُ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَفْضَلِهِمْ وَسَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ مُحَمَّدٍصلى الله عليه وسلم [20].


فَضْلُ شَجَرَتَي التِّينِ وَالزَّيْتُونِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُون ﴾: فَضْلُ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ وَالْعِنَايَةُ بِهِمَا؛ لِكَثْرَةِ مَنَافِعِهِمَا وَفَوَائِدِهِمَا؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ. وَقَدْ أَخْبَرَ اللهُ تَعَالى أَنَّ الزَّيْتُونَ شَجَرَةٌ مُبَارَكَةٌ؛ فَقَالَ: ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم ﴾[سورة النور:35]، وَجَاءَ فِي حَدِيثِ عُمَرَبْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّصلى الله عليه وسلم قَالَ: «كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ»[21] [22].

 

دَلَائِلُ خَلْقِ اللهِ لِلْإِنْسَانِ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ وَتَقْوِيمٍ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم ﴾ [سورة التين:4]: أَنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَ الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ وَأَكْمَلِهَا، كَمَا قَالَ تَعَالى: ﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِير ﴾[سورة التغابن:3]، وَقَدْ أَكَّدَ اللهُ تَعَالى هَذَا الْمَعْنَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ مُدَلِّلًا بِذَلِكَ عَلَى بَعْثِ الْإِنْسَانِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلْحِسابِ وَالْجَزَاءِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

الْأَوَّلُ: أَنَّ اللهَ الْقَادِر عَلى خَلْقِ الْإِنْسَانِ مِنَ الْعَدَمِ فِي الصُّورَةِ الْحَسَنَةِ قَادِرٌ عَلَى بَعْثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ.

 

الثَّانِي: أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ، وَلَيْسَ مِنَ الْحِكْمَةِ أَنْ يَخْلُقَ الْإِنْسَانَ عَلَى هَذَا الْكَمالِ فِي الْخَلْقِ ثُمَّ يَتْرُكُهُ سُدًى، فَلَا يُكَلِّفُهُ وَلَا يُجازِيهِ عَلَى عَمَلِهِ، فَاقْتَضَتْ حِكْمَةُ أَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ أَنْ يَبْعَثَ النَّاسَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ لِيُجَازَوْا عَلَى أَعْمَالِهِمْ، وَذَلِكَ فِي يَوْمِ الدِّينِ، وَهُوَ يَوْمُ الْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ[23].

 

خَطَرُ الْغَفْلَةِ عَنْ طَاعَةِ اللهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِين ﴾ [سورة التين:5]: أَنَّ الَّذِينَ غَفَلُوا عَنْ طَاعَةِ اللهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَعْرَضُوا عَنِ الْحَقِّ وَالنَّظَرِ وَالتَّفَكُّرِ فِي خَلْقِ اللهِ تَعَالى وَبَدِيعِ صُنْعِهِ؛ مَرَدُّهُمْ أَسْفَلَ سِافِلِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ -وَالْعِياذُ بِاللهِ-.

 

أَهَمِّيَّةُ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَبَيَان جُوْد اللهِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُون ﴾ [سورة التين:6]: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالعَمَلِ الصَّالِحِ، وَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ، وأن من كَرَمِ اللهِ وَجُودُهُ وَإِحْسَانُهُ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمْلُوا الصَّالِحَاتِ: أَنَّ جَعَلَ أَجْرَهُمْ غَيْر مَمْنُوْن، فَهُوَ دَائِمٌ لَا يَزولُ وَلَا يَحُولُ، وَهَذَا الْأَجْرُ الدَّائِمُ لَيْسَ كَأُجُورِ الدُّنْيَا، وَإنَّمَا هُوَ أَجْرٌ مُخْتَلِفٌ، كَمَا قالَ اللهُ فِي الْحَدِيثِ الْقُدسِيِّ:«أَعْدَدْتُ لِعِبادِيَ الْصَّالحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ»[24].


اسْتِفَاضَةُ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى قُدْرَةِ اللهِ تَعَالَى:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّين ﴾ [سورة التين:7]: أَنَّ الْأَدِلَّةَ الدَّالَّةَ عَلَى قُدْرَةِ اللهِ تَعَالى كَثِيرَةٌ جِدًّا، فَمَا يُكَذِّبُ وَيُنْكِرُ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثيمٍ مُتَجاوِزٍ لِلْحَدِّ في عِصْيَانِهِ وَإِنْكَارِهِ.

 

عَدْلُ اللهِ تَعَالَى الْمُطْلَقُ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِين ﴾ [سورة التين:8]: أَنَّ اللهَ تَعَالَىْ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ، وَمِنْ عَدْلِهِ أَنْ يُقِيمَ الْقِيَامَةَ، فَيُنْصِفَ الْمَظْلومَ فِي الدُّنْيَا مِمَّنْ ظَلَمَهُ[25]، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِين ﴾ [سورة الأنبياء:47]. وَفي حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ»[26].



[1] ينظر: زاد المسير (4/ 463).
[2] ينظر: التحرير والتنوير (30/ 419).
[3] ينظر: مصاعد النظر (3/ 209)، التحرير والتنوير (30/ 429-430).
[4] أخرجه البخاري (7546) واللفظ له، ومسلم (464).
[5] ينظر: تفسير البغوي (8/ 468)، تفسير البيضاوي (5/ 323).
[6] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 323).
[7] ينظر: أضواء البيان (9/ 5).
[8] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 323).
[9] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 323).
[10] ينظر: تفسير الطبري (24/ 408)، زاد المسير (4/ 464).
[11] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 323).
[12] ينظر: تفسير الطبري (24/ 510)، تفسير البغوي (8/ 472).
[13] ينظر: تفسير الطبري (24/ 513)، تفسير البيضاوي (5/ 323). وقد ذكر ابن تيمية وتلميذه ابن القيم هذا القول وضعفاه، واختارا القول الأول، وذكر ابن القيم وجوهًا عشرة لذلك. ينظر: مجموع الفتاوى (16/ 279)، والتبيان في أقسام القرآن (ص46-47).
[14] ينظر: تفسير الطبري (24/ 515)، تفسير القرطبي (20/ 115)، تفسير ابن كثير (8/ 435).
[15] ينظر: فتح القدير (5/ 601)، تفسير العثيمين – جزء عم (ص253).
[16] ينظر: تفسير الطبري (24/ 522)، تفسير البغوي (8/ 473).
[17] وقد اختار هذا القول ابن جرير الطبري رحمه الله. ينظر: تفسير الطبري (24/ 524)، تفسير القرطبي (20/ 116).
[18] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 323)، تفسير ابن كثير (8/ 435).
[19] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 324).
[20] ينظر: تفسير ابن كثير (8/ 434).
[21] أخرجه الترمذي (1852) واللفظ له، وقال: "حديث غريب من هذا الوجه"، وابن ماجه (3319)، والحاكم في المستدرك (7142) وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".
[22] ينظر: تفسير القرطبي (20/ 112).
[23] ينظر: تفسير الرازي (31/ 74).
[24] أخرجه البخاري (3244)، ومسلم (2824).
[25] ينظر: تفسير ابن كثير (8/ 435).
[26] أخرجه مسلم (2582).




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة الغاشية
  • تفسير سورة البلد
  • تفسير سورة الشمس
  • تفسير سورة الليل
  • تفسير سورة الضحى
  • تفسير سورة الشرح
  • تفسير سورة العلق

مختارات من الشبكة

  • لطائف البيان في تفسير القرآن: تفسير جزئي الأنبياء والمؤمنون (17 - 18) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • لطائف البيان في تفسير القرآن: تفسير جزئي الذاريات والمجادلة (27 - 28) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • لطائف البيان في تفسير القرآن: تفسير جزئي الفرقان والنمل (19 - 20) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • لطائف البيان في تفسير القرآن: تفسير جزئي العنكبوت والأحزاب (21 - 22) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • لطائف البيان في تفسير القرآن: تفسير جزئي يس والزمر (23 - 24) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • لطائف البيان في تفسير القرآن: تفسير جزئي الشورى والأحقاف (25 - 26) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • لطائف البيان في تفسير القرآن: تفسير جزئي تبارك وعم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تفسير سورة الزلزلة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة التكاثر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة الكوثر(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة متخصصة حول الزكاة تجمع أئمة مدينة توزلا
  • الموسم الرابع من برنامج المحاضرات العلمية في مساجد سراييفو
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/6/1447هـ - الساعة: 18:11
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب