• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    يا معاشر المسلمين، زوجوا أولادكم عند البلوغ: ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حديث: يا رسول الله، أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    الأحاديث الطوال (23) وصول النبي صلى الله عليه ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    ففروا إلى الله (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الذكاء الاصطناعي بين نعمة الشكر وخطر التزوير: ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    زمان الدجال.. ومقدمات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة الملائكة
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الخشية من الله تعالى (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    استراتيجيات تحقيق الهدف الأول لتدريس المفاهيم ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    ما حدود العلاقة بين الخاطب ومخطوبته؟
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تلاوة آيات ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    العناية بالشَّعر في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    قسوة القلب (1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    التمهيد للدرس (عرض تقديمي)
    أ. د. فؤاد محمد موسى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

أيستفتى البشر في حكم رب البشر؟!

أيستفتى البشر في حكم رب البشر؟!
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/2/2017 ميلادي - 15/5/1438 هجري

الزيارات: 7898

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أيستفتى البشر في حكم رب البشر؟!

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، بَينَ فَينَةٍ وَأُخرَى نَقرَأُ في صُحُفٍ وَمَوَاقِعَ، أَو يُنقَلُ إِلَينَا عَبرَ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ، استِفتَاءٌ يَضَعُهُ فَردٌ أَو تَنشُرُهُ مُؤَسَّسَةٌ إِعلامِيَّةٌ، لا حَولَ مَا يَقبَلُ أَخذَ الرَّأيِ وَالمُطَارَحَةَ مِن أُمُورِ الدُّنيَا المُبَاحَةِ وَمَصَالِحِ النَّاسِ المُرسَلَةِ، وَلَكِنْ في قَضِيَّةٍ شَرعِيَّةٍ مَفرُوغٍ مِنهَا وَمَعرُوفٍ حُكمُهَا.

 

أَمَّا أُسلُوبُ الاستِفتَاءِ المَفتُوحِ في ذَاتِهِ، فَهُوَ وَإِن كَانَ لَيسَ بِمُحَرَّمٍ بِإِطلاقٍ، إِلاَّ أَنَّهُ لَيسَ مِمَّا يُعرَفُ بِهِ الحَقُّ مِن البَاطِلِ، بَل هُوَ مِمَّا يَستَنِدُ إِلَيهِ أَهلُ البَاطِلِ غَالِبًا في القَدِيمِ وَالحَدِيثِ وَيَعتَمِدُونَ عَلَيهِ في دَعمِ بَاطِلِهِم وَتَسوِيغِ ضَلالِهِم، إِذْ تُؤخَذُ فِيهِ آرَاءُ عَامَّةِ النَّاسِ وَيُمَالُ إِلى مَا يَرغَبُ فِيهِ الجُمهُورُ، وَعَامَّةُ النَّاسِ وَجُمهُورُهُم كَمَا جَاءَ في كِتَابِ اللهِ، لا يُجمِعُونَ عَلَى الحَقِّ وَلا يَتَّفقون عَلَى اتِّبَاعِهِ، بَل هُم عَنهُ في الغَالِبِ مُنحَرِفُونَ مَائِلُونَ، إِمَّا لأَنَّهُم لا يَملِكُونَ وَسَائِلَ مَعرِفَتِهِ، وَإِمَّا لأَنَّهُ لا يُوَافِقُ شَهَوَاتِهِم وَلا يُحَقِّقُ رَغَبَاتِهِم، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ﴾ [الأنعام: 116] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [هود: 17] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [يوسف: 103] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 187] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا ﴾ [الإسراء: 89] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ ﴾ [الصافات: 71] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ ﴾ [الحجرات: 7] هَذِهِ هِيَ حَالُ الكَثرَةِ الكَاثِرَةِ وَهَذَا هُوَ اتِّجَاهُهَا، كُفرٌ وَإِبَاءٌ وَعَدَمُ إِيمَانٍ، وَضَلالٌ وَعَنَتٌ وَمَشَقَّةٌ، وَخَرصٌ وَاتِّبَاعٌ لِلظَّنِّ بِلا عِلمٍ، وَأَمَّا القِلَّةُ فَلَم تَكُنْ يَومًا دَلِيلاً عَلَى تِلكَ الآفَاتِ وَلا مُؤَشِّرًا عَلَيهَا، بَل لَقَد جَاءَت في مَوَاضِعَ مِن كِتَابِ اللهِ في مَعرِضِ المَدحِ وَبَيَانِ سَلامَةِ المَنهَجِ لأَصحَابِهَا، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 249] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ ﴾ [النساء: 66] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ﴾ [المائدة: 13] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾ [هود: 40] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ ﴾ [هود: 116] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾ [الكهف: 22] وَقَالَ - جَلَّ شَأنُهُ -: ﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ﴾ [ص: 24] أَرَأَيتُم أَينَ ذُكِرَتِ القِلَّةُ وَأَينَ جَاءَت؟! لَقَد ذُكِرَت وَجَاءَت في مَوَاطِنِ الصَّفَاءِ وَالنَّقَاءِ وَالعَدلِ وَالوَفَاءِ، وَالجُودِ بِالنُّفُوسِ في مَيَادِينِ الجِهَادِ وَالبَذلِ وَالعَطَاءِ، وَالعِلمِ بِحَقَائِقِ الأُمُورِ وَتَبَيُّنِهَا، وَالإِيمَانِ الصَّادِقِ وَالشُّكرِ وَالنَّهيِ عَنِ الفَسَادِ، أَجَل - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ الكَثرَةَ لا تَكَادُ تُجمِعُ إِلاَّ عَلَى الضَّلالِ وَالخِيَانَةِ وَالفَسَادِ وَالإِفسَادِ، فَإِذَا أُضِيفَ إِلى ذَلِكَ قُصُورُ العَقلِ البَشَرِيِّ عَن إِدرَاكِ الحَقَائِقِ وَمآلاتِ الأُمُورِ وَإِن كَانَ صَاحِبُهُ مِن أَعقَلِ النَّاسِ، فَكَيفَ تُعرَضُ أَحكَامِ رَبِّ البَشَرِ عَلَى عُقُولِ البَشَرِ، وَكَيفَ يَسمَحُ مَخلُوقٌ ضَعِيفٌ وَنَكِرَةٌ حَقِيرٌ لِنَفسِهِ أَن يَسألَ العَامَّةَ في صَحِيفَةٍ أَو مَوقِعٍ قَائِلاً لَهُم: مَا رَأيُكُم في فِعلِ هَذَا وَتَركِ ذَاكَ، وَمَاذا تَقُولُونَ في حُكمِ هَذِهِ المَسأَلَةِ أَو تِلكَ؟! وَلَئِن كَانَ في قَلبِ أَحَدٍ شَكٌّ مِن ضَلالِ هَذَا الأُسلُوبِ في مَعرِفَةِ الحَقِّ في حُكمٍ مَا وَإِن كَانَ مُختَلَفًا فِيهِ بَينَ العُلَمَاءِ، فَلَيَصِلَنَّ بِهِ الضَّلالُ يَومًا إِلى أَن يَستَفتِيَ النَّاسَ في مُحكَمَاتِ الدِّينِ وَأُصُولِ الشَّرعِ وَثَوَابِتِ المِلَّةِ، وَهَل بَعدَ ذَلِكَ إِلاَّ الكُفرُ بِاللهِ وَالخُرُوجُ مِن رِبقَةِ الإِسلامِ؟! فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الحَورِ بَعدَ الكَورِ وَمِنَ الزَّيغِ بَعدَ الهُدَى.

 

وَلا تَختَلِطُ الأُمُورُ عَلَى المُسلِمِ بِحَمدِ اللهِ وَلا تَشتَبِهُ، فَيُصَدِّقَ أَنَّ مِثلَ هَذِهِ الاستِفتَاءَاتِ تَدخُلُ في الشُّورَى الَّتي جَاءَ بها الإِسلامُ، إِذِ الأَحكَامُ الشَّرعِيَّةُ الَّتي ثَبَتَت بِدَلِيلٍ شَرعِيٍّ صَحِيحٍ، لا يَسَعُ المُسلِمَ أَمَامَهَا إِلاَّ التَّسلِيمُ بها وَالانقِيَادُ لها، وَفِعلُ الوَاجِبِ مِنهَا وَاجتِنَابُ المُحَرَّمِ، طَاعَةً للهِ وَلِرَسُولِهِ، وَرَجَاءً لِلثَّوَابِ وَخَشيَةً مِنَ العِقَابِ، وَطَمَعًا في دُخُولِ الجَنَّةِ وَخَوفًا مِن وُلُوجِ النَّارِ، وَأَمَّا الشُّورَى الَّتي جَاءَ بها الإِسلامُ وَأَقَرَّهَا، فَلَهَا أَحوَالُهَا وَمَوَاطِنُهَا الَّتي يُؤخَذُ بها فِيهَا، وَأَحكَامُهَا المُفصَّلَةُ في كُتُبِ أَهلِ العِلمِ وَالفِقهِ، وَهِيَ لا تُبطِلُ حَقًّا وَلا تُحِقُّ بَاطِلاً، وَلا تُلغِي حُكمًا شَرعِيًّا وَلا تُخَالِفُ نَصًّا مُنزَلاً، وَلا يُعتَدَى بها عَلَى حَقٍّ مِن حُقُوقِ اللهِ - تَعَالى - أَو حُقُوقِ رَسُولِهِ، بَل وَلا يُتَجَاوَزُ فِيهَا عَلَى الأُمَّةِ في حُقُوقِهَا العَامَّةِ أَو حُقُوقِ أَفرَادِهَا الخَاصَّةِ، وَأَمَّا تَعرِيضُ الأَحكَامِ الشَّرعِيَّةِ لِلاستِفتَاءَاتِ أَيًّا كَانَ نَوعُهَا، فَغَالِبًا مَا يَكُونُ رَأيُ الأَكثَرِيَّةِ فِيهِ هُوَ الخَطَأَ وَالضَّلالَ، فَضلاً عَن كَونِهِ في حَقِيقَتِهِ تَحَاكُمًا إِلى الطَّاغُوتِ وَمُخَالَفَةً لِشَرعِ اللهِ وَتَعدِيًا لِحُدُودِ اللهِ، وَنِفَاقًا خَالِصًا، قَالَ - سُبحَانَهُ -: " ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا ﴾ [النساء: 60، 61]" وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65] إِنَّ المُسلِمَ الصَّادِقَ في إِسلامِهِ، لا يَخرُجُ عَنِ التَّسلِيمِ لأَمرِ رَبِّهِ طَرفَةَ عَينٍ وَلا يُجَاوِزُهُ خُطوَةَ قَدَمٍ، وَلا يُخَالِجُهُ شَكٌّ في كَونِهِ حَقًّا لا مِريَةَ فِيهِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59] وَإِذَا كَانَ هَذَا هُوَ شَأنَ المُؤمِنِينَ المُطِيعِينَ للهِ وَلِرَسُولِهِ، فَعَلَى أَيِّ عُقُولٍ يُرَادُ أَن تُعرَضَ الأَحكَامُ الشَّرعِيَّةِ لِتُقِرَّ بهَا أَو تَرفُضَهَا؟! أَعَلَى عُقُولِ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالمُلحِدِينَ، أَم عَلَى عُقُولِ الرَّافِضَةِ وَالبَاطِنِيَّينَ وَالمُنَافِقِينَ، أَم عَلَى عُقُولِ الجَهَلَةِ وَأهل الفساد والغَافِلِينَ؟!

 

إِنَّ عُقُولَ البَشَرِ مُختَلِفَةٌ كُلَّ الاختِلافِ، تَختَلِفُ عُقُولُ اليَهُودِ عَن عُقُولِ النَّصَارَى، وَعُقُولُ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى عَن عُقُولِ المُسلِمِينَ، وَفي المُسلِمِينَ الصَّالِحُونَ وَمَن هُم دُونَ ذَلِكَ، وَلَيس كُلُّ صَالِحِي المُسلِمِينَ عُلَمَاءَ وَلا فُقَهَاءَ، بَل حَتَّى عُقُولُ العُلَمَاءِ وَالفُقَهَاءِ تَختَلِفُ، فَأَيُّ عَقلٍ يَنبَغِي أَن يُؤخَذَ بِفَهمِهِ وَيُحَكَّمَ في أَحكَامِ رَبِّ العَالَمِينَ؟!

 

إِنَّ العُقُولَ لَتَختَلِفُ في البَيتِ الوَاحِدِ وَأَهلُهَا مِن أُسرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلا دَلِيلَ عَلَى إِصَابَةِ عَقلٍ دُونَ عَقلٍ، وَلا مَجَالَ لِتَرجِيحِ عَقلٍ عَلَى عَقلٍ أَو تَقدِيمِ رَأيٍ عَلَى آخَرَ، وَمِن ثَمَّ كَانَ الحَقُّ فِيمَا جَاءَ مِن عِندِ اللهِ، وَكَانَ الوَاجِبُ هُوَ الرُّجُوعَ إِلى اللهِ وَرَسُولِهِ، قَال - تعالى -: ﴿ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82] وَقَال - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ [النساء: 59] أَلا فلْنَتِّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلا نَغتَرَّنَّ بِأَنَّ بَعضَ هَذِهِ العُقُولِ قَد نَالَت تَقَدُّمًا في دُنيَاهَا وَتَوَصَّلَت لِمُختَرَعَاتٍ وَمَصنُوعَاتٍ، فَنُحَكِّمَهَا فَي مَا لَيسَ مِن شَأنِهَا، فَقَد قَالَ العَلِيمُ الخَبِيرُ عَن أَصحَابِهَا: ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ﴾ [الروم: 6، 7]  وَقَالَ - تَعَالى - عَنهُم: ﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا ﴾ [الأعراف: 179] وَإِنَّهُ لَو كَانَ الكُفَّارُ عُقَلاءَ حَقًّا، لَقَادَتهُم عُقُولُهُم إِلى أَعظَمِ مَطلُوبٍ وَأَغلَى مَرغُوبٍ، وَلِذَا فَإِنَّهُم سَيَعتَرِفُونَ يَومَ القِيَامَةِ بِأَنَّهُم لم يَكُونُوا عُقَلاءَ كَمَا أَخبَرَ اللهُ عَنهُم بِقَولِهِ: ﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [الملك: 10] اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنتَ خَيرُ مَن زَكَّاهَا، أَنتَ وَلِيُّهَا وَمَولاهَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِن عِلمٍ لا يَنفَعُ، وَمِن قَلبٍ لا يَخشَعُ، وَمَن نَفسٍ لا تَشبَعُ، وَمِن دَعوَةٍ لا يُستَجَابُ لَهَا...

♦♦♦♦♦


أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَأَسلِمُوا لَهُ وَسَلِّمُوا لأَمرِهِ وَلا تُخَالِفُوا، فَإِنَّمَا أُمِرنَا بِاتِّبَاعِ مَا أُنزِلَ عَلَى رَسُولِنَا، قَالَ رَبُّنَا - تَبَارَكَ وَتَعَالى -: ﴿ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 3] وَلَمَّا كَانَ غَيرُ العَالِمِ لا يَتَمَكَّنُ مِن مَعرِفَةِ مَا أَنزَلَ اللهُ إِلاَّ بِالرُّجُوعِ إِلى أَهلِ العِلمِ كَانَتِ الفَضِيلَةُ لَهُم بِأَنَّهُمُ الَّذِينَ يَعقِلُونَ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 43] وَمِن ثَمَّ فَإِنَّنَا مَأمُورُونَ بِالرُّجُوعِ إِلى أَهلِ العِلمِ عِندَمَا نَجهَلُ حُكمَ الشَّرعِ في حَادِثَةٍ مِنَ الحَوَادِثِ أَو أَمرٍ مِنَ الأُمُورِ، لا إِلى استِفتَاءِ النَّاسِ وَتَلَقِّي الآرَاءِ مِن هُنَا أَو مِن هُنَاكَ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 59] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 83] اللَّهُمَّ رَبَّ جِبرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ، عَالِمَ الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنتَ تَحكُمُ بَينَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَختَلِفُونَ. اِهدِنَا لِمَا اختُلِفَ فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذنِكَ إِنَّكَ تَهدِي مَن تَشَاءُ إِلى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • لا تقتل خير البشر

مختارات من الشبكة

  • منشأ المنظومة الأخلاقية عند البشر معرفيا(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • التشريع خاص برب البشر لأنه فوق مدارك البشر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي: كان يسمع ما لا يسمعه البشر ويرى ما لا يراه البشر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة أنباء نجباء الأبناء ومعه خير البشر بخير البشر(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة خير البشر بخير البشر(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • البشرة الجافة والتشققات الجلدية في السنة النبوية(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • دلالة السنة والنظر الصحيح على أن الأنبياء عليهم السلام هم أفضل البشر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دلالة القرآن الكريم على أن الأنبياء عليهم السلام هم أفضل البشر على الإطلاق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عجائب القدر في الصراع بين البشر(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • لفت النظر إلى الأخذ بالكتاب وسنة سيد البشر لصالح بن حسين العلي المنتفقي العراقي(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 7/2/1447هـ - الساعة: 3:54
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب