• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    وصية النبي - صلى الله عليه وسلم- بطلاب العلم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الأمن.. والنعم.. والذكاء الاصطناعي
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    يا معاشر المسلمين، زوجوا أولادكم عند البلوغ: ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حديث: يا رسول الله، أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    الأحاديث الطوال (23) وصول النبي صلى الله عليه ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    ففروا إلى الله (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الذكاء الاصطناعي بين نعمة الشكر وخطر التزوير: ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    زمان الدجال.. ومقدمات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة الملائكة
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الخشية من الله تعالى (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    استراتيجيات تحقيق الهدف الأول لتدريس المفاهيم ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    ما حدود العلاقة بين الخاطب ومخطوبته؟
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تلاوة آيات ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    العناية بالشَّعر في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

والفتنة أشد من القتل ( خطبة )

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/1/2014 ميلادي - 20/3/1435 هجري

الزيارات: 79763

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

والفتنة أشد من القتل


أيها المؤمنون، أُوصِيكُم وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 24، 25]

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

لا تُنكِرُ عَينٌ مَبصِرَةٌ وَلا تَجحَدُ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ، مَا يُحِيطُ بِالأُمَّةِ مِن فِتَنٍ قَد وَقَعَ عَدَدٌ مِنهَا وَأُخرَى مُحتَمَلَةُ الوُقُوعِ، فِتَنٌ يَشُبُّ أُوَارَهَا كَفَرَةٌ وَمُنَافِقُونَ، وَيُذكِي نَارَهَا جَهَلَةٌ مَفتُونُونَ، وَيَقَعُ في سَعِيرِهَا أَغرَارٌ مُغَفَّلُونَ، وَلأَنَّ السَّعِيدَ مَن وَعِظَ بِغَيرِهِ، فَإِنَّ المُؤمِنَ الَّذِي أُعطِيَ بَصِيرَةً وَتَوفِيقًا، يَسعَى جُهدَهُ أَن يَجتَنِبَ الفِتَنَ وَيَبتَعِدَ عَن مَوَاقِعِهَا، فَإِذَا وَقَعَت وَبُلِيَ بها، حَرِصَ عَلَى مَا يُخَلِّصُهُ مِنهَا، لا أَن تَكُونَ الأُخرَى كَمَا يَفعَلُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ اليَومَ، حَيثُ يَتَصَرَّفُونَ في أَوقَاتِ الفِتَنِ وَعِندَ حُلُولِهَا قَاصِدِينَ أَو عَن غَيرِ قَصدٍ، تَصَرُّفَاتٍ تَدفَعُهُم إِلى مُوَاقَعَتِهَا وَالارتِكَاسِ في أَوحَالِهَا، بَل قَد تَجعَلُهُم أَوَّلَ وَقُودٍ لِمَا أَضرَمُوا، وَلِنَاصِحٍ لِنَفسِهِ وَمَن حَولَهُ أَن يَتَأَمَّلَ قَولَهُ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "إِنَّ السَّعِيدَ لَمَن جُنِّبَ الفِتَنَ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَن جُنِّبَ الفِتَنَ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَن جُنِّبَ الفِتَنَ، وَلَمَنِ ابتُلِيَ فَصَبَرَ فَوَاهًا " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. إِنَّ في هَذَا الحَدِيثِ العَظِيمِ لَتَنبِيهًا إِلى أَنَّ الوُقُوعَ في الفِتَنِ وَالتَّعَرُّضَ لها شَقَاءٌ، وَأَنَّ لِلمُسلِمِ مَعَ الفِتَنِ مَوقِفَينِ لا ثَالِثَ لَهُمَا: إِمَّا اجتِنَابُهَا وَالبُعدُ عَنهَا وَالعَمَلُ عَلَى تَلافِيهَا، وَهُوَ الأَولى بِالمُسلِمِ وَالآكَدُ في حَقِّهِ، وَإِمَّا الصَّبرُ عَلَيهَا إِذَا وَقَعَت، وَأَمَّا المُسَارَعَةُ إِلَيهَا وَالتَّعَرُّضُ لها، فَمِمَّا لا يَصِيرُ إِلَيهِ إِلاَّ جَاهِلٌ مُتَسَرِّعٌ أَو مُنَافِقٌ مُغرِضٌ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

إِنَّ لِلمُسلِمِ في أَزمِنَةِ الفِتَنِ مَنهَجًا ثَابِتًا، لا تَحكُمُهُ الأَهوَاءُ وَالرَّغَبَاتُ، وَلا تُسَيِّرُهُ النَّزَعَاتُ وَلا النَّزَغَاتُ، وَلَكِنَّهُ مَنهَجٌ ذُو مَبَادِئَ رَاسِخَةٍ وَأُصُولٍ عَمِيقَةٍ، يُمِدُّهُ الكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَيَضبِطُهُ هَديُ سَلَفِ الأُمَّةِ، وَمِن سِمَاتِ هَذَا المَنهَجِ القَوِيمِ، الحِرصُ عَلَى جَمعِ القُلُوبِ وَلَمِّ الشَّملِ وَتَوحِيدِ الوُجهَاتِ، وَتَجَنُّبُ مَا يُثِيرُ الاختِلافَ أَو يَدعُو لِلفُرقَةِ وَالشَّتَاتِ، عَمَلاً بِأَمرِ اللهِ جَلَّ وَعَلا حَيثُ قَالَ: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: 103] وَلأَجلِ تَحقِيقِ هَذَا الهَدَفِ النَّبِيلِ وَالوُصُولِ إِلى تِلكَ الغَايَةِ السَّامِيَةِ، فَإِنَّ المُؤمِنَ المُتَّقِيَ لِرَبِّهِ، لا يُرَى في حَالِ الفِتَنِ إِلاَّ حَلِيمًا مُتَأنِيًّا، غَيرَ مُتَعَجِّلٍ وَلا طَائِشٍ، حَرِيصًا عَلَى الرِّفقِ في تَعَامُلِهِ مَعَ مَن حَولَهُ، سَوَاءٌ في ذَلِكَ المُحِبُّونَ المُوَالُونَ أَوِ الشَّانِئُونَ المُبغِضُونَ، وَهُوَ في ذَلِكَ يَنطَلِقُ مِن نَحوِ قَولِ رَبِّهِ جَلَّ وَعَلا -: ﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه: 44] وَقَولِهِ: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159] وَقَولِ نَبِيِّهِ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ كَمَا في صَحِيحِ مُسلِمٍ: " إِنَّ الرِّفقَ لا يَكُونُ في شَيءٍ إِلاَّ زَانَهُ، وَلا يُنزَعُ مِن شَيءٍ إِلاَّ شَانَهُ " مُتَذَكِّرًا مَدحَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لأَشَجِّ عَبدِ القَيسِ حَيثُ قَالَ لَهُ: "إِنَّ فِيكَ لَخَصلَتَينِ يُحِبُّهُمَا اللهُ وَرَسُولُهُ: الحِلمُ وَالأَنَاةُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَمِن سِمَاتِ مَنهَجِ المُسلِمِ في أَوقَاتِ الفِتَنِ لُزُومُ العَدلِ وَالإِنصَافِ في الأَمرِ كُلِّهِ، مَعَ المُوَافِقِ وَالمُخَالِفِ، وَالصَّدِيقِ وَالعَدُوِّ، يَفعَلُ ذَلِكَ انطِلاقًا مِن عِلمٍ بِأَنَّ الجَورَ وَالظُّلمَ سَبَبٌ في الخِذلانِ، وَيَقِينًا بِأَنَّ العَدلَ سَبَبٌ لِبَقَاءِ الأُمَمِ وَارتِفَاعِهَا وَانتِصَارِهَا، وَامتِثَالاً لِلتَّوجِيهِ الرَّبَّانيِّ في ذَلِكَ حَيثُ قَالَ تَعَالى: ﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ﴾ [الأنعام: 152] وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 8] وَإِنَّ المُسلِمَ وَهُو يَحرِصُ عَلَى العَدلِ لَيَعلَمُ أَنَّ الحُكمَ عَلَى الشَّيءِ فَرعٌ عَن تَصَوُّرِهِ، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّهُ في سَبِيلِ اكتِمَالِ التَّصَوُّرِ الصَّحِيحِ لِلأَشيَاءِ في ذِهنِهِ وَرُؤيَتِهَا عَلَى حَقِيقَتِهَا، يَحرِصُ عَلَى التَّثَبُّتِ وَالتَّبَيُّنِ وَاستِجلاءِ الحَقَائِقِ مِن مَصَادِرِهَا، وَكَشفِ القِنَاعِ عَن كُلِّ مَا يُنقَلُ إِلَيهِ مُصَوَّرًا أَو مَسمُوعًا، عَمَلاً بِقَولِ اللهِ جَلَّ وَعَلا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [الحجرات: 6] وَقَولِهِ: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾ [الإسراء: 36] وَمِن سِمَاتِ مَنهَجِ المُسلِمِ في وَقتِ الفِتَنِ التَّخَلُّقُ بِالصَّبرِ، إِذْ هُوَ العُدَّةُ في الشَّدَائِدِ وَالمِحَنِ، وَالسِّلاحُ الَّذِي تُوَاجَهُ بِهِ الابتِلاءَتُ وَالفِتَنُ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 155] وَقَالَ تَعَالى: ﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [النحل: 127، 128] وَقاَل َ:  ﴿ وَاصبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهجُرْهُم هَجرًا جَمِيلاً ﴾ وَقَالَ: ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ [آل عمران: 120] وَإِنَّ مِن أَعظَمِ الصَّبرِ وَأَثقَلِهِ عَلَى النُّفُوسِ في أَوقَاتِ الفِتَنِ، الكَفَّ عَنِ الخَوضِ فِيهَا في أَمرِ العَامَّةِ، وَتَركَ التَّصَدُّرِ وَالتَّرُؤُّسِ، والإِقبَالَ عَلَى النَّفسِ وَاستِصلاحَهَا وَتَربِيَتَهَا، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " سَتَكُونُ فِتَنٌ القَاعِدُ فِيهَا خَيرٌ مِنَ القَائِمِ، وَالقَائِمُ فِيهَا خَيرٌ مِنَ المَاشِي، وَالمَاشِي فِيهَا خَيرٌ مِنَ السَّاعِي، مَن تَشَرَّفَ لها تَستَشْرِفْهُ، فَمَن وَجَدَ مَلجَأً أَو مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، وَعَن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: بَينَمَا نَحنُ حَولَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِذْ ذَكَرَ الفِتنَةَ فَقَالَ: " إِذَا رَأَيتُمُ النَّاسَ قَد مَرِجَت عُهُودُهُم وَخَفَّت أَمَانَاتُهُم وَكَانُوا هَكَذَا وَشَبَكَ بَينَ أَصَابِعِهِ " قَالَ: فَقُمتُ إِلَيهِ فَقُلتُ: كَيفَ أَفعَلُ عِندَ ذَلِكَ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاكَ؟! قَالَ: " اِلزَمْ بَيتَكَ، وَابكِ عَلَى نَفسِكَ، وَاملكْ عَلَيكَ لِسَانَكَ، وَخُذْ مَا تَعرِفُ وَدَعْ مَا تُنكِرُ، وَعَلَيكَ بِأَمرِ خَاصَّةِ نَفسِكَ وَدَعْ عَنكَ أَمرَ العَامَّةِ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائيُّ، وَقَالَ الأَلبَانيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

 

وَمِن سِمَاتِ مَنهَجِ المُسلِمِ في أَوقَاتِ الفِتَنِ وَكَثرَتِهَا وَاشتِدَادِهَا، الاشتِغَالُ بِالعِبَادَةِ وَالاستِكثَارُ مِنَ العَمَلِ الصَّالِحِ، وَالحَذَرُ مِمَّا عَلَيهِ كَثِيرٌ مِنَ الهَمَجِ الرَّعَاعِ، الَّذِينَ تَصرِفُهُم الفِتَنُ عَن عِبَادَةِ رَبِّهِم، وَتَشغَلُهُم عَنِ التَّزَوُّدِ لأَنفُسِهِم، وَتُوقِعُهُم في المِرَاءِ وَالجَدَلِ وَالخُصُومَاتِ وَالمُلاسَنَاتِ، وَالَّتي لا تَزِيدُهُم إِلاَّ ضَلالاً وَغَيًّا، وَلِذَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " العِبَادَةُ في الهَرجِ كَهِجرَةٍ إِليَّ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "مَا ضَلَّ قَومٌ بَعدَ هُدًى كَانُوا عَلَيهِ إِلاَّ أُوتُوا الجَدَلَ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَابنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَمِن سِمَاتِ مَنهَجِ المُسلِمِ في أَوقَاتِ الفِتَنِ كَثرَةُ الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَسُؤَالِ اللهِ تَعَالى بِإِلحَاحٍ أَن يَكشِفَ الكُربَةَ وَيُزِيلَ الغُمَّةَ، وَأَن يُعِيذَهُ مِنَ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنهَا وَمَا بَطَنَ، وَهُوَ في هَذَا يَستَصحِبُ مَا صَحَّ عَنِ الإِمَامِ المَعصُومِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ حَيثُ قَالَ: " تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنهَا وَمَا بَطَنَ، تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِن فِتنَةِ الدَّجَالِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ.

 

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ فَإِنَّكُم في وَقتٍ أَطَلَّت فِيهِ الفِتَنُ بِرُؤُوسِهَا، وَتَعَدَّدَت مَصَادِرُهَا وَتَنَوَّعَت أَشكَالُهَا " فَمَن أَحَبَّ أَن يُزَحزَحَ عَنِ النَّارِ وَيُدخَلَ الجَنَّةَ، فَلْتَأتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، وَلْيَأتِ إِلى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَن يُؤتَى إِلَيهِ، وَمَن بَايَعَ إِمَامًا فَأَعطَاهُ صَفقَةَ يَدِهِ وَثَمرَةَ قَلبِهِ، فَلْيُطعِهِ إِنِ استَطَاعَ " اللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ عَمَلاً بِالحَسَنَاتِ، وَتَركًا لِلمُنكَرَاتِ، وَإِذَا أَرَدتَ في قَومٍ فِتنَةً وَنَحنُ فِيهِم فَاقبِضْنَا إِلَيكَ غَيرَ مَفتُونِينَ.

 

أَمَّا بَعدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ﴾ [البقرة: 235] وَأَنَّهُ لا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزرَ أُخرَى، وَأَنَّ كُلَّ نَفسٍ بما كَسَبَت رَهِينَةٌ، وَسَيَتَبَرَّأُ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا حِينَ يَرَونَ العَذَابَ، فَالحَذَرَ الحَذَرَ مِن مُثِيرِي الفِتَنِ وَمُؤَجِّجِي نِيرَانِهَا، مِمَّن رَكِبُوا في ذَلِكَ وَسَائِلَ الإِعلامِ وَالقَنَوَاتِ، وَبَرَامِجَ التَّوَاصُلِ في الشَّبَكَاتِ، فَنَشَرُوا الكَذِبَ بِلا رَوِيَّةٍ، وَرَوَّجُوا لِلشَّائِعَاتِ بِلا تَثَبُّتٍ، وَشَرَّقُوا في كُلِّ قَضِيَّةٍ وَغَرَّبُوا بِلا زِمَامٍ وَلا خِطَامٍ، فَمَا أَحسَنَهُ بِالمَرءِ وَأَجمَلَهُ، أَن يَضَعَ قَولَ الحَبِيبِ النَّاصِحِ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ أَمَامَ عَينَيهِ حَيثُ قَالَ: " مِن حُسنِ إِسلامِ المَرءِ تَركُهُ مَا لا يَعنِيهِ " وَلْيَترُكْ قَضَايَا الأُمَّةِ الكَبِيرَةَ لِكِبَارِ عُلَمَائِهَا وَقَادَتِهَا، وَلْيَبتَعِدْ عَنِ اتِّخَاذِ العَاطِفَةِ الجَيَّاشَةِ مُوَجِّهًا لِكُلِّ مَا يَقُولُ أَو يَكتُبُ أَو يَفعَلُ، وَلْيَأخُذِ المُعَافَونَ العِبرَةَ مِنَ الفِتَنِ الَّتي عَصَفَت بِبَعضِ بِلادِ المُسلِمِينَ، فَاختَلَفَت فيها الرَّايَاتُ وَتَنَوَّعَتِ المَنَاهِجُ وَتَعَدَّدَتِ المَشَارِبُ، وَانفَلَتَ الزِّمَامُ وَاختَلَطَتِ الأُمُورُ وَالتَبَسَ الحَقُّ، حتى وَصَلَ الخِذلانُ بِبَعضِ الأَحزَابِ إِلى السِّبَاحَةِ في دِمَاءِ المُسلِمِينَ وَتَركِ العَدُوِّ الظَّاهِرِ.

 

فَاتَّقُوا اللهَ رَحِمَكُمُ اللهُ وَاعلَمُوا أَنَّ جِمَاعَ الخَيرِ وَسَبِيلَ النَّجَاةِ في أَوقَاتِ الفِتَنِ، التَّسَلُّحُ بِالعِلمِ الشَّرعِيِّ وَالحِرصُ عَلَيهِ اكتِسَابًا لَهُ وَإِنفَاقًا مِنهُ، فَاحرِصُوا عَلَى ذَلِكَ وَالزَمُوهُ، فَمَن لم يَستَطِعْ أَن يَكُونَ مِن أَهلِ العِلمِ فَلْيَتَمَسَّكْ بِأَهلِهِ الرَّاسِخِينَ، وَلْيَصدُرْ عَن رَأيِهِم وَلْيَعتَمِدْ أَقوَالَهُم، وَخَاصَّةً مَن عُرِفَ مِنهُم بِتَقوَاهُ وَخَشيَتِهِ وَاتِّبَاعِهِ الكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، وَالحَذَرَ الحَذَرَ مِنِ اتِّخَاذِ الجَهَلَةِ رُؤُوسًا أَوِ اتِّبَاعِ المَجَاهِيلِ، فَقَد قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: " إِنَّ اللهَ لَا يَقبِضُ العِلمَ انتِزَاعًا يَنتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقبِضُ العِلمَ بِقَبضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لم يُبقِ عَالمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفتَوا بِغَيرِ عِلمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. اللَّهُمَّ رَبَّ جِبرَيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ عَالِمَ الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنتَ تَحكُمُ بَينَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَختَلِفُونَ، اِهدِنَا لما اختُلِفَ فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذنِكَ، إِنَّكَ تَهدِي مَن تَشَاءُ إِلى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • والفتنة أشد والفتنة أكبر
  • المرأة والفتنة بها
  • ظاهرة القتل العمد في ديار المسلمين
  • تحريم قتل النساء في الحرب

مختارات من الشبكة

  • فتنة تطاول الزمن.. قوم نوح عليه السلام نموذج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فتنة التكاثر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ففروا إلى الله (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • لنصلح أنفسنا ولندع التلاوم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: {أفمن زين له سوء عمله...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عالم الفساد والعفن: السحر والكهانة والشعوذة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا تغرنكم الحياة الدنيا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية ممارسة الهوايات عند الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: العلاقات العاطفية وأثرها على الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نفحات.. وأشواق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/2/1447هـ - الساعة: 16:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب