• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    يا معاشر المسلمين، زوجوا أولادكم عند البلوغ: ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حديث: يا رسول الله، أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    الأحاديث الطوال (23) وصول النبي صلى الله عليه ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    ففروا إلى الله (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الذكاء الاصطناعي بين نعمة الشكر وخطر التزوير: ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    زمان الدجال.. ومقدمات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة الملائكة
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الخشية من الله تعالى (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    استراتيجيات تحقيق الهدف الأول لتدريس المفاهيم ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    ما حدود العلاقة بين الخاطب ومخطوبته؟
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تلاوة آيات ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    العناية بالشَّعر في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    قسوة القلب (1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    التمهيد للدرس (عرض تقديمي)
    أ. د. فؤاد محمد موسى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

ولا تلمزوا أنفسكم

ولا تلمزوا أنفسكم
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/5/2012 ميلادي - 28/6/1433 هجري

الزيارات: 29727

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ولا تلمزوا أنفسكم

 

أَمَّا بَعدُ:

فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

حِينَ يَتَوَاضَعُ المَرءُ وَيَعرِفُ قِيمَةَ نَفسِهِ، يَلزَمُ حُدُودَهُ وَلا يَتَجَاوَزُ قَدرَهُ، وَأَمَّا حِينَ يَمتَلِئُ صَدرُهُ كِبرًا وَغُرُورًا، وَتُعجِبُهُ نَفسُهُ وَيَرتَدِي بِرِدَاءِ الخُيَلاءِ وَالغَطرَسَةِ، فَإِنَّهُ يُجَاوِزُ المَعقُولَ وَيَتَعَامَى عَنِ المَنقُولِ، فَيَظلِمُ النَّاسَ وَيَبغِي عَلَيهِم، وَيَبخَسُهُم حُقُوقَهُم وَأَشيَاءَهُم، وَصَدَقَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - إِذْ قَالَ: " إِنَّ اللهَ أَوحَى إِليَّ: أَنَ تَوَاضَعُوا حَتى لا يَفخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلا يَبغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ " رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ.

 

إِنَّ ثَمَّةَ تَلازُمًا عَجِيبًا بَينَ الكِبرِ وبَينَ البَغيِ وَالفَخرِ، وَمَن تَوَاضَعَ وَتَطَامَنَ وَكَانَ سَهلاً هَينًا لَينًا، غَضَّ عَنِ العَورَاتِ وَالهَفَوَاتِ، وَتَغَافَلَ عَنِ السَّوءَاتِ وَالزَّلاَّتِ، وَانشَغَلَ بِإِصلاحِ نَفسِهِ وَتَأدِيبِهَا، وَعَمِلَ عَلَى تَقوِيمِهَا وَتَهذِيبِهَا، وَحَرِصَ عَلَى التَّزَوُّدِ ممَّا يُنجِيهِ في مَسِيرِهِ إِلى رَبِّهِ.

 

أَلا وَإِنَّ ممَّا نَهَى عَنهُ الشَّرعُ الحَكِيمُ مِن مَسَاوِئِ الأَخلاقِ وَمَرذُولِ الصِّفَاتِ، ممَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ في صَدرِ صَاحِبِهِ كِبرًا مَا هُوَ بِبَالِغِهِ، السُّخرِيَةَ مِنَ النَّاسِ وَالاستِهزَاءَ بِهِم، وَهَمزَهُم وَلَمزَهُم، وَجَعلَهُم هَدَفًا لِلتَّهَكُّمِ بِهِم في خَلقٍ أَو خُلُقٍ، قَالَ جَلَّ وَعَلا:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11] إِنَّ المُجتَمَعَ الفَاضِلَ الَّذِي يُرِيدُ الإِسلامُ بِنَاءَهُ وَتَقوِيَةَ أَركَانِهِ، مُجتَمَعٌ لَه أَدَبٌ رَفِيعٌ، وَلِكُلِّ فَردٍ فِيهِ كَرَامَتُهُ وَمَكَانَتُهُ، وَالمُؤمِنُونَ فِيهِ إِخوَةٌ كَالجَسَدِ الوَاحِدِ، وَأَيُّ تَعَرُّضٍ لِعُضوٍ مِنهُ فَإِنَّمَا هُوَ إِيلامٌ لِسَائِرِ الجَسَدِ، وَالجَمَاعَةُ كُلٌّ لا يَتَجَزَّأُ، كَرَامَتُهَا وَاحِدَةٌ، وَقَدرُهَا وَاحِدٌ، وَأَيُّ مَسٍّ لِجُزءٍ مِنهَا فَهُوَ تَعَرُّضٌ لِمَجمُوعِهَا، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ أَيَّ لَمزٍ لأَيِّ فَردٍ، فَكَأَنَّمَا هُوَ لَمزٌ لِلذَّاتِ وَتَعَرُّضٌ لِلنَّفسِ. إِنَّهُ لا يَحِلُّ لِمُؤمِنٍ يُؤمِنُ بِاللهِ رَبًّا خَالِقًا، وَيُوقِنُ بِهِ مُقَسِّمًا لِلأَرزَاقِ وَالأَخلاقِ، أَن يَسخَرَ مِن مُؤمِنٍ لِفَقرٍ ابتُلِيَ بِهِ، أَو لِذَنبٍ ارتَكَبَهُ، أَو لِعَاهَةٍ لَزِمَتهُ في بَدَنِهِ، أَو لِنَقصٍ في جَاهِهِ أَو نَسَبِهِ، فَلَعَلَّ ذَلِكَ المُستَهزَأَ بِهِ، أَن يَكُونَ أَخلَصَ ضَمِيرًا وَأَنقَى قَلبًا وَأَتقَى للهِ ممَّنِ استَهزَأَ، فَيَكُونَ المُستَهزِئُ بِذَلِكَ قَد ظَلَمَ نَفسَهُ وَحَقَّرَهَا وَصَغَّرَهَا، بِتَحقِيرِهِ مَن وَقَّرَهُ اللهُ، وَاستِصغَارِهِ مَن عَظَّمَهُ اللهُ، وَكَيفَ تَسمَحُ نَفسٌ بِهَمزٍ أَو لَمزٍ، لأَنَّهَا قَد أُوتِيَت مَالاً أَو نَسَبًا، أَو فُضِّلَت بِجَاهٍ أَو حَسَبٍ، وَاللهُ تَعَالى قَد تَوَعَّدَ أَهلَ الهَمزِ وَاللَّمزِ فَقَالَ: ﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ * الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ * كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ ﴾[الهمزة: 1 - 9].

 

إِنَّ مِن أَعظَمِ مَسَاوِئِ السُّخرِيَةِ وَالاستِهزَاءِ أَنَّهَا تَحُولُ بَينَ العَبدِ وَبَينَ الاشتِغَالِ بما يَنفَعُهُ، وَتُبعِدُهُ عَنِ السَّيرِ في مَرضَاةِ رَبِّهِ، وَتُمِيتُ قَلبَهُ وَتُورِثُهُ الغَفلَةَ وَشُرُودَ الذِّهنِ، فَلا تَرَاهُ إِلاَّ مُتَتَبِّعًا لِعَيبِ غَيرِهِ، ثم لا يَشعُرُ إِلاَّ وَالعَذَابُ قَد أَحَاطَ بِهِ، فَنَدِمَ وَتَحَسَّرَ، وَلاتَ سَاعَةَ مَندَمٌ، وَلَكِنْ دُعَاءٌ كَدُعَاءِ الكَافِرِينَ ﴿ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ * إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ * إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [المؤمنون: 108 - 111].

 

إِنَّ الاستِغرَاقَ في الضَّحِكِ مِنَ النَّاسِ وَهَمزِهِم وَلَمزِهِم، أَوِ التَّفَكُّهِ بِذِكرِ عُيُوبِهِم وَتَردَادِ مَسَاوِئِهِم، أَو تَعيِيرِهِم وَتَنَقُّصِهِم، إِنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِن صِفَاتِ الكُفَّارِ وَسِيمَا المُجرِمِينَ وَأَخلاقِ أَهلِ الجَاهِلِيَّةِ، الَّذِينَ لم تَستَطعِمْ قُلُوبُهُمُ الإِيمَانَ  ﴿ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾ [الحديد: 29]  وَأَنَّهُ ﴿  وَمَا بِكُم مِن نِعمَةٍ فَمِنَ اللهِ ﴾ قَالَ- عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِم يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انقَلَبُوا إِلى أَهلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوهُم قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ * وَمَا أُرسِلُوا عَلَيهِم حَافِظِينَ * فَاليَومَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الكُفَّارِ يَضحَكُونَ * عَلَى الأرَائِكِ يَنظُرُونَ * هَل ثُوِّبَ الكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفعَلُونَ ﴾ وَعَن أَبي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ بَيني وَبَينَ رَجُلٍ مِن إِخوَاني كَلامٌ، وَكَانَت أُمُّهُ أَعجَمِيَّةً فَعَيَّرتُهُ بِأُمِّهِ، فَشَكَاني إِلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَلَقِيتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ امرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ " قُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَن سَبَّ الرِّجَالَ سَبُّوا أَبَاهُ وَأُمَّهُ. قَالَ: " يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ امرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ... " الحَدِيثَ رَوَاهُ مُسلِمٌ وَهُوَ في البُخَارِيِّ بِنَحوِهِ.

 

إِنَّ السُّخرِيَةَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - لا تَنبَعِثُ إِلاَّ مِن نَفسٍ قَد تَلَوَّثَت بِالعُجْبِ وَتَلَطَّخَت بِالكِبرِ، وَمِن ثَمَّ فَهِيَ تُعامِلُ مَن حَولَهَا عَن شُعُورٍ بِالفَوقِيَّةِ وَالعُلُوِّ، وَقَدِ استَهَانَ إِبلِيسُ بِآدَمَ وَسَخِرَ مِنهُ قَائِلاً: ﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾ [الأعراف: 12] فَكَانَ جَزَاؤُهُ أَن بَاءَ بِالخَسَارَةِ وَالخِذلانِ وَالبُعدِ عَن رَحمَةِ الرَّحمَنِ، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَزُمُّوا أَلسِنَتَكُم عَمَّا لا يُرضِي اللهَ مِن تَنَقُّصِ خَلقِهِ وَالاستِهزَاءِ بهم، فَإِنَّ لَدَى المُؤمِنِ الجَادِّ مَا يَجعَلُهُ يُفَكِّرُ في عُيُوبِ نَفسِهِ وَيُجَاهِدُهَا عَلَى التَّخَلُّصِ مِن كُلِّ سُوءٍ، وَإِنَّ الرَّحِيمَ بِإِخوَانِهِ المُحِبَّ لهم مِنَ الخَيرِ مَا يُحِبُّهَ لِنَفسِهِ لَيَعمَلُ عَلَى إِصلاحِ خَلَلِهِم، بَدَلاً مِن تَضيِيعِ الوَقتِ في تَتَبُّعِ عُيُوبِهِم وَعَورَاتِهِم، وَنَشرِهَا بِكَلِمَاتٍ تُفسِدُ وُدَّهُم وَتُمَزِّقُ لُحمَتَهُم، عَن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا قَالَت: قُلتُ لِلنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: حَسبُكَ مِن صَفِيَّةِ أَنَّهَا كَذَا وَكَذَا - تَعني قَصِيرَةٌ - فَقَالَ: " لَقَد قُلتِ كَلِمَةً لَو مُزِجَت بِمَاءِ البَحرِ لَمَزَجَتهُ " قَالَت: وَحَكَيتُ لَهُ إِنسَانًا فَقَالَ: " مَا أُحِبُّ أَني حَكَيتُ إِنسَانًا وَأَنَّ لي كَذَا وَكَذَا " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا * وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا * كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ﴾ [الإسراء: 36 - 38].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّكُم مُلاقُوهُ فَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

وَإِذَا كَانَتِ السُّخرِيَةُ كَبِيرَةً مِن الكَبَائِرِ وَعَظِيمَةٌ مِنَ العَظَائِمِ، فَإِنَّهَا حِينَ تَقَعُ عَلَى أَهلِ العِلمِ وَرِجَالِ الدَّعوَةِ، أَوِ يُقصَدُ بها الآمِرُونَ بِالمَعرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ المُنكَرِ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ مُؤَشِّرٌ عَلَى أَنَّ في المُجتَمَعِ خَلَلاً، وَعَلامَةٌ عَلَى أَنَّ في القُلُوبِ فَسَادًا وَمَرَضًا. وَإِنَّ لِصَحَافَتِنَا مِن ذَلِكَ نَصِيبًا كَبِيرًا، حَيثُ دَرَجَت في سَنَوَاتِهَا المُتَأَخِّرَةِ، عَلَى تَنَقُّصِ العُلَمَاءِ وَالدُّعَاةِ وَالصَّالِحِينَ، وَالنَّيلِ مِنَ النَّاصِحِينَ الصَّادِقِينَ، وَتَنَاوُلِهِم بِأَرخَصِ الكَلامِ بَل وَوَصفِهِم بِأَقذَعِ السَّبِّ وَالتَّعيِيرِ، حَتى وَصَلَ الأَمرُ إِلى أَن يُوصَفَ بَعضُ كِبَارِ العُلَمَاءِ وَالنَّاطِقِينَ بِالحَقِّ، بِأَنَّ لَدَيهِ مُشكِلاتٍ نَفسِيَّةً، أَو انفِصَامًا في الشَّخصِيَّةِ، وَأَنَّهُ مُتَقَلِّبُ المِزَاجِ مُتَذَبذِبٌ مُتَلَوِّنٌ، أَو أَنَّهُ مُرِيدٌ لِلدُّنيَا طَالِبٌ لِمَنَاصِبِهَا، وَكُلُّ ذَلِكَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - بِقَصدِ الحَيلُولَةِ بَينَ النَّاسِ وَبَينَ العُلَمَاءِ وَرِجَالِ الشَّرِيعَةِ، حَتى يَخلُوَ الجُوُّ لأُولِئَكِ المُنَافِقِينَ، لِيُفسِدُوا في المُجتَمَعِ كَيفَ يَشَاؤُونَ، وَلِيَصُوغُوا أَفكَارَ شَبَابِهِ عَلَى مَا يُرِيدُونَ، وَلِيَتَلاعَبُوا بِأَجسَادِ نِسَائِهِ كَمَا يَشتَهُونَ، فَقَاتَلَهُمُ اللهُ أَنىَّ يُؤفَكُونَ، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ، وَاعلَمُوا أَنَّ ممَّا يَجِبُ عَلَى المُجتَمَعِ المُسلِمِ أَن يُقَاطِعَ هَذِهِ الجَرَائِدَ وَتِلكَ القَنَوَاتِ، وَأَلاَّ يَسمَحَ لِعَينِهِ أَن تَرَى وَلا لأُذُنِهِ أَن تَستَمِعَ لِمَا في تِلكَ المَصَادِرِ العَفِنَةِ النَّتِنَةِ مِنِ استِهزَاءٍ وَسُخرِيَةٍ بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَتَهَكُّمٍ بِحَافِظِي كِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، فَقَد قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 140]  إِنَّ هَؤُلاءِ الصَّحَفِيِّينَ وَالكَتَبَةِ مَعَ تَنَاقُضِهِمُ الوَاضِحِ فِيمَا يَكتُبُونَ، إِنَّهُم لَمِن أَجهَلِ النَّاسِ بما أَنعَمَ اللهُ بِهِ عَلَى هَذِهِ البِلادِ مِن نِعمَةِ التَّمَسُّكِ بِالدِّينِ الَّتي لا تَعدِلُهَا نِعمَةٌ، وَلَو كَانُوا يَعقِلُونَ لأَصغَوا أَسمَاعَهُم وَقُلُوبَهُم لِقَولِ رَبِّهِم تَبَارَكَ وَتَعَالى: ﴿ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 231] وَأَمَّا المُستَهزَأُ بهم وَلا سِيَّمَا مِنَ العُلَمَاءِ وَطُلاَّبِ العِلمِ وَالدُّعَاةِ، فَيَكفِيهِم أَن يَتلُوا قَولَ رَبِّهِم تَبَارَكَ وَتَعَالى: ﴿ فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ﴾[الزخرف: 83]، ﴿ وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ * وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ * وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [هود: 121 - 123].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فلا تزكوا أنفسكم
  • وما تنفقوا من خير فلأنفسكم
  • إنما بغيكم على أنفسكم
  • لا تخيفوا أنفسكم بعد أمنها
  • ابدأ بالبحث عن نفسك قبل البحث عن وظيفتك
  • هونوا على أنفسكم

مختارات من الشبكة

  • أخلاق وفضائل أخرى في الدعوة القرآنية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • في نهاية عامكم حاسبوا أنفسكم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد وأحكام من قوله تعالى: { ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم... }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التغافل: راحة نفسية وطمأنينة وسكينة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خطبة: أهمية ممارسة الهوايات عند الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: العلاقات العاطفية وأثرها على الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هوس الشهرة عند الشباب والفتيات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: مفهوم الرذيلة عند الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المراهقون بين هدي النبوة وتحديات العصر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: ماذا يكره الشباب والفتيات؟(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/2/1447هـ - الساعة: 11:41
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب