• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    وصية النبي - صلى الله عليه وسلم- بطلاب العلم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الأمن.. والنعم.. والذكاء الاصطناعي
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    يا معاشر المسلمين، زوجوا أولادكم عند البلوغ: ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حديث: يا رسول الله، أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    الأحاديث الطوال (23) وصول النبي صلى الله عليه ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    ففروا إلى الله (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الذكاء الاصطناعي بين نعمة الشكر وخطر التزوير: ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    زمان الدجال.. ومقدمات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة الملائكة
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الخشية من الله تعالى (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    استراتيجيات تحقيق الهدف الأول لتدريس المفاهيم ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    ما حدود العلاقة بين الخاطب ومخطوبته؟
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تلاوة آيات ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    العناية بالشَّعر في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الحج والأضحية
علامة باركود

دروس من الحج والعشر

دروس من الحج والعشر
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/11/2011 ميلادي - 21/12/1432 هجري

الزيارات: 15452

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

دروس من الحج والعشر

 

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفسٌ مَا قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بما تَعمَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنسَاهُم أَنفُسَهُم أُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ * لا يَستَوِي أَصحَابُ النَّارِ وَأَصحَابُ الجَنَّةِ أَصحَابُ الجَنَّةِ هُمُ الفَائِزُونَ ﴾.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مَرَّت بِالمُسلِمِينَ أَيَّامٌ عَظِيمَةٌ مِن أَيَّامِ اللهِ، وَعَاشُوا مَوسمًا كَرِيمًا مِن مَوَاسِمِ الآخِرَةِ، فَنِعمَ الأَيَّامُ تِلكَ الأَيَّامُ ! وَنِعمَ المَوسِمُ ذَلِكَ المَوسِمُ ! إِنَّ تِلكَ الأَيَّامَ وَإِنْ كَانَت لم تَتَجَاوَزْ ثَلاثَةَ عَشَرَ يَومًا، إِلاَّ أَنَّهَا احتَوَت مِنَ الدُّرُوسِ وَالعِبَرِ وَالفَوَائِدِ، مَا لَو وَعَتهُ القُلُوبُ وَتَشَرَّبَتهُ النُّفُوسُ، وَطُبِّقَ في سَائِرِ أَيَّامِ العَامِ، لَتَغَيَّرَت في الوَاقِعِ أُمُورٌ وَلَتَحَسَّنَت أَحوَالٌ، فَالحَجُّ إِلى بَيتِ اللهِ الحَرَامِ، وَمَا فِيهِ مِنِ اجتِمَاعَاتٍ مَحشُودَةٍ وَأَيَّامٍ مَشهُودَةٍ، وَالعَيدُ وَأَيَّامُ التَّشرِيقِ، وَمَا فِيهَا مِن أَضَاحٍ وَتَكبِيرٍ وَأَعمَالٍ صَالحةٍ وَقُرُبَاتٍ، وَصِلَةِ أَرحَامٍ وَزَيَارَةٍ أَقَارِبَ، كُلُّ تِلكَ العِبَادَاتِ الجَلِيلَةِ وَالأَعمَالِ النَّبِيلَةِ، إِنَّمَا هِيَ مَحَطَّاتٌ إِيمَانِيَّةٌ وَمَوَاقِفُ رَوحَانِيَّةٌ، تَستَلهِمُ مِنهَا الأُمَّةُ دُرُوسًا في العُبُودِيَّةِ، وَالَّتي مَا وُجِدَ النَّاسُ عَلَى هَذِهِ الأَرضِ إِلاَّ لأَجلِهَا، وَلا يَجُوزُ لهم بِحَالٍ أَن يَتَنَاسَوهَا، ثم يَنطَلِقُوا في دُرُوبِ دُنيَاهُم ذَاتَ اليَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ، لِجَمعٍ وَمَنعٍ وَعُقُوقٍ وَقَطِيعَةٍ، أَو قِيلٍ وَقَالٍ وَاتِّبَاعِ هَوًى وَطَاعَةِ شَيطَانٍ. لَقَد خَلَقَ اللهُ - تَعَالى - الخَلقَ لِعِبَادَتِهِ، وَتَكَفَّلَ لهم بِأَرزَاقِهِم وَسَخَّرَ لهم مَا في الأَرضِ، قَالَ - سُبحَانَهُ - : ﴿ وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنهُم مِن رِزقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطعِمُونِ * إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ ﴾ وَقَالَ - سُبحَانَهُ - : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزقًا لَكُم فَلا تَجعَلُوا للهِ أَندَادًا وَأَنتُم تَعلَمُونَ ﴾ وَإِنَّ مَا مَرَّ بِنَا مِن أَعمَالٍ وَقُرُبَاتٍ في العَشرِ وَأَيَّامِ التَّشرِيقِ، لَيُؤَصِّلُ فِينَا مَا قَد نَغفَلُ عَنهُ في خِضَمِّ هَذِهِ الحَيَاةِ مِن مَهَامِّ العُبُودِيَّةِ، فَتَوَقُّفُ مَن أَرَادَ أَن يُضَحِّيَ عَن أَخذِ شَيءٍ مِن شَعرِهِ وَبَشَرَتِهِ، وَاللَّهَجُ بِالتَّكبِيرِ قِيَامًا وَقُعُودًا وَفي البُيُوتِ وَالمَسَاجِدِ وَالأَسوَاقِ، وَصَومُ يَومِ عَرَفَةَ وَذَبحُ الأَضَاحِي، وَأَعمَالُ الحَجِّ بَدأً بِالإِحرَامِ وَلَبسِ ثِيَابِهِ المُوَحَّدَةِ، فَالمَسِيرُ إِلى تِلكَ المَشَاعِرِ المَقَدَّسَةِ، ثم وُقُوفُ الحُجَّاجِ بِزِيٍّ وَاحِدٍ في أَمَاكِنَ وَاحِدَةٍ في وَقتٍ وَاحِدٍ، ثم الطَّوَافُ وَالسَّعيُ وَالرَّميُ وَالذَّبحُ وَسَائِرُ الأَعمَالِ إِلى طَوَافِ الوَدَاعِ، إِنَّ كُلَّ تِلكَ الأَعمَالِ لَتُعطِينَا دُرُوسًا جَلِيلَةً، وَتُؤَسِّسُ في نُفُوسِنَا أُصُولاً أَصِيلَةً، وَتَغرِسُ فِيهَا ثَوَابِتَ مَتِينَةً، وَتُقَرِّرُ مَبَادِئَ يَجِبُ عَلَينَا العَضُّ عَلَيهَا بِالنَّوَاجِذِ وَاستِحضَارُهَا في الدَّقِيقِ وَالجَلِيلِ مِن أُمُورِنَا ؛ لِنَكُونَ كَمَا أُرِيدَ بِنَا حُنَفَاءَ للهِ غَيرَ مُشرِكِينَ بِهِ، مُسلِمِينَ لَهُ وُجُوهَنَا وَقُلُوبَنَا وَسَائِرَ جَوَارِحِنَا، لَهُ صَلاتُنَا وَلَهُ نُسُكُنَا، وَلَهُ مَحيَانَا وَلَهُ مَمَاتُنَا، نَعبُدُهُ كَمَا أَرَادَ هُوَ لا كَمَا نُرِيدُ نَحنُ، وَنَتَمَسَّكُ بما يُوجِبُهُ عَلَينَا في الصَّغِيرِ قَبلَ الكَبِيرِ، وَنَكتَفِي بما أَحَلَّ لَنَا وَنَدَعُ مَا حَرَّمَ، لا أَن نَتَفَلَّتَ مِن وَاجِبَاتِ دِينِنَا شَيئًا فَشَيئًا وَنَتَسَاهَلَ بِتَنَاوُلِ الشُّبُهَاتِ، ثم نَقَعَ في المَكرُوهَاتِ وَالمُحَرَّمَاتِ وَنَغشَى الكَبَائِرَ وَالمُوبِقَاتِ.

 

إِنَّ المُسلِمَ المُرِيدَ لِلأُضحِيَةِ، حِينَ يُمسِكُ مِن دُخُولِ العَشرِ عَن قَصِّ الشَّعرِ وَالظُّفرِ وَالأَخذِ مِن شَيءٍ مِنَ البَشَرَةِ مَهمَا قَلَّ بِلا حَاجَةٍ، إِنَّهُ لَيَتَعَلَّمُ تَعظِيمَ الأَمرِ وَالنَّهيِ، وَتَوقِيرَ الآمِرِ النَّاهِي - سُبحَانَهُ - وَإِجلالَهُ، وَالوُقُوفَ عِندَ أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ في الصَّغِيرِ مِنَ الأُمُورِ قَبلَ الكَبِيرِ.

 

وَيُحرِمُ الحَاجُّ أَيًّا كَانَ مَنصِبُهُ أَو مَالُهُ أَو عَشِيرَتُهُ أَو بَلَدُهُ، مُتَجَرِّدًا مِن مَلابِسِهِ أَيًّا كَانَ ثَمَنُهَا أَو نَوعُهَا، وَيَغتَسِلُ لإِحرَامِهِ وَيَتَنَظَّفُ وَيَتَطَيَّبُ، فَيَتَجَرَّدُ بهذَا مِن آفَاتِ الدُّنيَا وَدَنَايَاهَا، وَيَنبُذُ جَمِيعَ مَقَايِيسِهَا وَمَعَايِيرِهَا، وَيَغتَسِلُ مِن مَاضِيهِ وَيَتُوبُ إِلى اللهِ ممَّا قَد يَكُونُ فِيهِ مِن حَالٍ لا تُرضِيهِ، وَتَرَاهُ في طَرِيقِهِ يَلهَجُ بِالتَّلبِيَةِ، لِيُعلِنَ أَنَّهُ مُتَوَجِّهٌ إِلى رَبِّهِ لا إِلى غَيرِهِ، وَأَنَّ ذَلِكَ التَّوَجُّهَ مُتَكَرِّرٌ في الحَيَاةِ مَرَّةً بَعدَ مَرَّةً، تَوَجُّهٌ مُستَمِرٌّ لا يَتَوَقَّفُ، في عُبُودِيَّةٍ تَنتَظِمُ كُلَّ أُمُورِ الحَيَاةِ وَلا تَنقَطِعُ، لا خُرُوجَ فِيهَا لِلعَبدِ عَن إِرَادَةِ رَبِّهِ، بَل هُوَ طَوعٌ لأَوَامِرِهِ رَهنٌ لِتَعَالِيمِ دِينِهِ، مُرتَضٍ لها في كُلِّ شَأنٍ مِن شُؤُونِهِ، لِعِلمِهِ أَنَّهُ خَالِقُهُ وَرَازِقُهُ، وَأَنَّهُ المُنعِمُ المُتَفَضِّلُ، فَمِن حَقِّهِ أَن يُعبَدَ وَيُوَحَّدَ وَيُحمَدَ، وَأَن يُذكَرَ وَيُشكَرَ وَلا يُكفَرَ، وَأَن تُخلَصَ لَهُ العِبَادَةُ وَلا يُشرَكَ بِهِ.

 

وَيَلهَجُ غَيرُ الحُجَّاجِ بِالتَّكبِيرِ في كُلِّ أَوقَاتِهِم، وَبعدَ صَلَوَاتِهِم وَحِينَ ذَبحِ أُضحِيَاتِهِم، وَفي هَذَا التَّكبِيرِ مَعَانٍ جَلِيلَةٌ كَثِيرَةٌ ! فَاللهُ أَكبرُ مِن كُلِّ شَيءٍ وَأَعظَمُ، وَاللهُ أَعلَى مِن كُلِّ شَيءٍ وَأَجَلُّ، وَأَمرُهُ - تَعَالى - وَنَهيُهُ أَكبرُ وَأَعظَمُ وَأَعلَى وَأَجَلُّ، وَمَا يُرِيدُهُ - سُبحَانَهُ - يَجِبُ أَن يَكُونَ في كُلِّ نَفسٍ هُوَ الأَكبَرَ وَالأَعظَمَ وَالأَهَمَّ، اللهُ أَكبرُ مِن كُلِّ دُنيَا يُطمَعُ فِيهَا، اللهُ أَكبرُ مِن كُلِّ مَنصِبٍ يُؤبَهُ لَهُ، اللهُ أَكبرُ مِن كُلِّ جَاهٍ تَتُوقُ لَهُ النُّفُوسُ، اللهُ أَكبرُ وَأَعظَمُ مِن كُلِّ مَخلُوقٍ مَهمَا كَبُرَ أَو تَكَبَّرَ أًو عُظِّمَ أَو تَعَاظَمَ.

 

وَيَطُوفُ الحُجَّاجُ وَيَسعَونَ وَيَبِيتُونَ بِمِنًى، ثم يَنطَلِقُونَ جَمِيعًا إِلى عَرَفَةَ ثم إِلى مُزدَلِفَةَ، ثم يَعُودُونَ لِمِنًى وَيَبِيتُونَ فِيهَا، وَهُم إِنَّمَا يَتَحَرَّكُونَ ذَاهِبِينَ إِلى هَذَا المَشعَرِ أَو عَائِدِينَ لِذَاكَ، طَاعَةً لِرَبِّهِم - سُبحَانَهُ - وَتَحقِيقًا لِلعُبُودِيَّةِ الَّتي مِن أَجلِهَا خُلِقُوا، وَاقتِدَاءً بِمَن أُمِرُوا بِالأَخذِ عَنهُ وَالسَّيرِ عَلَى نَهجِهِ، في صُورَةٍ رَائِعَةٍ لِلوِحدَةِ الَّتي يَجِبُ أَن يَكُونُوا عَلَيهَا، بِلا فَرقٍ بَينَ أَبيَضَ أَو أَسوَدَ، أَو عَرَبيٍّ أَو عَجَمِيٍّ، أَو غَنيٍّ أَو فَقِيرٍ، أَو رَئِيسٍ أَو مَرؤُوسٍ.

 

وَتَرَاهُم في ثَلاثَةِ أَيَّامٍ يَرمُونَ الجَمَرَاتِ وَيُكَبِّرُونَ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَفي ذَلِكَ تَذكِيرٌ لهم بِمُوَاصَلَةِ الحَربِ مَعَ عَدُوِّهِمُ اللَّدُودِ الشَّيطَانِ، وَتَجدِيدٌ لِلحَذَرِ مِن إِغوَائِهِ أَوِ السَّيرِ في طُرِقِهِ، وَتَعوِيدٌ لهم أَن يَذكُرُوا اللهَ وَيَستَحضِرُوا عَظَمَتَهُ وَجَلالَهُ كُلَّمَا أَرَادَ ذَلِكَ العَدُوُّ أَو أَحَدٌ مِن أَعوَانِهِ أَن يُغوُوهُم أَو يُفسِدُوا عَلَيهِم سَيرَهُم إِلى رَبِّهِم، وَأَن يَرجُمُوا خِطَطَ أُولَئِكَ الأَعدَاءِ وَيَنبُذُوهَا وَرَاءَ ظُهُورِهِم وَلا يُقِيمُوا لها وَزنًا.

 

وَيَذبَحُ المُسلِمُونَ الهَديَ وَالأَضَاحِيَ، فَيَتَذَكَّرُونَ أَبَا الأَنبِيَاءِ وَإِمَامَ الحُنَفَاءِ، المُسلِمَ القَانِتَ لِرَبِّهِ، إِبرَاهِيمَ الخَلِيلَ - عَلَيهِ السَّلامُ - الَّذِي لم يَتَرَدَّدْ هُوَ وَابنُهُ إِسمَاعِيلُ في تَنفِيذِ مَا أُمِرَا بِهِ، بَل ضَرَبَا أَعظَمَ الأَمثِلَةِ في الاستِجَابَةِ لِمَن بِيَدِهِ الخَلقُ وَالأَمرُ، حَيثُ قَدَّمَ الابنُ رُوحَهُ مُستَسلِمًا، وَقَدَّمَ الأَبُ فَلَذَةَ كَبِدِهِ صَابِرًا، فَكَانَ لهما الذِّكرُ الحَسَنُ في الدُّنيَا، وَالعَاقِبَةُ المَحمُودَةُ في الآخِرَةِ.

 

وَحِينَ يَقُولُ - تَعَالى - : ﴿ الحَجُّ أَشهُرٌ مَعلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ في الحَجِّ ﴾ فَإِنَّ في ذَلِكَ تَربِيَةً لِلمُؤمِنِينَ أَن يَكُونُوا في حَيَاتِهِم عَلَى أَحسَنِ مَا يَكُونُ مِنَ السُّلُوكِ، وَأَن يَكُونَ دَيدَنُهُمُ التَّحَلِّيَ بِأَجمَلِ الأَخلاقِ وَالآدَابِ، وَعَدَمَ التَّدَنِّي إِلى الرَّفَثِ أَوِ التَّدَنُّسِ بِالفُسُوقِ، أَوِ النُّطقِ بِالفُحشِ وَالانشِغَالِ بِالجَدَلِ الَّذِي لا طَائِلَ وَرَاءَهُ.

 

وَالحَجُّ كُلُّهُ بِشَعَائِرِهِ العَدِيدَةِ وَأَعمَالِهِ المُتَنَوِّعَةِ، وَالَّتي لا تَخلُو مِن بَذلِ الجُهدِ وَتَحَمُّلِ التَّعَبِ وَالمَشَقَّةِ، وَصَبرِ الحَاجِّ عَلَى مَا يَحصُلُ لَهُ مِن عَقَبَاتٍ وَمَا يَوَاجِهُهُ مِن صِعَابٍ، يُذَكِّرُ الأُمَّةَ بِذُروَةِ سَنَامِ الإِسلامِ وَهُوَ الجِهَادُ، لِتَتَذَكَّرَ أَنَّهُ لا عِزَّةَ لها وَلا انشِرَاحَ لِصُدُورِهَا وَلا ارتِفَاعَ لِرُؤُوسِهَا إِلاَّ بِالجِهَادِ. أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - عِبَادَ اللهِ - وَلْنَحمَدِ اللهَ عَلَى مَا شَرَعَهُ لَنَا مِن عِبَادَاتٍ وَمَا جَعَلَهُ مِن مَوَاسِمَ لِلخَيرَاتِ. أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ : ﴿ وَأَذِّنْ في النَّاسِ بِالحَجِّ يَأتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشهَدُوا مَنَافِعَ لَهُم وَيَذكُرُوا اسْمَ اللهِ في أَيَّامٍ مَعلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِن بَهِيمَةِ الأَنعَامِ فَكُلُوا مِنهَا وَأَطعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقضُوا تَفَثَهُم وَلْيُوفُوا نُذُورَهُم وَلْيَطَّوَّفُوا بِالبَيتِ العَتِيقِ * ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيرٌ لَهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّت لَكُمُ الأَنعَامُ إِلاَّ مَا يُتلَى عَلَيكُم فَاجتَنِبُوا الرِّجسَ مِنَ الأَوثَانِ وَاجتَنِبُوا قَولَ الزُّورِ * حُنَفَاءَ للهِ غَيرَ مُشرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخطَفُهُ الطَّيرُ أَو تَهوِي بِهِ الرِّيحُ في مَكَانٍ سَحِيقٍ * ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقوَى القُلُوبِ ﴾.


الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - حَقَّ التَّقوَى، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى، وَاعلَمُوا أَنَّ أَيَّامَ العَشرِ بما فِيهَا مِنَ الحَجِّ وَالعَجِّ وَالثَّجِّ، وَالسَّفَرِ وَالاجتِمَاعِ ثم الافتِرَاقِ وَالعَودَةِ، وَالتَّضحِيَةِ بِالنَّفسِ وَالمَالِ وَالأَوقَاتِ وَالأَهلِ وَالدِّيَارِ، وَالتَّجَرُّدِ مِنَ الزِّينَةِ وَارتِدَاءِ لِبَاسِ الإِحرَامِ المُتَوَاضِعِ، إِنَّ كُلَّ أُولَئِكَ مَدرَسَةٌ بَل جَامِعَةٌ إِيمَانِيَّةٌ تَربَوِيَّةٌ، يَجِبُ أَن تَستَفِيدَ مِنهَا الأُمَّةُ مَا يُصلِحُ شَأنَهَا وَيُعلِي قَدرَهَا وَيَنفَعُهَا في أُخرَاهَا، وَاضِعَةً نُصبَ عَينَيهَا أَنَّ الدُّنيَا بِكُلِّ مَا فِيهَا لا تَعدُو أَن تَكُونَ رِحلَةً كَرِحلَةِ الحَجِّ، وَأَنَّ أَيَّامَهَا كَأَيَّامِ العَشرِ، تُوشِكُ أَن تَنتَهِيَ عَاجِلاً ثم يَعُودَ كُلُّ عَبدٍ إِلى رَبِّهِ، فَيُجَازِيَهُ بما عَمِلَهُ وَقَدَّمَهُ، وَمِن ثَمَّ فَلا حَاجَةَ لِلرُّكُونِ إِلى الزَّخَارِفِ وَالانشِغَالِ بِالزِّينَةِ وَالمُلهِيَاتِ، بَل يَكفِي المُؤمِنَ زَادٌ كَزَادِ الرَّاكِبِ الَّذِي خَرَجَ مِن أَهلِهِ حَاجًّا ثم عَادَ، مَعَ الصَّبرِ عَلَى مَا في الدُّنيَا مِن نَقصٍ وَتَغَيُّرٍ وَتَبَدُّلِ حَالٍ، إِلى أَن يَلقَى العَبدُ رَبَّهُ في دَارٍ لا نَصَبَ فِيهَا وَلا تَعَبَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضل الحج وعشر ذي الحجة
  • فضل عشر ذي الحجة وأحكام الحج
  • من أسرار الحج - عشر ذي الحجة
  • فضل عشر ذي الحجة ووجوب الحج
  • عشر ذي الحجة وأركان الإسلام
  • عشر ذي الحجة
  • عشر ذي الحجة
  • أرقام تربوية
  • دروس لم تقرأ في الحج
  • تيسير الحج
  • بقية كريمة من أيام عظيمة

مختارات من الشبكة

  • الهجرة النبوية: دروس وعبر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من دروس خطبة الوداع: أخوة الإسلام بين توجيه النبوة وتفريط الأمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تناقضات موضوع "القرية ملك للجميع"(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • فقه الحج - دروس من الحج(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • وعجلت إليك ربي لترضى (من دروس الحج) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: إذا لا يضيعنا (من دروس الحج)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دروس مستفادة من الحج: الامتثال لأمر الله تعالى وسرعة الاستجابة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحج: دروس وعبر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من دروس الحج وآثاره (خطبة) (باللغة الهندية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من دروس الحج وآثاره (باللغة الأردية)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/2/1447هـ - الساعة: 16:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب