• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    وصية النبي - صلى الله عليه وسلم- بطلاب العلم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الأمن.. والنعم.. والذكاء الاصطناعي
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    يا معاشر المسلمين، زوجوا أولادكم عند البلوغ: ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حديث: يا رسول الله، أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    الأحاديث الطوال (23) وصول النبي صلى الله عليه ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    ففروا إلى الله (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الذكاء الاصطناعي بين نعمة الشكر وخطر التزوير: ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    زمان الدجال.. ومقدمات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة الملائكة
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الخشية من الله تعالى (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    استراتيجيات تحقيق الهدف الأول لتدريس المفاهيم ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    ما حدود العلاقة بين الخاطب ومخطوبته؟
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تلاوة آيات ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    العناية بالشَّعر في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

أثر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه

أثر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه
أبو عبدالله فيصل بن عبده قائد الحاشدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/9/2024 ميلادي - 23/3/1446 هجري

الزيارات: 5732

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أَثَرُ وَفَاةُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى أَصْحَابِهِ

 

الخُطْبَةُ الأُوْلَى

إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمِدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلِ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 

إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمِدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلِ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، ثُمَّ أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

ثُمَّ أَمَّا بَعْدُ:

فَمَا زَالَ الحَدِيْثُ مَعَكُمْ - أَيُّهَا النَّاسُ - عَنِ السِّيْرَةِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى صَاحِبِهَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَحَدِيْثِي مَعَكُمْ اليَوْمَ عَنْ « أَثَرُ وَفَاةُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى أَصْحَابِهِ ».


فَبَعْدَ أَنِ اسْتَأْثَرَ اللهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بِنَبِيِّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَقَدْ أَكْمَلَ لَهُ وَلَنَا دِيْنَهُ، وَأَتَمَّ عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ نِعْمَتَهُ، كَمَا قَالَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: 3].

 

وَمَا مِنْ شَيْءٍ فِي الدُّنْيَا يَكْمُلُ - أَيُّهَا النَّاسُ - إِلَّا وَجَاءَهُ النُّقْصَانُ [1].

 

فَكَانَ مَوْتُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَاصِمَةُ الظَّهْرِ وَمُصِيْبَةُ العُمْرِ بَلْ إِنَّهَا لَأَعْظَمُ المَصَائِبِ، فَلَمْ يُصِبْ المُسْلِمُونَ بِمُصِيْبَةِ هِيَ أَعْظَمُ عَلَيْهِمْ مِنْ مَوْتِ نَبِيِّهِمْ -صلى الله عليه وسلم-.

 

فَفِي سُنَنِ الدَّرَامِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي «الصَّحِيْحَةِ» [2]، مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ-صلى الله عليه وسلم-: « إِذَا أُصِيْبَ أَحَدَكُمْ مُصِيبَةٌ فَلْيَذْكُرْ مُصِيْبَتَهُ بِي، فَإِنَّهَا أَعْظَمُ الْمَصَائِبِ ».


فَالنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَيُّهَا النَّاسُ - أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَنْفُسِنَا وَوَالِدِيْنَا وَأَهْلِنَا وَالنَّاسِ أَجْمَعِيْنَ، فَحُبُّهُ -صلى الله عليه وسلم- فَرْضٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَلاَ يَتِمُّ الإِيْمَانُ إِلَّا بِذَلِكَ.

 

فَفِي «الصَّحِيْحَيْنِ» [3]، مِنْ حَدِيْثِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ-صلى الله عليه وسلم-: « لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ».

 

وَفِي «صَحِيْحِ البُخَارِيُّ»[4]، مِنْ حَدِيْثِ عَبْدُ اللهِ بْنَ هِشَامٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: « لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ »، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الْآنَ وَاللهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: « الْآنَ يَا عُمَرُ ».

 

وَكَانَ الصَّحَابَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - يَخَافُونَ مِنْ فِرَاقِ رَسُولِ اللهِ-صلى الله عليه وسلم- وَمِنْ أَحَبَّ شَيْئًا - أَيُّهَا النَّاسُ - خَشِى أن يَفْقِدَهُ.

 

فَحِيْنَ مَاتَ رَسُولُ اللهِ-صلى الله عليه وسلم- طَاشَتْ عُقُولُ كَثِيْرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَلَمْ يُصَدِّقُوا أَنَّ نَبِيَّهُمْ الَّذِي أَخَذَ بِيَدَيْهِمْ إِلَى الصِّرَاطِ المُسْتَقِيْمِ وَأَحَبُّوهُ أَعْظَمَ مِنْ حُبِّهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ مَاتَ!.

 

فَفِي «صَحِيْحِ البُخَارِيُّ» [5]، مِنْ حَدِيْثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -، زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: « أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ -قَالَ إِسْمَاعِيلُ: يَعْنِي بِالْعَالِيَةِ- فَقَامَ عُمَرُ يَقُولُ: وَاللهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-. قَالَتْ وَقَالَ عُمَرُ: وَاللهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلاَّ ذَاكَ، وَلَيَبْعَثَنَّهُ اللهُ فَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِيَ رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ. فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَبَّلَهُ فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يُذِيقُكَ اللهُ الْمَوْتَتَيْنِ أَبَدًا. ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: أَيُّهَا الْحَالِفُ، عَلَى رِسْلِكَ. فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-.

 

فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: أَلاَ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا -صلى الله عليه وسلم- فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ وَقَالَ: ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ﴾ [الزمر: 30].

 

وَقَالَ: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ [آل عمران: 144]، قَالَ: فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ.

 

فَهَذَا - أَيُّهَا النَّاسُ - دَلِيْلٌ أَنَّ الصَّحَابَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - لَمْ يَكُونُوا مُصَدِّقِيْنَ مَوْتَ نَبِيَّهُمْ لِعِظَمِ قَدْرِهِ فِي نُفُوسِهِمْ، حَتَّى تَلاَ عَلَيْهُمْ أَبُو بَكْرِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - الآيَةَ فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ.

 

لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- كَمَا جَاءَ فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيُّ، فَلَمَّا مَاتَ أَظْلَمَتِ الدُّنْيَا فِي أَعْيُنِهِمْ، بَلْ أَظْلَمَ كُلُّ شَيْءٍ.

 

فَفِـي مُسْنَدِ أَحْمَدَ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ، صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي « حَاشِيَةِ فِقْهِ السِّيْرَةِ» [6]، مِنْ حَدِيْثِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -قَالَ: « لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي قَدِمَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ أَضَاءَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَظْلَمَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ، وقَالَ: مَا نَفَضْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- الأَيْدِي، حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا».

 

وَفِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَّه بَسَنَدٍ صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي« صَحِيْحِ ابْنِ مَاجَّه»، الوَادِعِيُّ فِي «الصَّحِيْحِ المُسْنَدِ»[7]، مِنْ حَدِيْثِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -قَالَ: « وَذَكَرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «شَهِدْتُهُ يَوْمَ دَخَلَ الْمَدِينَةَ فَمَا رَأَيْتُ يَوْمًا قَطُّ، كَانَ أَحْسَنَ وَلَا أَضْوَأَ مِنْ يَوْمٍ دَخَلَ عَلَيْنَا فِيهِ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَشَهِدْتُهُ يَوْمَ مَوْتِهِ، فَمَا رَأَيْتُ يَوْمًا كَانَ أَقْبَحَ، وَلَا أَظْلَمَ مِنْ يَوْمٍ مَاتَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-».

 

وَنَحْنُ - أَيُّهَا النَّاسُ - نَسْأَلُ مِنَ اللهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَنْ يَجْعَلْنَا مِنَ الَّذِيْنَ قَالَ فِيْهمْ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: « مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ ».


كَمَا جَاءَ فِي «صَحِيْحِ مُسْلِمٍ»[8]، مِنْ حَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فَنَحْنُ نُشْهِدُ اللهَ أَنَّنَا نُحِبُّ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَنُحِبُّ أَصْحَابُهُ كُلَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ، فَنَسْأَلُهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -أَنْ يَحْشُرُنَا مَعَهُمْ، فَإِنَّ المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ يَوْمَ القِيَامَةِ.

 

كَمَا جَاءَ فِي «الصَّحِيْحَيْنِ» [9]، مِنْ حَدِيْثِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ السَّاعَةِ، فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟، قَالَ: « وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟»، قَالَ: لَا شَيْءَ إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: « أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ ».

 

قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي شَرْحِهِ لِهَذَا الحَدِيْثِ: « فِيهِ فَضْلُ حُبِّ اللهِ وَرَسُولِهِ -صلى الله عليه وسلم- وَالصَّالِحِينَ، وَأَهْلِ الْخَيْرِ، الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ، وَمِنْ فَضْلِ مَحَبَّةِ اللهِ وَرَسُولِهِ امْتِثَالُ أَمْرِهِمَا، وَاجْتِنَابُ نَهْيهِمَا، وَالتَّأَدُّبُ بِالْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الِانْتِفَاعِ بِمَحَبَّةِ الصَّالِحِينَ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلَهُمْ، إِذْ لَوْ عَمِلَهُ لَكَانَ مِنْهُمْ وَمِثْلَهُمْ » [10].

 

وَقَبْلَ أَنْ أُوَدِّعَ مَقَامِي هَذَا - أَيُّهَا النَّاسُ - أُلْقِي عَلَى مَسَامِعِكُمْ قَصِيْدَةً قِيْلَتْ فِي رَثَاءِ الرَّسُولِ -صلى الله عليه وسلم- وَهِيَ:

لِيَبْكِ رَسُولَ اللهِ مَنْ كَانَ بَاكِيًا
فَلَاَ تَنْسَ قَبْرًا بِالمَدِيْنَةِ ثَاوبا
جَزَى اللهُ عَنَّا كُلَّ خَيْرٍ مُحَمَّدًا
فَقَدْ كَانَ مَهْدِيًّا، وَقَدْ كَانَ هَادِيا
وَقَدْ كَانَ رَسُولَ الله رَوْحًا وَرَحْمَةً
وَنُورًا وَبُرْهَانًا مِنَ اللهِ بَادِيا
وَكَانَ رَسُولُ اللهِ بِالخَيْرِ آمِرًا
وَكَانَ عَنِ الفَحْشَاء والسُّوءِ نَاهِيا
وَكَانَ رَسُولُ اللهِ بِالقِسْطِ قَائِمًا
وَكَانَ لِمَا اسْتَرْعَاهُ مَوْلَاهُ رَاعِيا
أَيُنْسَى أَبَرُّ النَّاسِ بِالنَّاسِ كُلِّهُمُ
وَأَكْرَمُهُمْ بَيْتًا وَشِعْبًا وَوَادِيا؟!
أَيُنْسَى رَسُولُ اللهِ أَكْرَمُ مَنْ مَشَى
وَآثَارُهُ بِالمَسْجِدَيْنِ كَمَا هِيَا؟!
تَكَدَّرَ مَنْ بَعْدَ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ
عَلَيْهِ سَلَامُ كُلِّ مَنْ كَانَ صَافِيا
رَكنَّا إِلَى الدُّنْيَا الدَّنِيْئَةِ بَعْدَهُ
وَكَشَفَتِ الأَطْمَاعُ مِنَّا مَسَاِيا
وَكَمْ مِنْ مَنَارٍ كَانَ أَوْضَحَهُ لَنَا
وَمِنْ عَلَمَ أَمْسَى وَأَصْبَحَ عَافِيا
إِذَا المَرْءُ لَمْ يَلْبَسْ ثِيَابًا مِنَ التُّقَى
تَقَلَّبَ عُرْيَانًا، وَإِنْ كَانَ كَاسِيا
وَخَيْرَ خِصَالِ المَرْءِ طَاعَةُ رَبِّهِ
وَلاَ خَيْرَ فِيْمَنْ كَانَ لِلهِ عَاصِيا

وَأَسْتَغْفِرُ اللهُ. [11]

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

اجْتِمَاعُ النَّاس عَلَى أَبِي بَكْرٍ

الحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ المُرْسَلِيْنَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.

أَمَّا بَعْدُ:

تَقَدَّمَ الحَدِيْثُ مَعَكُمْ - أَيُّهَا النَّاسُ - عَنْ «أَثَرُ وَفَاةُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى أَصْحَابِهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-»، والآنَ حَدِيْثِي مَعَكُمْ عَنْ «اجْتِمَاعُ النَّاس عَلَى أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -».


لَقَدْ كَانَ خَبَرُ انْتِقَالِ الرَّسُولِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى الرَّفِيْقِ الأَعْلَى - أَيُّهَا النَّاسُ - فَجِيْعَةٌ كُبْرَى، اشْتَدَّتْ وَطَأَتُهَا عَلَى نُفُوسِ المُسْلِمِيْنَ، وَأَصَابَهُمْ بِالذُّهُولِ، حَتَّى إِنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - نَفْسَهُ لَمْ يُصَدِّقْ لِأَوَّلِ وَهْلَةٍ وَوَقَفَ يُهَدِّدُ النَّاقِلِيْنَ لِلْخَبَرِ بِقَوْلِهِ: « وَاللهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-».

 

وَلَمْ يَقِفَ المُسْلِمُونَ عَلَى الحَقِيْقَةِ إِلَّا حِيْنَ خَطَبَهُمْ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وَتَلاَ عَلَيْهِمْ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ [آل عمران: 144].

 

ثُمَّ ظَهرَتِ الحَاجَةُ - أَيُّهَا النَّاسُ - إِلَى البَحْثِ فِيْمَنْ يَلِي الأَمْرَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهَرَعَ المُسْلِمُونَ دُوْنَ إِبْطَاءٍ إِلَى اجْتِمَاعِ السَّقِيْفَةِ حَيْثُ اجْتِمَاعِ الأَنْصَارِ.

 

فَفِي «صَحِيْحِ البُخَارِيُّ» [12]، مِنْ حَدِيْثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ - أَيْ بِالْعَالِيَةِ، فَقَامَ عُمَرُ، يَقُولُ: وَاللهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ: وَقَالَ عُمَرُ: وَاللهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلَّا ذَاكَ وَلَيَبْعَثَنَّهُ اللهُ فَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِيَ رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ.

 

فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَبَّلَهُ، قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُذِيقُكَ اللهُ الْمَوْتَتَيْنِ أَبَدًا ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ: « أَيُّهَا الْحَالِفُ عَلَى رِسْلِكَ »، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: « أَلَا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا -صلى الله عليه وسلم- فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ»، وَقَالَ: ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُون ﴾ [الزمر: 30]، وَقَالَ: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ [آل عمران: 144].

 

قَالَ: فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ، قَالَ: وَاجْتَمَعَتْ الْأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَقَالُوا: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ.

 

فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فَأَسْكَتَهُ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ عُمَرُ، يَقُولُ: وَاللهِ مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إِلَّا أَنِّي قَدْ هَيَّأْتُ كَلَامًا قَدْ أَعْجَبَنِي خَشِيتُ أَنْ لَا يَبْلُغَهُ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَتَكَلَّمَ أَبْلَغَ النَّاسِ، فَقَالَ: فِي كَلَامِهِ نَحْنُ الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ، فَقَالَ: حُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ لَا وَاللهِ لَا نَفْعَلُ مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا وَلَكِنَّا الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا وَأَعْرَبُهُمْ أَحْسَابًا، فَبَايِعُوا عُمَرَ أَوْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ، فَقَالَ عُمَرُ: بَلْ نُبَايِعُكَ أَنْتَ فَأَنْتَ سَيِّدُنَا وَخَيْرُنَا، وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبَايَعَهُ وَبَايَعَهُ النَّاسُ.

 

فَقَالَ قَائِلٌ: قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، فَقَالَ: عُمَرُ قَتَلَهُ اللهُ.

 

وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَالِمٍ: عَنْ الزُّبَيْدِيِّ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، أَخْبَرَنِي الْقَاسِمُ، أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - قَالَتْ: شَخَصَ بَصَرُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ قَالَ: فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى ثَلَاثًا، وَقَصَّ الْحَدِيثَ.

 

قَالَتْ: فَمَا كَانَتْ مِنْ خُطْبَتِهِمَا مِنْ خُطْبَةٍ إِلَّا نَفَعَ اللهُ بِهَا، لَقَدْ خَوَّفَ عُمَرُ النَّاسَ وَإِنَّ فِيهِمْ لَنِفَاقًا فَرَدَّهُمُ اللهُ بِذَلِكَ، ثُمَّ لَقَدْ بَصَّرَ أَبُو بَكْرٍ النَّاسَ الْهُدَى وَعَرَّفَهُمُ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْهِمْ، وَخَرَجُوا بِهِ يَتْلُونَ ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ [آل عمران: 144].

 

فَفِي «صَحِيْحِ البُخَارِيُّ» [13]، عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنَّهُ سَمِعَ خُطْبَةَ عُمَرَ الْآخِرَةَ حِينَ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَذَلِكَ الْغَدَ مِنْ يَوْمٍ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَتَشَهَّدَ وَأَبُو بَكْرٍ صَامِتٌ لَا يَتَكَلَّمُ.

 

قَالَ: كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَعِيشَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى يَدْبُرَنَا، يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ آخِرَهُمْ فَإِنْ يَكُ مُحَمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ مَاتَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ نُورًا تَهْتَدُونَ بِه، هَدَى اللهُ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَانِيَ اثْنَيْنِ فَإِنَّهُ أَوْلَى الْمُسْلِمِينَ بِأُمُورِكُمْ، فَقُومُوا فَبَايِعُوهُ.

 

وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ قَدْ بَايَعُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، وَكَانَتْ بَيْعَةُ الْعَامَّةِ عَلَى الْمِنْبَرِ.

 

قَالَ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ لِأَبِي بَكْرٍ يَوْمَئِذٍ: اصْعَدْ الْمِنْبَرَ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَبَايَعَهُ النَّاسُ عَامَّةً».

 

وَبِذَلِكَ تَمَّتْ البَيْعَةُ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَجَحَ المُسْلِمُونَ فِي أَوَّلِ امْتحَانٍ لَهُمْ بَعْدَ وَفَاةِ نَبِيهِمْ، فَقَادُوا سَفِيْنَتَهُمْ إِلَى شَاطِئِ الأَمَانِ.

 

اللهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ تَسْلِيْمًا كَثِيْرًا، اللهُمَّ ارْضَ عَنْ صُحْبَةِ نَبِيِّكَ، اللهُمَّ بِحُبِّنَا لِنَبِيِّكَ وآلِهِ وَأَصْحَابِهِ احْشُرْنَا مَعَهُمْ.

 

وَسُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.



[1] «العَوَاصِمُ مِنَ القَوَاصِم» لابْن العَرَبِي (54).

[2] (صَحِيْحٌ) أَخْرَجَهُ الدَّرَامِيُّ فِي سُنَنِهِ (1/ 40) وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي «الصَّحِيْحَةِ» (1101).

[3] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (15)، وَمُسْلِمٌ (44).

[4] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (6632).

[5] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3670).

[6] (صَحِيْحٌ) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ (13418) وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي «حَاشِيَةِ فِقْهِ السِّيْرَةِ» (201).

[7] (صَحِيْحٌ) أَخْرَجَهُ الدَّارَمِي (88)، وَالتَّرْمِذِي (255)، وابْن مَاجه (1621)، وَحَسَّنَهُ شَيْخُنَا الوَادِعِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ فِي «الصَّحِيْحِ المُسْنَدِ»(1/ 104).

[8] رَوَاهُ مُسْلِمٌ (2832).

[9] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3688)، وَمُسْلِمٌ (2639).

[10] « شَرْحُ النَّوَوِيُّ عَلَىٰٰ مُسْلِمٌ» (16/ 186).

[11] « لَطَائِفُ المَعَارِف» (216).

[12] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3670).

[13] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (7219).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم
  • وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم
  • وفاة النبي صلى الله عليه وسلم
  • وفاة النبي عليه الصلاة والسلام
  • خطبة عن وفاة النبي صلى الله عليه وسلم
  • غضبه صلى الله عليه وسلم
  • إرهاصات نبوته - صلى الله عليه وسلم - ونزول الوحي

مختارات من الشبكة

  • مفهوم الأثر عند المحدثين وبعض معاني الأثر في القرآن(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • كتاب تهذيب الآثار: أثر من آثار الطبري في خدمة السنة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في حفظ الحقوق وأداء الأمانات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في الشوق إلى دار السلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في توجيه السلوك (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في تحقيق الأمن النفسي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفهوم أهل الأثر في اللغة والاصطلاح(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • اترك أثرا إيجابيا (10) حلقات مختصرة في أهمية ترك الأثر الإيجابي على الآخرين (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • اترك أثرا إيجابيا: عشر حلقات مختصرة في أهمية ترك الأثر الإيجابي على الآخرين (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أبرز علماء الإسلام الذين أثروا العلم وأثروا بجهودهم العلمية فيمن بعدهم(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/2/1447هـ - الساعة: 11:41
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب