• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الوصاية بالنساء في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الاستسقاء: أصله.. وأنواعه
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    قراءات اقتصادية (72) من قام بطهي عشاء آدم سميث: ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    خطبة بعدما حجوا وضحوا
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الامتداد الحضاري
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    فاحشة قوم لوط عليه السلام (6) التحول الجنسي
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    ورزق ربك خير وأبقى (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    حديث: إنه يشب الوجه، فلا تجعليه إلا بالليل
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    ذكريات ومواقف من دراستي في المرحلة المتوسطة ...
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    الصلاة على سجادة خوف العدوى من الإنفلونزا
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    {فأسرها يوسف في نفسه...} {نفقد صواع الملك}.. ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    فوائد من توبة سليمان الأواب (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    أم المحققين الباحثة البتول التي لم تدخل مدرسة ...
    أ. أيمن بن أحمد ذو الغنى
  •  
    الطلاق.. والتلاعب فيه.. وخطره
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

خطبة: لا يدخل الجنة إلا المؤمنون

خطبة: لا يدخل الجنة إلا المؤمنون
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/5/2022 ميلادي - 25/10/1443 هجري

الزيارات: 13789

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لا يدخل الجنة إلا المؤمنون

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21] أَيُّهَا المُسلِمُونَ، بَينَ حِينٍ وَآخَرَ، يَمُوتُ مِن غَيرِ المُسلِمِينَ مَن يَمُوتُ، وَيُقتَلُ مِنهُم مَن يُقتَلُ، مِمَّن يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ قَدَّمَ لِلعَالَمِ خَيرًا، أَو أَظهَرَ بِالضُّعَفَاءِ رِفقًا، أَو كَانَت لَهُ مَوَاقِفُ دَافَعَ فِيهَا عَنِ المَظلُومِينَ، أَو أَبدَى حَمَاسَةً ودَعَمًا لِقَضَايَا المُسلِمِينَ، وَهُنَا يَخرُجُ في وَسَائِلِ الإِعلامِ أَوِ التَّوَاصُلِ مَن يُبدِي الحُزنَ لِمَوتِهِ، أَو يُظهِرُ التَّوَجُّعَ لِقَتلِهِ، أَو يَأسَى عَلَى فِرَاقِهِ وَرَحِيلِهِ.

 

وَهَذَا وَإِن كَانَ جُزءٌ مِنهُ طَبِيعِيًّا وَمَقبُولًا؛ إِذِ النُّفُوسُ مَجبُولَةٌ عَلَى حُبِّ مَن أَحسَنَ إِلَيهَا وَالحُزنِ لِفَقدِ مَن عَطَفَ عَلَيهَا، فَإِنَّ مِن غَيرِ الطَّبِيعِيِّ، وَلا المَقبُولِ في شَرعِنَا، أَن تَظهَرَ في هَذِهِ الأَحوَالِ تَصَرُّفَاتٌ تُخَالِفُ مَا تَقتَضِيهِ شَهَادَةُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَبِهَا تَختَلُّ العَقِيدَةُ الصَّحِيحَةُ، ويَنقُصُ التَّوحِيدُ أَو يُنقَضُ مِن أَصلِهِ.

 

نَعَم أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّهُ لَعَجِيبٌ أَن يَمُوتَ أَو يُقتَلَ يَهُودِيٌّ أَو نَصرَانيٌّ أَو مُلحِدٌ أَو بُوذِيٌّ، أَو غَيرُهُم مِمَّن لا يَشهَدُ شَهَادَةَ الحَقِّ، وَلا يُؤمِنُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، أَو يَدَّعِي أَنَّهُ يُؤمِنُ بِاللهِ لَكِنَّهُ لا يُؤمِنُ بِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، ثم تَجِدَ مَن يَتَرَحَّمُ عَلَيهِ وَيَدعُو لَهُ، أَو يَصِفُهُ بِأَنَّهُ شَهِيدٌ، بَل وَأَشَدُّ مِن ذَلِكَ أَن تَرَى مَن قَد يُصَلِّي عَلَيهِ صَلاةَ المَيِّتِ، أَو يَتَصَدَّقُ عَنهُ أَو يَعتَمِرُ لَهُ، فَيَا للهِ مِن غُربَةِ الدِّينِ وَجَهلٍ حَلَّ بِالمُسلِمِينَ، وَيَا للهِ مِن سُقُوطِ الوَلاءِ وَالبَرَاءِ مِنَ القُلُوبِ وَانتِكَاسِهَا، وَجَمعِهَا المُتَضَادَّاتِ وَالمُتَنَاقِضَاتِ!

 

وَإِذَا كَانَ اليَهُودِيُّ وَالنَّصرَانيُّ وَالكَافِرُ بِرَبِّهِ المُكَذِّبُ لِرَسُولِهِ، يُدعَى لَهُ بِالرَّحمَةِ وَيُصَلَّى عَلَيهِ، وَيُظَنُّ أَنَّهُ قَد يَدخُلُ الجَنَّةَ، فَمَاذَا بَقِيَ لِلمُؤمِنِينَ المُوَحِّدِينَ الَّذِينَ يَشهَدُونَ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ؟! ﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ [القلم: 35، 36] ﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ * أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾ [السجدة: 18 - 20]، وَفي صَحِيحِ مُسلِمٍ عَن أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ((وَالَّذِي نَفسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لا يَسمَعُ بي أَحَدٌ مِن هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلا نَصرَانيٌّ ثم يَمُوتُ وَلم يُؤمِنْ بِالَّذِي أُرسِلتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِن أَصحَابِ النَّارِ)) هَذَا هُوَ كَلامُ أَعلَمِ النَّاسِ بِرَبِّهِ، وَهَذَا حُكمُهُ الَّذِي أَقسَمَ عَلَيهِ، مَن لم يُؤمِنْ بِهِ فَهُوَ مِن أَهلِ النَّارِ، فَكَيفَ يَسُوغُ لِمُؤمِنٍ أَن يُخَالِفَهُ فَيَدعُوَ لِكَافِرٍ بِالرَّحمَةِ أَوِ الجَنَّةِ، أَو يَصِفَهُ بِأَنَّهُ شَهِيدٌ؟! بَل كَيفَ يَجرُؤُ عَلَى الاستِغفَارِ لَهُ، وَاللهُ تَعَالى يَقُولُ: ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ * وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 113، 114]، وَفي صَحِيحِ مُسلِمٍ عَن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا قَالَت: قُلتُ يَا رَسُولَ اللهِ، ابنُ جُدعَانَ، كَانَ في الجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَيُطعِمُ المِسكِينَ، فَهَل ذَاكَ نَافِعُهُ؟! قَالَ: ((لا يَنفَعُهُ، إِنَّهُ لم يَقُلْ يَومًا: رَبِّ اغفِرْ لي خَطِيئَتي يَومَ الدِّينِ)).

 

وَحَتى لا يَظُنَّنَّ ظَانٌّ أَنَّ اللهَ يُضِيعُ أَعمَالَ هَؤُلاءِ وَهُوَ الحَكَمُ العَدلُ سُبحَانَهُ، فَقَد قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [هود: 15 - 17]، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ اللهَ لا يَظلِمُ مُؤمِنًا حَسَنَةً، يُعطَى بها في الدُّنيَا، وَيُجزَى بها في الآخِرَةِ، وَأَمَّا الكَافِرُ فَيُطعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ بها للهِ في الدُّنيَا، حَتى إِذَا أَفضَى إِلى الآخِرَةِ لم تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجزَى بها))؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

فَالمُؤمِنُ يُعطَى بِحَسَنَاتِهِ خَيرًا في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، وَيُجزَى بها دُخُولَ الجَنَّةِ وَالنَّعِيمَ المُقِيمَ، وَأَمَّا الكَافِرُ فَإِنَّ مِن عَدلِ اللهِ أَنَّهُ يُوَفِّيهِ جَزَاءَ حَسَنَاتِهِ في دُنيَاهُ؛ فَيَنَالُ مَا يَطمَحُ إِلَيهِ مِن مَدحٍ وَذِكرٍ، وَيُحَصِّلُ مَا تَشتَهِيهِ نَفسُهُ وَيَتَمَتَّعُ بِهِ في دُنيَاهُ، وَأَمَّا في الآخِرَةِ فَإِنَّهُ تَعَالى لا يَجزِيهِ بها شَيئًا؛ لأَنَّهُ لم يَأتِ بِشَرطِ رِضَا رَبِّهِ عَنهُ، الَّذِي بِهِ يَدخُلُ الجَنَّةَ، وَهُوَ الإِيمَانُ بِهِ وَتَركُ الشِّركِ وَالكُفرِ بِجَمِيعِ صُوَرِهِ.

 

إِنَّهَا عَقِيدَةٌ لا شَكَّ فِيهَا أَيُّهَا المُؤمِنُونَ؛ لا يَدخُلُ الجَنَّةَ إِلَّا المُؤمِنُونَ، وَلا يَتَقَبَّلُ اللهُ إِلَّا مِنَ المُتَّقِينَ، وَأَمَّا المُشرِكُونَ وَالكُفَّارُ فَهُم أَهلُ النَّارِ، قَالَ تَعَالى: ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الزمر: 65]، وَقَالَ تَعَالى: ﴿ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [المائدة: 72]، وَقَالَ تَعَالى: ﴿ وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [الأعراف: 50]، وَقَالَ تَعَالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ﴾ [البينة: 6] وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ﴾ [محمد: 12]، وَفي الصَّحِيحَينِ وَغَيرِهِمَا عَن أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِلالًا فَنَادَى في النَّاسِ: ((إِنَّهُ لا يَدخُلُ الجَنَّةَ إِلَّا نَفسٌ مُسلِمَةٌ))، وَفي صَحِيحِ مُسلِمٍ مِن حَدِيثِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَومُ خَيبَرَ أَقبَلَ نَفَرٌ مِن صَحَابَةِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم َفَقَالُوا: فُلانٌ شَهِيدٌ، فُلانٌ شَهِيدٌ، حَتى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ فَقَالُوا: فُلانٌ شَهِيدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ((كَلَّا، إِنِّي رَأَيتُهُ في النَّارِ في بُردَةٍ غَلَّهَا أَو عَبَاءَةٍ))، ثم قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ((يَا بنَ الخَطَّابِ، اذهَبْ فَنَادِ في النَّاسِ: إِنَّهُ لا يَدخُلُ الجَنَّةَ إِلَّا المُؤمِنُونَ))، قَالَ: فَخَرَجتُ فَنَادَيتُ: "أَلا إِنَّهُ لا يَدخُلُ الجَنَّةَ إِلَّا المُؤمِنُونَ".

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَلْنَكُنْ عَلَى يَقِينٍ أَنَّهُ لا يَدخُلُ الجَنَّةَ إِلَّا مُؤمِنٌ، وَأَنَّهُ تَعَالى لا يَتَقَبَّلُ أَيَّ عَمَلٍ صَالِحٍ إِلَّا مِنَ مُسلِمٍ ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85].

 

اللَّهُمَّ أَحيِنَا مُسلِمِينَ، وَأَمِتْنَا مُسلِمِينَ، وَأَلحِقْنا بِالصَّالِحِينَ، غَيرَ خَزَايَا وَلا مَفتُونِينَ، وَأَقُولُ هَذَا القَولَ وَأَستَغفِرُ اللهَ فَاستَغفِرُوهُ.

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ مِمَّا يَجِبُ أَن يَعقِدَ عَلَيهِ المُؤمِنُ قَلبَهُ وَلا يَعتَقِدَ غَيرَهُ؛ لأَنَّهُ مِمَّا دَلَّ عَلَيهِ الكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَأَجمَعَ عَلَيهِ عُلَمَاءُ الإِسلامِ- أَنَّهُ لا يَجُوزُ أَن يُدعَى لِلكَافِرِ الَّذِي مَاتَ عَلَى الكُفرِ بِالمَغفِرَةِ وَالرَّحمَةِ، وَلا أَن يُصَلَّى عَلَيهِ أَو يُحَجَّ عَنهُ أَو يُعتَمَرَ، أَو يُظَنَّ أَنَّهُ مِن أَهلِ الجَنَّةِ؛ تَأَثُّرًا بِمَا يُرَدِّدُهُ بَعضُ الجَهَلَةِ وَالمُنَافِقِينَ القَائِلِينَ: وَمَا يُدرِيكُم، فَلَعَلَّهُ قَد أَسلَمَ قَبلَ أَن يَمُوتَ؟! وَهَذَا وَاللهِ مِن تَلبِيسِ الشَّيطَانِ، وَلَو صَدَّقنَاهُ وَأَخَذنَا بِهِ، لَمَا تَرَكنَا كَافِرًا إِلَّا وَدَعَينَا لَهُ بِالرَّحمَةِ، وَصَلَّينَا عَلَيهِ، وَرَجَونَا لَهُ الجَنَّةَ؛ لَكِنَّنَا وَللهِ الحَمدُ عَلَى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ، وَآيَاتُ الكِتَابِ وَأَقوَالُ نَبِيِّنَا بَينَ أَيدِينَا بَيِّنَةٌ وَاضِحَةٌ، قَالَ تَعَالى لِنَبِيِّهِ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: ﴿ وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [التوبة: 84] وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء: 48].

 

وَمِن سَاقِطِ القَولِ الَّذِي يُلقِيهِ بَعضُ الجَهَلَةِ عَلَى أَهلِ التَّوحِيدِ أَن يَقُولُوا لَهُم: وَهَلِ الجَنَّةُ مُلكٌ لَكُم فَتُدخِلُوا فِيهَا مَن شِئتُم وَتَمنَعُوا مِنهَا مَن لا تُحِبُّونَ؟! فَيُقَالُ لِهَؤُلاءِ: لَيسَتِ الجَنَّةُ مُلكًا لَنَا وَلا هِيَ مُلكًا لَكُم، وَلَكِنَّ مَالِكَهَا سُبحَانَهُ هُوَ الَّذِي حَرَّمَ دُخُولَهَا عَلَى المُشرِكِينَ فَقَالَ: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [المائدة: 72].

 

وَمِن تَلبِيسِ بَعضِ مَن يَقرَأُ الآيَاتِ قِرَاءَةً نَاقِصَةً أَن قَالَ: كَيفَ لا يَرحَمُ اللهُ الكُفَّارَ وَرَحمَتُهُ وَسِعَت كُلَّ شَيءٍ؟! فَيُقَالُ لِهَذَا: اقرَأِ الآيَةَ كَامِلَةً لِتَتَّضِحَ لَكَ الصُّورَةُ، وَيَكمُلَ التَّصَوُّرُ؛ فَقَد قَالَ تَعَالى: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 156، 157]، وَقَالَ تَعَالى في آيَةٍ أُخرَى: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [العنكبوت: 23].

 

اللَّهُمَّ أَرِنَا الحَقَّ حَقًّا وَارزُقْنَا اتِّبَاعَهُ، وَأَرِنَا البَاطِلَ بَاطِلًا وَارزُقْنَا اجتِنَابَهُ، وَلا تَجعَلْهُ مُلتَبِسًا عَلَينَا فَنَضِلَّ، وَاجعَلْنَا لِلمُتَّقِينَ إِمَامًا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة: الإيمان بالقضاء والقدر
  • خطبة: الغرف المغلقة عن البيت المفتوحة للعالم
  • خطبة: أسباب الطلاق ومخاطره
  • خطبة: فضل العشر الأواخر من رمضان
  • جنة النعيم لمن أتى الله بقلب سليم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • التوحيد أصل النجاة ومفتاح الجنة: قراءة في ختام سورة المؤمنون (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بطاعة الله ورسوله نفوز بمرافقة الحبيب (صلى الله عليه وسلم) في الجنة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تكوة أهل الجنة وأناسها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الجنة ونعيمها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الداخلون الجنة بغير حساب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الجنة... النعيم الآخر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رفقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الإيجابية.. خصلة المؤمنين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التقوى زاد المؤمن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أمنا أم المؤمنين الطاهرة عائشة رضي الله عنها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/6/1447هـ - الساعة: 19:28
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب